هدي النبي في التخفيف عن الناس ومراعاة أحوالهم.. تعرف عليه
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: كان من هدي النبي عليه السلام أنه كان شديد الحرص على الشعائر وإقامتها مع مراعاة مصالح الناس بما يكون فيه التخفيف عليهم في أمور عبادتهم ومعاشهم؛ فنرجو منكم بيان ذلك.
وقالت دار الإفتاء، إنه كان من هَدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقيم الشعائر مع مراعاة المشاعر، فكان شديد الحرص على مصالح الخلق ومراعاة مشاعر الناس وأوقات راحتهم: فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنِّي لأَقُومُ في الصَّلاةِ أُرِيدُ أَن أُطَوِّلَ فيها، فَأَسمَعُ بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأَتَجَوَّزُ في صَلاتِي؛ كَراهِيةَ أَن أَشُقَّ على أُمِّهِ» رواه البخاري وغيره من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
وروى البخاري ومسلم في "صحيحَيهما" -واللفظ للبخاري-: أَنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه كانَ يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، ثُم يَأتِي قَومَه فيُصَلِّي بهم الصَّلاةَ، فقَرَأَ بهم البَقَرةَ، فتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاةً خَفِيفةً، فبَلَغَ ذلك مُعاذًا فقال: إنَّه مُنافِقٌ، فبَلَغَ ذلك الرَّجُلَ فأَتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا قَومٌ نَعمَلُ بأَيدِينا، ونَسقِي بنَواضِحِنا، وإنَّ مُعاذًا صَلَّى بنا البارِحةَ فقَرَأَ البَقَرةَ، فتَجَوَّزتُ، فزَعَمَ أَنِّي مُنافِقٌ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «يا مُعاذُ، أَفَتَّانٌ أنتَ -ثَلاثًا- اقرَأْ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ و﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ ونَحوها».
ورويا أيضًا -واللفظ للبخاري- عن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصارِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، لا أَكادُ أُدرِكُ الصَّلاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بنا فُلانٌ، فما رَأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم في مَوعِظةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِن يَومئذٍ، فقال: «أيُّها النَّاسُ، إنَّ منكم مُنَفِّرِينَ، فمَن صَلَّى بالنَّاسِ فليُخَفِّف؛ فإنَّ فيهم المَرِيضَ والضَّعِيفَ وذا الحاجةِ».
وذكرت أن هذه النصوص وغيرها تمنع من أذى الخَلق، وتراعي مشاعرهم في إسماعهم شعائر الإسلام، وتُرَهِّب مِن التَّعَدِّي عليهم بالقول أو الفعل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء النبي التخفيف مصالح الناس الشعائر صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
هذه العبادة تتفوّق على الصيام والصدقة .. حاول أن تفعلها
قال مجمع البحوث الاسلامية، إن من أهم دعائم المجتمع الصالح الذي ينشده الإسلام، ويدعو إليه، ويحث عليه، أن تسود بين أفراده المحبة والإخاء، والصدق والإخلاص، والتعاون على البر والتقوى.
وأوضح مجمع البحوث الإسلامية فضل إصلاح ذات البين، قائلاً إن المتأمل في الشعائر التي يقوم بها المسلم، ويُطالب بأدائها يجد أنها تؤكد على هذه المعاني، وتُدَرِّب المسلم على التخلق بها، فمثلا العبادات شرعت فيها الجماعات لتأليف القلوب ونبذ الخلافات، وأن يُرى المسلم بين إخوانه على قلب رجل واحد، وفي جانب المعاملات حَرَّمَ الإسلام كل ما يجلب الخلاف، وينشر الأحقاد، ووضع الإسلام مبدأ عامًا في المعاملات: أن كل ما أدى إلى النزاع والخلاف منهي عنه شرعًا.
وكثيرًا ما نجد الشيطان ينزغ بين بني الإنسان بغية الوقيعة بينهم، وإفساد ذات البين، قال – تعالى -: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53].
وقال – ﷺ –: {إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ} رواه مسلم.
ومعني قوله – ﷺ -: {وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ}: أي أن الشيطان يسعي بين الناس بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها، فيحدث الخلاف والنزاع، ويكون الخصام استجابة لفعل الشيطان.
وطبقا لما يفرضه علينا ديننا أن نسعى بالصلح والتوفيق بين المتخاصمين والإصلاح بينهم، لكي نُفَوِّت على الشيطان غوايته وإفساده بين بنى البشر؛ وذلك استجابة لنداء الرحمن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]، وقوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وقوله: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].
بل أباح الإسلام في الإصلاح بين الناس كل كلمة طيبة تثلج الصدور وترفع الضغائن والأحقاد، وإن كانت في أرض الواقع ليس لها وجودًا، فقال – ﷺ -: {لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا} متفق عليه.
فيجب أن يكون من يقوم بالإصلاح غير مراءٍ أو طالب رياسة، وأن يتحلى بأخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في إصلاحه بين الناس، مذكرًا المتخاصمين عاقبة الظلم، مبينًّا فضل العفو.
فعن أُمِّ سَلَمةَ- رضي اللَّه عنها-: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ} مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وقد رتب الشرع الحكيم على الإصلاح بين الناس أجورًا عظيمة، فقال- ﷺ - لأبي أيوب رضي الله عنه: {يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ: تُصْلِحُ بَيْنَ الناس إذا تباغضوا، وتفاسدوا}. رواه الطبراني (4/ 138).
وكما رتب الإسلام عظيم الأجر على الإصلاح بين الناس، فقد بيّن عظيم الإثم والوز على الشقاق والنزاع، فقال – ﷺ -: {أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ»، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}. رواه الترمذي.
وختامًا أيها السائل الكريم: “الإصلاح بين الناس له فضل عظيم، وأجر جزيل صاحبه مثاب، ومرفع الدرجات. فاللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام”.