صحيفة الاتحاد:
2025-04-27@05:09:27 GMT

نجاة مكي.. وأطياف الذاكرة الإنسانية

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

نوف الموسى (دبي)   
كان السؤال الوحيد الذي يدور في ذهني، عندما تأملت «الزري»، وهي خيوط تستخدم قديماً لتجميل ملابس النساء في الإمارات، منسوجة بتقنيات مختلفة في أعمال الفنانة د. نجاة مكي، ضمن افتتاح معرضها «أطياف المسك» في عائشة العبار آرت غاليري، مساء الأربعاء، هو إلى أيّ مدى يُمكن لذاكرة أن تحفظ تجاربنا الإنسانية، وتمدنا بحالة من الاتصال بأنفسنا، فبالرغم من كم المتغيرات التقنية والتكنولوجية، والتحولات المجتمعية، في ماهية تفاصيل الحياة اليومية، فتكاد تكون رؤية عابرة للوحة الأقمشة التقليدية وامتدادها في مسطحات من ألوان الطبيعية في أعمال الفنانة د.

نجاة مكي، كفيلة بأن تنقلك عبر الزمن إلى لحظة حميمية خاصة، هكذا بكل بساطة، تنساب طفولتك بكل مساراتها الصعبة والسهلة أمامك دفعة واحدة، وتعود لتتفرج على ما استطعت ولو قليلاً أن تدرك قيمة وجوده في هويتك المتفردة.
بينما يحدث ذلك كله، وسط حركة الجمهور حول الأعمال الفنية، تُلاحظ الخفة التي تستقبل بها د. نجاة مكي كعادتها الزوار إبان تقديم الشروح الفنية والحوارات الجانبية، سألتها مباشرة هذه المرة: هل نحن كائنات تستمد قوتها من أطياف الذاكرة، نعيش على الظلال الكامنة في روح تجربتنا الحيّة، والإنسان من غير تلك الأطياف قد «ينهار»، فالأخير هنا ليس تعبيراً قاسياً، بقدر ما أود إعطاء مدى أعمق لما تحدثه الذاكرة في حياة البشر، هنا جاءت إجابة الفنانة د. نجاة مكي بسرعة لافته: «بالطبع؛ في الذاكرة الإنسانية هناك تختمر البصمة الشعورية، التي تبنى عليها تجاربنا الحسية، من خلالها نستمد قوتنا، هي ليست فقط حميمية، بل أقرب إلى لحظة قدرية تتوسع في دواخلنا، قد يبنى عليها حاضر ومستقبل حياتنا. في أعمالي الفنية يبدو واضحاً أني أدعوك لفهم هذا الارتباط العميق بينك وبين ذاكرتك، إنها محاولة لإحداث اتزان بين إحساسك الرهيف، وبين النضج الذي أهدته إياك التجربة، إنها بمثابة بوصلة فنية مليئة بألوان الزمان والمكان الحاضرين في كل تجاربنا الإنسانية، تخبرك بأن هناك أشياء لن تنساها، ولن تنساك». 

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: لماذا الاهتمام بالأدب الشعبي؟ «تريندز» يشارك في المهرجان الأكاديمي والثقافي الكوري - الإماراتي

تجسيد إبداعي
هكذا تستمتع الفنانة د. نجاة مكي، في جعلنا محلقين بخيالنا الواسع، حول كيفية تحويل كل ذلك الأثر في ذاكرتنا إلى تجسيد إبداعي، مثلما هي تفعل تماماً عندما تجعل النساء بقاماتهن الطويلة في أعمالها، كأنهن ولادات من حوارات بصرية لا متناهية تعكسها الأشكال الهندسية في طبيعية التطريز البارز في ملابسهن التقليدية، حول ذلك تسرد مكي شرحها المستفيض عن المجموعات الفنية المشاركة في معرض «أطياف المسك»، ومنها مجموعة «الفصول الأربعة»، مبينةً كيف أن المرأة حاضرة في هذه المجموعة برؤية مختلفة، حيث استخدمت أسماء النساء قديماً مثل اسم «ديمة» والتي تعني السحابة المليئة بالمطر، كدلالة جمالية حول علاقة الموروث بالطبيعية، والرابط الوجودي بين قوة النساء المستمد من البيئة الطبيعية، وأضافت مكي أنه علينا أن نتأمل الزخارف في ملابس النساء ومتغيراتها عبر الفصول المختلفة، ونتجاوز بعدها المادي المباشر، إلى سردياتها العميقة، مثلما هو أثر الضوء والصوت الذي يمكن الشعور به في لوحاتها، قائلةً: «بإحساس مرهف جداً، يستطيع مسطح أرزق واسع، أو شكل بصري في قطعة قماشية، أو حتى إشارات لإضاءات لونية ساطعة، أن تعيدك إلى موقف أو حدث أو شخص أحدثوا في حياتك نقلة مهمة، أو تعلمت منهم درساً قاسياً لا ينسى، وربما كذلك قد تتذكر شاعرية خاصة، مثلما هو الحال معي كلما شممت رائحة المسك، فهي تعيدني إلى والدي العطار، عندما كنت صغيرة في دكانه، إنها أطياف ناعمة وخشنة في ذاكرتك بمقدورها دائماً أن تشعرك بالحياة وأن تنجو بها». 
الجذب الجمالي
لماذا هناك حوارات نتذكرها بحذافيرها وتفاصيلها الزمانية والمكانية؟! أعادت الفنانة د. نجاة مكي الأمر إلى البصمة الشعورية، لافتة أنها في إحدى لوحاتها الفنية التي قدمتها في معرض «أطياف المسك»، قدمت مؤشرات واضحة لمعنى تلك البصمة، وبالنسبة للمبدع في مختلف القطاعات الفنية، فإن مسألة البصمة الشعورية هي إحدى المرتكزات الجوهرية التي يبدي من خلالها ملاحظاته للعالم، إلى جانب المخيلة الواسعة، وإضفاء الجذب الجمالي من خلال اللون والخط، فإن البصمة الشعورية الأقدر على تعميق العلاقات بين الثالوث الإبداعي (العمل، الفنان، المتلقي)، وهي بطبيعة الحال تعكس الصورة الأكبر في العلاقات الكونية والوجودية ككل، وما الفنون إلا تعبيرات وأشكال جمالية تعبر عن الفضاء الشعوري المُحرك لتجربة الإنسانية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الثقافة الإمارات الفنانة د

إقرأ أيضاً:

لو بتعمل محتوي ديني.. طريقة مراجعة الأعمال الفنية بمجمع البحوث الإسلامية مجانًا

ناشد الدكتور حسن خليل، الأمين العام المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، من يريد عمل محتوى ديني مفيد للناس ومفيد للمجتمع ويعالج قضية من قضايا الواقع، أن يأتي به إلى الإدارة المختصة بمجمع البحوث الإسلامية وسنقوم بمراجعته له مجانًا.

أمين البحوث الإسلامية: حماية الأوطان مرتبطة بصناعة أجيال تحفظ القيم وتتمسك بالعلمأمين البحوث الإسلامية يبحث سبل دعم التعاون الأكاديمي مع وفد من بنينالبحوث الإسلامية يناقش مع المجلس الفقهي خدمات الجالية فى استرالياأمين البحوث الإسلامية لوفد من جامبيا: نسعى لنشر الوسطية والاعتدالأمين البحوث الإسلامية : تكثيف جهود نشر القيم الأخلاقية وتعزيز الهُوية الوسطيةورشة عمل بين البحوث الإسلامية والقومي للطفولة لدعم تمكين الفتياتالبحوث الإسلامية يطلق قافلة توعوية إلى الواحات البحرية ضمن جهود الأزهر في خدمة المجتمعأمين مساعد البحوث الإسلامية: القرآن دعا لدمج ذوي الهمم في المجتمعأمين عام البحوث الإسلامية: النبي قدّم نموذجا واقعيا لتطوير الذاتأمين البحوث الإسلامية يناقش رسالة ماجستير بكلية الدعوة.. صور

وقال حسن خليل، في فيديو على صفحة مجمع البحوث الإسلامية على فيس بوك، إنه في ظل الانتشار الكبير للمحتوى الديني الإلكتروني المنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي، وهذا المحتوي قد يصدر عن متخصص، وقد يكون صادر عن شخص مجتهد يحمل ثقافة إسلامية.

وأضاف أن بعض مواقع التواصل قد تصدر رسالة دينية أو حكم ديني أو فتوى غير منضبطة، وهذا مما جعلنا في مجمع البحوث الإسلامية نحرص على ضبط هذه الصورة، فلدينا إدارة مشاهدة الأعمال الفنية بالإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة بمجمع البحوث الإسلامية.

وتابع حسن خليل: إدارة مشاهدة الأعمال الفنية، متخصصة في مراجعة المحتوى الفني أو الإعلامي ذو الطابع الديني، يعني لو في مادة إعلامية أو إلكترونية أو فيلمية أو مسجلة يتوجه صاحبها إلى إدارة مشاهدة الأعمال الفنية لمراجعة المحتوى الذي سيقوم ببثه،ويتقدم بطلب مجاني إلى هذه الإدارة ويترك بياناته.

وبعد استلام هذا الطلب، يتم عرض المحتوى على لجنة متخصصة في العلوم الشرعية وإصدار الرأي الشرعي فيه، وإذا كان المحتوى سليم يصرح بعرضه وإذا كان في حاجة إلى تعديل تم تعديله بناءا على المصادر التي تمت الاستعانة بها.

وتابع خليل: بعد تصوير العمل يعود به مرة أخرى إلى لجنة مشاهدة الأعمال الفنية وإصدار الملاحظات النهائية للمحتوى قبل العرض على الجمهور.

طباعة شارك الدكتور حسن خليل البحوث الإسلامية محتوى ديني مواقع التواصل الإجتماعي رسالة دينية حكم ديني إدارة مشاهدة الأعمال الفنية

مقالات مشابهة

  • لو بتعمل محتوي ديني.. طريقة مراجعة الأعمال الفنية بمجمع البحوث الإسلامية مجانًا
  • صلاح يبحث عن «البصمة 21» أمام توتنهام
  • ملتقى سيناء لفنون البادية يوصي بصون الذاكرة الشعبية وتوثيق التراث البدوي
  • إدارة ترامب تختار مايكل أنطون لقيادة المحادثات الفنية مع إيران
  • عاجل. صحيفة بوليتيكو: الإدارة الأمريكية تكلف مايكل أنتون برئاسة وفد المحادثات الفنية النووية مع إيران
  • “وما أدراك ما صيدنايا”… فيلم يوثّق أقسى فصول الذاكرة السورية
  • قرار بتشكيل اللجنة الاستشارية للإعلام ومنتجي الأعمال الفنية
  • وزير الأوقاف مُهنئًا الرئيس السيسي: «تحرير سيناء» سيبقى محطة مضيئة في الذاكرة الوطنية
  • قايدي.. «البصمة 12» مع كلباء
  • نجاة ثلاثة متسلقين أتراك ومصرع اثنين بعد فقدان أثرهم في جبل إلبروس بروسيا