ما الذي وصلت إليه فلسطين بعد 30 سنة من أوسلو ؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
في هذا الشهر من العام أعاد العرب كل أخطائهم التاريخية في التفاوض التي وقعوا فيها في العصر الحديث من أول اتفاقية لندن لمحمد علي ١٨٤٠ والتي حطمت جزئيا أول مشروع متكامل للنهضة العربية أو أخطاء وفد الثورة العربية الكبرى في مفاوضات مؤتمر الصلح في باريس ١٩١٩ وما سبقه من كارثتي سايكس - بيكو ووعد بلفور.
ففي شهر سبتمبر وقع العرب على اتفاقيتين -بينهما ١٥ سنة- أعادا تشكيل خريطة الشرق الأوسط وقلبا العالم العربي رأسا على عقب كما لم يحدث منذ سقوط الخلافة العباسية منذ قرن من الزمن تقريبا.
هاتان الاتفاقيتان هما اتفاقية كامب ديفيد في ١٧ سبتمبر ١٩٧٨.. واتفاقية أوسلو ١٣ سبتمبر ١٩٩٣.
بعد ٤٥ عاما على كامب ديفيد.. من حق الأجيال العربية الجديدة أن تعرف ما الذي صارت إليه أحوال أمتهم نتيجة لهذه الاتفاقية وبعد ٣٠ سنة من أوسلو.. من حق الأجيال الفلسطينية الجديدة أن تعرف ما الذي صارت إليه قضيتهم من ضعف ومن قوة.
في هذا المقال نركز على نتائج أوسلو وعلى ما وصف بسذاجة من البعض آنذاك وبتآمر من البعض الآخر إما بأنه «غصن الزيتون العربي» وأنه «سلام الشجعان» تارة أو بالزعم أنه يرسم الطريق المضمون لحل وسط تاريخي «حل الدولتين» الذي يقسم الأرض «قسمة ضيزى» بين الإسرائيليين والفلسطينيين فتنشأ دولة فلسطينية على ٢٢٪ من مساحة فلسطين التاريخية بجانب الدولة الإسرائيلية التي أقيمت بعد نكبة ٤٨.
ومثلها في ذلك مثل كامب ديفيد مثلت أوسلو أيضا النموذج الصارخ في كيف ينتهي بك الأمر للتوقيع على اتفاقية سيئة رغم أن «الطرف العربي» كلا على حدة في ساحته الوطنية كان قد حقق قبلها تعديلا معقولا في ميزان القوى بالمعنى الاستراتيجي فعلى الجبهة المصرية كان العرب قد حققوا في الأيام الثمانية الأولى من حرب أكتوبر ١٩٧٣ أعظم أداء عسكري عربي في الحروب العربية الإسرائيلية، وعلى الجبهة الفلسطينية كانت انتفاضة الحجارة الأولى في ١٩٨٧ التي استمرت ٤ سنوات كاملة قبل أوسلو مباشرة، وأبهرت العالم وقتها بأسلوب نضال فلسطيني جديد يعتمد على العصيان المدني والمقاومة الشعبية بنسبة ٩٠٪ وليس على العمل المسلح، وشمل جميع الأراضي المحتلة لكن المفاوض العربي الرئيسي في كليهما أخفق في ترجمة التحول النسبي في موازين القوى لصالحه.
وبعد مرور ٣ عقود على أوسلو ربما صارت أسهل مهمة للتحليل السياسي هي بلورة ورصد كوارثها على القضية والأراضي والوحدة الوطنية الفلسطينية. ليس فقط لأنها ماثلة بحقائقها المخيفة علي الأرض بل أنها بشهادة الإسرائيليين -والصدق ما شهد به الأعداء- أن نتائج أوسلو كتبت شهادة الوفاة لأي أمل لقيام دولة فلسطينية وأن وعد الدولتين الذي ورد فيها وكان يفترض أن يتم عام ١٩٩٩ قد بات حلما بعيدا من الماضي.
يستفيد ويتفق أسلوب التفاوض الإسرائيلي الذي وجهه الغرب مع عرفات في أوسلو تماما مع أسلوب التفاوض الغربي المتمرس الذي يظهر شيئا، ويضمر شيئا آخر تماما والذي كشفت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة في ديسمبر ٢٠٢٢ عن نموذج حديث له. إذ اعترفت أن رعاية فرنسا وألمانيا لاتفاقيتي مينسك للسلام بين روسيا وأوكرانيا في ٢٠١٤ و ٢٠١٥ لم تكن تهدف إطلاقا لإرساء السلام وإنما لمنح كييف الوقت الكافي لتعزيز قدراتها العسكرية ودحر الروس، وأن أوكرانيا ومعها حلف الناتو، استغلت هذه الفرصة وأنها باتت اليوم أقوى بكثير من وقت توقيع الاتفاقيتين.
ففي أوسلو تكشف أوراق ووثائق رسمية إسرائيلية أن المعتدل إسحاق رابين -الذي كان قد تعهد قبل المفاوضات مباشرة بكسر كل أرجل وأيادي الشعب الفلسطيني إذا استلزم الأمر لدحر الانتفاضة- أنه أبلغ مجلس وزرائه إنه لا نية لديه مطلقا للانسحاب من يهودا والسامرة «الضفة الغربية» ولا نية لديه مطلقا لإزالة أي مستوطنة إسرائيلية في الضفة. وكشفت الأوراق وهم الأسطورة الأمريكية - الاسرائيلية منذ نحو عقدين ونصف أن مسيرة أوسلو انتكست بسبب قيام اليمين المتطرف بقتل رجل السلام إسحاق رابين وهو الوهم الذي ما زال يردده بعض الكتاب والباحثين العرب حتى الآن. فالرجل كان واضحا مع أعضاء حكومته أن كل ما أعلنته وانجزته الانتفاضة الأولى من أهداف متفق عليها من كل مكونات الشعب الفلسطيني كثوابت لا يمكن التنازل عنها سيتم إلزام المفاوض الفلسطيني بالتخلي عنها وهكذا ماحدث بالفعل في مقابل اعتراف باهت بمنظمة التحرير الفلسطينية تخلى المفاوض الفلسطيني عن إزالة المستوطنات وحق العودة واتفاق قاطع على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية تاركة كل ذلك إلى ما يسمى مفاوضات الوضع النهائي.
كانت النتيجة استخدام الإسرائيليين الاتفاقية لقضم أقل قليلا من ٥٠ ٪ من مساحة الضفة الغربية زرعت مكانهم ١٢١ مستوطنة ومايقرب من ١٠٠ بؤرة استيطانية. أي أن حل الدولتين سقط عمليا مع سيطرة الاحتلال على نحو ٨٧ - ٨٨٪ الآن من مساحة فلسطين وتعهد سابق من رابين أن المنطقة «ج» الواقعة تحت السيطرة الكاملة لإسرائيل بمقتضى أوسلو والتي تضم ٦٠ ٪ من أراضي الضفة لن تعود بأي شكل من الأشكال للفلسطينيين.. الحديث هنا عمليا عن أن الإسرائيليين لن يتنازلوا نهائيا عن استيلائهم على ٩٠ ٪ من فلسطين التاريخية.
الأخطر هو ما تنبىء به الذكرى الثلاثون لأوسلو من أن قوانينها الإسرائيلية - الأمريكية مازالت فاعلة وبقوة فالانقسام الفلسطيني وكل طرف منهما بعيد عن الاحتكاك اليومي بالآخر قد يصبح شيئا يتحسر العرب والفلسطينيون عليه إذا وقع الطرفان في فخ منصوب كشفت عنه أيضا المصادر الإسرائيلية. فحسب هذه المصادر أقنعت الإدارة الأمريكية حكومة نتانياهو مؤخرا بالسماح لمعدات عسكرية متقدمة وفرتها الإدارة للسلطة الفلسطينية بالانتقال من الأردن وذلك لتقوية قدرة السلطة على «ضرب المقاومة الفلسطينية المتزايدة بالضفة الغربية في جنين وطولكرم ونابلس التي تغذيها بشكل أساسي حركة الجهاد الفلسطيني» بعد أن أخفق جيش وشرطة الاحتلال في وضع حد لها وباتت الضفة بسببها في تقدير مؤسسة الأمن القومي الإسرائيلي لا تقل خطورة من قطاع غزة. بعبارة أخرى فإن اتفاقية أوسلو التي داست إسرائيل على كل بنودها السياسية مازالت ترتيباتها الأمنية فقط هي التي تعمل فتدفع وتضع الفلسطينيين فعليا -إذا لم ينتبهوا- على شفا حرب أهلية فلسطينية لن تقتصر على حماس وفتح هذه المرة بل ستشمل ربما جميع الفصائل.
ولا يقتصر حصاد أوسلو على الخسائر في الأرض وفي تفكك النسيج الوطني ولكن أيضا في تهميش الفلسطينيين وبلسان العدو الإسرائيلي يتم التباهي الآن بأن القضية الفلسطينية لم تعد لها أي أولوية في العالم العربي وأن التطبيع مع الدول العربية يسير على قدم وساق ولا يشترط فيه من قام بالتطبيع حلا مسبقا وعادلا للقضية الفلسطينية ويدللون على ذلك بالتطبيع الرسمي الذي تم من ٣ دول عربية ضمن الاتفاقات الابراهيمية والتطبيع الفعلي مع ٣ بلدان أخرى. بل يتباهون بأن الدول الإسلامية مثل: إندونيسيا والنيجر.. إلخ باتوا ركابا محتملين في قطار التطبيع السريع.
على أن التطرف الاستيطاني وإجرام المستوطنين وانكشاف الوجه العنصري لسياسات الأبارتهايد الإسرائيلية في العقود الأخيرة ولد مكاسب فلسطينية منها ولادة جيل لا يعترف بالفصائلية ولا يقتات على وعود وأوهام أوسلو وإنما يستخدم أساليب المقاومة سواء المدنية أو العسكرية ونجح في خلق مفهوم جديد لوحدة الساحات الفلسطينية لا يتجاوز الانقسام بين غزة والضفة فحسب بل يتجاوز الانقسام بين أراضي الخط الأخضر ما قبل 1967 والأراضي المحتلة بعد 1967 ويوحد وجدان الشعب الفلسطيني من البحر المتوسط لنهر الأردن.
حسين عبد الغني إعلامي وكاتب مصري
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
نجاح مقاطعة فيلم سنو وايت في الدول العربية.. الملكة الإسرائيلية تخسر مجددا
تعرضت شركة "ديزني - Disney" لضربة قوية بعد فشل النسخة الحية الجديدة من فيلم "سنو وايت - Snow White"، ويُتوقع أن تصل خسائره إلى حوالي 115 مليون دولار، ما يجعله من أكبر إخفاقات الشركة في مجال النسخ الحية من أفلامها الكلاسيكية.
وتعرض الفيلم لحملة مقاطعة واسعة في الدول العربية، ما ساهم في فشله بسبب مشاركة الممثلة الإسرائيلية غال غادوت المولودة في الأراضي المحتلة، في الفيلم بدور "الملكة الشريرة"، وهي التي خدمت في جيش الاحتلال، وكانت مدافعة صريحة عن جرائمه خاصة خلال حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة.
الدول العربية
واجه الفيلم حراكًا واسعًا للمقاطعة سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي في الدول العربية، بسبب مشاركة الإسرائيلية غادوت، وهو حدث ومقاطعة تتكرر لمعظم الأفلام التي تشارك فيها.
في البداية، أعلنت شركة السينما الوطنية الكويتية "Cinescape" وشركتا "غراند سينما - Grand Cinema" وفوكس سينما - Vox Cinema" عن إلغاء عرض الفيلم بسبب مشاركة غادوت.
رضوخـاً لمطالب شعبية كويتية واسعة
تم سحب فيلم سنو وايت من دور السينما الكويتية.
لتستمر المقـاطعة، قـاطع ديزني الشركة الداعمة للاحتلال في ارتكاب المجازر ضد شعبنا الفلسطيني ???? pic.twitter.com/JyywFjxzxi — BDS Kuwait حركة (@BDS_Kuwait) April 13, 2025
وأفادت صحيفة "القبس" الكويتية بأن القرار يتماشى مع الموقف الرسمي والشعبي الثابت في الكويت الذي يرفض أي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على كافة المستويات، بما في ذلك المجال الثقافي والفني.
Disney's Snow White has been pulled from Kuwaiti theaters as it stars former IDF recruit Gal Gadot. The decision follows calls by civil society groups in Kuwait to ban the movie in line with the state's official position against normalization with Israel in the political and… pic.twitter.com/KG2G8RebCM — KUWAIT TIMES (@kuwaittimesnews) April 13, 2025
ويُعد قانون مقاطعة "إسرائيل" في الكويت أحد أقدم وأهم القوانين العربية في هذا المجال، ويستند إلى القانون رقم 21 لسنة 1964، الذي تم تبنيه استجابة لتوصيات جامعة الدول العربية.
ويتضمن القانون حظر التعامل التجاري والمالي، وحظر استيراد وتداول المنتجات الإسرائيلية، وحظر مرور السفن الإسرائيلية، إضافة إلى حظر التعامل الإلكتروني.
في السنوات الأخيرة، وافق مجلس الأمة الكويتي مبدئيًا على تعديلات تهدف إلى توسيع دائرة حظر التعامل أو التطبيع مع "إسرائيل"، ما يعكس التزام الكويت المستمر بدعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع.
أما في لبنان، فقررت السلطات أيضًا منع عرض الفيلم في دور السينما المحلية، بسبب مشاركة الممثلة الإسرائيلية غادوت.
'Snow White' Banned in Lebanon Due to Gal Gadot Being on Country's 'Israel Boycott List' https://t.co/8aPn2xKkIt — Variety (@Variety) April 16, 2025
جاء قرار المنع بأمر من وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار، استجابة لتوصية من هيئة الرقابة على الأفلام والإعلام، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام لبنانية.
نبارك للبنان منع عرض فيلم "سنوايت" في الصالات اللبنانية، والفيلم المذكور من بطولة المجندة السابقة في جيش الاحتلال والداعمة له "غال غادوت".وايضا الفيلم منع من العرض في دولة #الكويت
البيان كاملاً ????https://t.co/utM3SpLWoO#Boycott #galgadot #SnowWhite — Boycott Campaign (@BoycottCampaign) April 14, 2025
أوضح ممثل شركة "إيطاليا فيلمز"، وهي الموزع الرسمي لأعمال "ديزني" في الشرق الأوسط، أن غادوت مدرجة منذ فترة طويلة على "قائمة مقاطعة إسرائيل" المعتمدة في لبنان، ولم يُعرض أي من أفلامها داخل البلاد من قبل، بحسب ما تحدث لمجلة "فارايتي".
ويأتي منع عرض فيلم "سنو وايت" في لبنان في أعقاب خطوة مماثلة اتخذتها السلطات في البلاد قبل نحو شهرين، عندما لم يُسمح بعرض فيلم "كابتن أميركا: عالم جديد شجاع" من إنتاج شركة مارفل بسبب وجود الممثلة الإسرائيلية شيرا هاس في الفيلم.
ويحظر قانون مقاطعة "إسرائيل" في لبنان الصادر منذ 1955، على الأفراد والشركات اللبنانية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عقد أي اتفاقات مع هيئات أو أشخاص مقيمين في "إسرائيل" أو يعملون لحسابها.
يشمل القانون بذلك الصفقات التجارية، العمليات المالية، أو أي تعامل آخر مهما كانت طبيعته.
وفي عُمان، قالت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS": "كل التحية لمجموعات المقاطعة والقوى الشعبية في المنطقة العربية لتسجيلها نجاحًا جديدًا في مسيرة النضال ضد التطبيع الثقافي للعدو الإسرائيلي، بعد سحب فيلم سنو وايت من دور السينما في كل من الكويت ولبنان وعُمان".
وأضافت أنه منذ الإعلان عن مواعيد عرض الفيلم في بعض البلدان في المنطقة في نهاية آذار/ مارس الماضي، بالتزامن مع مواصلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأمريكية ضد قطاع غزة، تضافرت الجهود الشعبية لتصعيد الضغط على دور السينما والجهات المختصة من أجل وقف عرضه، وتكثيف نداء مقاطعته في حال عرضه.
كل التحية لمجموعات المقاطعة والقوى الشعبية في المنطقة العربية لتسجيلها نجاحاً جديداً في مسيرة النضال ضد التطبيع الثقافي للعدو الإسرائيلي، بعد سحب فيلم "سنو وايت" من دور السينما في كل من الكويت ولبنان وعُمان استجابة للضغط الشعبي المتصاعد، فضلاً عن عدم جدولته في عدد من البلدان. pic.twitter.com/pTHlfdPb5C — حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) (@BDS_Arabic) April 20, 2025
ومن ناحية أخرى، أكدت حركة المقاطعة في الأردن أنه لم يتم جدولة عرض فيلم "سنو وايت" في دور السينما، ولن يتم عرضه، وذلك بسبب مشاركة الممثلة والمجندة الإسرائيلية السابقة، غال غادوت.
وقالت الحركة: "نحيي جماهيرنا وكل من دعا لمقاطعة الفيلم وتحرك من أجل رفض التطبيع! ونؤكد أننا سنواصل متابعة دور السينما لرصد أي حالة تراجع".
ويأتي ذلك بعدما تصاعدت المطالبات في الأردن بمنع عرض الفيلم، وتوجيه النائبة في البرلمان الأردني نور أبو غوش استفسارًا رسميًا إلى هيئة الإعلام الأردنية بشأن نية عرض الفيلم في المملكة، مشددة على أن مشاركة غال غادوت، التي خدمت سابقًا في جيش الاحتلال وأعلنت دعمها العلني له، يعد استفزازًا لمشاعر الأردنيين ومنافيا لموقفهم الرافض للتطبيع.
وأكدت أبو غوش أن عرض الفيلم في الأردن يتعارض مع الموقف الرسمي للدولة تجاه القضية الفلسطينية، مطالبة باتخاذ موقف واضح لمنع عرضه.
وفي مصر، يستمر عرض الفيلم رغم عدم تراجع الشركة الموزعة سابقًا عن عرض فيلم "كابتن أميركا" في البلاد، ورغم ذلك أكدت حركة المقاطعة بمصر أنها رصدت إقبالًا ضعيفًا على الفيلم، ما يؤكد على نجاح حملة المقاطعة الشعبية، وأنّ عدم استجابة دور السينما والسلطات المختصة للمطالب الشعبية في المنطقة العربية سيعود عليها بخسائر مادية كبيرة.
وقالت حركة المقاطعة في مصر إنه "بالرغم من تكرار ندائنا للشركة الموزعة "UMP Movie Group" بسحب هذا الفيلم ومطالبة السينمات المصرية بالامتناع عن عرضه، فقد بدأ عرض الفيلم منذ 16 نيسان/ إبريل الجاري.. نكرر نداءنا للشركة الموزعة لسحب هذا الفيلم الذي سيفشل في مصر والوطن العربي كما فشل عالميًا".
"SNOW WHITE" يتسبب بخسائر كارثية لديزني.. اسحبوا هذا الفيلم الفاشل فورًا.
بعد العديد من نداءات المقاطعة التي توالت على شركة ديزني ومارفل المملوكة لها، ستبدأ الشركة الإنصات بجدية إلى مطالب الجماهير بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بفيلمها المنتظر "SNOW WHITE". pic.twitter.com/zHCvkZ67Xn — BDS Egypt (@BdsEgypt) April 17, 2025
مواجهة مبكرة
منذ الإعلان عن مشاركة غادوت في الفيلم قبل سنوات من العرض التشويقي، بدأت مطالبات مقاطعة العمل بسبب مشاركتها ودعمها المتواصل حاليًا لجيش الاحتلال الذي يعمل على تحسين وتلميع صورته عالميًا.
ويبدو أن الصراع بين "بياض الثلج" و"الملكة الشريرة" بدأ حتى قبل انطلاق الفيلم، بعدما نشرت الممثلة الأمريكية راشيل زيغلر، تغريدة تشكر فيها الجماهير على التفاعل الواسع مع العرض التشويقي، إلا أنها أضافت: "وتذكروا دائمًا.. الحرية لفلسطين".
thank you 4 speaking, better late than never — sofi (@abeIena) May 11, 2024
وردًا على تلك التغريدة، انطلقت حملة إسرائيلية تطالب باستبعاد زيغلر من الفيلم، في حين طالبها آخرون بحذفها، إلا أنها لم ترد ولم تحذف المنشور ولم تصدر أي موقف بعد ذلك.
and always remember, free palestine. — rachel zegler (she/her/hers) (@rachelzegler) August 12, 2024
وتعد زيغلر من أبرز الوجوه التي عبرت منذ اللحظة الأولى لبدء حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع، وحتى قبلها عن تضامنها التام مع الفلسطينيين، وحثت الأمريكيين على مطالبة ممثليهم بدعم وقف إطلاق النار، وهو ما أدى إلى حملات تشويه متواصلة لصورتها، وضغوط على شركات الإنتاج لفض التعاقدات معها.
خسائر واسعة
تقدر تكلفة إنتاج الفيلم ما بين 240 و270 مليون دولار، ما يجعله من بين أغلى الأفلام التي أنتجتها شركة ديزني، وذلك عند إضافة تكاليف التسويق والتوزيع، التي تُقدّر بما بين 70 و100 مليون دولار، ليصل إجمالي الاستثمار إلى حوالي 350 مليون دولار.
ويحتاج الفيلم إلى تحقيق إيرادات تتجاوز الـ400 مليون دولار عالميًا لتحقيق التعادل المالي ما بين التكلفة والمردود، إلا أنه حقق 194.6 مليون دولار فقط، منها 85.1 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا، و109.5 مليون دولار من الأسواق الدولية.
ومع أن الفيلم تصدّر شباك التذاكر في أسبوعه الافتتاحي بإيرادات بلغت 42.2 مليون دولار، إلا أن الأداء تراجع بشكل حاد في الأسابيع التالية، حيث انخفضت الإيرادات بنسبة 66 بالمئة في الأسبوع الثاني، لتصل إلى 14.3 مليون دولار، ثم إلى 6.1 مليون دولار في الأسبوع الثالث.
وتُعزى هذه الخسائر إلى عدة عوامل، بما في ذلك الجدل المحيط باختيار الممثلة راشيل زيغلر لدور البطولة باعتبار أنه اختيار غير مألوف بسبب أنها من أصل لاتيني ولديها آراء غير مألوفة (دعم القضية الفلسطينية)، بحسب ما نقل موقع "تيين فوغ".
ومن أسباب هذه الخسائر أيضًا التغييرات في القصة الأصلية والفيلم الكلاسيكي، بالإضافة إلى التوترات السياسية بين زيغلر والممثلة غادوت بسبب مواقفهما المتباينة من القضية الفلسطينية.
نتيجة لهذه الخسائر، قررت ديزني تأجيل مشاريع أخرى مشابهة، مثل النسخة الحية من فيلم "تانغلد - Tangled"، ما يُشير إلى أن أداء "سنو وايت" قد يؤثر على استراتيجية الشركة المستقبلية في إنتاج النسخ الحية.
وتعد ديزني إحدى الشركات الرائدة في مجال الترفيه العائلي العالمي ووسائل الإعلام المتنوعة، وتضم مجموعة متنوعة من الشركات والفروع الكبيرة والمؤثرة في مجال صناعة الترفيه حول العالم.
في عام 1999، وصفت فعالية لديزني القدس بأنها "عاصمة إسرائيل" ثم تراجعت عن الوصف نتيجة ضغط دول عربية واسعة، رغم ضغوط كبيرة مارسها حينها أريئيل شارون، على الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، بيل كلينتون.
ومع اندلاع الحرب ضد قطاع غزة، فقد تبرعت شركة ديزني في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بمليوني دولار لـ "منظمات إنسانية" إسرائيلية وأدانت ما أسمتها الهجمات التي "طالت أبرياء وأعمال الإرهاب"، بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى.