بالصور.. قبل زلزال الحوز كان هنا دوار يسمى إمكدال
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
إمكدال- تتشابه قصص سكان دواوير (قرى) الحوز جنوبي مراكش، ليس فقط لأن الزلزال ضرب المنطقة كلها بعنف في توقيت واحد، ولكن لأن جغرافيتها أيضا تكاد تكون متطابقة، إذ إن الدواوير الصغيرة معلقة في جبال الأطلس الشاهقة، فضلا عن أن جل المنازل مبنية بالطين والأحجار، وبعيدة عن الطرق الممهدة.
غير أن ما يميز دوار إمكدال نسبيا (نحو 75 كيلومترا جنوبي مراكش) هو وقوعه في منحدر شديد بجبل شاهق؛ بيوته الطينية -المهدمة حاليا- مشتتة في حضن الجبل هناك وهنالك، وتفصلها طريق ضيقة عن بيوت طينية مشتتة هناك في الأسفل، تغطيها الأشجار فلا تكاد تُرى، ويصعد منها أناس يبدو على وجوههم الحزن والإرهاق الشديدين.
إمكدال كان قريبا جدا من مركز الزلزال، حيث لا يفصله عن دوار إغيل سوى 34 كيلومترا، وهي مسافة ليست بالكبيرة بالنظر إلى الزلزال الذي أحس به سكان بعض المناطق جنوبي إسبانيا.
الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات على سلم ريختر هدم كل بيوت الدوار تقريبا، وخلف عددا من القتلى والجرحى، وقد يبدو عددهم قليلا بالنسبة لمن يسمع الأرقام المتضاربة لأول مرة، لكنه عدد كبير بالنسبة إلى سكان الدوار؛ ليس فقط للارتباط العاطفي بالضحايا، ولكن لأن عدد سكان الدوار قليل ويعد بالعشرات.
البيوت هجرها أصحابها بعد زلزال الحوز (الجزيرة) طين وأحجارهذه البيوت المهدمة لطالما كانت ملجأ لساكنيها من البرد والأمطار والثلوج خلال فصل الشتاء، ومن الحر في فصل الصيف إذ إنها مبنية بأحجار الجبل نفسه، وهي أحجار تضمن -مع الطين- تكييفا طبيعيا للسكان، فيستمتعون بالحرارة شتاء، وبالبرودة صيفا.
لكن الآن بعد الزلزال، كل شيء تغير، ويستحيل أن تعود الحياة إلى ما كانت عليه من قبل، إذ أخبرنا بعض السكان أنهم سيتبعون نصائح مهندسي الدولة لبناء بيوت تناسب منطقة صارت تعرف الآن جيدا هذا الضيف المخيف الذي قد يحل في أي لحظة، ومن دون سابق إنذار.
أكثر ضحايا الزلزال في إمكدال أطفال ونساء (الجزيرة)"الأمر ليس بأيدينا الآن، سنبني بيوتنا من جديد حسب ما يقرره المهندسون"، يؤكد يونس وهو أحد سكان الدوار، مضيفا أنه حتى ما تبقى صامدا من بيوت لا يستطيع أحد العيش فيها، بله الدخول إليها، لأن الشقوق تملأ جنباتها، وقد تسقط على أصحابها في أي وقت.
ويوضح يونس للجزيرة نت أن انهيار البيوت الطينية خلف مآسي عدة بالدوار، حيث لقي كثيرون مصرعهم، أغلبهم أطفال ونساء كانوا نائمين عندما ضرب زلزال الحوز بعنف قرب الساعة 11 ليلا.
مشاهد من مآسي الزلزال في إمكدال (الجزيرة) حكاية حزينة"كان هنا دوار اسمه إمكدال" يحاول يونس ومن معه أن يوضحوا لنا، مبرزين أن صدمة فقد الأحباب، وتهدم البيوت، والعيش حاليا بين الأشجار يجعل من تبقى حيا يعيش حالة من الحيرة والتيه، إذ لم يستوعب كثيرون ما حصل حتى الآن.
الهزة الأرضية العنيفة لم تقف عند الجغرافيا، بل امتدت إلى أعماق نفوس السكان الذين تحطمت أشياء كثيرة داخلهم، وتحتاج إلى وقت طويل ورعاية صحية لإعادة بنائها من جديد.
المساعدات التي تصل تجمع في هذا المكان ثم توزع على الأسر (الجزيرة)يقف يونس وبعض سكان إمكدال أسفل الطريق يجمعون ما يقدم إليهم من مساعدات، ثم يوزعونها بشكل عادل ومنظم على من تبقى حيا من الأسر والعائلات.
وأغلب المساعدات حاليا تشمل الأغطية والملابس ومختلف أنواع الأغذية المعلبة، وزيوت الطهي، وبينها زيت الزيتون الذي يعد من أساسيات إفطار المغاربة في كل البلاد.
استخدام الدواب لإيصال المساعدات إلى المتضررين المشتتين في أعلى الجبل (الجزيرة)تشتت الأسر والبيوت المهدمة فوق الجبل يجعلان الأمر مستحيلا على السيارات الوصول إليها، لذلك يلجأ السكان إلى ما توفر من دواب لإيصال المساعدات إلى المتضررين.
كما تستغل تلك الدواب لنقل من يصل من أطباء وممرضين الذين يحرصون على زيارة المناطق النائية، وتوفير العلاج للمصابين بإصابات خفيفة إلى متوسطة من الذين يحتاجون إلى رعاية طبية في عين المكان.
سيارات الوقاية المدنية رابضة في إمكدال لنقل المتضررين للمستشفيات (الجزيرة)أما الذين أصيبوا بإصابات خطيرة، فقد نقلوا منذ الساعات الأولى التي تلت الزلزال إلى مستشفيات مدينة مراكش.
وترابط سيارات الوقاية المدنية بالقرب من دوار إمكدال للمسارعة إلى نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة، سواء تعلق الأمر بمستشفى مدينة تحناوت الذي خصص لاستقبال الحالات الخفيفة، أو مستشفى مدينة مراكش الذي خصص لاستقبال الحالات الخطرة والحرجة.
حتى البيوت التي بقيت قائمة مهددة بالانهيار في أي لحظة لذلك هجرها أصحابها (الجزيرة)وجل إصابات المتضررين بإمكدال تتلخص في الكسور المختلفة والرضوض التي سببها انهيار البيوت على رؤوس قاطنيها، الذين كان جلهم نائمين عندما ضرب زلزال القرن.
وكما حدث في دواوير إغيل، وتنزيرت، وأغبار، وقرى أخرى، كان جل القرويين نائمين، أو يستعدون للنوم، قبل أن يفاجئهم الزلزال.
ففي أحضان جبال الأطلس المرعبة، يكون مغيب الشمس إيذانا بضرورة العودة إلى البيوت، لتناول ما تيسر على العشاء والنوم باكرا، ثم الاستيقاظ فجرا قبل شروق الشمس، لبدء يوم عمل شاق.
يونس بوصابون من إمكدال قال لنا إن أكثر ما يحتاجه أهل الدوار الآن هي الخيام (الجزيرة) نحتاج خيامايشرح لنا يونس والحسين ومن معهما أن الدوار في حاجة ماسة حاليا للخيام، "فقد وصلنا الغذاء والغطاء واللباس، لكن نحن في حاجة ماسة إلى خيام لنتفادى المبيت في العراء".
يضاف إلى ذلك أن فصل الشتاء قريب، والبرد هنا شديد ليلا، والقرويون مرعوبون من أن تلسعهم قسوة البرد والأمطار والثلوج هنا -وهم يعرفون تفاصيلها جيدا- إن لم تصلهم خيام ووسائل أخرى تقيهم شر ما هو قادم.
سي الحسين من سكان دوار إمكدال (الجزيرة)بدا سي الحسين صامتا ونحن نهم بمغادرة إمكدال، ولم يكد ينبس ببنت شفة، غير أن نظراته الحزينة والتجاعيد العميقة على جبينه حكت كثيرا عن مأساة زلزال دمر دوارا يسمى إمكدال بأعماق جبال الأطلس الشاهقة، يحاول الآن أبناؤه لملمة شتاتهم والاجتهاد لتجاوز آثاره، وبعث روح الأمل من جديد في وجه نفوس حزينة متعبة مرهقة حائرة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تكشف عن آداب الاستئذان عند دخول البيوت للزيارة
قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجب على الزائرِ الأستئذان قبل زيارته لأحد أقاربه أو أصدقائه، وأن يُعلِمَهم قبل مجيئه إليهم بأي وسيلة كانت كالاتصال بالهاتف ونحوه، وذلك حتى يستعد أهل البيت لاستقباله، مؤكدة أن هذا ما حثتنا عليه الشريعة الإسلامية.
وأوضحت الإفتاء أن من المستحب شرعًا أن يزور الإنسان الأقارب والأرحام والأصدقاء، وأن يجاملهم في أفراحهم، ويواسيهم في أحزانهم، ويقف بجوارهم أثناء مرضهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» "صحيح مسلم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن عَادَ مَرِيضًا أَو زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَن طِبتَ وَطَابَ مَمشَاكَ وَتَبَوَّأتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنزِلًا» "سنن الترمذي".
آداب الاستئذان عند دخول البيوت للزيارةوأضافت الإفتاء أنه الإسلام قد سنَّ آدابًا للزيارة ينبغي الالتزام بها ومنها:
- الاستئذان قبل الزيارة، وذلك بإعلام أهل البيت حتى يستعدُّوا لمقابلة الزائر؛ يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النور: 27].
فالمراد بالاستئناس: هو الاستئذانُ في الزيارة قبل الذهاب وتحديدُ موعدٍ لها، وذلك عن طريق الاتصال بالهاتف ونحوه من الوسائل المعاصرة.
- ترك الزيارة والرجوع عنها إذا كانت هناك ظروف تمنع أهل البيت من استقبال الزائر؛ يقول تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [النور: 28]، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الِاستِئذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِن أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارجِع» "صحيح مسلم".
- إلقاء الزائرِ السلامَ على أهل البيت عند الاستئذان للدخول؛ فعَن رِبعِيٍّ رضي الله عنه قال: "حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت فقال: أَلِجُ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخادمه: «اخرُجْ إلى هذا فعلِّمه الاستئذان، فَقُل له: قل: السَّلامُ عليكُمْ، أأدخُل؟» فسمعه الرجل، فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدخل". "سنن أبي داود".
- تعريف الزائر بنفسه واسمه حين يُسأل عنه، حتى يأذن له صاحب البيت بالدخول؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: «مَن ذَا؟» فقلت: أنا، فقال: «أنا أنا»، كأنه كرهها"، فالحديث يدل على كراهة قول المستأذن «أنا»؛ لأن هذه اللفظة لا تُعَرِّف به.
- عدم الإكثار من الزيارة؛ حتى لا يملّ أهل البيت من الزائر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «زُر غِبًّا، تَزدَد حُبًّا» "المعجم الأوسط"، فالمراد من الحديث أنَّ الإقلال من الزيارة يجعل النفس تشتاق لرؤية الشخص ومقابلته والجلوس معه.
- عدمُ الإطالة في وقت الزيارة مراعاةً لظروف أهل البيت، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [الأحزاب: 53].
- اختيار الوقت المناسب للزيارة حتى لو كانت الزيارة للوالدين، فهناك أوقات لا تناسب أهل البيت في استقبال أحد من الزائرين؛ كأوقات الراحة ونحو ذلك؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: 58].