تثير الخلافات بين إيطاليا وتونس.. ما هي تفاصيل أزمة جزيرة لامبيدوزا؟
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
حاملين معهم أطفالا رضع كانوا ضحايا لرحلة الموت بعدما لم يتمكن أحد من إنقاذهم، وصل آلاف المهاجرين واللاجئين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الأسبوع الجاري، بعد عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب صغيرة غير صالحة للإبحار من تونس، ما أدى إلى إرباك السلطات المحلية ومنظمات الإغاثة.
وأثارت مشاهد الفوضى في مركز استقبال مكتظ في لامبيدوزا التضامن والغضب، حيث لم توجه أصابع الاتهام إلى مهربي البشر فحسب، بل إلى رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، ومسؤولي الاتحاد الأوروبي والرئيس التونسي، قيس سعيد، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وأصبحت لامبيدوزا الإيطالية مثار أزمة بين إيطاليا وتونس على وجه التحديد، حيث ردد أندريا كريبا، نائب الحزب التي تنتمي ميلوني له، هذه الأفكار.
وأضاف "الطريق الدبلوماسي لم يؤد إلى أي شيء. ومن الواضح أن الحكومة التونسية أعلنت الحرب على إيطاليا"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
ولطالما كانت الجزيرة البالغ عدد سكانها حوالي 6000 شخص قبل موجة المهاجرين الأخيرة، والتي تقع على بعد 70 ميلاً (112.6 كم) شمال تونس و130 ميلاً (209.2 كم) جنوب صقلية، الوجهة الرئيسية للأعداد المتزايدة من المهاجرين القادمين من تونس، وفق "نيويورك تايمز".
وذكرت شبكة "سي إن إن" أن العديد من الأشخاص الذين وصلوا مؤخرا فروا من عدم الاستقرار السياسي في تونس، وتزداد المخاوف حاليا من ارتفاع الأعداد أكثر بعد الفيضانات الكارثية في ليبيا.
وقال المتحدث باسم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في البحر الأبيض المتوسط، فلافيو دي جياكومو، إن تونس أصبحت الآن نقطة الانطلاق الرئيسية لأوروبا، حيث تستقبل الجزيرة اليوم حوالي 70 بالمئة من جميع المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية، أنسا، السبت، أن خفر السواحل الإيطالي عثر على طفل حديث الولادة ميتا على قارب يحمل مهاجرين إلى لامبيدوزا الإيطالية. وفي الأسبوع الماضي، غرق رضيع عمره خمسة أشهر خلال عملية إنقاذ قبالة الجزيرة بعد أن انقلب قارب كان يقل مهاجرين قادمين عبر البحر من شمال أفريقيا، بحسب وكالة "رويترز".
كم عدد المهاجرين الذين وصلوا؟وصل أكثر من 120 قارباً صغيراً إلى لامبيدوزا في غضون 24 ساعة تقريباً، ما رفع عدد الأشخاص في مركز الاستقبال المحلي إلى 7 آلاف شخص في وقت واحد. وهذا يعادل 15 مرة ضعف قدرة الجزيرة وأكثر من عدد سكانها المقيمين بها، بحسب "سي أن أن" و"أسوشيتد برس".
ووصل قرابة 126 ألف مهاجر إلى إيطاليا, منذ بداية العام الجاري، وهو ما يصل تقريبا إلى مثلي العدد بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2022، وفقا لوكالة "رويترز".
وقد تعاملت أوروبا في السابق مع أعداد أكبر بكثير من الوافدين يوميا، بما في ذلك في أزمة الهجرة في الفترة 2015-2016 ومؤخرا بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا. وقال دي جياكومو إن الوصول المتتالي إلى الجزيرة الصغيرة في فترة زمنية قصيرة جعل إدارة الأمور صعبة، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
ويتم نقل المهاجرين الوافدين حديثًا تدريجيًا إلى البر الرئيسي، حيث ستتم معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم. ويأمل الكثيرون في الوصول إلى أجزاء أخرى من أوروبا للعثور على عمل أو لم شملهم مع أقاربهم.
ما الجنسيات التي تصل؟يكون على متن القوارب القادمة إلى لامبيدوزا من تونس مواطنون من دول أفريقية مختلفة، بما في ذلك ساحل العاج وغينيا والكاميرون وبوركينا فاسو ومالي والتونسيين أنفسهم. عاش العديد منهم وعملوا في تونس لسنوات قبل أن يقرروا التوجه إلى أوروبا، بحسب "أسوشيتد برس".
ونقلت "سي إن إن" عن وزير الداخلية الفرنسي، جيرار دارمانين، قوله في وقت سابق من الأسبوع الجاري إنه بسبب "زعزعة الاستقرار في ليبيا وتونس، والتي تسارعت، يصل المزيد من المهاجرين إلى الحدود الفرنسية والإيطالية".
ويتواجد أيضا عدد متزايد من الأشخاص الذين يصلون من تونس بعد العبور من ليبيا المجاورة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة. ومن بين هؤلاء مواطني مصر وإريتريا والسودان، حيث أدى الصراع المستمر بين القادة العسكريين المتنافسين إلى نزوح أكثر من 4 ملايين شخص، منذ أبريل، بحسب "أسوشيتد برس".
ومعظم من يستقلون قوارب المهربين إلى أوروبا هم من الشباب والقاصرين غير المصحوبين بذويهم، وتتواجد النساء أيضا لكن بأعداد أقل.
ماذا سبب الزيادة العددية للمهاجرين؟يقول خبراء الهجرة إن عاصفة "دانيال" التي ضربت ليبيا أجبرت المهرّبين في مدينة صفاقس الساحلية التونسية وما حولها على وقف عملياتهم لعدة أيام، ما أدى إلى اختناق. وبمجرد تحسن الطقس، أطلقوا أكثر من 100 قارب حديدي صغير من الشواطئ التونسية تحمل ما بين 30 إلى 40 شخصاً، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
وتجلب نهاية الصيف أيضًا اندفاعًا في معابر القوارب حيث يريد المهاجرون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية قبل طقس الخريف والشتاء القاسي.
لكن هناك عوامل أساسية أخرى أيضاً، بحسب "أسوشيتد برس"، وهي تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص فرص العمل، ما يصيب التونسيين والأجانب الذين يعيشون هناك بالشلل.
كما أن تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في تونس، والتي غذتها تصريحات الرئيس سعيد في وقت سابق من العام الجاري، خاصة ضد الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى، دفع المهاجرين إلى الفرار لأوروبا.
وفي يوليو، اعتقلت السلطات التونسية مئات المهاجرين واللاجئين السود، ودفعتهم إلى الحدود الصحراوية حيث توفي عشرات الأشخاص، بينهم أطفال، وفقا لتقارير جماعات حقوق الإنسان والسلطات الليبية والمهاجرين أنفسهم، في حين نفت السلطات التونسية ذلك.
ورغم هذا، لا ينبغي أن يشكل العدد الكبير من الوافدين مفاجأة للمسؤولين الإيطاليين، بحسب ما يؤكده مراقبون.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن تسنيم عبد الرحيم، باحثة تونسية في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، قولها: "كانت جميع المؤشرات في تونس والمنطقة ككل تشير إلى أن زيادة عدد الوافدين ستستمر".
ماذا وضع الصفقة التونسية؟مع تزايد عمليات عبور المهاجرين من تونس، قامت ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بزيارات متعددة إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، العام الجاري، في محاولة لإبرام اتفاق جديد مع الرئيس التونسي، مع التركيز بشكل كبير على وقف معابر المهاجرين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي مذكرة التفاهم الموقعة، في 16 يوليو، أعلن الاتحاد الأوروبي عن شراكة واسعة النطاق شملت 105 ملايين يورو (112 مليون دولار) مخصصة لمراقبة الحدود.
وترى "أسوشيتد برس" أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المشاريع الجديدة التي يمولها الاتحاد الأوروبي في تونس، والتي لم يتم تنفيذها بعد، ستكون فعالة في الحد من الهجرة وتحقيق الاستقرار في اقتصادها.
وأوضحت أن تونس أيضاً لديها أولويات متضاربة، فمن ناحية، يحتاج اقتصادها المنهار إلى الاستثمار، ومن ناحية أخرى، قال سعيد إنه لا يريد أن تصبح تونس حارسة حدود أوروبا.
واتهم بعض السياسيين تونس بالسماح عمدا للمهربين بإطلاق المزيد من القوارب لكسب النفوذ في المفاوضات مع أوروبا. لكن لم يتم تقديم أي دليل على ذلك حتى الآن، بحسب "أسوشيتد برس".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أسوشیتد برس أکثر من فی تونس
إقرأ أيضاً:
تفجر الخلافات في حزب المؤتمر الشعبي
قال حزب المؤتمر الشعبي إنه ليس جزءًا من الاجتماعات الدائرة في نيروبي.. تمهيدًا لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع.
فيما كشفت مصادر موثوقة لـ(التيار).. أن جناح الرئيس المقال د.على الحاج مشارك حالياً في مشاورات الدعم السريع وحلفائها من القوى السياسية.
وأضاف في بيان أن “المؤتمر الشعبي لديه موقف سابق وواضح من نهج استخدام السلاح في العمل السياسي.. ويبارك كل مشروع سياسي يعالج الأزمة التاريخية”.
وعصفت الخلافات بحزب المؤتمر الشعبي في السودان.. وانتهت إلى تقسيم الحزب إلى جناحين تتباين رؤاهما الفكرية والسياسية لحد بعيد.. وذلك بعد أكثر من 3 أعوام على تحركات مكتومة وأخرى علنية سعت لمعالجة تصدعات عنيفة ضربت التنظيم الذي كان يقوده الزعيم الإسلامي الراحل حسن الترابي.. إلا أن الأمر انتهى بقادته إلى طرق مسدودة.
وقرر مجلس الشورى -وهو ثاني أعلى جهة تنظيمية في الحزب- في يناير من العام الماضي إقالة الأمين العام علي الحاج وإلغاء كل القرارات والتحالفات مع القوى السياسية.. واستندت الشورى في قراراتها هذه إلى ما يُعرف في النظام الأساسي للحزب بـ”أحكام الضرورة والواقع” التي تمنح الحق للشورى في اتخاذ إجراءات استثنائية عامة.
وأدى قرار الشورى لانقسام الحزب لتيارين يؤيد أحدهما جماعة الشورى التي ينضوي تحت لوائها قادة التنظيم التاريخيين وعدد من أنجال الشيخ الترابي.. بينما يتزعم علي الحاج وكمال عمر ما يعرف بمجموعة الأمانة العامة.. وهي التي ترفض بشكل قوي قرارات الشورى.. وتعدّها بلا سند تنظيمي، بل ترى فيها تآمرا على التنظيم.. وعلى أفكاره التي بناها الترابي.
التيار
إنضم لقناة النيلين على واتساب