اليمنُ والمولدُ النبوي الشريف: نورٌ على نور
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
حسام باشا
بطلوع فجر ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- يزهر اليمن بأنواره وأمسياته ولياليه المباركة التي تعطر أجواءه ومحاريبه ومنابره وقممَه الموالدُ والموشحاتُ التي تجمع بين الإعلان بالولاء والشوق لسيد الورى وَالتأكيد على جهاده في سبيل الله ودعوته للرشاد والهدى.
ولك أيها القارئ الكريم أن تدرك أن اليمن هو الفريد من نوعه في عالم الإسلام والعروبة، الذي يتألق ويتفرد بتمسكه وولائه لرسول الله، جاعلاً من مولده المبارك فرصة للاحتفاء والتعبير عن المشاعر الجميلة والولاء الصادق، فتتحول شوارعه وساحاته إلى جنات من الزخارف والأضواء الخضراء، وتملأ أجواءه بالأناشيد والمديح والصلاة على خير المرسلين، وتنشر في قلوب أهله الفرحة والسرور، فهو لا يقبل إلا أن يظهر للعالم كيف يحتفل بذكرى ميلاد نور العالمين، بطريقة لا نظير لها، ولذا فَــإنَّه يتأنق في ليالي ذكرى المولد الشريف كالثريا في سماء زاخرة، وينشر نوره كالشمس في نهار باسم، مغرداً بالولاء لرسول الله وآل بيته كالطير في ربيع زاهر، ويرسم قصص فضائله وجهاده كالورود في بُستان نَضِر، ويحتفي بذكرى مولده الشريف.
إن شعب اليمن وهو يحمل في قلبه الولاء والانتماء للنبي الخاتم ويتخذ من سيرته العطرة قُدوةً ومثالاً في مواجهة كُـلّ ما يعترضه من مصاعب وتحديات فهو يقاوم الظلم ويدافع عن حقوقه وكرامته بالشجاعة والإيمان، فكما انطلق النور الأسمى صلى الله عليه وآله وسلم، حاملاً رسالة الإسلام على جناحي الإخلاص والتضحية، مغادراً ظلمات قريش، التي ضاقت به من جهل وظلم وجور، متوجّـها إلى المدينة، التي استقبلته بالمحبة والولاء، وفتحت له أبوابها وهي تنشد “طلع البدر علينا”.
فقد خرج شعب اليمن من ظلمات الاستبداد القهر والظلم، حاملاً هُــوِيَّته الإيمانية على كف الثورة والجهاد، متجهاً إلى قلب الحرية والعزة والكرامة، التي فاحت بالفتح والبشرى وهو يهتف بشعار البراءة من أعداء الله.
وكما انطلق خلف الرسول الله كفار قريش كالوليد بن المغيرة، وأبيّ بن خلف، وأبو جهل، والعاص بن وائل، وغيرهم من أشرار الأرض، حاملين السيوف والرماح، محاولين إطفاء نور الإسلام، فقد انطلق خلف اليمن تحالف سعوديّ إماراتي أمريكي إسرائيلي، حاملاً الطائرات والصواريخ، محاولاً إطفاء ثورة ومسيرة شعب اليمن القرآنية وقتل أبنائه وسلب إيراداته وثرواته.
وكما تجاوز نور الإسلام كُـلّ عقبة ومانع، ووصل نبيه الأكرم إلى المدينة المنورة سالماً، واستقبله المؤمنون بالأناشيد والتكبير، وساعدوه وجاهدوا معه في نشر دعوته وبناء دولته، فَــإنَّ شعب اليمن سيتجاوز كُـلّ ضربة وجرح، وسيصل بإذن الله وفضله إلى قلب الحرية مظفراً، وسيقيم لا محال دولته ويصنع مستقبله المزدهر.
لقد كان ولا يزال النبي الأعظم نوراً تستضيء منه البشرية طريق الهداية والفلاح، ففي سيرته -صلوات الله عليه وعلى آله- دروس وعبر، وفي شريعته قواعد ومقاصد، وفي دعوته خيرات ومغفرات.
اليمن هو البلد الذي امتد إليه نورُه واتِّبع في نهجِه الكتابَ والعترةَ في كُـلّ زمان ومكان، فهو أول بلد شهد بالإسلام، وأول بلد أرسل إليه رسول الله رسولاً يدعوه إلى الإسلام، وأول بلد استجاب لدعوته بالإيمان والتسليم والطاعة، ولذلك يقف شعب اليمن اليوم متماسكاً ومنتفضاً في وجه كُـلّ المؤامرات التي تحاول زعزعة استقراره، مستوحياً من سيرة نبيه الشريف عزةً لا تنكسر، وصموداً لا ينهزم، ورجاءً لا يضيع.
فقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قائداً فذاً للأُمَّـة الإسلامية، يدافع عن المقهورين ويحارب الجبابرة، وعلى نهج النبي الكريم يسلك الشعب اليمني طريقه، يتصدى للغزاة والعدوان بإيمان وثقة بالله لا تنضب، ويؤكّـد على حقه في الحرية والكرامة، وينتصر لنبيه ودينه ومقدساته تجاه كُـلّ محاولات التشويه والإساءة، وسيخلد اسمه في التاريخ بشهاداته الطاهرة، وسيكون سراجاً ينير في أقطار المعمورة، وأسوة ونموذجاً يقتدي به في الإيمان والفداء والصبر والثورة على الظلم وقوى الطغيان.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الله علیه شعب الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن.. سِــرُّ الصمود والوفاء
إسماعيل سرحان
عندما نتحدث عن الشعب اليمني، يتبادر إلى الذهن شعور عميق من الفخر والعزيمة، لكن ما هو سر هذا الصمود المذهل، وهذه الإرادَة الفولاذية التي لم تنكسر أمام مثالب الزمان؟ إن هذا السؤال هو ما يجعل القلوب تحنّ للإجَابَة، وتتلهف العقول للبحث عن الخيوط التي تربط بين الماضي والحاضر.
في تجوالٍ بين الآراء، نجد بعض الإخوة يتعجبون، ويحاولون جاهدين فهم سر تلك الوقفة القوية، إنهم يرون في ذلك شيئًا يفوق الوصف، شيئاً قد يبدو لهم بعيدًا عن الواقع أَو مُجَـرّد أساطير.
بينما البعض يعتقد بأن جذور القوة والثبات تعود إلى عصورٍ غابرة مثل (عهد شمر يهرعش ومعد يكرب، وغيرهم من الحضارات القديمة)، لكن علينا أن نكسر هذه الأسس المُتخيلة؛ لأَنَّها ليست صحيحة، فالجذر الحقيقي والسر للصمود والتفاني لا يرتبط بتاريخٍ قديم، ولا جغرافيا معينة، ولا اختلاف طينة عن أُخرى، فنحن كما جميع الشعوب، نعيش في القرن الواحد والعشرين، نأكل كما يأكلون، ونشرب مثلما يشربون، نحلم بتكوين أسر جديدة، وامتلاك منازل وسيارات حديثة، نسعى لتعليم أبنائنا، وتأمين مستقبلهم، نحلم بالمستقبل، نطمح إلى العيش الكريم، نبحث عن التعليم والرعاية الصحية، ونعتمد على التكنولوجيا في حياتنا..
لسنا كائنات من زمن الفتوحات، ولا نحمل جينات تختلف عن جينات الآخرين، نحن، مثل بقية الشعوب العربية، نعيش في عالم اليوم، ببساطة كأي إنسان آخر.
لكن هنا يكمن الفارق: القيادة، نحن نحظى بقيادة ربانية، تتبنى منهجًا قرآنيًّا خالصًا يجسد قيمنا ومبادئنا ويسير بنا نحو الحق، يشدنا إلى الله، ويربطنا به.
قائد يجسد الشجاعة بكل جوانبها، هو من يواجه المجرمين والطغاة والظالمين.
شخص يعرف أمريكا بحجمها الحقيقي من منظور إيماني، لا يعرف الخوف إلا من الله سبحانه وتعالى، فهو بحق سند للمظلومين، وشوكة في حلوق الطغاة والمستكبرين.
ومع كُـلّ ذلك، ليس الغرض من الصمود والوفاء مع المظلومين هو تحقيق مكاسب دنيوية، أَو شهرة، أَو شعبيّة وغيرها، بل إن هذا كله لا يتعدى كونه ابتغاءً لمرضاة الله عز وجل.
فهذا هو السر الجوهري وهذا الأمر ليس حكرًا على اليمنيين فحسب، بل يجب على كُـلّ الأُمَّــة أن تسعى لأن تتمسك به؛ لأَنَّها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة، كي لا تضل، وهي الثقلان: القرآن والعترة الطاهرة؛ فكم من أُمَّـة خسرَت وذَلَّت، وضلت، وتاهت؛ لأَنَّها ابتعدت عن تلك الوصية، وفارقت النبي وأوامره من اللحظات الأولى، فأصبحت في سقوط وانتكاسات.
في النهاية، إن النصر والغَلَبة والقوة تَتَجذر في ارتباط وثيق مع مَن يتولون الله ورسوله وأعلام الهدى من آل البيت عليهم السلام، كما قال الله في محكم التنزيل: “وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.
فلنتمسك جميعًا بهذه المبادئ العظيمة ولنعود إليها، ولنستمد منها القوة في مواجهة التحديات، فالمصير مشترك، والصمود واجب، والإيمان والتولي العملي والصادق هو السلاح الفعال، وسبب رئيسي للغلبة والنصر.