المركز العربي للمناخ .. المزيد من العواصف تهدد المنطقة مع اقتراب موسم الشتاء
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
#سواليف
كتب .. المهندس #احمد_العربيد
شاهدنا كيف ادى ارتفاع #حرارة مياه #البحر_الأبيض_المتوسط الى تشكل عاصفة دانيال الكارثية , والتي ضربت ليبيا بكل قوة مخلفة الاف القتلى بالاضافة الى تدمير السدود وتشكل الفيضانات العارمة التي نسفت البنية التحتية في مدينة درنة الليبية عن بكرة ابيها, وذلك بفعل غزارة #الهطولات المطرية والتي تجاوزت خلال 12 ساعة فقط حاجز 420مل , اي ما يعادل ما يهطل على مدينة عمان الاردنية خلال موسم الشتاء كاملاً , وكنا قبل عدة اشهر أول من نشر تقرير على شكل انذار مبكر حول خطورة ارتفاع حرارة مياه البحر المتوسط مما ينذر بتشكل عواصف متوسطية خطيرة ( اضغط هنا لمشاهدة التقرير ) .
لا تزال المحيطات والبحار في النصف الشمالي من الأرض تعاني من ارتفاع ملحوظ في حرارتها بصورة اعلى من المعتاد , وبعض المناطق مثل البحر المتوسط وشمال الاطلسي سجلت ارتفاع غير مسبوق في حرارة سطح الماء مما يجعلنا ندخل في مرحة المجهول مناخياً , كوننا لم نجرب كيف سيكون #الطقس في حال ارتفاع حرارة مياه البحر الى هذا المستوى .
مع بدء موسم #الاعاصير في المحيط الاطلسي والمحيط الهادي لهذا العام بدئنا نلحظ زيادة سريعة واضطراد كبير في عدد #العواصف والاعاصير مقارنة بالمواسم السابقة , فمنذ شهر تقريباً لا تكاد تخلو المناطق المدارية في الاطلسي والهادي من اي عاصفة او اعصار , بل اصبحت الاعاصير تدوم بشكل اطول من المعتاد مما جعلنا نراقب مجموعة تتكون من 4-5 عواصف في ان واحد , ويرجع السبب في ذلك الى ان مياه المحيطات حالياً تعاني من ارتفاع كبير في حرارة سطح الماء مما يجعلها بيئة خصبة لنمو وتشكل وتطور هذه العواصف مما يزيد من مستويات الخطورة فيها .
على مدى الأشهر الماضية، شهد العالم ككل فترة طويلة من الارتفاع غير المعتاد في درجات حرارة سطح البحر. ظل المتوسط العالمي لدرجات حرارة سطح البحر عند مستويات عالية قياسية لهذا الوقت من العام طوال اشهر أبريل (4) ومايو (5) ويونيو (6) ويوليو (7) واغسطس(8) 2023، وهو الوضع الذي استمر حتى الان خلال سبتمبر (9) 2023، مع تسجيل أكبر شذوذ لدرجات حرارة سطح البحر على الاطلاق خلال شهر يوليو (7) الماضي , يبين المخطط التالي ارتفاع حرارة سطح مياه البحار عالمياً والمستمر حتى هذه اللحظة :
ارتفاع غير عادي في حرارة سطح البحر شمال المحيط الأطلسي :
وفي يونيو، تم تسجيل درجات حرارة سطحية استثنائية وموجات حرارة بحرية مرتبطة بها في اجزاء كبيرة من شمال المحيط الأطلسي، وخاصة في الجزء الشمالي الشرقي. ظلت درجات الحرارة في هذه المنطقة أعلى بكثير من المتوسط حتى الان ، سجلت ايضاً درجات حرارة سطحية مرتفعة بشكل غير عادي في شمال غرب المحيط الأطلسي , الى ان وصل الانحراف في درجات الحرارة اليومية في هذه المنطقة إلى مستوى غير مسبوق يتراوح بين 6-8 درجات مئوية أو أكثر في بعض المناطق، مع وصول الانحراف لشهر يوليو ككل إلى 4-5 درجات مئوية عن المعدلات العامة , يظهر المخطط التالي استمرار ارتفاع حرارة سطح الماء شمال الاطلسي بشكل غير معتاد :
قد يظن البعض ان ارتفاع حرارة سطح الماء عالمياً يعود الى التغيرات المناخية بفعل النشاطات البشرية , ولكن هذا الارتفاع “المفاجئ” في حرارة سطح الماء يعود الى سبب اخر حقيقة , وهو ثوران بركان تونغا العام الماضي اسفل مياه المحيط الهادئ , والذي قذف ملايين الاطنان من بخار الماء وحقنها في طبقة الستراتوسفير مباشرة , ومع اكتمال دورة الرياح العالمية تم تسخين وتخزين طاقة حرارية هائلة داخل مياه البحار والمحيطات وبدأت نتائجها تظهر جلياً هذا العام .
عدم مرورنا بهذه التجربة من قبل اي ( ارتفاع حرارة سطح الماء الى هذا الحد ) وخلو الارشيف المناخي العالمي من حالات مشابهه يضعنا امام تحدي كبير ويجعلنا نقف امام مرحلة المجهول مناخياً , فلم يسبق لنا ان جربنا هذه الظاهرة في تاريخنا الحديث , وكمحاولة لفهم ماذا سيحدث لطقسنا قمنا في المركز العربي للمناخ بتطبيق المبادئ الفيزيائية المناخية لمحاكاة هذا الارتفاع غير المسبوق في حرارة سطح مياه البحار وقياس تأثيره على طقسنا , وحقيقة ذهلنا من النتائج التي اشارت الى احتمالية زيادة معدلات الامطار عالمياً للموسم الشتوي المقبل وبشكل كبير للغاية ,وذلك لان ارتفاع حرارة الماء تزيد من معدلات التبخر , بالاضافة الى انها تزيد من مستويات الاضطرابات الجوية , فعندما يحدث التبريد الشتوي في القبة القطبية الشمالية وتتوسع وتبدأ الكتل الهوائية الباردة بالهبوط صوب الجنوب ( المناطق الدافئة ) خلال الفترة المقبلة , تزداد احتمالية تشكل العواصف العميقة بشكل مضطرد مما يزيد من خطر تشكل الفيضانات والسيول تزامناً مع زيادة مستويات الحمل الحراري .
ماذا سيحدث لطقسنا في البلاد العربية ؟
تتحكم المنطقة الشمالية من المحيط الاطلسي (والتي تعاني من احترار غير مسبوق) في #طقس_المناطق_العربية بشكل مباشر ( الشرق الاوسط وشمال افريقيا ) , كونها تساهم في توزيع انظمة الضغط الجوي في المنطقة من خلال عواصف الاطلسي والمرتفعات الجوية كالاوزوري , وهنالك معامل يسمى معامل تذبذب شمال الاطلسي يقيس مستويات الضغط الجوي في هذه المناطق ويساعدنا على التنبؤ المتوسط والبعيد لطقس المنطقة , لذلك نتوقع ان تتعرض المناطق العربية والتي تشمل بلاد الشام والعراق والسعودية ومصر ودول المغرب العربي لأنماط طقس شديدة التطرف وخطيرة , تزامناً مع زيادة #المنخفضات العميقة والعواصف في البحر المتوسط وزيادة حالات عدم الاستقرار الجوي فوق الجزيرة العربية , كما ان هنالك مؤشرات لزيادة مستويات العواصف الرعدية وتساقطات البرد ذو الحجم الكبير , وهذه دعوى لأخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة من الجهات المسؤولة استعداداً للموسم الشتوي المقبل بشكل مبكر .
والله تعالى دائماً اعلى واعلم
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف حرارة البحر الأبيض المتوسط الهطولات الطقس الاعاصير العواصف المنخفضات درجات حرارة سطح ارتفاع غیر
إقرأ أيضاً:
محمد عفيفي: طه حسين خير ممثل لفكرة الانتماء إلى عالم البحر المتوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدولة العربية، في مقره بمنطقة جاردن سيتي بالقاهرة، ندوة فكرية تحت عنوان "حوار حول الفكرة المتوسطية في المشرق العربي"، تحدث فيها الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، والدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربيّة، وأستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة وأدارتها الدكتورة أماني فؤاد أستاذة النقد الأدبي في معهد البحوث والدراسات العربية وأكاديمية الفنون .
وخلال الندوة تحدث عفيفي عن مفهوم الفكرة المتوسطية التي تعني الانتماء إلى عالم البحر المتوسط، موضحًا أنها تقوم على رابطة فكرية في الأساس، بالإضافة إلى أبعاد سياسية واقتصادية، ومرتكزات من التاريخ المشترك بين شعوب هذه المنطقة.
واستعرض عفيفي جذور النزعة المتوسطية في المشرق العربي، موضحا ما كان يعنيه البحر المتوسط في أذهان المفكرين في القرن التاسع عشر، مركّزًا على فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، التي شهدت ذروة صعود الفكرة المتوسطية كحركة فكرية في مصر ولبنان، وتداعياتها على الفكر السياسي في تلك الفترة.
كما أشار إلى دور القوى السياسية في مصر تجاه عودة الفكرة المتوسطية في التسعينيات، والتي تم تبنيها في سياق العلاقات بين الحكومات الفرنسية والمصرية لمواجهة "مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم طرحه في العام 2004 ولاقى غضبا كبيرا من حكومات الدول العربية.
وأشار إلى أن هذا المفهوم شهد تحولًا كبيرًا حينما أصبح أيديولوجيا عقب الحرب العالمية الأولى، في فترة شهد فيها العالم دمارًا واسعًا واستنزافًا كبيرًا. ومن هنا، بدأت المتوسطية كحركة فكرية وأدبية، حيث انطلقت من فرنسا عبر مجلة "كراسات الجامعة" التي ركزت على الانتماء إلى عالم البحر المتوسط وتأثيره في الأدب والفكر حيث امتدت تأثيرات هذه الحركة إلى إسبانيا، ثم إلى تونس والجزائر، وعلى المستوى المصري كان طه حسين خير ممثل لهذه الفكرة في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر".
وأضاف الدكتور عفيفي أن النزعة المتوسطية في إيطاليا نمت مع صعود الفاشية الايطالية التي أتت بموسوليني الذي كان يطلق على البحر المتوسط لفظ "بحرنا"، مستعيدًا تعبيرًا لاتينيًا قديمًا في إطار محاولاته إحياء مجد الإمبراطورية الرومانية وكان يطمح لجعل البحر المتوسط بحيرة رومانية .
وقال إنه في المقابل، شهدت مصر وبلاد المشرق، مثل لبنان وسوريا، صعودًا للأيديولوجيات والقوميات، مع انتشار الفكر الشيوعي وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين. كما ظهرت في لبنان مجلة "فينيقية"، أغلب كتاباتها باللغة الفرنسية، وتناولت الانتماء إلى الماضي الفينيقي وعالم البحر المتوسط، مع رفضها لفكرة القومية العربية، حيث اتسمت نصوصها بجرأة واضحة.
ورغم أن النزعة المتوسطية نمت وتأججت على حساب القومية العربية لفترة، إلا أن الأخيرة استعادت مكانتها مع أحداث ثورة 1936 في فلسطين، التي شهدت تصاعدًا حادًا للصراع الأيديولوجي في المنطقة.
في السياق، أشار الدكتور محمد كمال إلى أن طه حسين عدَّل فكره تجاه المتوسطية بعد توليه عمادة معهد الدراسات والبحوث العربية عام 1961، وهي فترة تولى خلالها هذا المنصب لفترة قصيرة جدًا. وأوضح أن تراجع طه حسين عن تبني الفكرة المتوسطية جاء في سياق التحولات السياسية التي أعقبت نجاح ثورة 23 يوليو 1952.
فقد تبنى قادة الثورة فكر القومية العربية، ما أدى إلى تراجع الأفكار المتوسطية وغيرها من الأيديولوجيات الأخرى. وفي ظل هذا المناخ السياسي، اضطر طه حسين إلى تعديل موقفه من المتوسطية بشكل تكتيكي وسياسي يتناسب مع المرحلة.
وعلى الرغم من هذه التعديلات، ظل هذا الجيل من الرواد، مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، أوفياء لقوميتهم المصرية، محافظين على هويتهم الفكرية والثقافية حتى وفاتهم.
ومن جانبها، قالت الدكتورة أماني فؤاد بأنه قد تنامى ُبعدًا جديدًا إلى فهمنا بمساهمة الحضارة اليونانية الرومانية في تشكيل الحضارة الأوروبية. فبينما أشار مفكرون كطه حسين وسلامة موسى إلى أن هذه الحضارات القديمة كانت مصدرًا للإلهام للأدب والفلسفة الأوروبيين،و ترى الدكتورة فؤاد أن هذه الحضارات قدمت أيضًا أسسًا مهمة لحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وتقدير التنوع الثقافي.
وطرحت الدكتورة فؤاد سؤالًا: كيف يمكن تحويل هذه الأفكار النخبوية إلى سلوكيات وثقافة عامة؟ إن الانتقال من الفكر إلى السلوك يتطلب جهدًا مشتركًا من المثقفين، وصناع القرار، ووسائل الإعلام. يجب أن يتم ترجمة هذه الأفكار إلى برامج تعليمية، ومبادرات مجتمعية، وقوانين تحمي الحريات الأساسية.
تتجاوز أهمية هذه الأفكار حدود الجغرافيا الزمنية والمكانية. فالتأكيد على حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والتسامح، هي قيم عالمية تسعى البشرية جمعاء لتحقيقها. إن فهم جذور هذه القيم في الحضارات القديمة يمكن أن يعزز من تقديرنا لها، ويشجعنا على العمل من أجل نشرها في جميع أنحاء العالم. فالحوار بين الحضارات، وتبادل المعارف، هو السبيل الأمثل لبناء عالم أكثر عدالة وسلامًا.
حضر اللقاء عدد من المثقفين والكتاب من بينهم؛ الناقد محمد عبدالباسط عيد،والشاعر أحمد الجعفري، والناقد سيد ضيف الله، والدكتور محمد الطناحي أستاذ التاريخ في معهد البحوث والدراسات العربية، والكاتبة نهال القويسني.