عن المرحلة المفصلية التي تمر بها السعودية.. وما الذي ستختاره اليوم؟!
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
عبدالرحمن الأهنومي
شنت السعودية الحرب وفرضت الحصار على اليمن بهدف قتل اليمنيين وسحقهم واحتلالهم وقطعت المرتبات وأمعنت في التجويع لقتل أكبر عدد من اليمنيين.
وفي الحقيقة هي لم تتغير وتصبح فاعل خير اليوم بعد نحو 9 سنوات من الحرب.
ما زالت السعودية عدوا معتديا على اليمنيين بنفس النوايا والنزعة الإجرامية والمعادية تجاه اليمنيين.
الوفد الوطني مهمته الأساسية التفاوض مع هذا العدو لانتزاع حقوق الشعب اليمني، وذهابه للرياض هو في سياق هذه المهمة الأساسية إن تحققت فهو المطلوب وإن لم تتحقق فقد قام بواجبه وأسقط الحجة والأعذار.
السعودية اليوم أمام فرصة للخروج من ورطتها في الحرب على اليمن ولو تريد الخروج فعليا لكانت قد خرجت دون الحاجة لكل هذا الوقت لكنها في الحقيقة تعيش حالة من استطالة الوهم المستبد بها منذ سنوات وإلا فخسارتها للحرب كان واضحا من العام الثالث للعدوان..
لكنها تتنقل من وهم إلى آخر مستمرة حالة الأوهام التي تستبد بها.
ففي كل مرحلة يتراءى لها أن شيئا سيحدث ليغير المجريات ويسقط صنعاء أمامها، يخيب الرهان ويسقط المخطط وتنكشف الأوهام ثم تراهن على شيء جديد وهكذا تغرق في الأوهام متنقلة.
رغم الصورة الواضحة اليوم للمآلات التي نتجت عن الحرب ولما يترتب على استمرارها من مخاطر كبرى على السعودية.. فخلال السنوات الماضية لم تكن لدى اليمن أسلحة كما لديها اليوم مضاعفة بالمضاعف من الإنتاج والمخزون بحمد الله وعونه.
وأيضا لم تعد السعودية قادرة على حشد الحشود وجلب العتاد كما كان بالسنوات التي مضت.
وهي بحاجة ماسة اليوم للهدوء أكثر من أي وقت مضى لأن استمرار الحرب يعني استحالة رؤية 2030 التي ترهن السعودية كل شيء بها.
علاوة على غير ذلك من المخاطر المترتبة على استمرار الحرب، وبقيق وخريص صورة مصغرة ربما لما سيحدث.
ولأن المماطلة في الملف الإنساني – ولأن عدم الالتزام بإعادة صرف رواتب الموظفين – يعد اليوم بمثابة حرب مكتملة لما لها من آثار فإن المماطلة والتهرب من حل هذا الملف يعني عودة الحرب بعمليات عسكرية يمنية ولا يمكن للسعودي أن يستثمر ولا أن يعمل ترفيهاً ولا نفطاً وهذه معادلة واضحة من خطاب السيد حفظه الله في ذكرى الإمام زيد عليه السلام.
ورغم الفرصة الماثلة أمام السعودية اليوم لا أستبعد أنها ستراوغ هذه المرة وكعادتها في كل المحطات ولن تلتزم بخطوة متوجبة عليها لا بالمسائل الإنسانية ولا بغيرها، وإن وافقت على شيء فالحد الأدنى من الحق وسرعان ما تنقلب وتلتف على الاتفاق وتحاول النكوص عنه وتوظيفه بسياقاتها هي، وهذا واضح منذ اللحظة الأولى لورود خبر مغادرة الوفد الوطني والوسيط العماني إلى الرياض سارعت وسائل إعلام السعودية وناطقوها ومحللوها لتقديم الأمر وكأن السعودية خطت خطوة من خطوات الوساطة وجهود الخير وفعل البر والتقوى لجمع الفرقاء اليمنيين وحل المشكلة بينهم – حد التعبير السعودي – بمعنى أنها تريد أن تستثمر سياسيا فقط ولا تبحث ولا تريد الحلول ولا شك أن استمرار المكابرة السعودية سيجعلها تصحو يوما على حرائق ولهب ودخان النفط والمنشآت والخزانات تتصاعد، حينها سيتأكد لها أن الحرب على اليمن كانت فعلا أكبر خطأ استراتيجي ارتكبته في تاريخ وجودها وأعتقد أنها بحاجة لذلك.
كما أن عدالة الله ستحيط بها حتما فما فعلته باليمنيين كان ظلما وطغيانا وتجبرا بالغا ومن عواقبه الكبيرة هو الزوال والانهيار.
وفي حال نكصت عن هذه الفرصة مع ذهاب الوفد الوطني والوسيط العماني إلى الرياض وتعاملت كعادتها، فاعلموا أن أمر الله قد أحاط بها وأن العدالة قد اقتضت النهاية والزوال وستكون المكابرة والعناد من الأسباب التي ستحقق تلك العواقب..
فالإصرار على الذنب معصية أكبر من الذنب نفسه – كما يقال – وعقوبة الإصرار مضاعفة وهذا ما يجب أن تعرفه السعودية اليوم.
والظلم والبغي مغبته وخيمة وعقابه أليم وأي ظلم وبغي أكبر مما فعلته السعودية بالشعب اليمني طيلة تسعة أعوام!
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: على الیمن
إقرأ أيضاً:
بين التصعيد وخريطة الطريق.. هل يعود اليمن للحرب الشاملة؟
على الرغم من ارتفاع نبرة الإعلام المحسوب على الحكومة المعترف بها دوليًا في الآونة الأخيرة باتجاه التصعيد العسكري؛ فما زال المجتمعان الدولي والإقليمي يتحدثان ويعطيان أولوية للتسوية السياسية، من خلال التزام تنفيذ خريطة الطريق.
السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، التقى في الثالث من آذار/مارس السفير العراقي لدى اليمن، قيس العامري، وقال السفير السعودي في «تدوينة» على منصة «إكس»، إنه جرى «مناقشة مستجدات الأزمة اليمنية، واستعراض جهود المملكة السياسية والإنسانية والاقتصادية والتنموية في اليمن، ودورها في دعم جهود السلام في اليمن، ودعمها لجهود المبعوث الأممي الخاص لليمن وخريطة الطريق بين الأطراف اليمنية، للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية».
وفي ذات السياق، أكدَّ المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة عن تطورات جهود السلام في اليمن، أمام مجلس الأمن الدولي، الخميس، أهمية الالتزام بخريطة الطريق «باعتبارها مسارًا قابلا للتطبيق». لكن المبعوث الأممي في إحاطته عينها حذر أيضًا من عودة اليمن إلى حرب واسعة النطاق في حال لم تلتزم الأطراف بالتهدئة.
كيف نقرأ التصعيد العسكري الراهن على الأرض وإن كان محدودا، بينما المجتمعان الدولي والإقليمي يؤكدان على الحل السياسي والتزام خريطة الطريق، التي أعلنت الأمم المتحدة توافق الأطراف اليمنية عليها في كانون الأول/ديسمبر 2023؟ هل الإقليم والمجتمع الدولي ما زالا مع الخريطة باعتبارها السبيل الوحيد للحل والتسوية السياسية في اليمن؟
العودة للحرب
يقول أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني، وزير الثقافة الأسبق، عبد الله عوبل، لـ«القدس العربي»: «لا يوحي الوضع على الأرض بعودة الحرب في اليمن بين أطراف الحرب: الشرعية والحوثي، على الرغم من تصاعد التصريحات الإعلامية لإعلام الشرعية. أما المملكة السعودية فلن تعود للحرب، للتفرغ للتنمية ولعب دور أكبر في السياسة الدولية، وتفضل العودة إلى خريطة الطريق بينها وبين الحوثيين».
وأضاف: «خريطة الطريق كان مقررًا أن يتم توقيعها في كانون الثاني/يناير 2024، ولكن لأن الحوثيين ساندوا الفلسطينيين في غزة أثناء حرب الإبادة، التي يشنها الصهاينة على غزة والضفة الغربية، فقد جمد الأمريكان خريطة الطريق، ويبدو أنها الآن لن ترى النور بعد التصنيف الأمريكي للحوثي منظمة إرهابية أجنبية.
والسؤال هو لماذا يصرح المسؤولون السعوديون بأنهم متمسكون بخريطة الطريق حتى بعد قرار ترامب الأخير؟ تقديري إن المملكة تعير اهتماما لاتفاقها مع إيران برعاية الصين، وهي فعلا لا تريد العودة إلى الحرب في اليمن، وهي تتمسك بخريطة الطريق، لكن إذا الإمريكان سيعطلون تنفيذ خريطة الطريق لا بأس، (جاءت منك يا جامع) المثل لشخص لا يصلي، ويوم قرر أن يذهب للجامع وجده مغلقًا، فقال هذا المثل».
واستطرد عوبل: «الغريب هو كلام المبعوث الأممي عن خريطة الطريق، وهو يعلم إن قرار ترامب بتصنيف الحوثي منظمة إرهابية قد قطع الطريق على أي عملية سلام، وبالفعل ليس في جعبة المبعوث أي شيء حول السلام غير خريطة الطريق.
أما الشرعية فلم تكن شريكا في مفاوضات خريطة الطريق، وهي الطرف الخاسر في خريطة الطريق هذه، ولا شك أن الرئاسي تنفس الصعداء بعد قرار الرئيس ترامب بتصنيف الحوثي إرهابيا، لكن الشرعية عاجزة أن تخوض حربا مع الحوثي بدون مساندة من المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن تصريحات الإعلام الشرعي ما هي إلا فقاعات في الهواء».
الملفات الإقليمية
عادل دشيلة، وهو باحث في مركز الشرق أوسطي للأبحاث في جامعة كولومبيا، يرى أن اللقاء السعودي في واشنطن نتج عنه بعد أيام قرار التصنيف الأمريكي لجماعة «أنصار الله» (الحوثيون) جماعة إرهابية أجنبية، كما تم إضافة قيادات في الجماعة إلى قائمة العقوبات الأمريكية.
وقال لـ«القدس العربي»: «هناك عدة مسارات؛ منها أن السعودية ستقول أنا قدمت خريطة الطريق وجماعة الحوثي رفضت الخريطة. هذا التصنيف لا علاقة لي به. السعوديون بكل تأكيد لا يريدون التصعيد العسكري مع جماعة الحوثي في الوقت الراهن، مع أنهم يدركون أن هناك رغبة دولية.
لكن السعودية لها الاستراتيجية الخاصة تجاه اليمن. لأنها لن تتعامل مع اليمن بمنظور اللحظة. ولهذا هي منذ اليوم الأول عارضت أي اندفاع عسكري في البحر الأحمر».
وأشار إلى أن «الملف اليمني مرتبط بالأزمات الإقليمية من غزة إلى سوريا إلى لبنان إلى العراق إلى إيران. في حال وجدت رؤية استراتيجية لكيفية التعامل مع هذه الملفات بطريقة عسكرية أو دبلوماسية، حينها يمكن الحديث عن إنهاء الأزمة في اليمن. لكن بدون معالجة كل الملفات في المنطقة لا أعتقد أننا سنصل إلى سلام في اليمن».
ثم ماذا؟
مما سبق نفهم إن استئناف الحرب في اليمن ما زال خيارًا غير وارد إقليميًا ودوليًا؛ لأن تداعياته ستكون كارثية على مستوى المنطقة ككل؛ وبالتالي فإن خيار التسوية ما زال خيارا مطروحا؛ وإن تراجعت حظوظه، لكن المجتمعين الدولي والإقليمي لا ينظران إلى مصالح تجار الحرب في الداخل، وبالتالي مهما كانت نبرة التصعيد إعلاميًا فإن قرار الحرب ليس بيد الداخل. كما لا يمكن تجاهل مدى التشابك الحاصل بين الملف اليمنيّ والملفات الإقليمية.