الممر الجديد.. حديث أمريكي عن تغيير قواعد اللعبة في المنطقة
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
اعتبر آموس هوكستين كبير مستشاري الرئيس الأميركي، أن مشروع الممر الذي أعلنت عنه قمة العشرين الأخيرة للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، سيغير قواعد اللعبة في المنطقة.
وتحدث هوكستين، بحسب "سكاي نيوز عربية"، عن السياسة الخارجية لأميركية، قمة العشرين، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان اسرائيل.
وكان قادة مجموعة العشرين، قد أعلنوا على هامش قمة نيودلهي اتفاقا لمشروع "ممر" طموح، للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط.
الاتفاق سيضم عدة دول، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات.
وتم التوقيع على الاتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، السبت، في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقا لبيان نشره البيت الأبيض.
الممر الطموح
وعن نتائج مشروع الممر الاقتصادي، قال المسؤول الأميركي أعتقد أن هذا المشروع سيغير قواعد اللعبة في المنطقة، ولهذا السبب فهو يجمع قادة الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة واليابان وأوروبا معًا.
وأضاف "كان هناك حديث منذ عقود عن ربط آسيا وأوروبا. والآن ما تمكنا من قوله هو أنه وباستخدام الاقتصادات المتقدمة في الشرق الأوسط، أولاً، يمكننا نقل المنتجات والسلع من جنوب شرق آسيا من فيتنام عبر الهند، وكل الهند عبر الشرق الأوسط إلى أوروبا. يجعل الأمر أسرع من الشحن. إنه أسهل وأكثر كفاءة. إنه أكثر كفاءة من حيث التكلفة، لذا فهو أرخص، وأقل تلويثا"، موضحاً "لأن النقل يستغرق وقتًا أقل مقارنة بالنقل على متن سفينة. لذلك، تسافر على متن سفينة من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم تسافر عبر السكك الحديدية عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، ثم تشحن بحراً إلى أوروبا".
وتابع قائلا "أنت تقلل من حرق وقود الديزل وتعطي الأولوية للسكك الحديدية. وهذا هو تغيير قواعد اللعبة في حد ذاته. سيوفر قدرًا هائلاً من المال والوقت وسيكون قادرًا على جعل التجارة العالمية أكثر كفاءة. ولكن بعد ذلك الاستفادة من توفير كابلات البيانات والألياف الضوئية والاستفادة مما كان الشرق الأوسط جيدًا فيه خلال المائة عام الماضية وهو تزويد الاقتصاد العالمي بالطاقة".
كيف بدأ المشروع
وحول فكرة المشروع، قال "بدأ بزيارة الرئيس بايدن إلى السعودية والاجتماع مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي. وقد فتح ذلك الباب حقًا، وكنا نناقش الفرص المختلفة على مدار الأشهر القليلة الماضية. سأقول إن القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي توصلت إلى الفكرة الأولية المتمثلة في ربطنا، وقد اجتمع مستشارو الأمن القومي، وتحدث قادتنا عن الأمر وشعرنا أننا أحرزنا تقدمًا كافيًا لنكون قادرين على الإعلان عن مذكرة تفاهم من هذا النوع. وعلينا الآن أن نمضي قدما ومواصلة تنفيذها".
وبشأن تغير السياسة الخارجية الأميركية عبر الدبلوماسية الأميركية، قال هوكستين: "أعتقد أن الرئيس بايدن، عندما تولى منصبه، أراد تعزيز موقفنا في الشرق الأوسط وعلاقات الولايات المتحدة مع الشرق الأوسط. وأعتقد أن ما ترونه الآن هو ليس تغييرًا في السياسة، بل بدأ الناس في رؤية النتائج والتعرف على النهج الذي اتبعه الرئيس بايدن". وأضاف "بدلاً من التركيز فقط على الأمن والدفاع، وهو أمر مهم حقاً وسيستمر في توفير العلاقة الأمنية القوية عبر الخليج العربي، ولكن أيضاً أن ندرك أن ما يجمعنا حقاً هو ربط بلداننا اقتصاديا، والعمل معا لدعم الاقتصاد ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع. لذلك نعتقد أن هناك الكثير من الفرص لتوحيد الجهود، كما رأيتم ذلك في قمة مجموعة العشرين بحضور الرئيس بايدن وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد، واجتماعهم معا مع بقية العالم لقيادة التكامل الاقتصادي والازدهار".
التطبيع
وتعليقا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال المسؤول الأميركي: "هناك نقطتان؛ أولا تتضمن إجابتين، هو أننا نعمل مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، ليس فقط في المنطقة، ولكننا نعمل بالفعل معًا خارج المنطقة في أماكن أخرى. وقد أعلن الرئيس بايدن أعلن عن مشروع ضخم في إفريقيا. ونحن نتطلع إلى العمل مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومع قطر والمملكة العربية السعودية هناك أيضًا. لذا فالأمر لا يقتصر على المنطقة فقط. لهذا السبب يعد هذا بمثابة تغيير في قواعد اللعبة".
وأضاف "عندما يتعلق الأمر بالتطبيع، قال الرئيس بايدن عندما سافر إلى المملكة العربية السعودية العام الماضي لحضور اجتماع مجلس التعاون الخليجي، إنه يأمل أن يرى المزيد من التكامل والمزيد من الترابط. وأعلنا عن أول رحلة جوية من إسرائيل تمر في أجواء السعودية لأول مرة خلال زيارته. وفي الواقع، كانت رحلته من إسرائيل إلى جدة هي أول رحلة مباشرة. ونحن ملتزمون بالعمل مع دول المنطقة لتحقيق ذلك. هل هذا أمر وشيك؟ لا. ولكننا نعمل بجد لتحقيق هذه الغاية إذا أرادت البلدان ذلك، وإذا كان هذا هو مستقبل المنطقة، فهذا ما نريد أن نكون قادرين على دعمه وتحقيقه".
لبنان والفلسطينيون
وأشار هوكستين كذلك إلى مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وقال إن الرئيس بايدن كان ملتزمًا بالتوصل إلى تأمين اتفاقية الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
وأوضح أن هذه هي أول اتفاقية على الإطلاق بشأن الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وأضاف "ونتيجة لذلك، رأينا توتال وإي إن آي؛ الشركتين الفرنسية والإيطالية تبدأ بالتنقيب عن الغاز في هذه المناطق في لبنان للمرة الأولى. وهو ما لم يكن ممكناً بدون الاتفاقية البحرية فقد كان من غير الآمن أبداً القيام بذلك. لقد عدت إلى لبنان منذ بضعة أسابيع فقط. نود أن نرى لبنان وقد وصل إلى ظروف اقتصادية أفضل وازدهار من خلال ما تحقق".
وقال "نحن نعمل مع الفلسطينيين أيضًا لنرى كيف يمكننا دعمهم سياسيًا واقتصاديًا. لذا فإن هذا أمر شمولي، نود أن نرى الشرق الأوسط ككل أكثر تكاملا وأكثر ترابطا وأكثر استقرارا، وإذا حصلنا على الترابط المادي والتكامل الاقتصادي فسيؤدي ذلك إلى المزيد من الازدهار، ومن السلام أيضا. وأعتقد أن هذا هو النهج الصحيح وأن الرئيس بايدن ملتزم جدًا بالمضي قدمًا في هذا الأمر".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الإمارات العربیة المتحدة العربیة السعودیة قواعد اللعبة فی الشرق الأوسط الرئیس بایدن فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
أمريكا والإرهاب في الشرق الأوسط.. اليمن نموذج لمقاومة الهيمنة والفوضى
يمانيون/ تقارير استخدمت الولايات المتحدة شعار “الحرب على الإرهاب” أداة دعائية لتبرير تدخلاتها العسكرية في الشرق الأوسط، لكن الوقائع أثبتت أنها لم تحارب الإرهاب يوما، بل كانت صانعته.
فمنذ أن رفعت واشنطن هذا الشعار، تحولت إلى الراعي الأول للجماعات الإرهابية، مستغلة وجودها لخلق الفوضى، وإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة، ونهب ثرواتها، وتبرير احتلالها العسكري لدول الشرق الأوسط.
لم تكن استراتيجية الولايات المتحدة تهدف إلى محاربة الإرهاب، بل إلى استخدام الجماعات الإرهابية كأدوات لتبرير تدخلاتها العسكرية، فبدلاً من القضاء عليها، كانت واشنطن تساهم في نموها وتمويلها لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.
من خلال هذه السياسات، أصبحت الجماعات الإرهابية أداة بيد أمريكا لإعادة رسم الخارطة السياسية وتوسيع نفوذها، ومع مرور الوقت، اتضح أن الإرهاب لم يكن عدواً لأمريكا، بل كان وسيلة لفرض السيطرة على الدول ونهب الثروات تحت ستار محاربة خطر صنعته بنفسها.
على مدار عقود، أثبتت الأحداث أن أمريكا المستفيد الأول من انتشار الإرهاب، حيث تتبنى استراتيجية مزدوجة تقوم على توظيف الجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، ثم التدخل بحجة مكافحتها، فلم يكن ظهور الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، مجرد نتيجة لصراعات محلية، بل كان امتداداً لسياسات أمريكية بدأت منذ الحرب الباردة، عندما استخدمت واشنطن الجماعات المتطرفة لمحاربة الاتحاد السوفيتي، ثم أعادت توظيفها لاحقاً لإعادة تشكيل الخارطة السياسية وفق مصالحها.
في العراق، مثّل الغزو الأمريكي عام 2003 خطوة لإعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري، حيث أدت هذه الحرب إلى تفكيك الدولة، وخلق بيئة خصبة لظهور الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، الذي شكل امتدادا مباشرا للسياسات الأمريكية في المنطقة.
بعد انسحابها من العراق، تركت أمريكا فراغاً أمنياً سمح لداعش بالتمدد بسرعة غير منطقية، ما دفع واشنطن إلى العودة مجدداً تحت ذريعة مكافحته، لكن الواقع كشف أن توسع داعش لم يكن إلا مبرراً للتدخل العسكري، وليس نتيجة ضعف الحكومة العراقية وحدها.
أما في سوريا، فقد دعمت الولايات المتحدة الجماعات المسلحة تحت مسمى “المعارضة المعتدلة”، لكن هذه الجماعات كانت مجرد غطاء للفصائل الإرهابية التي استخدمت الدعم الأمريكي والخليجي لإشعال الحرب وتدمير البنية التحتية للبلاد، ذلك الدعم ساهم في تحويل سوريا إلى ساحة للفوضى، خدمة للمصالح الأمريكية والصهيونية، حيث أصبح التدخل العسكري الأمريكي جزءاً من استراتيجية أوسع لتوسيع نفوذ واشنطن في المنطقة.
وفي هذا السياق، لم يكن صعود الجولاني إلى قمة المشهد السوري مجرد تطور داخلي، بل جاء نتيجة دعم أمريكي مباشر وغير مباشر، حيث وفرت واشنطن وحلفاؤها الغطاء السياسي واللوجستي لتحركات الجماعات المسلحة، وسهلت حصولها على الأسلحة تحت مسمى “المعارضة المعتدلة”، ما سمح لها بالتمدد والسيطرة على الأرض.
أصبح الجولاني قائداً لجميع الأراضي السورية عبر عصابة “هيئة تحرير الشام”، التي تحولت إلى القوة الحاكمة للبلاد، ومارست أبشع الجرائم بحق المدنيين، في إطار مشروع أمريكي لإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
لم يقتصر دعم الولايات المتحدة للإرهاب على الجماعات المتطرفة، بل كانت شريكاً أساسياً في رعاية الإرهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين، فمنذ احتلال فلسطين، قدمت أمريكا للكيان الصهيوني كل أشكال الدعم العسكري والسياسي، وأصبحت شريكة في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، من خلال تمويل جيش الاحتلال، وتزويده بأحدث الأسلحة، وتوفير الغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة لتمكينه من مواصلة جرائمه دون مساءلة.
لم تكتفِ واشنطن بدعم الكيان الصهيوني عسكرياً واقتصادياً، بل كانت الحامي السياسي له، مستخدمة حق الفيتو عشرات المرات لإجهاض أي قرار يدين جرائمه في مجلس الأمن، وهذا الدعم جعل إسرائيل تمضي في انتهاكاتها دون خوف من أي عقوبات دولية.
على مدى العقود الماضية، استخدمت واشنطن ملف “مكافحة الإرهاب” كذريعة لإسكات أي صوت مقاوم، فكل من يرفض الهيمنة الأمريكية، أو يواجه الاحتلال الإسرائيلي، يوصف بالإرهاب، بينما تصنف الجماعات المتطرفة، التي تخدم المصالح الأمريكية، بأنها “معارضة مشروعة” تستحق الدعم، هذا الانحياز الأمريكي الفاضح كشف زيف ادعاءاتها حول محاربة الإرهاب، وكشف أن واشنطن لا تكافح الإرهاب، بل تحميه، وتستخدمه أداة لتحقيق أهدافها الاستعمارية.
لم يكن اليمن بمعزل عن هذه المشاريع الأمريكية، فقد ظلت واشنطن لعقود تستخدم النظام السابق أداة لتمرير مخططاتها، وتثبيت وجودها العسكري، من خلال قواعد سرية، وسياسات تدميرية، أسهمت في إضعاف الدولة، وفتح المجال أمام الجماعات الإرهابية للنشاط بحرية في بعض المناطق، لتكون أداة ضغط يتم استخدامها عند الحاجة.
غير أن المعادلة تغيرت مع ثورة 21 سبتمبر 2014، التي شكلت ضربة قاصمة لمشاريع واشنطن، حيث تمكن الشعب اليمني من إسقاط الوصاية الأمريكية، وطرد الأدوات العميلة، وإنهاء النفوذ الأمريكي الذي كان متغلغلا في مؤسسات الدولة.
هذه الثورة مثلت تحولاً استراتيجياً أفقد واشنطن واحدة من أهم ساحات نفوذها في المنطقة، وجعل اليمن نموذجاً فريداً في مواجهة المشاريع الأمريكية، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى شن حرب عدوانية، عبر أدواتها في المنطقة، بهدف إعادة اليمن إلى مربع الهيمنة، لكن هذه الحرب، رغم قساوتها، لم تحقق أهدافها، بل زادت من صلابة الموقف اليمني، وأثبتت أن الشعب قادر على الصمود، وإفشال كل المخططات الخارجية.
اليمن اليوم ليس مجرد ساحة مواجهة، بل نموذجاً حياً لإفشال الهيمنة الأمريكية، حيث تمكن من كسر أدواتها وفضح زيف شعاراتها، ومع استمرار صمود الشعوب الحرة، يتضح أن المشروع الأمريكي في المنطقة يواجه نهايته المحتومة، وأن الهيمنة التي بنيت على الإرهاب ستنهار أمام إرادة الشعوب ووعيها المتزايد.