لجريدة عمان:
2024-12-25@18:49:08 GMT

نوافذ: سيد درويش في مئويته

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

مرت يوم الجمعة (الخامس عشر من سبتمبر) الذكرى المائة لرحيل الموسيقار المصري الشهير سيد درويش؛ أحد أهم نوابغ الموسيقى في العالم العربي. ورغم مضيّ قرن كامل على وفاته ما زال «فنان الشعب» -كما لُقِّبَ عن جدارة واستحقاق- ملء السمع والذاكرة، وما زال مُلهِمًا لكل الأجيال التي أتت بعده، وما فتئ تمثُّلُه واستحضارُ أهميته الفنية مستمرًا في مصر وخارجها، رغم رحيله المبكر وهو لم يكمل الثانية والثلاثين من عمره.

وإن المرء لَيتساءل حقًّا: ماذا لو أن الله كتب له عمرًا أطول من هذا؟

خلال فترة قصيرة لا تتجاوز السنوات السبع - إذا ما أرخنا لاحترافه الموسيقى ببداية عمله في القاهرة مع الموسيقار سلامة حجازي عام 2017م، وحتى وفاته المفاجئة سنة 1923م -قدم سيد درويش «عشرة أدوار بلغ بها ذروة ما عرف هذا الفنّ من طرب مع تفردها عمّا سبقها بقوة التعبير، ولحّن سبعة عشر موشّحًا، وستًّا وستين طقطوقة -فيما أحصاه المؤرخون- ولحّن منفردًا أو مشتركًا قرابة ثلاثين مسرحية» كما يخبرنا الكاتب عبدالرحمن الطويل في مقال له خلال ملفّ نشرتْه بمناسبة هذه المئوية مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية في عددها الأخير.

تكمن أهمية هذا الملف الذي أعدته الصحفية إسراء النمر في أنه زاوَجَ بين مقالات جديدة أُعِدَّت للمناسبة، وشهادات قديمة سبق نشرها في كتاب جماعي عن «فنان الشعب» عام 1963م، كتبها أصدقاء ومجايلو سيد درويش، إضافة إلى مقالات أخرى قديمة في بعض الصحف المصرية، استطاعت تقديم صورة بانورامية شاملة لهذا الفنان الكبير، الذي قال عن نفسه ذات يوم: «أستطيع أن ألحن كل شيء، حتى الجرائد اليومية».

ما الذي ميز سيد درويش عن معاصريه من الملحنين المصريين أمثال سلامة حجازي وداود حسني وكامل الخلعي؟ وكيف استطاع وضع أسس النهضة الأولى للموسيقى المصرية؟ هل لأن موسيقاه تعبير عن مزاج أمة بأسرها كما يقول المسرحي زكي طليمات؟ أم لأنه أدخل عنصر الحياة والبساطة في التلحين والغناء كما يقول عباس العقاد؟ أم لأن سيد درويش هو ابن ثورة عام 1919م في مصر و«قالبها الجديد الملتهب الذي تأثر بها وأخرج به الموسيقى الشرقية إلى أفق جديد» كما يكتب توفيق الحكيم؟ أم لأنه أول من لفتَ العقل إلى المعاني في المقطوعات الغنائية المؤلّفة، أي أنه يحوّل الكلمات بعد أن يتشرب معانيها إلى «كلام منغّم يطابق كل المطابقة ما يرمي إليه الكلام المُؤلَّف» كما يقول موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب؟ أم لأن العمّال البسطاء وفئات المجتمع المغمورة وجدتْ أخيرًا من يعبّر عنها بالموسيقى والغناء كما يرى آخرون؟ في الحقيقة أن كل هذه الأسباب مجتمعة هي التي شكّلت القامة الموسيقية المسمّاة سيد درويش.

هذا النبوغ الواضح، وهذه الشخصية الفريدة التي أوجدها سيد درويش للموسيقى المصرية أديا إلى تحوّله إلى أسطورة في خيال المصريين التاريخي وسردياتهم الوطنية، وترى الفنانة والباحثة الموسيقية فيروز كراوية أن هذا التمثل الأسطوري للموسيقار الذي كان له موقف سياسيّ ووطنيّ مشرّف من ثورة 1919 يجعل اسمه يبرز في سياق القطيعة مع الآخر أكثر مما يبرز في سياق عقد الصلات والتواصل؛ هو الأب لموسيقى مصرية عمل على تنقيتها من الأثر التركي ورتابة التخت وكذلك العجمة الأوروبية ليلمع «جوهرها» وتبرق «أصليّتها». وتشدد كراوية أن هذا التصوّر زائف وبعيد عن الحقيقة، وضمنه يتحتم أيضًا أن «نتخيّل أن موسيقاه حوربت بعد وفاته، بل وكادت تندثر في مواجهة سيل من موجات الانحطاط الموسيقي»، غير أن الحقيقة أنه ظلّ حاضرًا دائمًا في أكثر من تجلٍّ منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

وأعود إلى السؤال الذي طرحتُه في مقدمة المقال: ماذا لو أن الله أعطى سيد درويش عمرًا أطول؟ هل كان سينفذ رغبته التي أُشيعت عنه بالسفر إلى إيطاليا لتعلّم أساليب التوزيع الموسيقي وصياغة الألحان؟ هل سيلحّن أوبرا مصرية خالصة ويكون «فيردي» مصر بالفعل كما قال عن نفسه ذات مرة؟ هل سيكون أبرز ملحني أم كلثوم التي وصلت إلى القاهرة بعد رحيله بقليل؟ هل سيقدم فتوحات أخرى للموسيقى العربية أكثر مما قدم؟ كل هذه الأسئلة لا تنشد الإجابة بقدر ما تتحسّر على العُمر القصير الذي لا يتيح للمرء المعطاء أن يُعطي أكثر.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سید درویش

إقرأ أيضاً:

أحمد زعيم.. صوت الإبداع الذي يحلّق في سماء الفن العربي

في عالم الموسيقى العربية، حيث المنافسة شرسة والمسارح تمتلئ بالأصوات الموهوبة، استطاع الفنان أحمد زعيم أن يثبت نفسه كواحد من أبرز النجوم الذين يقدمون إبداعات فنية فريدة، تجمع بين الأصالة والحداثة. نجاحاته الأخيرة وحصوله على جائزة "أفضل أغنية عربية" عن أغنيته "يا عراف" في حفل توزيع جوائز الموريكس دور، جاءت لتؤكد مكانته في قلوب الجمهور وعشاق الفن الراقي.

 

 

 

موهبة تتحدث عن نفسها

 

 

ما يميز أحمد زعيم عن غيره من الفنانين هو صوته الدافئ وأسلوبه المميز في اختيار الكلمات والألحان التي تلامس الروح منذ بداية مسيرته الفنية، عُرف زعيم بقدرته على تقديم أعمال تتجاوز الترفيه لتكون رسائل عاطفية وفكرية تحمل بصمة شخصية واضحة أغنيته "يا عراف" ليست إلا دليلًا آخر على هذه الموهبة الفريدة، حيث جمعت بين كلمات معبرة ولحن عميق يتناسب مع عمق الأداء.

يا عراف.. جائزة تكرّم العمل الجماعي

"يا عراف" لم تكن مجرد أغنية، بل مشروعًا فنيًا متكاملًا اجتمع فيه الإبداع من جميع الأطراف، بدءًا من الكلمات وصولًا إلى التوزيع وقد أعرب أحمد زعيم عن شكره وامتنانه لفريق العمل الذي ساهم في إنجاح هذه الأغنية، معتبرًا الجائزة تكريمًا لكل من شارك في هذا الإنجاز الفني.

 

 

 

وفي كلمته بعد فوزه بالجائزة، قال زعيم:
"التكريم ليس مجرد لحظة فرح عابرة، بل محطة أستمد منها الطاقة لمواصلة تقديم الأفضل لجمهوري العزيز وجودي هنا اليوم بين هذه النخبة من الفنانين والمبدعين هو حافز كبير لي."

 

 

حضور مبهر وأناقة لافتة

 

 

 

إلى جانب صوته وأعماله المميزة، كان لأحمد زعيم حضور لافت على السجادة الحمراء خلال حفل الموريكس دور. إطلالته الأنيقة بتوقيع المصمم "Elie Adla" بالتعاون مع علامة "Concrete" كانت حديث وسائل الإعلام والجمهور، حيث أظهر زعيم مزيجًا من الرقي والبساطة التي تعكس شخصيته الفنية والإنسانية.

 

 

لبنان.. محطة خاصة في قلبه

 

 

و لم يكن تكريم أحمد زعيم في لبنان مجرد جائزة تُضاف إلى مسيرته، بل كانت لحظة ذات طابع خاص بالنسبة له. فهو يعتبر لبنان بلدًا غاليًا على قلبه، لما يحمله من رمزية ثقافية وفنية عريقةوقد عبّر عن ذلك في منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي قائلًا:
"أن يتم تكريمي في بلد مثل لبنان، الذي يحتضن الفن والثقافة، هو شرف كبير لي. لبنان دائمًا رمز للجمال والإبداع."

 

 

نظرة إلى المستقبل

 

 

هذا النجاح الكبير في مسيرة أحمد زعيم لم يكن سوى خطوة جديدة نحو تحقيق المزيد من الإنجازات فهو يضع دائمًا الجمهور في صدارة أولوياته، ويعمل بجد لتقديم أعمال موسيقية تضيف قيمة للمشهد الفني العربي.

 

 

 

ومن خلال تفاعله الإيجابي مع جمهوره عبر منصات التواصل الاجتماعي، يثبت زعيم أنه ليس مجرد نجم موسيقي، بل إنسان قريب من محبيه، يستمع إليهم ويشاركهم نجاحاته وأحلامه.

ختامًا. 

 

 

أحمد زعيم ليس فقط صوتًا مميزًا على الساحة الفنية، بل هو رمز للإبداع والتفاني في العمل مسيرته مليئة بالنجاحات التي تتحدث عن نفسها، وآخرها التكريم الكبير في الموريكس دور ومع كل خطوة يخطوها، يثبت زعيم أن الفن الحقيقي هو الذي ينبع من القلب ويصل إلى القلوب.

 

 

مقالات مشابهة

  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • شاهد بالفيديو.. الحسناء المصرية “خلود” تعود لإشعال مواقع التواصل السودانية بترديدها أغنية الفنانة ندى القلعة التي تمجد فيها ضباط الجيش (حبابو القالوا ليهو جنابو)
  • ما الذي يكشفه طعن نجيب محفوظ عن السلطة في مصر ؟
  • كمال درويش: إدارة الزمالك تبذل مجهودا جبارا.. وأرفض المبالغة في طلبات زيزو
  • صخر الشارخ.. قصة العربي الذي جعل الحواسيب تتحدث بالعربية
  • حلم بوتين الذي تحول إلى كابوس
  • محمد التابعي.. أمير الصحافة المصرية الذي أسقطت مقالاته الظلم
  • عمرو يوسف لـ«الأسبوع»: «درويش» فيلم تشويق وإثارة.. وكندة علوش بخير وتعافت من مرضها
  • من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
  • أحمد زعيم.. صوت الإبداع الذي يحلّق في سماء الفن العربي