ما المقصود بحديث «صل صلاة مودع»؟ .. درجته و3 مواعظ نبوية نغفل عنها
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
ما المقصود بـحديث :«صل صلاة مودع»، سؤال أجاب عنه الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط.
ما المقصود بحديث صل صلاة مودع؟وذلك في جواب سائل عن حديث ( صل صلاة مودع) ما درجته وما معناه؟، حيث قال: الحديث ورد بلفظ (إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع ، ولا تتتكلم بكلام تعتذر منه ، واجمع الإياس مما في أيدي الناس ) رواه أحمد وابن ماجة وهو حديث صحيح انظر صحيح الجامع رقم 742.
وبين العالم الأزهري أن الحديث يشتمل على ثلاث جمل كل جملة منها فيها موعظة بليغة من كلام من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، فالأولى (صل صلاة مودع) معناها صل صلاة من لا يرجع ألى الصلاة بعد هذه الصلاة .
وتابع: في هذه الموعظة علاج لمن يسرح في صلاته بأنه لو تخيل أن هذه الصلاة هي آخر عهده بالدنيا لخشع في صلاته وزال عنه انشغاله بالدنيا وهو أهم ما يسرح فيه المصلي .
وأكمل الثانية: (ولا تتكلم بكلام تعتذر منه) أي فكر في كلامك قبل أن تتكلم فلا تتكلم بكلام خاطئ تندم عليه سواء كان في حق الله تعالى أو في حق المخلوقين، وما أكثر ما يقع فيه الناس الآن على مواقع التواصل من المهلكات وما يندم عليه المسلم في الدنيا والآخرة.
بينما الثالثة (واجمع الإياس مما في أيدي الناس) أي اعزم وصمم على قطع الأمل عما في يد الغير من الناس من متاع الدنيا .. فإنك إن فعلت ذلك استراح قلبك وصفا لبك وعشت عيشة هنية .
وشدد العميد السابق لكلية أصول الدين بالأزهر جامعة أسيوط: لا شك أن هذه المواعظ البليغة قد اشتمل عليها هذا الحديث الوجيز في ألفاظه فهميئا لمن سمع فاستجاب جعلنا الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
وحول زيادة لفظ (سيدنا) عند ذكر اسم المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال: ما إن تحدثنا عن ذلك الموضوع حتى عارض بعض الناس دون قراءة للموضوع، بل وتطاول قوم لا يعرفون الأدب عند الاختلاف.
ولفت: عموما الذي قصدناه هو لفظ السيادة في عموم الكلام أما في الأذان والإقامة فيجب بقاؤهما كما هما دون زيادة أو نقصان، يبقى الخلاف في الصلاة الإبراهيمية في الصلاة وفيها قولان.
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد ولد آدم) رواه مسلم، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد الناس كلهم من عهد آدم إلى يوم القيامة، بل هو سيد الإنس والجن والملائكة أيضًا، وقد عاب الله تعالى على الذي ينادون النبي صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد، فقال: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً) النور/63، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) الحجرات/2.
ولذلك فليس من قبيل الأدب ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم مجردا عن الصلاة والسلام عليه، أو من غير ألفاظ التبجيل والتعظيم.
وأما زيادة لفظ: "سيدنا" في الصلاة الإبراهيمية فقد اختلف فيها الفقهاء على قولين، والمعتمد في مذهبنا استحباب هذه الزيادة وإن لم ترد في صيغة الصلاة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، وذلك لأن في زيادة لفظ "السيادة" الامتثال لما أُمرنا به من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، وامتثال الأدب أفضل من الاقتصار على الوارد في الصيغة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ألا ترى كيف رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن موقف الإمامة حين تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن الإمامة بسبب الانشغال في الإصلاح بين المتخاصمين، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه أن يبقى مكانه، ولكنه رضي الله عنه قال: (مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) متفق عليه. وكذلك استدل العلماء على هذه القاعدة: "سلوك الأدب أفضل من الامتثال" برفض علي بن أبي طالب رضي الله عنه محو كلمة "رسول الله" من كتاب صلح الحديبية.
فقال العلماء: وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم الصحابة لفظ: "سيدنا" في الصلاة الإبراهيمية، فنحن نزيدها حرصا على كمال التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، والتغيير اليسير في أذكار الصلاة لا يضر في صحة الصلاة.
ولذلك ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز هذه الزيادة، منهم: العز بن عبد السلام، والقرافي، والرملي، والجلال المحلي، وقليوبي، والشرقاوي، والحصفكي، وابن عابدين، والنفراوي، وغيرهم.
ينظر: [مغني المحتاج 1/ 384] وإن كان نقل عن ظاهر المذهب اعتماد عدم استحباب الزيادة، [أسنى المطالب4/ 166] لزكريا الأنصاري، ] و[حاشية تحفة المحتاج2/ 88] و[الموسوعة الفقهية 11/ 346].
وشدد على أن من زاد لفظ السيادة في التشهد في الصلاة من باب التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج عليه، ومن تركها التزاما بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام لا حرج عليه أيضا، فالأول يعظم النبي صلى الله عليه وسلم بذكر سيادته، والثاني يعظمه بترك الزيادة على ما روي عنه، والكل على خير، والمهم أن لا يسيء بعضنا الظن ببعض، ونحن متفقون على وجوب محبة وتعظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا الله تعالى بأن يكون صفنا متراصا، خاصة في مثل الظروف التي نعيشها، والتي يريد البعض بعثرة الصفوف بمثل هذه الخلافات، عملا بالقاعدة الاستعمارية: "فَرّق تَسُد" والله أعلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر زيادة لفظ سيدنا في التشهد الأخير الصلاة الابراهيمية النبی صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
الرياضة في الإسلام.. النبي يسابق زوجته وعلي يرفع أثقل الأبواب
قبل أن تكشف الأبحاث العلمية الحديثة فوائد ممارسة الرياضة وأهميتها في حياة الإنسان، أولى الإسلام النشاط الرياضي والقوة البدنية أهمية خاصة، وحث القرآن والسنة النبوية عليها.
وفي الماضي كانت الأعمال اليومية البدنية العادية للمسلمين وبعض الرياضات كالسباق والمشي وركوب الخيل والصيد والسباحة وغيرها مصدر قوتهم، أما في العصور الحديثة ورفاهية الحياة فقد أصبحت ممارسة الرياضة هي من تمنح الإنسان طاقة وحيوية تمكنه من أداء عباداته وأعماله اليومية بكفاءة عالية، وتوفر له فرصة للتخلص من التوترات النفسية والجسدية التي قد تترتب على ضغوط الحياة.
وهناك آيات عديدة في القرآن الكريم تتضمن إشارات واضحة تشجع على النشاط البدني والحفاظ على الصحة، منها قول الله في سورة الأنفال: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ" (60)، في إشارة وجوبية إلى ضرورة التحضير والتدريب البدني للمسلمين لملاقاة الأعداء.
أما في السنة النبوية، فقد وردت عدة أحاديث تؤكد على أهمية الرياضة، من أبرزها الحديث الشريف الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير".
إعلانهذا الحديث يُظهر تفضيل الإسلام للمؤمن القوي بدنيا ومعنويا، وهذا يشجع المسلمين على ممارسة الرياضة التي تؤدي إلى تقوية الجسم والعقل.
والروايات التي تسلّط الضوء على القوة البدنية الخارقة للصحابة كثيرة، ومنها قصة أشبه بالمعجزة عندما رفع علي بن أبي طالب باب حصن خيبر الضخم، في أشهر الأحداث التي وقعت خلال معركة خيبر في السنة السابعة للهجرة.
ودارت معركة خيبر بين المسلمين واليهود الذين كانوا يقطنون في خيبر المحصنة شمال المدينة المنورة، وكان أبرزها حصن "النطاة" الذي كان له باب ضخم وثقيل، وكان يُعتبر من أهم الحصون وأكثرها قوة.
وقد تعرض المسلمون لصعوبات كبيرة في اختراق الباب بسبب ضخمته وثقله، حتى دعا النبي صلى الله عليه وسلم للقتال في أحد الأيام الحاسمة، وقال "لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، ثم سأل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسلمه الراية.
توجه علي مع الصحابة إلى الحصن وعند وصوله إلى بابه الضخم، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم برفع الباب. وقد قام الإمام علي، وهو شاب قوي البنية، برفع الباب بيده وهو ثقيل جدا، ففوجئ المسلمون بهذه القوة الخارقة، ليتم فتح الحصن بعد ذلك وانتصار المسلمين في معركة خيبر المهمة في تاريخ الفتوحات الإسلامية.
الرياضات المفضلة في الإسلامكانت هناك عدة أنواع من الرياضات التي مارسها المسلمون الأوائل وتدربوا عليها وامتدت للأجيال التالية، بل ومنها بعض الرياضات التي تمارس حتى الآن لكن تم تطويرها.
وفيما يلي أبرز هذه الرياضات:كانت السباقات من أبرز الرياضات التي مارسها المسلمون الأوائل وحرص عليها حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تسابق مع زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها في قصة معروفة في السيرة النبوية.
إعلانوقد جاء في صحيح مسلم أن السيدة عائشة قالت "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فسبقته فعدوت، فلما رجعت إلى مكة بعد ذلك، جاءت قافلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "تعالي، نبدأ السباق". فعدوت مرة أخرى وسبقته".
وهذا السباق كان نوعا من اللعب والتسلية، ولم يكن فيه أي نوع من التنافس الجاد. وعلى الرغم من ذلك، عندما تأخرت السيدة عائشة في سباق آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم مازحا لها "هذه بتلك".
وتعد هذه القصة من اللطائف التي تظهر المودة بين النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته السيدة عائشة، وتبرز أيضا الجانب الإنساني في حياة النبي مع زوجاته.
واشتهر الصحابي سلمة بن الأكوع بالسرعة والتحمل، حتى إنه جرى لنحو 4 ساعات بل وسبق الخيل في بعض الروايات وقام ببطولات جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة" (صحيح مسلم).
المصارعةكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشجّع على المصارعة كرياضة بدنية تعزز القوة والتحمل، وفي العديد من الروايات، ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم مارس المصارعة مع بعض الصحابة.
حديث المصارعة للنبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى مواقف عدة من المصارعة التي حدثت في حياته، ومن أشهر هذه الأحاديث ما رواه الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، حيث حدث عن مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي رفاعة بن رافع.
في هذا الحديث، قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمارس المصارعة مع الصحابة، وكان يُظهر قوتَه الجسدية ومهاراته، ولكن كانت المصارعة غالبا في سياق اللعب والترفيه، دون نية أذى.
وهناك حديث في صحيح مسلم عن الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال "لعبتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في المصارعة فصرعني" أي هزمه.
وروى أبو بكر الشافعي بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن يزيد بن ركانة (أحد كفار قريش كان مشهورا بالقوة البدنية) صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم فلما كان في الثالثة قال: "يا محمد ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقام عنه رسول الله وردَّ عليه غنمه".
إعلان سباق الجمالسباق الجمال كان وما زال من الرياضات التي يحرص عليها العرب، وهناك الكثير من وقائع سباقات الجمال، ومنها واقعة مشهورة في التاريخ الإسلامي حدثت في معركة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة، عندما سبقت "القصواء"، وهي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ناقة لكفار قريش. وكان ناقة النبي هي التي تسبق، مما عده المسلمين فألا حسنا في المعركة التي حسمت لصالحهم رغم قلة عددهم وعتادهم مقارنة بعدوهم، بمدد من الله.
الفروسية من أبرز الرياضات التي شجع عليها الإسلام، ليس فقط كرياضة بدنية، بل كمهارة قتالية أساسية أيضا، وحظي الفرسان وبطولاتهم بمكانة كبيرة في تاريخ المعارك والغزوات الإسلامية التي جابت العالم، إذ كانت الفروسية والخيل من أساسيات حياة المسلمين، وكان يتم التدريب عليها بشكل مستمر لضمان القدرة على أفضل مشاركة في المعارك والغزوات.
الرمايةقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"، والرماية كانت ولا تزال تعتبر من المهارات المهمة حتى إنها إحدى الرياضات الأولمبية سواء على مستوى الرماية بالقوس والسهم، كما كان على عهد المسلمين الأوائل الذي رموا بالرماح أيضا، أو بالمسدس والبندقية التي اكتشفت بعد مئات السنين، وكان الرماة المهرة أصحاب مكانة بارزة في الإسلام، ويقدرهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وورد في صحيح مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما من الحبشة يفرجون بين أيديهم بالرماح في المسجد فقال: ما لهم؟ قالوا: هؤلاء الحبشة يلعبون. فقال: دعوهم. ثم قال: إذا مرّ هؤلاء القوم فاقبضوا عليهم، فإنهم أهل لعب".
هذا الحديث يتحدث عن مجموعة من الأحباش الذين كانوا يمارسون نوعا من الرماية أو اللعب في المسجد النبوي، وكانوا يستخدمون الرماح كجزء من هذا اللعب، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بل كان يشاهدهم.
ويقول الدكتور كمال أصلان، أستاذ الأخلاق والفكر الإسلامي، إن الإسلام شجع على ممارسة الأنشطة البدنية لتقوية أجسامهم والمنافسة والترويح عن النفس، ولكن في ظل ضوابط شرعية ومنها عدم الاختلاط بين الجنسين وألا تشغل عن العبادات المفروضة.
إعلانويضيف أن الرياضة في الإسلام أكثر من مجرد نشاط بدني إذا مورست بنية صالحة ووفق ضوابط شرعية، إذ تصبح تعبدا لله الذي أمر عامة المسلمين بتقوية أبدانهم في الآية "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"، لأن النشاط البدني يقوي الجسم ويعزز الصحة العامة كما أثبتت الأبحاث الحديثة.
ويشير الدكتور أصلان إلى أن بعض الصحابة لو كانو يشاركون في السباقات العالمية الحالية لحققوا أرقاما قياسية خارقة بطبيعة تكوينهم البدني، كعلي بن أبي طالب في رفع الأثقال وسلمة بن الأكوع في الضاحية والعدو، وغيرهم من أبطال الإسلام عبر التاريخ.