في عام 2008 ووسط زخم الانتخابات الرئاسية، علّق الرئيس الأسبق باراك أوباما على بعض الانتقادات الموجهة له، قائلاً إنها تشير إلى أمة في خضم "موسم سخيف سياسياً".. وعادة ما يطلق على الموسم الانتخابي هناك بـ "الموسم السخيف".
الإعلام الأمريكي خصوصاً المحابي للرئيس بايدن، بات ينتقده علناً
كل هذا الجنون المختلف سيؤدي إلى ترقب دولي وتردد في اتخاذ مواقف الآن
وفي المسلسل الإعلامي- السياسي الأمريكي الشهير "الجناح الغربي" أو "west wing" تقول الممثلة التي لعبت دور السكرتيرة الصحافية بالبيت الأبيض: "الجميع أغبياء في عام الانتخابات".
أعتقد لا، فمن يتابع تفاعلات ما قبل الانتخابات الرئاسية الآن يلحظ أن الولايات المتحدة تستعد لمرحلة "جنون" مختلف، حيث يأتي التحضير لحملات الانتخابات الرئاسية وسط تراشق قانوني غير مسبوق.
من ناحية هناك التهم الموجهة للجمهوري دونالد ترامب، التي على إثرها طلب المدّعي الخاص الأمريكي إصدار أمر حظر نشر بحقه، وقد تقطع تلك التهم على ترمب الوصول للبيت الأبيض، وإن فاز فإنه سيكون البطة العرجاء من اليوم الأول.
ومن ناحية أخرى هناك الملاحقات القضائية لابن الرئيس بايدن، هانتر، وبتهم مختلفة، لكنها قد تسبب مصاعب للرئيس بايدن بحملته الانتخابية التي تواجه صعوبات أخرى، من أبرزها مسألة العمر.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة قلق الديمقراطيين أنفسهم من مقدرة بايدن على القيام بمهامه في فترة رئاسية ثانية، خصوصاً وقد ظهر عليه التأثر بعامل السن، وبشكل لافت مؤخراً، وهو ما يثير قلق الديمقراطيين.
ومن اللافت أيضاً أن الإعلام الأمريكي، خصوصاً المحابي للرئيس بايدن، بات ينتقده علناً، مثل شبكة "سي إن إن"، التي قدمت تقريراً عن المعلومات غير الدقيقة التي يدلي بها بايدن مؤخراً.
والأمر اللافت أيضاً المقال الذي كتبه ديفيد إغناتيوس في صحيفة واشنطن بوست، مطالباً فيه الرئيس بايدن بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية، ومنتقداً أداء نائبة الرئيس كامالا هاريس، بشكل لافت، ومن صحيفة محابية تماماً لإدارة بايدن.
هنا قد يقول القارئ إن هذا شأن أمريكي داخلي، والحقيقة لا، فمن شأن هذا الانقسام الحاد بالولايات المتحدة والضبابية حيال أبرز المرشحين، الجمهوري ترامب والديمقراطي بايدن، أن يؤديا إلى ارتباك سياسي دولي.
فمن الصعب التكهن بمآلات الانتخابات الرئاسية، وقد تظهر وجوه أخرى في لحظات مختلفة، جمهورياً أو ديمقراطياً، خصوصاً مع تطور قضية ترامب، وكذلك قضية هانتر بايدن، ابن الرئيس.
ولذا فإن من شأن ذلك إرباك المواقف السياسية الدولية، فمن سيقوم، مثلاً، بإنجاز اتفاق، أو اتخاذ موقف ملزم مع رئيس يطالبه أنصاره بعدم الترشح بسبب كبر السن، والآن قضية ابنه التي قد تتطور.
ومن سيراهن على رئيس جمهوري قد تحول الاتهامات الموجهة إليه دون وصوله للبيت الأبيض، مع احتمالية تقدم رون دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا بالانتخابات الرئاسية كونه المرشح الثاني بعد ترامب في حزبه.
كل هذا "الجنون" المختلف سيؤدي إلى ترقب دولي، وتردد في اتخاذ مواقف الآن مع ضبابية الأوضاع في الولايات المتحدة، وشدة الانقسام، خصوصاً مع دخول العوامل القانونية والقضائية.
ويكفي هنا تأمل عواقب الملف النووي الإيراني، والعلاقات مع الصين، والموقف من الحرب في أوكرانيا.. وأكثر.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الانتخابات الرئاسیة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تتصدر ملفات أجندة قمة الاتحاد الأوروبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وسط أزمات متفاقمة، يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة مستقبل الدفاع الأوروبي، وتعزيز القدرة التنافسية، ومواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب التعامل مع نهج واشنطن الجديد في مفاوضاتها مع موسكو.
يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل، الخميس، في قمة زاخرة بالقضايا الاستراتيجية، يتصدرها الصراع في أوكرانيا، وتأثير المفاوضات التي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول هدنة مؤقتة، إضافة إلى مشروع تحويل التكتل إلى قوة عسكرية عالمية، من خلال زيادة الإنفاق الدفاعي وإعادة تسليح أوروبا.
ووفقًا لما أوردته مجلة "بوليتيكو"، تركز القمة، الممتدة ليومين، على عدة ملفات رئيسية، تشمل:
محور القمة.. دعم أوروبي بلا شروط
تأتي القمة في وقت تتزايد فيه الضغوط على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف موحد بشأن دعم أوكرانيا، خصوصًا بعد الطرح الأمريكي لهدنة مؤقتة لمدة 30 يومًا، تهدف إلى حماية منشآت الطاقة الأوكرانية والملاحة في البحر الأسود.
في هذا السياق، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن رفضه لأي وقف لإطلاق النار لا يضمن تفوق كييف، قائلًا:"يجب أن نواصل دعمنا العسكري لأوكرانيا بموقف واضح، لأن أي سلام يجب أن يكون عادلاً، ويضمن استقلال كييف وسيادتها".
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن على الاتحاد الأوروبي التركيز على تعزيز تكنولوجيا الدفاع بدلاً من مجرد زيادة مخزونات الأسلحة، مشددًا على أهمية تحديث القدرات الأوروبية لمواجهة التحديات المستقبلية.
أما رئيس وزراء السويد، أولف كريسترسون، فقد أبدى تفاؤلًا حذرًا بشأن المحادثات بين واشنطن وموسكو، لكنه أشار إلى أن الموقف الروسي لا يزال غير واضح، حيث قال:
"أوكرانيا والولايات المتحدة مستعدتان للتفاوض، لكن لا أحد يعلم ما تريده روسيا الآن. الكرة في ملعب موسكو".
هل تسبق أوكرانيا دول البلقان إلى عضوية الاتحاد الأوروبي؟
من بين القضايا الخلافية المطروحة خلال القمة، إمكانية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قبل دول البلقان، مثل صربيا والجبل الأسود، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا بين القادة الأوروبيين.
أكد رئيس ليتوانيا، جيتاناس نوسيدا، أن ذلك يعتمد على سرعة الإصلاحات الأوكرانية، مشيرًا إلى أنه إذا تمكنت كييف من استكمال المتطلبات بحلول عام 2030، فقد تتفوق على دول غرب البلقان في سباق الانضمام إلى الاتحاد.
وفي السياق ذاته، شدد رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو على أن أوروبا يجب أن ترحب بأوكرانيا "في أقرب وقت ممكن"، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يبعث برسالة واضحة للأوكرانيين بأن جهودهم الإصلاحية لن تذهب سدى.
خطوة نحو الاستقلال عن واشنطن
مع تصاعد التوترات العالمية، أصبح تعزيز القوة العسكرية الأوروبية أولوية قصوى، وهو ما ظهر في المناقشات حول "الكتاب الأبيض"، الذي قدمته المفوضية الأوروبية كمقترح لإعادة تسليح القارة.
في هذا السياق، قال المستشار النمساوي كريستيان ستوكر إن الوقت قد حان لأوروبا لإدارة أمنها بشكل مستقل، حتى مع التزام بلاده بالحياد وعدم عضويتها في حلف الناتو. وأشار إلى أن النمسا ستزيد إنفاقها الدفاعي للمساهمة في الأمن الأوروبي، وهو تحول استراتيجي جديد في سياستها الدفاعية.
العلاقات التجارية مع واشنطن.. مواجهة أم تنازلات؟
بينما ينصب التركيز على الدفاع والسياسة الخارجية، أثيرت تساؤلات حول السياسات التجارية الأمريكية وتأثيرها على الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد فرض ترامب رسومًا جمركية على الصلب والألومنيوم، وتهديده باتخاذ إجراءات مماثلة ضد الاتحاد الأوروبي.
حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد من أن أوروبا يجب أن تستعد لمحاولات واشنطن لاستخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط وابتزاز، قائلة بلهجة مباشرة غير معهودة:
"يجب أن نعزز استقلالنا الاقتصادي، لأن سياسة ترامب تعتمد على تقوية بلاده ثم إضعاف الآخرين، ومن ثم استخدام التعريفات كوسيلة ابتزاز".
ورغم أن التجارة لم تكن على جدول الأعمال الرسمي للقمة، إلا أن دولًا مثل إيطاليا، وإيرلندا، وفرنسا عبرت عن مخاوفها من تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، خاصة مع توجه المفوضية الأوروبية نحو إجراءات انتقامية ضد واشنطن.