فساد أوكرانيا ليس أقل فتكاً من حرب روسيا
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
في الوقت الذي يحاول فيه بعض السّاسة اليمينيين المتشددين في واشنطن، تحقيق مكاسب سياسية من خلال اتهامات الفساد الموجهة إلى أوكرانيا، يُدلل حدثان سياسيان كبيران في الآونة الأخيرة على أن كييف أصبحت أكثر استجابة لدعوات إدارة بايدن لمحاربة الفساد.
إعادة إعمار أوكرانيا تصب في المصلحة الوطنية الأمريكية
ويقول المحلل الأمريكي ويسلي ألكسندر هيل، مدير البرنامج الدولي للطاقة والنمو والأمن بالمركز الدولي للضرائب والاستثمار في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، إن الحدث الأول يتمثل في استبدال الرئيس فولوديمير زيلينسكي وزير دفاعه المجتهد أوليكسي ريزنيكوف وتعين رستم عميروف، رئيس صندوق أملاك الدولة، وأحد الشخصيات التي تحارب الفساد، والذي يتحدر من تتار القرم.
جاءت الضربة الثانية، عندما اعتقل جهاز الأمن الأوكراني إيغور كولومويسكي، الذي كان شريكاً تجارياً ومعلماً لزيلينسكي، بتهمة غسيل الأموال.. ويُعدّ كولومويسكي أحد القلائل الذين فُرضت عليهم عقوبات من قبل الولايات المتحدة، وهو متهم باحتيال قيمته 6 مليارات دولار من أموال المودعين لدى أحد البنوك التي كان يملكها.
Ukraine needs to tighten its wartime anti-corruption act, write Ariel Cohen and Wesley Alexander Hill. https://t.co/DzoGnTA6bX
— National Interest (@TheNatlInterest) September 14, 2023ورأى الكاتب أن هذه التحركات قد تكون إشارات إلى أن زيلينسكي جاد في مساعيه لمكافحة الفساد، وربما تكون بمثابة دعاية عملية قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024.. ولكنها في كل الأحوال تتسم بأهمية حيوية بالنسبة لكل من العلاقات الأمريكية - الأوكرانية ومواصلة حرب أوكرانيا مع روسيا، وتكتسب النقطة الأولى أهمية واضحة، نظراً إلى محاولة بعض المحافظين البارزين مثل تاكر كارلسون، وغيره من العديد من الجمهوريين في الكونغرس، استخدام الفساد المستشري في أوكرانيا لتبرير قطع المساعدات العسكرية عن كييف.
خسارة السلامودأبت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية على الانتصار في الحملات العسكرية، لكنها كانت دائماً تخسر السلام.. وتقف فيتنام والعراق وأفغانستان شاهداً صريحاً على فشل عملية إعادة الإعمار والإخفاقات في بناء الدولة.
ولفت الكاتب إلى أن الافتقار إلى الرؤية، والتصميم الثقافي الأمريكي، والكسب غير المشروع والفساد المحلي، والفشل في تفويض السلطة أو إدارتها مركزياً، أدوا مجتمعين إلى فشل سياسات إعادة البناء التي أضرت في نهاية المطاف بالمصالح الوطنية الأمريكية.
ومضى الكاتب يقول: "إذا أردنا عدم تكرار هذه الأخطاء في أوكرانيا، على الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي وإدارة زيلينسكي البدء في التخطيط لإعادة الإعمار الآن، وذلك بهدف بناء القدرات لتحقيق النصر العسكري وإعادة الإعمار في وقت السلم".
Great piece by @Dr_Ariel_Cohen and @Wesley_A_Hill in @TheNatlInterest on how the United States should prioritize reconstruction efforts in Ukrainehttps://t.co/pJyf8GARyv
— Mark N. V. Temnycky (@MTemnycky) September 13, 2023ومع ذلك، يضيف الكاتب، فإن المشاريع الإنسانية البحتة سرعان ما تستنفد الإرادة السياسية للمانحين، وإعادة إعمار أوكرانيا تصب في المصلحة الوطنية الأمريكية، ولذا ينبغي أن يكون مسعى مربحاً للجميع، لأوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة على حد سواء.
سلة غذاء أوروباوأكد الكاتب ضرورة أن يكون الاستثمار في أوكرانيا مربحاً خلال عملية إعادة الإعمار بعد الحرب، وذلك نظراً لأن أوكرانيا تُعد سلة غذاء أوروبا، فهي غنية بموارد الطاقة والمواد الخام، بما في ذلك المواد الخام النادرة، كما أنها غنية برأس المال البشري، مع تحمس شعبها للانضمام إلى النظام الديمقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ورأى الكاتب أن عودة أوكرانيا إلى الاقتصاد العالمي، ستكون بمثابة إضافة اقتصادية كبيرة للأعمال التجارية الأمريكية من حيث التجارة والاستثمار.
وتكمن المشكلة الحقيقية التي لم تتم معالجتها إلى حد كبير والتي تهدد إعادة إعمار أوكرانيا في المستقبل، في إساءة استخدام العقوبات.. ولا تثق القوى الغربية بالعقوبات التي تفرضها أوكرانيا، لأن الأدلة التي تُفرض على أساسها سرية ولا يتم الإفصاح عنها.. ومن الضروري زيادة مستوى التعاون بين السلطات الأوكرانية وجهات إنفاذ العقوبات الغربية.
وأشار الكاتب إلى مجموعة من الأدوات يمكن استخدامها والتي من شأنها أن تساعد في تحقيق ما سبق، وبينها تقنية البلوكتشين التي يمكن من خلالها تتبع حركة الأموال.. وعلى الجهات المانحة أن تحتفظ بقواعد بيانات مركزية لمشاريع المساعدات، وأن تتم إدارة عمليات تقديم العطاءات بشفافية ووضوح.. ومع ذلك، فإن كل هذه الأمور لا تعدو كونها مجرد ضمادات مؤقتة إذا ما واصلنا الافتقار إلى الموافقة السياسية من المؤسسة الأمريكية.
واقترح زيلينسكي أيضاً فرض عقوبة الإعدام على جرائم الفساد من خلال مساواتها بالخيانة العظمى، حيث وصف أثرها على المجهود الحربي الأوكراني بأنه لا يقل خطورة عن القنابل الروسية، ولدى أوكرانيا بالفعل محكمة عليا لمكافحة الفساد، والتي ترفع تقاريرها إلى الهيئة الوطنية لمنع الفساد.. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، فلا يزال أمام أوكرانيا طريق طويل لتقطعه في هذا الشأن.
وأشار الكاتب إلى أن أوكرانيا بحاجة إلى تشديد قانون مكافحة الفساد في زمن الحرب، بما في ذلك أن تتسم العقوبات بالشفافية وأن تأتي بالتوافق مع الغرب، وقد صدق الرئيس زيلينسكي في قوله إن الفساد بأي شكل من الأشكال لا يقل ضرراً عن القنابل الروسية.. فهل ستتمكن أوكرانيا من السيطرة على الفساد حتى تطلق العنان لمجهودها الحربي ليتحقق لها النصر؟ يتساءل الكاتب في ختام مقاله.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة إعادة الإعمار إلى أن
إقرأ أيضاً:
بوتين يهدد بضرب الدول التي تزود أوكرانيا بالأسلحة.. الباليستي رد أولي
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها ضد الأراضي الروسية.
وقال بوتين -في خطاب بثه التلفزيون العام- إن "الصراع بدأ يأخذ طابعا عالميا"، مضيفا أن موسكو "تعتبر أن من حقها استخدام أسلحتها ضد المنشآت العسكرية العائدة إلى دول تجيز استخدام أسلحتها ضد منشآتها، وفي حال تصاعد الأفعال العدوانية سترد بقوة موازية".
كما أكد أن الهجوم الذي شنته بلاده اليوم على أوكرانيا جاء رد فعل على الضربات الأوكرانية لأراض روسية بصواريخ أمريكية وبريطانية في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
وأعلن أن روسيا سوف توجه تحذيرات مسبقة إذا شنت مزيدا من الهجمات باستخدام مثل هذه الصواريخ ضد أوكرانيا كي تتيح للمدنيين الإجلاء إلى أماكن آمنة، محذرا من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية.
وفي وقت سابق، اتهمت كييف روسيا بإطلاق صاروخ عابر للقارات قادر على حمل رأس نووي على أراضيها، وهو أول استخدام لهذا السلاح ويشكل تصعيدا غير مسبوق للنزاع والتوترات بين روسيا والغرب.
وقال سلاح الجو الأوكراني في بيان إن القوات الروسية استخدمت الصاروخ في هجوم في الصباح الباكر على مدينة دنيبرو (وسط) شمل أنواعا عدة من الصواريخ واستهدف منشآت حيوية.
من جانبه ذكر مسؤول أمريكي، أن موسكو "تسعى الى ترهيب أوكرانيا والدول التي تدعمها عبر استخدام هذا السلاح أو إلى لفت الانتباه، لكن ذلك لا يبدل المعطيات في هذا النزاع".
ويأتي الهجوم في وقت بلغت التوترات أعلى مستوياتها بين موسكو والغرب، مع اقتراب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل، والتي ينظر إليها على أنها نقطة تحول.
وسبق أن استخدمت أوكرانيا قبل أيام صواريخ أتاكمز الأمريكية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، وذلك لأول مرة ضد منشأة عسكرية في منطقة بريانسك الروسية بعد حصولها على إذن من واشنطن.
وأشارت موسكو إلى أن أنظمة الدفاع الجوي لديها أسقطت صاروخين من طراز "ستورم شادو" (ظل العاصفة) بريطانية الصنع، و6 صواريخ أميركية من طراز هيمارس، و67 طائرة مسيرة.
وزودت دول غربية عدة كييف بصواريخ بعيدة المدى، لكنها لم تسمح باستخدامها على الأراضي الروسية خوفا من رد فعل موسكو.
وعززت روسيا تحذيراتها النووية في الأيام الأخيرة، وفي عقيدتها الجديدة بشأن استخدام الأسلحة النووية -التي أصبحت رسمية أول أمس الثلاثاء- يمكن لروسيا الآن استخدامها عند وقوع هجوم "ضخم" من قبل دولة غير نووية ولكن مدعومة بقوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.