الخليج الجديد:
2025-02-23@18:40:50 GMT

ثلاثون عاما على أوسلو وموت مرحلة

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

ثلاثون عاما على أوسلو وموت مرحلة

ثلاثون عاما على أوسلو وموت مرحلة

اليوم غدا واضحا أنه لم تعد هناك مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وأن الفجوة بين الجانبين أكبر بكثير من تلك قبل ثلاثين عاما.

الجانب الفلسطيني علل قبوله بعدم تجميد المستوطنات منذ لحظة التوقيع على أوسلو بأن ثلاث سنوات من بناء المستوطنات لن تغير الواقع كثيرا على الأرض.

انتهى إطار اتفاقية أوسلو، وكذلك حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام.

يجب أن ندرك ذلك ونبدأ بوضع بدائل لصانع القرار أكثر نجاعة لمواجهة التعنت الإسرائيلي.

عملية بناء المستوطنات لم تتوقف وازداد عدد المستوطنين من 250 ألفا غداة توقيع أوسلو، فتجاوز 750 ألف مستوطن اليوم ما يجعل فصل الجانبين مستحيلا.

اليوم ليس فقط أن الثقة بين الجانبين معدومة، بل إن المجتمع الإسرائيلي توغل في عنصريته وتدينه، وأن قلة قليلة بالكنيست تدعو لمفاوضات تؤدي إلى حل الدولتين.

ماذا بقي من أوسلو؟ لم يبق شيء. إذن، كيف نفسر التشبث الدولي بهذه الاتفاقية؟ إن كان المجتمع الدولي ضالعا في لعبة لن تؤدي لحل، فما حجة الموقف العربي؟

انقسام إسرائيل اليوم ليس بين مؤيدي عملية السلام ومعارضيها، كما في السابق، بل انقسام بين مؤيدينتنياهو ومعارضينه فقط، وإجماع بالكنيست والمجتمع على رفض إقامة دولة فلسطينية.

* * *

يصادف يوم الثالث عشر من هذا الشهر الذكرى الثلاثون على توقيع اتفاقية أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بعد مرور كل هذا الوقت، هل حققت أوسلو ما كان يصبو إليه الجانب الفلسطيني؟

من المهم التذكير بالأسس التي قامت عليها هذه الاتفاقية، فقد تم اعتراف متبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، كما تم الاتفاق على سلطة فلسطينية انتقالية، تقام أولا في غزة وأريحا، وتمتد تدريجيا لمناطق في الضفة الغربية، قسمت إلى أ وب وج، تبعا للقدر الذي تسيطر فيه السلطة الانتقالية عليها.

وتم الاتفاق على تأجيل البحث في قضايا الوضع النهائي، أي قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والترتيبات الأمنية، إلى ما بعد ثلاث سنوات من بدء العمل بالسلطة الفلسطينية الانتقالية، على أن تنتهي هذه المفاوضات خلال سنتين من بدئها، أي بعد خمس سنوات من إنشاء السلطة الفلسطينية، وينتج عنها حل دائم للقضية الفلسطينية بحلول شهر 5 عام 1999.

وقد جوبهت الاتفاقية بمعارضة فلسطينية وعربية وإسرائيلية، ولكن حجة الرئيس ياسر عرفات وقتها أنها تؤسس لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ولو بالتدريج. ومع أن أوسلو لم تشر إلى قيام دولة فلسطينية بعد خمس سنوات، إلا أن الجانب الفلسطيني والعربي والدولي كان يأمل بذلك، ما دعاه لقبول مبدأ حل الدولتين والتقدم بمبادرات دولية عدة لتحقيق ذلك.

كما أن الجانب الفلسطيني علل قبوله بعدم تجميد المستوطنات منذ لحظة التوقيع على أوسلو بأن ثلاث سنوات من بناء المستوطنات لن تغير الواقع كثيرا على الأرض.

بعد ثلاثين عاما، يبدو واضحا أن كل الفرضيات التي بنيت عليها الاتفاقية، تم نسفها.

الفرضية الأولى نادت بانتهاء المفاوضات بعد خمس سنوات. اليوم غدا واضحا أنه لم تعد هناك مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وأن الفجوة بين الجانبين أكبر بكثير من تلك قبل ثلاثين عاما.

الفرضية الثانية كانت تفضي إلى أن نظرية الفصل بين الجانبين ستؤسس لحل الدولتين. أما اليوم، فإن عملية بناء المستوطنات، التي لم تتوقف أدت إلى ازدياد عدد المستوطنين من مئتين وخمسين ألفا غداة توقيع أوسلو، إلى أكثر من سبعمئة وخمسين ألف مستوطن اليوم، ما يجعل إمكانية فصل الجانبين مستحيلة.

الفرضية الثالثة هي أن المرحلة الانتقالية ستساهم في بناء الثقة بين الجانبين ما سيساعد في مفاوضات الوضع النهائي. واضح اليوم ليس فقط أن الثقة بين الجانبين شبه معدومة، ولكن أيضا أن المجتمع الإسرائيلي آخذ في التوغل في عنصريته وتدينه، وأن قلة تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة في الكنيست الإسرائيلي هي من تدعو لمفاوضات تؤدي إلى حل الدولتين.

إن الموقف المعلن للحكومة الإسرائيلية اليوم هو رفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، ورفض إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، بما فيها القدس الشرقية.

كما أن التعويل على أن موقف الحكومة الإسرائيلية اليوم قد يكون مؤقتا، وقد تأتي حكومة جديدة أقل تشددا لا ينسجم مع الحقائق، فالتحول لليمين العنصري في المجتمع الإسرائيلي آخذ في الازدياد منذ عشرين عاما، ولا يمكن وصفه بتحول مرحلي.

والانقسام الداخلي الإسرائيلي اليوم ليس بين المؤيدين لعملية السلام والمعارضين لها، كما كان الحال في السابق، ولكنه انقسام بين المؤيدين لنتنياهو والمعارضين له فقط، أما تجاهل إقامة دولة فلسطينية، فيحظى بإجماع كبير في الكنيست والمجتمع الإسرائيلي اليوم.

ماذا بقي من إطار أوسلو إذن؟ لم يبق شيء. إذن، كيف نفسر هذا التشبث الدولي بهذه الاتفاقية؟

لقد رفعت الإدارة الأمريكية يدها عن محاولة رعاية مفاوضات تؤدي إلى حل على أساس الدولتين منذ عشر سنوات، واستعاضت عن ذلك علنا بمحاولة تهدئة الوضع لفترة طويلة حتى تتهيأ الظروف، بقدرة قادر، على استئناف المفاوضات!

بل تحاول الإدارة الأمريكية إدخال السعودية في ما يدعى «اتفاقات أبراهام» ما يعطي الانطباع بأن السلام ممكن في المنطقة، من دون الجانب الفلسطيني، مما يؤدي عمليا لوأد المبادرة العربية للسلام.

تفسر الإدارة الأمريكية هذا الموقف باقتناعها بعدم جدوى محاولة الوصول إلى حل في هذه المرحلة، وما لم تقله علنا هو عدم رغبتها الدخول في مواجهة مع إسرائيل لاعتبارات داخلية.

أما المجتمع الدولي، وبالأخص الاتحاد الأوروبي، فهو يسير خلف الموقف الأمريكي بتأييد لفظي لحل الدولتين دون إقرانه بأي خطة لتنفيذه أيضا تجنبا لأي مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

وهو موقف ترتاح له إسرائيل كثيرا، لأنه يساعدها على ابتلاع المزيد من الأرض وزيادة عدد المستوطنين والمستوطنات وقتل حل الدولتين بينما يتغنى المجتمع الدولي بهذا الحل صباح مساء. إن كان المجتمع الدولي متوغلا في لعبة لن تؤدي إلى حل لأسبابه التي أوردتها، فما حجة الموقف العربي؟

الدول العربية الاربع التي وقعت «اتفاقات أبراهام» مع إسرائيل فعلت ذلك لتحقيق مكاسب مع الولايات المتحدة تحديدا، ومن دون تحقيق أي تنازلات حقيقية من إسرائيل. وما يجري من مفاوضات مع السعودية يندرج تحت هذا الإطار.

لقد تقلص الاهتمام الحقيقي بحل الدولتين إلى ثلاث جهات عربية هي السلطة الوطنية الفلسطينية والأردن ومصر.. لا تريد السلطة الفلسطينية التخلي عن هذا الحل بعد بنائها لمؤسسات فلسطينية وتحقيقها لامتيازات لأفرادها لا تريد خسارتها.

وهي تختزل اليوم الهوية الوطنية الفلسطينية بهذه المؤسسات، غير مكترثة بجيل فلسطيني جديد ولد معظمه بعد أوسلو وفقد الأمل بشكل شبه كامل بقيادته وبأي أفق دبلوماسي لتخليصه من نير الاحتلال.

الموقف المصري ينظر اليوم للقضية الفلسطينية من منظور أمني يتعلق بحفظ الأمن في سيناء وانحسر دوره إلى حد كبير في الملف السياسي للقضية، كما كان سابقا.

أما الموقف الأردني، فهو مرتبط بالهاجس المبرر، وهو محاولة إسرائيل فرض حل على حسابه إن مات حل الدولتين، ولذا فهو متمسك بهذا الحل، وإن كان على الأغلب يعرف في قرارة نفسه أن هذا الحل بات مستحيلا.

لم يقدم المسؤول الأردني حتى اليوم حجة متماسكة مقنعة لربط التمسك بحل الدولتين مع هدف منع التوصل إلى حل على حسابه وهو يدرك تماما المطامع الإسرائيلية في الاحتفاظ بالقدس والضفة الغربية ورفضها العملي لهذا الحل.

ثلاثون عاما كافية للوصول إلى قناعة لا لبس فيها بأن إطار أوسلو قد مات. قد لا يكون المطلوب من دول كالأردن أو مصر، أو من السلطة الفلسطينية التخلي عن حل الدولتين رسميا، لكن اعتماده مقاربة وحيدة غير مقرونة بأي تحرك دبلوماسي آخر ليس مقنعا.

هناك الكثير مما يمكن فعله من استعمال القنوات والمحافل الدولية لفضح الممارسات العنصرية الإسرائيلية مثلا، أو الإصرار على مقاربة مبنية على أساس الحقوق المتساوية بغض النظر عن شكل الحل، أو التوقف عن معاملة إسرائيل كدولة صديقة ومراجعة مشاريع مشتركة في قطاعات كالطاقة والمياه تعظم الاعتماد على إسرائيل في قطاعات حيوية.

إطار أوسلو انتهى، وكذلك حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام. نحسن صنعا إن أدركنا ذلك وبدأنا بوضع بدائل لصانع القرار أكثر نجاعة لمواجهة التعنت الإسرائيلي.

*د. مروان المعشر نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للدراسات، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني الأسبق.

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل السعودية اتفاقات أبراهام الإدارة الأمريكية السلطة الفلسطينية اتفاقية أوسلو المستوطنات ثلاثون عاما حل الدولتين المجتمع الإسرائیلی السلطة الفلسطینیة بناء المستوطنات المجتمع الدولی بین الجانبین حل الدولتین على أوسلو الیوم لیس هذا الحل سنوات من

إقرأ أيضاً:

غزة.. جولة جديدة اليوم من تبادل الأسرى والرهائن

عواصم (الاتحاد، وكالات)

أخبار ذات صلة نتنياهو يأمر بشن عملية عسكرية مكثفة في الضفة الغربية «البرلماني العربي»: دعم سيادة لبنان على كامل أراضيه

أعلنت حركة «حماس»، أنها ستفرج اليوم السبت، عن 6 رهائن إسرائيليين ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت إن «المحتجزين المقرر الإفراج عنهم هم: إيليا ميمون إسحق كوهن، عمر شيم توف، عومر فنكرت، تال شوهام، أفيرا منجيستو، هشام السيد».
وتشمل جولة اليوم من تبادل الأسرى والمحتجزين، 602 أسير فلسطيني، منهم 445 من معتقلي قطاع غزة خلال الحرب، و51 من ذوي أحكام المؤبد، و59 من الأحكام العالية، و47 أسيراً من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية من محرري صفقة شاليط الذين جرى إعادة اعتقالهم، وحكم عليهم باستكمال محكومياتهم.
وستشهد الصفقة المرتقبة الإفراج عن عدد من قادة «حماس» في الضفة الغربية، الذين سيجري إبعادهم إلى خارج البلاد. 
كما ستشهد الصفقة الإفراج عن أقدم الأسرى الفلسطينيين، وهم نائل البرغوثي الذي أمضى 45 عاماً في الأسر، وعلاء البازيان، الذي أمضى 42 عاماً في الأسر، وسامر المحروم، المسجون لأكثر من 38 عاماً، والذين سيجري إبعادهم أيضاً إلى خارج البلاد.
في غضون ذلك، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن إسرائيل قتلت 100 فلسطيني وأصابت 820 آخرين، وأعاقت تنفيذ بنود «البروتوكول الإنساني» المتعلق بوقف إطلاق النار في القطاع منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ قبل أكثر من شهر.
وذكر رئيس المكتب الإعلامي، سلامة معروف، أمس، في منشور على منصة «إكس»، أن «آخر ضحايا القتل كان سيدة صباح الجمعة في رفح، حيث إنه منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي 100 فلسطيني في غزة وأصاب 820 آخرين».
بدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع، تسجيل أكثر من 350 انتهاكاً إسرائيلياً لاتفاق وقف إطلاق النار منذ سريانه في 19 يناير الماضي.
وقال: «الاحتلال الإسرائيلي انتهك اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 350 مرة منذ توقيعه، في تأكيد واضح على استمراره في خرق الالتزامات وتحدي المجتمع الدولي».
سياسياً، أعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن استغرابه وتفاجئه لعدم ترحيب الأردن ومصر بخطته المقترحة بشأن قطاع غزة، مؤكداً أن خطته بشأن القطاع هي مجرد توصية وليست إلزامية، قائلًا: «خطتي جيدة، لكنني لا أفرضها، وسأكتفي بالتوصية بها».

مقالات مشابهة

  • البرلمان يقر سقوط العقوبة بمضي المدة وموت المحكوم عليه في قانون الإجراءات الجنائية
  • السفير الياباني: العلاقات بين عُمان واليابان ترتكز على الاحترام المتبادل والثقة بين الجانبين
  • بعد دمار غزة.. إسرائيل تعلن الضفة «منطقة حرب» وتستعد لاقتحامها بالدبابات والطائرات لأول مرة منذ 25 عاما/ عاجل
  • أبو العينين: الأمة العربية على قلب رجل واحد من أجل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية
  • برلماني: الرؤية الفلسطينية لإعادة إعمار غزة والقمة العربية القادمة تأتي في مرحلة فارقة
  • جيش الاحتلال: جار نقل المحتجزين تال شوهام وأفيرا منجيستو إلى إسرائيل
  • اليوم.. العراق يواجه أستراليا في لقاء مصيري بكأس آسيا تحت 20 عاماً
  • غزة.. جولة جديدة اليوم من تبادل الأسرى والرهائن
  • "العدل الدولية" توافق على مشاركة الاتحاد الإفريقي بقضية التزامات إسرائيل بالأراضي الفلسطينية
  • “العدل الدولية” تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات استشارية حول التزامات “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية