نوه بدورها المحوري في الاستقرار دولياً.. محلل سياسي: قطر من القوى المؤثرة عالمياً وشريك موثوق
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
أكد الدكتور حسن منيمنة محلل سياسي وباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن دولة قطر تعد من القوى المؤثرة عالميا وشريك دولي موثوق يمكنه لعب دور محوري في مختلف الملفات والقضايا، من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة والعالم.
وقال الدكتور منيمنة، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن دولة قطر تتطرق إلى العديد من الملفات الدولية الصعبة وتسعى إلى إيجاد حلول للكثير من الأزمات والمشاكل التي تعجز عنها دول كبرى من أجل عالم مستقر خال من الاضطرابات، وذلك انطلاقا من مسؤوليتها الإقليمية والدولية، فضلا عن أن قوة قطر الاقتصادية عززت قدرتها ليس فقط على طرح الأفكار لحل المشاكل الدولية، ولكن أيضا على تنفيذ المشاريع البناءة والمنتجة داخل الدولة وخارجها بما يعود بالنفع عليها وعلى العالم.
ورأى أن قطر لا تهتم بالاستقرار في نطاقها الضيق أو حتى في نطاقها الخليجي والعربي، فحسب، بل امتد اهتمامها إلى محيطها الإقليمي والدولي، حتى باتت تلعب دورا فاعلا ورياديا في كافة الملفات السياسية والاقتصادية والبيئية على المستوى الدولي كما أنها تضطلع بدور في غاية الأهمية فيما يتعلق بجهود حفظ الأمن والسلام ودعم القضايا الإنسانية حول العالم.
وقال: نحن اليوم أمام دولة ذات ثقل سياسي كبير تسعى إلى ضمان أمنها ومصالحها، وذلك انطلاقا من حرصها على المساهمة في هذه المسؤولية العالمية لتحقيق الاستقرار، حيث لعبت دورا بارزا في تقريب وجهات النظر، كما شهدنا دورها في محاولة حلحلة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.. نحن نتحدث عن سياسة واضحة، قائمة على السعي إلى تحقيق الاستقرار والتنمية والخير في العالم أجمع.
وفيما يتعلق بأبرز القضايا المطروحة على طاولة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 خلال الشهر الجاري، أشار منيمنة إلى أن هناك قضايا ثابتة تتصدر واجهة الأحداث كالاحتباس الحراري والتغير المناخي، إضافة إلى الأزمة المرتبطة بتأثير الاقتصادات العالمية، وخاصة الصاعدة منها كالصين والهند على المحيط الإنساني ككل، فضلا عن قضايا الاقتصاد والتنمية والحاجة إلى توفير قدر من المساعدة من أجل استنهاض الدول الصاعدة، وليس فقط مد يد العون لها من خلال تقديم المساعدات.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر معهد الشرق الأوسط الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله بعد ثوراتنا الثلاث هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر عام 1964 نشرها في كتابه "حوار مع الصفوة" (1979). فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ"القوى الكسبية" و"القوى الإرثية". فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع "الوصائي" (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة، وتعلي النسب على الكسب. وقلنا أن الطبقة الكسبية في مأزق: فالديمقراطية هي بيئتها المثالية ولكن الديمقراطية الليبرالية (صوت لكل مواطن مستحق) تحول دونها والتمثيل الفعلي في البرلمان لأن الواحد من الطبقة الإرثية له صوته وأصوات شيعته كلها كما تجري العبارة.
جاءت الطبقة الكسبية بمأزقها مع الديمقراطية إلى ساحة ثورتي 1964 وأبريل 1985، وكان التغيير الجذري الذي طلبته هو إصلاح عميق في البرلمانية يأذن لها بتمثيل مرموق فيها يمكّنها من وضع بصمتها على التشريع صوب الحداثة. فسعت في ذلك الإصلاح إلى "التحايل"، إذا شئت، على مبدأ "صوت واحد للمواطن" الذي يربح منه الإرثيون بينما يكاد يلغي وجود الكسبيين في البرلمان. وكان لب اقتراح طبقة الكسب هو افتراع كليات مهنية وقطاعية انتخابية لها فيها نفوذ مؤكد تكسر به حدة غزارة جمهور الطبقة الإرثية.
فتبنت الطبقة الكسبية، ناظرة لمأزقها السياسي المشاهد، ثلاثة إصلاحات تؤمن بها لنفسها تمثيلاً معتبراً في البرلمان يعوضها قلة نفرها الاقتراعية.
الإصلاح الأول
طالبت هذه القوى مرتين بعد ثورتي 1964 و1985، تطويل المرحلة الانتقالية قبل إجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية المنتظرة، فواضح أنهم كانوا يريدون شراء الوقت وهم في "عسى ولعل" أن دروس الثورة والتغيير تنسرب لوعي الجمهور، فيميل ناحيتها ويرجح كفتها في تلك الانتخابات، وكانت الأحزاب التقليدية تريد الفترة الانتقالية "قصيرة وعسل" في عبارة إنجليزية ماتعة. فطمعت الطبقة الكسبية بعد انتفاضة 1985 أن تطول الفترة الانتقالية لخمس سنوات، وكانت حجتهم للتطويل أن البلد بحاجة إليه لإزالة "آثار مايو"، أي حكم نميري الذي جاء بانقلاب في مايو (أيار) عام 1969، ووضع القواعد لسودان ليبرالي موحد. ثم اكتفوا بسنتين للمهمة الانتقالية في مفاوضات صاخبة مع الطبقة الإرثية والمجلس العسكري الانتقالي الذي فرض ولايته على البلاد بعد نجاح الثورة بعزم التدرج بها للحكم الديمقراطي. وقد أرادها المجلس أيضاً قصيرة وعابرة، ثم عادت القوى الحديثة من الغنيمة بعام واحد للفترة المقصودة لإصرار المجلس والقوى التقليدية على تقصير الفترة الانتقالية. وفي ثورة 2018 نجحت هذه القوى بجعل الفترة الانتقالية ثلاث سنوات قابلة للتمديد.
الإصلاح الثاني
وكانت حيلة الطبقة الكسبية الثانية أن يقوموا بإصلاح يؤمن لهم تقلد زمام الفترة الانتقالية وما بعدها، فبعد ثورة أكتوبر نادوا بأن تصبح جبهة الهيئات التي قادت الثورة كياناً دائماً ليؤمن مسار الثورة، ورفضت القوى الإرثية تلك الدعوة ووجهت منسوبيها للتحريض على سحب نقاباتهم من عضويتها. وعام 1985 اقترحوا حكومة ثلاثية التكوين قوامها مجلس وزراء تنتخب النقابات 60 في المئة من عضويته، ويأتي 40 في المئة منه من الأحزاب الإرثية مع حرمان الإخوان المسلمين (الجبهة الإسلامية القومية) من التمثيل فيه جزاء وفاقاً لتعاونهم مع نظام الرئيس نميري حتى قبيل خلعه بقليل، ومجلس منتخب من النقابات بمثابة مجلس تشريعي، إضافة إلى مجلس سيادة، ورفضت القوى الإرثية الخطة بالكلية.
الإصلاح الثالث
وجاءت مشاريع إصلاح النظام الانتخابي للقوى الكسبية متوافقة مع خطتها لاكتساب الغلبة في البرلمان المنتظر غلبةً لا تستحقها بأعدادها القليلة بين السكان، فبعد ثورة أكتوبر 1964 استلهموا تجربة الناصرية فطالبوا بأن تقوم الانتخابات، إلى جانب الأسس الجغرافية، في دوائر مخصصة لمهن الناخبين وقطاعاتهم، وعليه ستكون للعمال والمزارعين والمثقفين دوائر مخصصة. وأذاع الحزب الشيوعي في ديسمبر 1985 مشروعاً لإصلاح الانتخابات جعل للقوى الحديثة 110 مقاعد في برلمان منتظر من 360 مقعداً، وجعل للعمال 35 مقعداً وللمثقفين المهنيين 15 مقعداً. واقترح التحالف النقابي الوطني الذي قاد الانتفاضة في 1985 برلماناً من 225 مقعداً جعل للعمال منها 19 مقعداً. ووقف "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، المشكّل من القوى الإرثية، بقوة ضد أي مشروع لتمثيل القوى الحديثة. ولم تقوَ لجنة الانتخابات على بتّ الخلاف الذي نشأ حول المسألة. واجتمعت مع المجلس العسكري الذي رفض فكرة تمثيل هذه القوى بترتيب غير الانتخاب بصوت لكل مواطن.
الثورات والتغيير
إذا كان التغيير الجذري شرط بعض نخبتنا لتسمية الحراك الذي أسقط نظاماً قديماً ثورة، فواضح من عرضنا أن الثورات السودانية لم تخلُ من رؤية للتغيير، أو همة لتنزيله كسياسات للدولة بعد سقوط النظام. فلا يجوز نزع صفة الثورة من ثورات السودان إذا بدا لهؤلاء الكتّاب أنه لم يتغير شيء بعد سقوط النظام، والأحرى بهم تحري الأسباب التي أدت إلى "إجهاض" ذلك التغيير لا قبوله ضمن طبائع الأشياء. فقد كان الصراع حول مشروع التغيير الانتخابي الذي طرحته القوى الكسبية صدامياً، لا كما وصفه الأكاديمي عبدالوهاب الأفندي الذي قال إن حصيلة ثورة أكتوبر، مهما قلنا عنها، تطور طبيعي "في إطار تفاهمات وتنافس نخبة صغيرة تتشارك في الرؤى والمصالح، جرت في جو حميمي أقرب إلى الاسترخاء منه إلى الانفجار". فيكفي أن القوى الإرثية التي كرهت مشروع القوى الكسبية الانتخابية وغيرها، روعت الخرطوم بتحشيد جماهيرها من الريف في شوارعها في الـ18 من فبراير (شباط) عام 1965 لتُسقط حكومة ثورة أكتوبر الأولى التي غلبت فيها القوى الكسبية على الإرثية. فاستقال سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء، ولم يمضِ في الحكم سوى أربعة أشهر، حرصاً، في قوله، "على مصلحة البلاد وسلامتها وعلى تجنيب أبنائها الشقاق والخلاف الحاد".
اشتراط وقوع التغيير بالثورة ضربة لازب وإلا انتفت عنها صفة الثورة، وجه آخر من وجوه قلة حيلة علم السياسة عندنا في دراسة الصراع في الفكر والممارسة على بينة من صدام الإرادات والمصالح والرؤى. فالثورة التي قصرت دون التغيير في رأي هذا العلم ليست من الثورة في شيء. وهذا الحكم عقوبة وليس تحليلاً ترحل بالمسألة لضبط المصطلح لا لدراسة معينة في ديناميكية إجهاض الثورة.
محمد هاشم عوض كتابه البلوتوكرسي شخص فيه باكراً أزمة الطبقة الكسبية مع الديمقراطية الليبرالية
ibrahima@missouri.edu