فى محاولة لحماية مصنعي السيارات الأوروبيين، اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بفتح تحقيق ضد صناعة الصين للسيارات الكهربائية في دول التكتل، وهو ما ردته بكين ضربة باثنتين ضد قرار مماثل من واشنطن كانت أولاهما عندما أعلنت عن هاتف جديد بمعالج صيني رغم القيود التي فرضتها الولايات المتحدة لإعاقة تقدم الصين في صناعة الرقائق الإلكترونية، أما الضربة الثانية عندما أعلنت حظر استخدام أعضاء الحكومة هواتف آيفون الأمريكية.


في هذا السياق؛ نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز"، تقريرًا ذكرت فيه أن الاتحاد الأوروبي أعلن تحقيقًا ضد الصناعة الصينية للسيارات الكهربائية في محاولة لحماية مصنعي السيارات الأوروبيين قبل أن يتم طردهم من قبل المنافسين الصينيين.
وعلى الرغم من أن واردات السيارات الكهربائية الصينية تمثل نسبة صغيرة فقط من سوق الاتحاد الأوروبي، فإنها تنمو بسرعة ويمكن أن تصل إلى ١٥ في المائة خلال عامين - في إعادة لما عاشه الاتحاد الأوروبي مع لوحات الطاقة الشمسية قبل أكثر من عقد.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير: "لا يمكننا تحمل فقدان صناعة السيارات".
ويحظر الاتحاد الأوروبي بيع السيارات الجديدة بمحركات الاحتراق اعتبارًا من عام ٢٠٣٥ للحد من انبعاثات الكربون ويخشى أن يتم تصنيع بدائلها الكهربائية في الصين، وليس في أوروبا.
وفي هذا الصدد، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التحقيق الأربعاء الماضي، مما يشكل تصاعدًا آخر في التوترات مع بكين بشأن سلسلة من السياسات تهدف إلى تقليل اعتماد الاتحاد على القوة الصينية.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن الدعم المالي قد سمح بالفعل للواردات الصينية بتقليل أسعار السيارات الكهربائية الأوروبية بنسبة تقدر بحوالي ٢٠ في المائة.
وإذا توصلت المفوضية إلى أن منتجي الاتحاد الأوروبي قد تعرضوا لأذى، فيمكنها فرض رسوم جمركية، من المرجح أن تكون حوالي ١٠-١٥ في المائة، كما يُتَوَقَّع أن يستغرق التحقيق تسعة أشهر.
ستؤثر أي تدابير أيضًا على المستثمرين الأجانب الذين يستفيدون من الدعم في الخارج، بما في ذلك شركات مثل تسلا الأمريكية وبولستار السويدية وغيرها، وستغطي هذه التدابير السيارات الكهربائية ولكن ليس الهجينة.
وقال أرنود فيليمز، محامي تجاري في مكتب بيكر مكينزي الدولي للمحاماة: "ستعتبر الشركات المنتجة للاتحاد الأوروبي في الصين بمنزلة مصدرين صينيين... لذلك سيتعين عليهم أن يقاتلوا من أجل معدل الرسوم الخاص بهم".
وقال إن هذا الإجراء سيكون فعالًا بشكل معتدل فقط لأنه لا يتضمن بطاريات مستوردة. تطبق رسوم جمركية بنسبة ١٠ في المائة بالفعل على جميع واردات السيارات من الصين.
وتقول "فاينانشال تايمز" إن الاتحاد الأوروبي عليه أن يتعلم الدرس من محاولته الفاشلة قبل عقد من الزمن لإنقاذ صناعته للطاقة الشمسية من واردات صينية رخيصة- اشتراها المستهلكون الأوروبيون بمساعدات من حكوماتهم الخاصة، ففرضت بروكسل رسوم جمركية في عام ٢٠١٢ ولكنها رفعتها بعد ست سنوات لأنها لم تستطع تحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة من دون إنتاج صيني بعد إغلاق العديد من الموردين المحليين.
وقال لورانس بون، وزير أوروبا في فرنسا: "لن نسمح لسوقنا بأن تغمره السيارات الكهربائية المدعومة بشكل زائد والتي تهدد شركاتنا كما حدث مع لوحات الطاقة الشمسية". وأيضًا دعم روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، التحقيق في السيارات الكهربائية.
صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي توفر ما يقرب من ١٣ مليون وظيفة، وتمثل ٧ في المائة من اقتصاد الاتحاد، وتمثل أيضًا ما يقرب من ثلث الإنفاق الإجمالي على البحث والتطوير.
وقال مسئول في الاتحاد الأوروبي: "إذا فُقِدَ هذا الحجم، فإننا لن تتمكن من الحفاظ على مستوى الاستثمار وسنفقد القدرة على المنافسة".
بالإضافة إلى المنافسة مع السيارات الكهربائية الأرخص من الصين، يعتمد المصنعون الأوروبيون أيضًا على بطاريات تصنعها شركات صينية في أوروبا أو الصين. هذه المسألة من الصعب مكافحتها بواسطة الرسوم الجمركية، ويرجع ذلك جزئيًا لأن العمل قد بدأ بالفعل في بناء مصانع بطاريات تملكها شركات صينية في جميع أنحاء أوروبا، وأيضًا لأن المصنعين الغربيين قد دمجوا بالفعل بطاريات من الشركات مثل BYD وCATL أو Envision في موديلاتهم.
تعتقد الصين أن تكنولوجيا البطاريات هي فرصتها الاستراتيجية للسيطرة على صناعة السيارات.
وقال تو لي، مؤسس شركة سينو أوتو إنسايتس الاستشارية المقرَّة في بكين: "التحقيق الذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء يقول الكثير عن عدم تنافسية السيارات الكهربائية الأوروبية وعن خوف السياسيين من أن منتجي الاتحاد الأوروبي لن يكونوا قادرين على تصميم وتصنيع سيارات كهربائية تنافسية في أي وقت قريب".
وتعتبر التدابير الدفاعية التجارية ضد الصين أمرًا غير غريب، لكن هذه هي القضية الأكبر منذ أن بدأ الاتحاد الأوروبي في تشديد موقفه تجاه الصين العام الماضي، بسبب الضغوط الأمريكية ودعم بكين لروسيا في حربها مع أوكرانيا.
ومن المقر أن يجري مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، زيارة إلى بكين الأسبوع المقبل لمناقشة العلاقة التجارية. وكان قد قال في أغسطس لـ "فاينانشيال تايمز" إنه سيضغط أيضًا على الصين لخفض فائضها التجاري الكبير مع الاتحاد الأوروبي، الذي مضى إلى ما يقرب من ٤٠٠ مليار يورو في عام ٢٠٢٢.
وقالت المفوضية إن الحصة السوقية للاتحاد الأوروبي التي استحوذت عليها السيارات الصينية قفزت من لا شيء تقريبًا إلى ٨ في المائة في ثلاث سنوات وستصل إلى ١٥ في المائة في عامين آخرين إذا لم يتم اتخاذ إجراء.
وإذا اقترحت المفوضية فرض رسوم، فمن الممكن أن تقوم أغلبية الدول الأعضاء بمنعها. وأشار دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إلى أن برلين والعواصم الأخرى مترددة في اتخاذ موقف شديد القسوة ضد بكين خوفا من الانتقام من شركات صناعة السيارات الخاصة بها في الصين.
وفي حين أن المجموعتين الفرنسيتين "رينو" و"ستيلانتس" تحدثتا بصراحة عن التهديدات، فإن شركات صناعة السيارات الألمانية "فولكس فاجن" و"مرسيدس بنز" و"بي إم دبليو" تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية لتحقيق أرباحها، وتشعر بالقلق من إثارة المشاعر المناهضة لأوروبا بين المشترين الصينيين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الصين مصنعي السيارات السیارات الکهربائیة فی الاتحاد الأوروبی صناعة السیارات فی المائة

إقرأ أيضاً:

نمو قطاع الخدمات في الصين يفوق التوقعات بعد إجراءات التحفيز

أظهر مسح خاص أن قطاع الخدمات في الصين سجل نمواً هو الأسرع منذ يوليو، ما يشير إلى أن طلب المستهلكين قد يتحسن بعد سلسلة من إجراءات التحفيز التي أطلقتها بكين مؤخراً لدعم النمو الاقتصادي.

ارتفع مؤشر "كايشين" لمديري المشتريات للقطاع الخدمي في الصين إلى 52 نقطة في أكتوبر، مقارنة بـ50.3 نقطة في الشهر السابق، وفق بيان صدر يوم الثلاثاء عن "كايشين" (Caixin) و"إس آند بي غلوبال" (S&P Global). وقد تجاوز هذا الرقم متوسط توقعات الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" عند 50.5. وعادةً ما تعد أي قراءة فوق 50 نقطة دليلاً على نمو القطاع

وفي هذا السياق، صرح كبير الاقتصاديين لدى "كايشين إنسايت غروب" (Caixin Insight Group)، وانغ تشي، في بيان، بأن "العرض والطلب واصلا النمو مع انتعاش السوق"، مضيفاً أن "الشركات أعربت عن ثقتها في الظروف الاقتصادية الكلية على المدى القريب".

ارتفع مؤشر "سي إس آي 300" الصيني بنسبة 1.2% بعد صدور البيانات، مسترداً خسائره السابقة.

تحفيز الاقتصاد واستقرار الطلب
مع ذلك، يظل القطاع الاستهلاكي محل متابعة دقيقة، حيث لا تزال قطاعات مثل التصنيع والإسكان تظهر إشارات تعافٍ أولية. ويعد إنعاش الطلب المحلي ضرورياً لتفادي دوامة انكماشية قد تؤدي إلى تراجع إنفاق الأسر، وانخفاض إيرادات الشركات وفقدان الوظائف

مقالات مشابهة

  • البصمة الكربونية لأصحاب السيارات الكهربائية أعلى من غيرهم.. الأغنياء محل اتهام (دراسة)
  • سياج الصين العظيم أمام السلاسل الأميركية فهل ستتحول بكين من الدفاع للهجوم؟
  • من النفط إلى السيارات الكهربائية.. كيف سيؤثر فوز ترامب على قطاع الطاقة؟
  • محافظ السويس يطلق حملة لحماية ممشى بورتوفيق مع تسريع إجراءات تسليم لوحات التاكسي
  • من السيارات الكهربائية للنفط ..ماذا يعني انتصار ترمب لقطاع الطاقة؟
  • البرازيل توجه إنذارًا إلى منصة “تيك توك” لحماية بيانات القاصرين
  • لو هتستوردها.. خصم 2000 دولار على السيارات الكهربائية والهجينة
  • دعم السيارات الكهربائية في ألمانيا.. تراجع المبيعات والمناخ يقودان إعادته
  • سرقوا حضانة لرعاية الفئات الخاصة.. سقوط عصابة المعدات الكهربائية في أبو النمرس
  • نمو قطاع الخدمات في الصين يفوق التوقعات بعد إجراءات التحفيز