صحيفة الاتحاد:
2025-02-05@13:54:37 GMT

نجاة مكي.. وأطياف الذاكرة الإنسانية

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

نوف الموسى (دبي)   
كان السؤال الوحيد الذي يدور في ذهني، عندما تأملت «الزري»، وهي خيوط تستخدم قديماً لتجميل ملابس النساء في الإمارات، منسوجة بتقنيات مختلفة في أعمال الفنانة د. نجاة مكي، ضمن افتتاح معرضها «أطياف المسك» في عائشة العبار آرت غاليري، مساء الأربعاء، هو إلى أيّ مدى يُمكن لذاكرة أن تحفظ تجاربنا الإنسانية، وتمدنا بحالة من الاتصال بأنفسنا، فبالرغم من كم المتغيرات التقنية والتكنولوجية، والتحولات المجتمعية، في ماهية تفاصيل الحياة اليومية، فتكاد تكون رؤية عابرة للوحة الأقمشة التقليدية وامتدادها في مسطحات من ألوان الطبيعية في أعمال الفنانة د.

نجاة مكي، كفيلة بأن تنقلك عبر الزمن إلى لحظة حميمية خاصة، هكذا بكل بساطة، تنساب طفولتك بكل مساراتها الصعبة والسهلة أمامك دفعة واحدة، وتعود لتتفرج على ما استطعت ولو قليلاً أن تدرك قيمة وجوده في هويتك المتفردة.
بينما يحدث ذلك كله، وسط حركة الجمهور حول الأعمال الفنية، تُلاحظ الخفة التي تستقبل بها د. نجاة مكي كعادتها الزوار إبان تقديم الشروح الفنية والحوارات الجانبية، سألتها مباشرة هذه المرة: هل نحن كائنات تستمد قوتها من أطياف الذاكرة، نعيش على الظلال الكامنة في روح تجربتنا الحيّة، والإنسان من غير تلك الأطياف قد «ينهار»، فالأخير هنا ليس تعبيراً قاسياً، بقدر ما أود إعطاء مدى أعمق لما تحدثه الذاكرة في حياة البشر، هنا جاءت إجابة الفنانة د. نجاة مكي بسرعة لافته: «بالطبع؛ في الذاكرة الإنسانية هناك تختمر البصمة الشعورية، التي تبنى عليها تجاربنا الحسية، من خلالها نستمد قوتنا، هي ليست فقط حميمية، بل أقرب إلى لحظة قدرية تتوسع في دواخلنا، قد يبنى عليها حاضر ومستقبل حياتنا. في أعمالي الفنية يبدو واضحاً أني أدعوك لفهم هذا الارتباط العميق بينك وبين ذاكرتك، إنها محاولة لإحداث اتزان بين إحساسك الرهيف، وبين النضج الذي أهدته إياك التجربة، إنها بمثابة بوصلة فنية مليئة بألوان الزمان والمكان الحاضرين في كل تجاربنا الإنسانية، تخبرك بأن هناك أشياء لن تنساها، ولن تنساك». 

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: لماذا الاهتمام بالأدب الشعبي؟ «تريندز» يشارك في المهرجان الأكاديمي والثقافي الكوري - الإماراتي

تجسيد إبداعي
هكذا تستمتع الفنانة د. نجاة مكي، في جعلنا محلقين بخيالنا الواسع، حول كيفية تحويل كل ذلك الأثر في ذاكرتنا إلى تجسيد إبداعي، مثلما هي تفعل تماماً عندما تجعل النساء بقاماتهن الطويلة في أعمالها، كأنهن ولادات من حوارات بصرية لا متناهية تعكسها الأشكال الهندسية في طبيعية التطريز البارز في ملابسهن التقليدية، حول ذلك تسرد مكي شرحها المستفيض عن المجموعات الفنية المشاركة في معرض «أطياف المسك»، ومنها مجموعة «الفصول الأربعة»، مبينةً كيف أن المرأة حاضرة في هذه المجموعة برؤية مختلفة، حيث استخدمت أسماء النساء قديماً مثل اسم «ديمة» والتي تعني السحابة المليئة بالمطر، كدلالة جمالية حول علاقة الموروث بالطبيعية، والرابط الوجودي بين قوة النساء المستمد من البيئة الطبيعية، وأضافت مكي أنه علينا أن نتأمل الزخارف في ملابس النساء ومتغيراتها عبر الفصول المختلفة، ونتجاوز بعدها المادي المباشر، إلى سردياتها العميقة، مثلما هو أثر الضوء والصوت الذي يمكن الشعور به في لوحاتها، قائلةً: «بإحساس مرهف جداً، يستطيع مسطح أرزق واسع، أو شكل بصري في قطعة قماشية، أو حتى إشارات لإضاءات لونية ساطعة، أن تعيدك إلى موقف أو حدث أو شخص أحدثوا في حياتك نقلة مهمة، أو تعلمت منهم درساً قاسياً لا ينسى، وربما كذلك قد تتذكر شاعرية خاصة، مثلما هو الحال معي كلما شممت رائحة المسك، فهي تعيدني إلى والدي العطار، عندما كنت صغيرة في دكانه، إنها أطياف ناعمة وخشنة في ذاكرتك بمقدورها دائماً أن تشعرك بالحياة وأن تنجو بها». 
الجذب الجمالي
لماذا هناك حوارات نتذكرها بحذافيرها وتفاصيلها الزمانية والمكانية؟! أعادت الفنانة د. نجاة مكي الأمر إلى البصمة الشعورية، لافتة أنها في إحدى لوحاتها الفنية التي قدمتها في معرض «أطياف المسك»، قدمت مؤشرات واضحة لمعنى تلك البصمة، وبالنسبة للمبدع في مختلف القطاعات الفنية، فإن مسألة البصمة الشعورية هي إحدى المرتكزات الجوهرية التي يبدي من خلالها ملاحظاته للعالم، إلى جانب المخيلة الواسعة، وإضفاء الجذب الجمالي من خلال اللون والخط، فإن البصمة الشعورية الأقدر على تعميق العلاقات بين الثالوث الإبداعي (العمل، الفنان، المتلقي)، وهي بطبيعة الحال تعكس الصورة الأكبر في العلاقات الكونية والوجودية ككل، وما الفنون إلا تعبيرات وأشكال جمالية تعبر عن الفضاء الشعوري المُحرك لتجربة الإنسانية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الثقافة الإمارات الفنانة د

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي ( 46 )

لماذا سيناء منذ بدء الخليقة سبب الصراع اليهودي مع الديانات السماوية الأخرى، يعود إصرار إسرائيل على تهجير الفلسطينيين، خاصة من غزة، يرتبط بمشروعها الأيديولوجي و الديموغرافي والديني الذي يشمل إعادة بناء "هيكل سليمان" في القدس. 

هذا الموضوع ليس مجرد مسألة سياسية، بل له جذور دينية واستراتيجية لدى بني صهيون وتحديدًا لدى الجماعات الدينية المتطرفة التي ترى أن إزالة المسجد الأقصى وبناء "الهيكل" هو خطوة ضرورية لتحقيق "الخلاص اليهودي".

عِلاقة اليهود بسيناء تمتد عبر التاريخ، وهي تحمل أبعادًا دينية، تاريخية، واستراتيجية، مما يجعلها منطقة ذات أهمية خاصة في الفكر اليهودي والصهيوني، لها عدة جوانب أبرزها :

* العِلاقة الدينية والتاريخية
الخروج من مصر

وفقًا للتوراة، يُعتقد أن بني إسرائيل عبروا سيناء خلال "الخروج" من مصر بقيادة النبي موسى عليه السلام في عهد الملك المصري رمسيس الثاني و نجله الملك مرنبتاح، و غدروا بسيدنا موسي بسيناء على الرغْم من كل ما قدمه لهم من معجزات لذلك عاقبهم الله بالشتات.

* جبل الطور أو "جبل سيناء" الموقع الذي تلقى فيه سيدتا موسى عليه السلام الوصايا العشر، و ترى بعض الجماعات الدينية المتطرفة أن سيناء كانت جزءًا من الأرض التي وعد الله بها اليهود، رغم أن التوجه الصهيوني العام يركز على فلسطين، فإن هناك نظريات ترى أن سيناء يمكن أن تكون بديلاً لإقامة دولة يهودية (كما سبق و طرح في مشروعات استعمارية قديمة)، و التي أشرت لها و شرحتها باستفاضة خلال عدة مقالات سابقة.


* العِلاقة الصهيونية بسيناء

الاحتلال الإسرائيلي لسيناء (1956 و1967-1982) إسرائيل احتلت سيناء مرتين، الأولى خلال العدوان الثلاثي عام 1956، والثانية بعد نكسة 1967، واستمرت السيطرة عليها حتى 1982، بعد أن تسلمت مصر كامل أراضيها بموجب معاهدة كامب ديفيد و جولات بمحكمة العدل الدولية.

و خلال الاحتلال، حاولت إسرائيل توطين بعض اليهود في مستوطنات بسيناء، مثل مستوطنة "ياميت" قرب العريش، لكنها أُجبرت على تفكيكها بعد اتفاقية السلام مع مصر.


* مشروعات الاستيطان اليهودي في سيناء:

بعض المفكرين الإسرائيليين، مثل موشيه ديان، رأوا أن سيناء يمكن أن تكون منطقة توسع استيطاني، و في السبعينيات، كانت هناك خطط لإنشاء مستوطنات دائمة، لكن تم إيقافها بعد معاهدة كامب ديفيد عام 1979.

* سيناء في الفكر الإسرائيلي الحديث

الطموحات الأمنية:

إسرائيل تعتبر سيناء "حاجزًا أمنيًا طبيعيًا" يفصلها عن مصر، وتراقب الوضع الأمني هناك باستمرار، و بعد أحداث الربيع العبري في 2011، زادت الأنشطة الإرهابية في شمال سيناء، ما جعل إسرائيل تدعو لتشديد السيطرة المصرية عليها.


* سيناء كمنطقة "بديلة" للفلسطينيين:

بعض المخططات الإسرائيلية، مثل "صفقة القرن"، تضمنت إشارات مباشرة و غير مباشرة لإمكانية استيعاب الفلسطينيين في سيناء.

رغم الرفض المصري القاطع، هناك تسريبات وتقارير تتحدث عن ضغوط إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى سيناء نظرا لان اليهودية تعتبر سيناء مكانًا مقدسًا في تاريخها الديني و لا تزل سيناء محل اهتمام إسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالأمن، والمخططات المتعلقة بتهجير الفلسطينيين.


غزة هي المعقل الأكبر للمقاومة الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، التي تعتبر نفسها مدافعة عن المسجد الأقصى، و تهجير سكان غزة أو إضعافهم يعني تقليل التهديد الذي قد تواجهه إسرائيل إذا حاولت تنفيذ مخطط "الهيكل"، و إسرائيل تدرك أن الفلسطينيين في غزة والضفة هم العقبة الأساسية أمام تهويد القدس.


و تهجير جزء من الفلسطينيين، خاصة سكان غزة الذين لا يزالون مرتبطين بقضية الأقصى، إلي سيناء يتيح لها حرية أكبر في تغيير واقع القدس.و خلق "واقع جديد" يمهد لتنفيذ المشروع.

بعد تهجير سكان غزة، يمكن لإسرائيل التحرك بحرية أكبر في القدس دون خوف من تصعيد كبير.حيث تسعى الجماعات اليهودية المتطرفة لتغيير الأوضاع داخل المسجد الأقصى، سواء بتقسيمه زمانيًا ومكانيًا أو بهدمه تدريجيًا.


الربط بين التهجير ومشروع الهيكل

إسرائيل لا تتعامل مع غزة بمعزل عن القدس، فهي ترى أن التخلص من المقاومة وتفريغ الأرض من الفلسطينيين سيسهل عليها تنفيذ مشروع الهيكل مستقبلاً، و هذا يتماشى مع رؤية التيارات الدينية الصهيونية التي تؤمن بأن إعادة بناء "الهيكل" شرط لتحقيق نبوءاتهم.


ما الهدف النهائي؟

* تحقيق السيادة اليهودية الكاملة على القدس دون مقاومة فلسطينية قوية.


* إعادة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى تحت حجج دينية وتاريخية.


* خلق واقع جديد في فلسطين يجعل العودة مستحيلة، ويفرض حلولًا إسرائيلية بالقوة.


لكن هل ينجح هذا المخطط؟

حتى الآن، الصمود الفلسطيني والرفض العربي والإسلامي يشكلان عائقًا كبيرًا أمام تنفيذ هذه المشاريع، لكن إسرائيل تستغل كل فرصة لتغيير الواقع على الأرض.

و جميع المعلومات حول مخططات إسرائيل لنقل سكان غزة إلى سيناء، وربطها بمشاريع مثل بناء "هيكل سليمان"، تستند إلى عدة مصادر إسرائيلية حديثة و قديمة لكن للأسف آفة العرب عدم القراءة و اذا قرأ لم يستوعبوا و اذا استوعبوا لا يصدقوا إلا إذا وقعت الكارثة، و من بين هذه المصادر التصريحات الرسمية والتسريبات الصحفية، و تقارير إسرائيلية نشرت في وسائل إعلام إسرائيلية مثل هآرتس ويديعوت أحرونوت تقارير حول خطط تهجير الفلسطينيين من غزة، خاصة بعد طوفان الأقصي عام 2023.

بالإضافة لتصريحات مسؤولين إسرائيليين: و بعض السياسيين الإسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، صرحوا علنًا عن رغبتهم في دفع الفلسطينيين للهجرة.

فضلا عن تقارير دولية وحقوقية، من بينهم منظمات هيومن رايتس ووتش و العفو الدولية حذرت من مخططات التهجير القسري واعتبرتها جرائم حرب.

و تقارير الأمم المتحدة تحدثت عن جهود إسرائيلية لدفع الفلسطينيين للخروج من غزة عبر تدمير البنية التحتية والحصار، لتنفيذ مشروعها الديني التعصبي

وهناك أيضا أبحاث ودراسات حول المخططات الصهيونية منذ عقود، مثل "خِطَّة يينون" التي تحدثت عن تفتيت الدول العربية، وكتب مثل التطهير العرقي في فلسطين للمؤرخ إيلان بابيه، و دراسات حول الجماعات اليهودية المتطرفة مثل "معهد الهيكل" الذي يعمل علنًا على التحضير لبناء الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى.

هل تحقق إسرائيل حلمها المتطرف أم سيصطف العرب خلف مصر لمواجهة هذا المخطط أللأعين؟ '

مقالات مشابهة

  • سلا.. نجاة 11 تلميذاً من الموت إثر احتراق حافلة للنقل المدرسي (صور)
  • عقار تجريبي يصلح الذاكرة التي أتلفها الزهايمر
  • مسؤولة أممية: تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية بسوريا.. و16 مليون مواطن بحاجة للمساعدات
  • نجاة عامل نظافة بأعجوبة بعد انفجار صندوق قمامة.. فيديو
  • شقيقتا دنيا بطمة تؤكدان عودتها الفنية بعد خروجها من السجن
  • برنامج الأغذية العالمي: الاحتياجات الإنسانية في غزة هائلة
  • الخارجية الإيرانية: نأمل تشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري
  • نجاة عون في ذكرى لقمان سليم: المجرم معروف
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي ( 46 )
  • بعد وصفه المالكي بالخرف.. محافظ ذي قار المقال ينفي البصمة الصوتية