مراكش الان:
2025-03-06@22:33:17 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: كارثة الحوز والقرار السيادي

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: كارثة الحوز والقرار السيادي

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء 

إن مفهوم السيادة يمثل أحد المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بنشأة الدولة الحديثة. إنه يتجلى في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم حكومتها ومرافقها العامة فضلا عن حقها في فرض سلطانها على كل ما يوجد على إقليمها من أفراد أو أشياء، كما أن للدولة الحق في التعامل مع الدول الأخرى دونما خضوع في ذلك لأي سلطة دولية، مع ضرورة قيام العلاقات بين تلك الدول على أساس المساواة في السيادة، والتي هي غير قابلة للتجزئة داخل الدولة الواحدة، حيث لكل دولة شخصيتها الدولية.

إن صيرورة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مبدأ قانوني عام، وقد تضمن ذلك في نصوص المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ومن ناحية أخرى حرصت الأمم المتحدة منذ إنشاءها عام 1945على تأكيد مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

في هذا الإطار، نتكلم عن القرار السيادي، والذي منبعه المصلحة العليا للوطن التي يحددها صانعو القرار فيه من خلال رؤية شمولية تستند إلى العديد من المحددات والوقائع التي تفرضها الاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا موازين القوى الإقليمية والدولية.

ويفترض أن الدولة تملك القرار السيادي على إقليمها وشعبها فقط، كما أن الدولة لا ترهن بقاءها ووجودها بمصالح الآخرين وأهدافهم غير المعلنة.

إننا نُقرّ بأنه لا يوجد تعريف متفق عليه بالمطلق للقرار السيادي ولكن توجد قرارات تؤشر للسيادة منبعها المصلحة العليا للوطن، وبالتالي تعتبر القرارات السيادية من الأعمال والقرارات التي يشار  إليها في فقه القانون العام بعبارة «الأعمال السيادية» أو «الأعمال الحكومية»، وهي تلك التي تتخذها السلطة التنفيذية بصفتها سلطة حكم لا سلطة إدارة، مما يكسبها الحصانة من الخضوع لأي رقابة قضائية وفق ما درج عليه القضاء الإداري منذ زمن بعيد.

وفي العادة لا تتضمن المنظومة القانونية في أي بلد قائمة محددة للأعمال الحكومية أو القرارات السيادية كما لا نعرف معيارا مانعا جامعا لتمييزها، إلا أن المقاربات القضائية والفقهية تعرف هذه الأعمال بأنها تلك التي تتصل بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من سلطة للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج.

وعليه، فإن امتناع المغرب عن قبول مساعدات عرضتها عليه بعض الدول إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في المملكة هو قرار سيادي، انطلاقا من أن المقاربة التي اعتمد عليها المغرب في التعاطي مع عروض المساعدات هي مقاربة تقنية بالدرجة الأولى وليس لديه أي خصاص على هذا المستوى، كما أن المملكة المغربية لم تتعامل بصيغة انتقائية سلبية مع عروض المساعدات، وإنما قاربتها من زاوية احتياجاتها على المستوى التقني، ذلك أن الأدوية والأغذية تمكنت السلطات بمعية المجتمع المدني من توفير ما يلزم منها، علما أنه وفي إطار مقاربة تتوافق مع المعايير الدولية في مثل هذه الظروف أجرت المملكة المغربية تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية.

والملاحظ أن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، وفي تصرف يحن إلى الماضي البائد وبنظرة استعلائية مرضية لم تستسغ هذا القرار السيادي المغربي حيث انخرطت جوقة الإعلام الفرنسي في ترديد أسطوانة مشروخة، كون استثناء فرنسا من تقديم المساعدات على أنه «إهانة» لدولة فرنسا وعمدوا إلى شن حملة شرسة على المغرب ورموزه، ووصل الأمر برئيسهم إلى ارتكاب خطأ قاتل يدوس على جميع الأعراف الدبلوماسية عندما سمح لنفسه بمخاطبة المغاربة مباشرة، مع العلم أنه ليس مقبولا إطلاقا من رئيس دولة أجنبية أن يوجه  خطابا لشعب دولة أخرى ذات سيادة.

والملاحظ أن المغرب تلقى عروضا من عشرات الدول، ومن بينها التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع المغرب كالولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ذلك لم تتعامل الأخيرة مع الأمر بحساسية، حيث تركت المجال للسلطات المغربية كي تقرر في الأمر لأن ذلك يبقى قرارا سياديا.

أما دولة الكراغلة «العظمى»، فقد حاولت الركوب على أهوال هذه المأساة، وأخذت في تسييس ملف المساعدات عبر مسرحية بئيسة وفاشلة هزيلة الإخراج مفضوحة المحتوى، حيث سعت إلى المتاجرة بهذه الظروف الإنسانية وبدأت في الرقص والتباكي الخبيث على الجرح المغربي عبر تغطية إعلامية واسعة انخرط فيها الدجالون وسماسرة الكلام والطبالون ونافخو الكير خدمة لأجندة مسطرة تروم إقناع الداخل والخارج بأن «المغرب يرفض اليد الممدودة إليه»، وأن الكراغلة القوة المضروبة والتي لا توفر لمواطنيها حتى وجبات العدس، تملك الحل السحري لهذه الكارثة علما أنها تعجز حتى عن شراء طائرات إطفاء لشعبها الذي طالما تركته قربانا للنار، وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات الكراغلة الخبيثة والمنافقة تزامنت ومحاولة القصف الانتحاري لمرتزقة البوليساريو على الأراضي المغربية تزامنا مع مأساة زلزال الحوز بإيعاز وتمويل جزائري!

إن القانون الدولي يطرح معايير يجب أن تحترم عند تقديم المساعدات للدول، احتراما كاملا وفقا لميثاق الأمم المتحدة، ومن حيث المبدأ على أساس نداء يوجهه للبلد المتضرر بعيدا عن الحسابات السياسية ومنطق الابتزاز والمساومة والعبث الأخلاقي.

وإلى كل أبواق المخادعين والماكرين وتجار المآسي والمتلهفين لإخافة هذا البلد الأمين، نقول لكم إننا لسنا دولة فاشلة كما تتوهمون، المغرب قد تعرض لمجموعة من الأحداث والهزات عبر تاريخه الطويل، وقد خرج منها دائما منتصرا. إنه المغرب الدولة الأمة، راجعوا كتب التاريخ إن نسيتم لعلكم تتذكرون…

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟

يزور رئيس الجمهورية جوزف عون اليوم المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية له، لذلك تحمل معاني الزيارة رمزية محددة حيث تنطلق صفحة جديدة من العلاقات اللبنانية-السعودية، منهية مرحلة من الجفاء السعودي تجاه لبنان لأسباب باتت معروفة.

واستبق الرئيس عون الزيارة بتصريحات لافتة حيث أعلن عن ضرورة توطيد العلاقات العربية الداخلية وعدم إيذاء أية دولة لأي من أشقائها العرب.

والأكثر من ذلك أن الرئيس عون عبّر بلغة لبنان الجديد والذي تريد الدول العربية ودول العالم سماع اللغة الجديدة للمسؤولين اللبنانيين ليس فقط تجاههم. بل أيضاً في ما خص الوضع اللبناني الداخلي وسيادة لبنان الفعلية على كامل الأراضي وبسط سلطة الدولة وتنفيذ القرارات الدولية والقيام بالإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. مشيراً إلى أن قرار السلم والحرب هو في يد الدولة.

ثم في عدم استعداد لبنان لأن يتحمل النزاعات الخارجية على أرضه. كما أن اللغة الجديدة تتحدث عن دور الجيش اللبناني في حماية لبنان واللبنانيين، وفي وضع حد للسلاح غير الشرعي، تحت عنوان حصرية السلاح في يد الدولة وحدها.

المملكة والدول العربية، والمجتمع الدولي يريدون تنفيذاً فعلياً للمقومات التي يبنى عليها لبنان الجديد بعد انتخاب الرئيس في التاسع من كانون الثاني الماضي.

وتؤكد مصادر قصر بعبدا ل”صوت بيروت انترناشونال”، أن الرئيس عون سيعبر عن شكره للمملكة للدور الذي قامت به في لبنان ولمساعدته على انجاز استحقاقاته الدستورية وتقديره لوقوف السعودية الدائم إلى جانب لبنان والشعب اللبناني.

وأشارت المصادر، أن الزيارة ستبلور صفحة جديدة من عودة لبنان إلى أشقائه العرب، لا سيما إلى السعودية، وعودته إلى الحضن العربي، على أن تستكمل تفاصيل متعلقة بالاتفاقيات الثنائية وتوقيعها بعد شهر رمضان المبارك. وبالتالي، لن يكون هناك وفداً وزارياً يرافق الرئيس في الزيارة لتوقيع اتفاقيات. إنما الزيارة تحمل في طياتها رسالة شكر وتقدير واستعادة لهذه العلاقات التاريخية، وإعادة فتح القنوات على كافة المستويات.

إذاً، اللغة الجديدة للمسؤولين اللبنانيين لم تكن لتحصل لولا التغييرات الزلزالية التي أدت إلى انهيار المنظومة الإيرانية-السورية. وفي ظل ذلك شاركت دول الخليج الولايات المتحدة وفرنسا في صياغة الوضع اللبناني والذي يؤمل حسب المصادر باستكماله بتطبيق القرارات الدولية، وإصلاح الدولة والقضاء على الفساد. كلها على سبيل الشروط لمساعدة لبنان. مع أن إسرائيل حالياً باستمرارها بالخروقات تلعب دوراً سلبياً بالنسبة إلى انطلاقة العهد. وهناك انتظار لردة الفعل السعودية على الزيارة، وللمواقف التي ستطلقها خلالها.

وينتقل الرئيس عون إلى القاهرة للمشاركة في القمة العربية الاستثنائية لمناقشة الوضع الفلسطيني. وسيعبر عن الثوابت اللبنانية وعن الإجماع العربي حول ذلك.

موقف لبنان ملتزم مع العرب ومع جامعة الدول العربية، أي حل القضية الفلسطينية وفق مبدأ الدولتين، وعلى أساس المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت العربية في العام 2002.

وأوضحت المصادر، أن اتصالات عربية رفيعة المستوى تجرى لحصول موقف موحد يخرج عن القمة

 

مقالات مشابهة

  • خطة إسرائيلية للسيطرة المباشرة على المساعدات التي تدخل غزة
  • حسبو البيلي يكتب: الوعي الغائب
  • الجارديان: قرار إسرائيل بمنع المساعدات عن غزة يدفع الفلسطينيين نحو كارثة
  • حماس: سياسة التجويع هي امتداد لحرب الإبادة التي شنها العدو ضد غزة
  • الحسيني يكشف عن الدولة التي اغتالت حسن نصر الله| ويؤكد: ليست إسرائيل
  • تحذيرات من كارثة إنسانية بسبب استمرار إغلاق معابر غزة
  • نيابة عن رئيس الدولة.. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات في القمة العربية غير العادية التي افتتح أعمالها الرئيس المصري
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • نيابة عن رئيس الدولة .. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات في القمة العربية غير العادية التي افتتح أعمالها الرئيس المصري
  • عمدة سبتة يقول إن الشاحنات المغربية التي مرت بالجمارك التجارية تحمل أختاما "تشير إلى أن مدينته "جزء من إسبانيا"!