حاملين معهم أطفالا رضع كانوا ضحايا لرحلة الموت بعدما لم يتمكن أحد من إنقاذهم، وصل آلاف المهاجرين واللاجئين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الأسبوع الجاري، بعد عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب صغيرة غير صالحة للإبحار من تونس، ما أدى إلى إرباك السلطات المحلية ومنظمات الإغاثة.

وأثارت مشاهد الفوضى في مركز استقبال مكتظ في لامبيدوزا التضامن والغضب، حيث لم توجه أصابع الاتهام إلى مهربي البشر فحسب، بل إلى رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، ومسؤولي الاتحاد الأوروبي والرئيس التونسي، قيس سعيد، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

وأصبحت لامبيدوزا الإيطالية مثار أزمة بين إيطاليا وتونس على وجه التحديد، حيث ردد أندريا كريبا، نائب الحزب التي تنتمي ميلوني له، هذه الأفكار.

وأضاف "الطريق الدبلوماسي لم يؤد إلى أي شيء. ومن الواضح أن الحكومة التونسية أعلنت الحرب على إيطاليا"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

ولطالما كانت الجزيرة البالغ عدد سكانها حوالي 6000 شخص قبل موجة المهاجرين الأخيرة، والتي تقع على بعد 70 ميلاً (112.6 كم) شمال تونس و130 ميلاً (209.2 كم) جنوب صقلية، الوجهة الرئيسية للأعداد المتزايدة من المهاجرين القادمين من تونس، وفق "نيويورك تايمز".

وذكرت شبكة "سي إن إن" أن العديد من الأشخاص الذين وصلوا مؤخرا فروا من عدم الاستقرار السياسي في تونس، وتزداد المخاوف حاليا من ارتفاع الأعداد أكثر بعد الفيضانات الكارثية في ليبيا.

وقال المتحدث باسم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في البحر الأبيض المتوسط، فلافيو دي جياكومو، إن تونس أصبحت الآن نقطة الانطلاق الرئيسية لأوروبا، حيث تستقبل الجزيرة اليوم حوالي 70 بالمئة من جميع المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية، أنسا، السبت، أن خفر السواحل الإيطالي عثر على طفل حديث الولادة ميتا على قارب يحمل مهاجرين إلى لامبيدوزا الإيطالية. وفي الأسبوع الماضي، غرق رضيع عمره خمسة أشهر خلال عملية إنقاذ قبالة الجزيرة بعد أن انقلب قارب كان يقل مهاجرين قادمين عبر البحر من شمال أفريقيا، بحسب وكالة "رويترز".

كم عدد المهاجرين الذين وصلوا؟

وصل أكثر من 120 قارباً صغيراً إلى لامبيدوزا في غضون 24 ساعة تقريباً، ما رفع عدد الأشخاص في مركز الاستقبال المحلي إلى 7 آلاف شخص في وقت واحد. وهذا يعادل 15 مرة ضعف قدرة الجزيرة وأكثر من عدد سكانها المقيمين بها، بحسب "سي أن أن" و"أسوشيتد برس".

ووصل قرابة 126 ألف مهاجر إلى إيطاليا, منذ بداية العام الجاري، وهو ما يصل تقريبا إلى مثلي العدد بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2022، وفقا لوكالة "رويترز".

جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تكتظ بالمهاجرين القادمين من تونس

وقد تعاملت أوروبا في السابق مع أعداد أكبر بكثير من الوافدين يوميا، بما في ذلك في أزمة الهجرة في الفترة 2015-2016 ومؤخرا بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا. وقال دي جياكومو إن الوصول المتتالي إلى الجزيرة الصغيرة في فترة زمنية قصيرة جعل إدارة الأمور صعبة، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

ويتم نقل المهاجرين الوافدين حديثًا تدريجيًا إلى البر الرئيسي، حيث ستتم معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم. ويأمل الكثيرون في الوصول إلى أجزاء أخرى من أوروبا للعثور على عمل أو لم شملهم مع أقاربهم.

ما الجنسيات التي تصل؟

يكون على متن القوارب القادمة إلى لامبيدوزا من تونس مواطنون من دول أفريقية مختلفة، بما في ذلك ساحل العاج وغينيا والكاميرون وبوركينا فاسو ومالي والتونسيين أنفسهم. عاش العديد منهم وعملوا في تونس لسنوات قبل أن يقرروا التوجه إلى أوروبا، بحسب "أسوشيتد برس".

ونقلت "سي إن إن" عن وزير الداخلية الفرنسي، جيرار دارمانين، قوله في وقت سابق من الأسبوع الجاري إنه بسبب "زعزعة الاستقرار في ليبيا وتونس، والتي تسارعت، يصل المزيد من المهاجرين إلى الحدود الفرنسية والإيطالية".

جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تكتظ بالمهاجرين القادمين من تونس

ويتواجد أيضا عدد متزايد من الأشخاص الذين يصلون من تونس بعد العبور من ليبيا المجاورة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة. ومن بين هؤلاء مواطني مصر وإريتريا والسودان، حيث أدى الصراع المستمر بين القادة العسكريين المتنافسين إلى نزوح أكثر من 4 ملايين شخص، منذ أبريل، بحسب "أسوشيتد برس".

ومعظم من يستقلون قوارب المهربين إلى أوروبا هم من الشباب والقاصرين غير المصحوبين بذويهم، وتتواجد النساء أيضا لكن بأعداد أقل.

ماذا سبب الزيادة العددية للمهاجرين؟

يقول خبراء الهجرة إن عاصفة "دانيال" التي ضربت ليبيا أجبرت المهرّبين في مدينة صفاقس الساحلية التونسية وما حولها على وقف عملياتهم لعدة أيام، ما أدى إلى اختناق. وبمجرد تحسن الطقس، أطلقوا أكثر من 100 قارب حديدي صغير من الشواطئ التونسية تحمل ما بين 30 إلى 40 شخصاً، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وتجلب نهاية الصيف أيضًا اندفاعًا في معابر القوارب حيث يريد المهاجرون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية قبل طقس الخريف والشتاء القاسي.

جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تكتظ بالمهاجرين القادمين من تونس

لكن هناك عوامل أساسية أخرى أيضاً، بحسب "أسوشيتد برس"، وهي تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص فرص العمل، ما يصيب التونسيين والأجانب الذين يعيشون هناك بالشلل.

كما أن تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في تونس، والتي غذتها تصريحات الرئيس سعيد في وقت سابق من العام الجاري، خاصة ضد الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى، دفع المهاجرين إلى الفرار لأوروبا.

وفي يوليو، اعتقلت السلطات التونسية مئات المهاجرين واللاجئين السود، ودفعتهم إلى الحدود الصحراوية حيث توفي عشرات الأشخاص، بينهم أطفال، وفقا لتقارير جماعات حقوق الإنسان والسلطات الليبية والمهاجرين أنفسهم، في حين نفت السلطات التونسية ذلك.

ورغم هذا، لا ينبغي أن يشكل العدد الكبير من الوافدين مفاجأة للمسؤولين الإيطاليين، بحسب ما يؤكده مراقبون.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن تسنيم عبد الرحيم، باحثة تونسية في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، قولها: "كانت جميع المؤشرات في تونس والمنطقة ككل تشير إلى أن زيادة عدد الوافدين ستستمر".

ماذا وضع الصفقة التونسية؟

مع تزايد عمليات عبور المهاجرين من تونس، قامت ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بزيارات متعددة إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، العام الجاري، في محاولة لإبرام اتفاق جديد مع الرئيس التونسي، مع التركيز بشكل كبير على وقف معابر المهاجرين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وفي مذكرة التفاهم الموقعة، في 16 يوليو، أعلن الاتحاد الأوروبي عن شراكة واسعة النطاق شملت 105 ملايين يورو (112 مليون دولار) مخصصة لمراقبة الحدود.

جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تكتظ بالمهاجرين القادمين من تونس

وترى "أسوشيتد برس" أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المشاريع الجديدة التي يمولها الاتحاد الأوروبي في تونس، والتي لم يتم تنفيذها بعد، ستكون فعالة في الحد من الهجرة وتحقيق الاستقرار في اقتصادها.

وأوضحت أن تونس أيضاً لديها أولويات متضاربة، فمن ناحية، يحتاج اقتصادها المنهار إلى الاستثمار، ومن ناحية أخرى، قال سعيد إنه لا يريد أن تصبح تونس حارسة حدود أوروبا.

واتهم بعض السياسيين تونس بالسماح عمدا للمهربين بإطلاق المزيد من القوارب لكسب النفوذ في المفاوضات مع أوروبا. لكن لم يتم تقديم أي دليل على ذلك حتى الآن، بحسب "أسوشيتد برس".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أسوشیتد برس أکثر من فی تونس

إقرأ أيضاً:

اتحاد الناشرين يشكل لجنة تحقيق لبحث أزمة معرض الرباط.. تفاصيل

كتب- محمد شاكر:

قرر اتحاد الناشرين المصريين تشكيل لجنة تحقيق خاصة لبحث أزمة تأخر وصول كتب الناشرين المصريين المشاركين في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، وذلك تنفيذًا لقرار رئيس الاتحاد الناشر فريد زهران.

وقد تم تشكيل اللجنة برئاسة أحمد بدير، وكيل الاتحاد، وعضوية كل من: أحمد رشاد، محمد عبد المنعم، إسلام عبد المعطي، هشام عبد الرحيم، محمود عبد النبي، محمود خلف، وليد مصطفى.

وتعقد اللجنة أول اجتماعاتها في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح غد الثلاثاء الموافق 22 أبريل 2025، حيث ستتولى التحقيق في ملابسات الأزمة، ودراسة آليات تعويض الناشرين المتضررين، بالإضافة إلى تحديد المسؤولين عن التأخير.

وأكد الاتحاد أن تشكيل اللجنة يأتي بالتوازي مع استمرار جهود مجلس الإدارة في التواصل مع جميع الأطراف المعنية، لمتابعة وصول الشحنتين الجوية والبحرية في أسرع وقت إلى أجنحة الناشرين المصريين داخل المعرض.

وفي هذا الصدد؛ أصدرت وزارة الثقافة المصرية بيانا تؤكد فيه متابعتها عن كثب أزمة تأخر وصول إصدارات دور النشر المصرية المشاركة في معرض الرباط الدولي للكتاب، مؤكدة أن الإجراءات اللوجيستية الخاصة بمشاركة دور النشر المصرية في المعارض الدولية، وفي مقدمتها شحن الكتب، تُعد من الاختصاصات الأصيلة لاتحاد الناشرين المصريين، الذي يتولى مسئولية التعاقد مع شركات الشحن والتنسيق مع إدارات المعارض.

وقد أجرى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، اتصالات مكثفة لمتابعة تطورات الأزمة والعمل على حلها، كما يعتزم عقد اجتماع عاجل مع مسؤولي اتحاد الناشرين المصريين فور عودته من المغرب، لبحث أسباب التأخير وتداعياته، ووضع آليات تحول دون تكراره مستقبلًا.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

اتحاد الناشرين المصريين المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط فريد زهران وزارة الثقافة المصرية الدكتور أحمد فؤاد هنو

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة الأعلى للثقافة يناقش دور الدراما فى تشكيل قيم النشء والشباب أخبار وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان مسرح بيرم التونسي بعد تطويره أخبار وزارة الثقافة تقيم معرض الشلاتين الثاني للكتاب.. الأحد أخبار سامح بسيوني مديرا لمسرح الطليعة.. وتامر كرم مديرًا للشباب أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

اتحاد الناشرين يشكل لجنة تحقيق لبحث أزمة معرض الرباط.. تفاصيل

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • اتحاد الناشرين يشكل لجنة تحقيق لبحث أزمة معرض الرباط.. تفاصيل
  • في محافظتين.. الخلافات العائلية تودي بحياة امرأة وتدفع فتاة للانتحار حرقاً
  • تحذيرات من أزمة صحية غامضة في عدن.. ووفاة مفاجئة لشباب وفتيات تثير الذعر 
  • تونس تواصل تفكيك مخيمات المهاجرين غير الشرعيين
  • بسبب فسخ خطبة.. تفاصيل حرق كلب بنها حيا
  • حكم القرض يختلف بحسب الغرض منه.. أمين الفتوى يوضح
  • المخابرات الإيطالية: ليبيا المصدر الأبرز للهجرة.. رغم تراجع التدفقات الكلية إلى إيطاليا
  • تصوير جنازة سليمان عيد تثير أزمة بين النجوم.. ما القصة؟
  • أحكام التآمر في تونس تثير تنديدا واسعا.. هل يتم الطعن بها؟
  • وزيرا خارجية مصر وتونس يتمسكان بدعم مسار الحل الليبي- الليبي