الصين أصبحت أول دولة تُعيِّن سفيراً رسمياً في أفغانستان منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس ٢٠٢١، وقد تم تقديم أوراق الاعتماد للسفير الصيني تشاو شينغ في حفل خاص أُقيم في العاصمة كابول.
لا تزال العديد من الدول الأخرى لم تعترف رسمياً بحكم طالبان، ولم تكشف بكين عن موقفها بخصوص الاعتراف الرسمي بحكمهم.

ووفقًا للوزارة الصينية للشئون الخارجية، فإن تعيين السفير الصيني هو جزء من الجهود الصينية لدعم الحوار والتعاون بين البلدين، مع تأكيد استقرار سياستها تجاه أفغانستان.
هذا التعيين يأتي بعد مرور أكثر من عام من سيطرة طالبان على الحكم. ومنذ ذلك الحين، قامت بعض الدول والهيئات الدبلوماسية بإرسال ممثلين برتبة "القائم بالأعمال" إلى كابول بدلاً من سفراء، وهو ما لا يتطلب تقديم أوراق اعتماد رسمية إلى الدولة المضيفة.
يُعتبر تشاو شينغ أول سفير دولي يتولى المنصب منذ سيطرة طالبان على الحكم، وتم قبول أوراق اعتماده بحفل رسمي في كابول.
وقام مكتب المتحدث باسم إدارة طالبان بنشر صور للحفل، حيث تم ترحيب السفير الصيني بفخر وبمراسم رسمية وبحضور مسئولين، من بينهم آخُند ووزير الخارجية بالوكالة أمير خان متقي،  واستقبلت طالبان سفير الصين الجديد بأبهة ومراسم. وانطلقت سيارة السفير في الممر الذي تصطف على جانبيه الأشجار للقصر الرئاسي برفقة ركب من الشرطة. وكان في استقباله جنود يرتدون الزي الرسمي والتقى كبار مسئولي طالبان.
يُشير هذا التعيين إلى استمرار الدور الصيني في أفغانستان وجهودها للمساهمة في تعزيز الحوار والتعاون بين البلدين، وسط استمرار التطورات في المنطقة.
وهناك دبلوماسيون آخرون في كابول يحملون لقب سفير، لكن جميعهم تولوا مناصبهم قبل تولي طالبان مقاليد السلطة، ومنذ ذلك الحين أرسلت دول أخرى دبلوماسيين كبارا لقيادة بعثاتها باستخدام لقب "القائم بالأعمال"، وهو ما لا يتطلب تقديم أوراق اعتماد إلى الدولة المضيفة. 
ولم تعترف أي حكومة أجنبية رسمياً بحركة طالبان، ولم تقل بكين ما إذا كان تعيين السفير، يشير إلى أي خطوات أوسع نحو الاعتراف الرسمي بطالبان.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان "هذا هو التناوب الطبيعي لسفير الصين في أفغانستان، ويستهدف مواصلة دفع الحوار والتعاون بين الصين وأفغانستان سياسة الصين تجاه أفغانستان واضحة وثابتة". من جهته؛ قال متحدث باسم وزارة الخارجية في إدارة طالبان لوكالة "رويترز"، إن المبعوث الجديد تشاو شينغ هو أول سفير دولة يتولى المنصب منذ أغسطس ٢٠٢١ حين تولت طالبان السلطة مع انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد بعد ٢٠ عاماً.
وقال بلال كريمي، نائب المتحدث باسم حكومة طالبان في بيان، إن الملا محمد حسن آخُند القائم بأعمال رئيس الوزراء في إدارة طالبان، قَبِل أوراق اعتماد المبعوث الجديد في حفل.
وتولى سفير الصين السابق لدى أفغانستان، وانغ يو، منصبه في عام ٢٠١٩، وأنهى فترة عمله الشهر الماضي.
ودخلت حركة طالبان العاصمة في ١٥ أغسطس ٢٠٢١، مع تفكك قوات الأمن الأفغانية التي تم تشكيلها بدعم غربي على مدى سنوات، وفرار الرئيس أشرف غني المدعوم من الولايات المتحدة.
من جانبه؛ قال مصطفى زهران، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن تعين سفير صيني في افغانستان كان أمرا متوقعا لأن السنوات الأخيرة قبل وصول طالبان للسلطة كان هناك علاقات بين الصين وطالبان مباشرة وغير مباشرة، وطالبان وفت بوعدها تجاه حفظ الحدود مع الصين، والسفارة الصينية والروسية أول من تعاون مع طالبان في يوم سقوط كابول في أغسطس ٢٠٢١.
بينما قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تعيين سفير صيني في أفغانستان لم يكن مفاجأة لأن الصين ليست بالوافدة الجديدة فهي تتشارك حدودًا طولها ٥٧ ميلًا مع أفغانستان عند نهاية ممر واخان النائي والمعزول، الذي كان في الأصل منطقة عازلة بين الإمبراطوريتين الروسية والبريطانية تتمتع الصين بعلاقة قديمة العهد مع باكستان تعود إلى الخمسينيات، تضمنت المساعدة الصينية لبرنامج باكستان النووي العسكري خلال الاحتلال السوفياتي، وتعاونت الصين مع الولايات المتحدة في إمداد ودعم المتمردين الإسلاميين في أفغانستان، المعروفين بـ «المجاهدين».
وعندما سيطرت "طالبان" على أفغانستان في أواخر التسعينيات، سعت بكين للحصول على تأكيدات بأن أفغانستان لن تأوي جماعات انفصالية معارضة للصين، وفي المقابل قدمت اعترافًا سياسيًا واستثمارات أجنبية لأفغانستان في عام ٢٠٠٠، أصبح المبعوث الصيني إلى باكستان أول دبلوماسي عالي المقام غير مسلم يلتقي الملا عمر، الذي تعهد بأن "طالبان" لن تسمح للجماعات الأويغورية المتشددة بالعمل في أفغانستان أو مهاجمة الصين.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصين أفغانستان فی أفغانستان أغسطس ٢٠٢١ سفیر الصین

إقرأ أيضاً:

العالم يترقب .. هل تنجح دبلوماسية ترامب وبوتين في وقف الحرب؟

يترقب العالم اليوم نتائج مكالمة هاتفية من المنتظر أن يجريها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية أو تجميدها على أقل تقدير، لكن هذا التفاؤل الكبير الذي يحيط بهذه المكالمة يصطدم بسؤال مهم: هل يمكن لاتصال هاتفي بين زعيمين، حتى وإن كانا كبيرين، أن يُحدث اختراقا في حرب أرهقت أوروبا، واستنزفت أوكرانيا، وفرضت عزلة غير مسبوقة على روسيا؟

الواقع أنَّ الحرب الروسية الأوكرانية لم تكن منذ رصاصتها الأولى حربا بين دولتين ولكنها بدأت منذ لحظتها الأولى ساحة مواجهة جيوسياسية تمتد تداعياتها عبر الأطلسي. فمنذ بدء الحرب في فبراير 2022، دفعت واشنطن وحلفاؤها في الناتو مليارات الدولارات لدعم كييف، في محاولة لمنع سقوطها أمام المد الروسي. لكن بعد ثلاث سنوات من الدمار والعقوبات والتعبئة العسكرية، بدأت الحقائق على الأرض تتغير، التقدم الروسي الأخير في الجبهة الشرقية، والضغوط الاقتصادية المتزايدة على أوروبا، وتوجهات الرئيس ترامب لوقف أي دعم لأوكرانيا، كلها عوامل تعيد تشكيل قواعد اللعبة.

أمام كل هذا يبرز سؤال مهم آخر هو: هل نحن أمام اتفاق سلام حقيقي أو مجرد هدنة تكتيكية؟

دفعت أمريكا بمقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، وهو ما وافقت عليه كييف، على مضض، بشرط التزام موسكو به. في المقابل، بوتين أبدى استعداده لمناقشة المبادرة لكنه وضع شروطا بدت غامضة بعض الشيء، مطالبا بمزيد من التشاور. هذا الأسلوب في التفاوض ليس جديدًا؛ فموسكو تدرك أنَّ أي وقف للقتال يجب أن يكون بشروط تخدم أهدافها الاستراتيجية، وأوكرانيا من جهتها ترفض أي اتفاق يمنح روسيا مكاسب عسكرية طويلة الأمد.

لكن حتى لو تم التوصل إلى وقف إطلاق نار، فإن الشكوك ستبقى قائمة. ففي ظل ديناميات الحرب، لن يكون هذا الاتفاق أكثر من هدنة مؤقتة تمنح الجانبين فرصة لإعادة التسلح وإعادة تموضع القوات، بدلا من أن تكون خطوة نحو سلام دائم.

وبالنسبة لأوروبا، باتت هذه الحرب عبئا ثقيلا لا يمكن تحمله إلى الأبد. التدفقات الضخمة للاجئين، ارتفاع أسعار الطاقة، والتحديات الاقتصادية المتزايدة كلها عوامل تجعل القارة تبحث عن مخرج. صحيح أن العواصم الأوروبية تتحدث عن دعم أوكرانيا حتى النهاية، لكن وراء الأبواب المغلقة هناك إدراك بأن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد.

وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر واضحا حين قال إن «الكرة في ملعب روسيا»، مشددا على أن موسكو عاجلا أم آجلا ستضطر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. لكن السؤال الأهم هنا: هل ستفاوض روسيا من موقع المنتصر أو المُحاصر؟

أما في كييف، فإن المزاج العام منقسم. الرئيس فولوديمير زيلينسكي يدرك أن أوكرانيا لا تستطيع تحمل حرب استنزاف طويلة، لكنه أيضا غير مستعد للقبول بتسوية تُفضي إلى مكاسب روسية على الأرض. الجيش الأوكراني، رغم الدعم الغربي، يعاني من تراجع ميداني، خاصة بعد انسحاب قواته من بعض المناطق الاستراتيجية في الشرق. ومع التوجهات الجديدة لدى القيادة العسكرية الأوكرانية، يبدو أن كييف تحاول إعادة ضبط استراتيجيتها بما يتلاءم مع الواقع الجديد. وبالنظر إلى طبيعة العلاقة بين ترامب وبوتين، هناك من يرى أن الرئيس الأمريكي قد يكون أكثر قدرة من سابقه على التوصل إلى تفاهم مع موسكو. وقد أبدى ترامب مرارا ميلا لتخفيف الضغط على روسيا وهو يريد أن يحصل على لقب بطل السلام أو ربما جائزة نوبل للسلام لإنهائه هذه الحرب المدمرة. لكن أي اتفاق سيحتاج إلى أكثر من مجرد مكالمة هاتفية. المطلوب هو ضمانات حقيقية، سواء لأوكرانيا التي لا تريد أن تصبح دولة منزوعة السيادة، أو لروسيا التي تريد الاعتراف بمكاسبها الميدانية. هذا هو المأزق الذي يواجه العالم اليوم: كيف يمكن إنهاء الحرب دون مكافأة روسيا أو التضحية بأوكرانيا؟

يعلمنا التاريخ أن الحروب الكبرى لا تنتهي بمكالمة هاتفية. ما يحدث اليوم قد يكون مجرد جولة أخرى في لعبة شطرنج دولية طويلة الأمد. وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية شاملة تأخذ في الاعتبار المصالح الحقيقية لكل الأطراف، فإن وقف إطلاق النار - إذا تحقق - لن يكون أكثر من استراحة محارب قبل جولة جديدة من القتال. لكنّ العالم سيترقب والرهانات تبدو عالية جدا لكن في النهاية، وحده الزمن سيحدد ما إذا كان هذا الاتصال بين ترامب وبوتين نقطة تحول نحو السلام، أم مجرد محطة أخرى في طريق حرب لا تزال طويلة.

مقالات مشابهة

  • سلامة يتبلغ من السفير الصيني جهوزية معهد الكونسوفتوار الوطني في ضبية نهاية العام الجاري
  • مجلس الأمن يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان
  • «الخارجية» تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير تشاد
  • منظمة الصحة العالمية تحذر: 80% من مراكز الرعاية الصحية في أفغانستان مهددة بالإغلاق
  • باكستان وأفغانستان.. أزمات متفاقمة ومستقبل غامض
  • سفير الإمارات يقدم أوراق اعتماده إلى رئيس غانا
  • العالم يترقب .. هل تنجح دبلوماسية ترامب وبوتين في وقف الحرب؟
  • منحة دولية لحركة طالبان من أجل مكافحة تغير المناخ
  • سفير الصين بالقاهرة: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة
  • روسيا توفق على تعيين سفير فرنسي جديد لديها