كفاءات أم علاقات؟!
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
د. صالح الفهدي
في كلّ عامٍ تتجدد طموحاته، وآمالهُ ليكون من المرشّحين لمرتبةٍ أفضل، ويخيبُ أمله من عام لآخر، حتى اجتاز معايير الترشُّح فخاض الاختبارات، واجتازها بتفوقٍ وتميُّز حتى بُشّر بالقبول، وبُلّغ بالاستعداد للمرحلة الجديدة، لكن (وما أكثر هذه الّلاكن، وما أعظم ألمها) طُلب للاجتماع قبل يومٍ واحد من بدء التدريب، وتم إبلاغه بأنّه لم يُقبل فتلقّى الخبر مصدومًا، وبكى بحرقة، حتى أشفق عليه أحدهم، فصارحه قائلًا: "أحد المسؤولين في الجهة قد وضع اسم ابنه في القائمة بدلًا من اسمك"، يقول الشّاب: "أعلمُ أن الواسطة والمحسوبية لا تزال فاعلة، ولكن الذي أحرق قلبي هو أنَّ ابن هذا المسؤول الذي وضعوه بديلًا لي لم يكن في القائمة من الأصل أبدًا".
صُغتُ هذه القصّة بتصرّفٍ حتى لا أكشف عن الوظيفة ولا عن القطاع، لأضرب بها مثلًا حول غلبة العلاقات على الكفاءات، وما تسفرُ عنه من إضرار بنماء الوطن.
كم هي الكفاءات القديرة التي يفقدها الوطن لثلاثة أُمور؛ الأول: لأنّه يغلّبُ عليها العلاقات، فيضعُ من لا يستحق في مكانة من يستحق، أمّا الثاني: فإقصاؤه لأصحاب الكفاءات الذين يُظهرون سمات كفاءتهم، وصفات قدراتهم كي لا يظهروا فيكون لهم شأنٌ على مسؤوليهم، بغضّ النظر عن الإضافات العظيمة التي يُمكن أن يقدّموها لأوطانهم، الأمر الثالث: أن الوطن لا يصلُ إلى الكفاءات لعدّة أسبابٍ منها: أن هناك من يحجبُ الوصول إليهم حتى يقدّم من شاء، أو أنه يكلّفُ جهاتٍ لا تعرفُ كيفية استقطاب أصحاب الكفاءات.
الأوطانُ لا تبنيها العلاقات؛ بل تبنيها وتُعلي شأنها الكفاءات.. العلاقات تأتي بالطالح أكثر من الصالح لأنَّ الأهواء والأمزجة والعواطف هي التي تحكمها، أمّا الكفاءات فتأتي بالأصلح من بين الصالحين، والأكثر تميُّزًا من بين المتميّزين.
وعلى ذلك أقول: إنّ الأوطان عليها أن تقرّر: هل تريدُ البناء الحقيقي، والتطوُّر الفعّال كما تُعلن ذلك في خطاباتها، أم أنها تريدُ بناءً ظاهريًا بغير محتوى، وتطوُّرًا بغير جوهر؟! إذا كانت الأوطانُ تمتلك الإرادة الفاعلة للبناء والتطوير والعمران والازدهار فإنِّه لا بديل لها سوى تمكين الكفاءات والحرص على وضعهم في الأمكنة التي يجدرُ بهم أن يكونوا فيها ليقودوا الحراك التنموي في أوطانهم.
أمّا إذا كانت الأهواءُ هي التي تسيّرُ الأوطانُ فإنها تجعلُ للعلاقات قوةً نافذة، وواسطةً مؤثّرة، وحينها لا يجب أن تسأل الأوطانُ عن سرّ تأخر اقتصادها، وبطء نمائها، وتعثُّر مسارها، وما يعتورها من عراقيل، وبيروقراطيات في أدائها، وإنجاز المصالح فيها.
والله لقد شهدتُ على كفاءاتٍ ذات قدراتٍ عظيمة تنميتُ ان يكون لها مكانةٌ ما لكي تُسهم في بناء وطنها، لكنها ضيّعت بسبب الأسباب الثلاثة التي ذكرتها آنفًا، يقول الشاعر عبيد بن الأبرص:
لأعرفنّك بعد الموت تندُبُني
وفي حياتي ما زوّدتني زادي
الأوطانُ بحاجةٍ إلى من يتقصّد الكفاءات، ويتبنّى سياسة اصطياد الرؤوس (Head Hunting) بكلّ تجرُّدٍ وأمانة من أجل رفعة الوطن وحده، لا لسبب أو لآخر، يقول الراحل غازي القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة": "أستطيع أن أقول، صادقًا، إنني لم أندم على قرار واحد بتعيين مسؤول واحد، كان السبب، بعد توفيق الله، أنني لم أنظر قط إلى الاعتبارات الشخصية. لم يكن العمل عملي الشخصي لأُشرك فيه من أحب وأحجب عنه من أكره. كان العمل عمل الدولة، وكان من واجبي أن أبحث عن الأكفأ دون تأثر المودة أو الصداقة أو الزمالة".. وأجزمُ شخصيًا بالقول إنه لو تبنّى كل مسؤول كبيرٍ هذا المبدأ لتحررت الأوطان من قيود الأمزجة والأهواء والمصالح الشخصية التي ما أردى الأوطان أكثر منها..!!
من نافلة القول إن الكفاءات القديرة لو وُضعت في مكانها الصحيح لأثرت الأوطان بعطائها، ودفعته بإبداعاتها وأفكارها إلى مصاف التقدم، وليس ذلك صعبًا ولا مستحيلًا إن تبنته الأوطان سياسة لا تحيد عنها، وفي هذا سُئل السير ريتشارد برانسون صاحب مجموعة فيرجين: كيف تستطيع إدارة المئات من شركاتك فأجابهم: "لا أدير شركاتي، وإنما أختار الأشخاص المناسبين لإدارتها، وأمضي عنها". ومثله أجاب جاك ماي صاحب شركة "علي بابا": "أنا لا أفهم في التكنولوجيا، ولا أفهم شيئًا في الإدارة ولا في أمور أُخرى ولكنني طوال سنوات أختار أشخاص أذكى مني وأجعلهم يعملون مع بعضهم البعض".
خلاصة الأمر.. إننا لا نجدُ خيارًا دون اختيار الكفاءات الجديرة، ولكن قبلها علينا أن نحدد من يختار هذه الكفاءات، ومن هو الوصي بالإشارة إليها، وما هي معايير الإختيار في ذلك، متيقنين أنه متجرّدٌ من المصلحة الشخصية، ومتنصلًا من الأهواء والأمزجة، ومطبقًا للمعايير السليمة التي تستقطب أفضل الكفاءات إلى مكانها الصحيح حينها سنرى كيف يتقدم الوطن سريعًا في زمنٍ لا يعترفُ إلا بالكفاءات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يوجه بضم أحدث الأجهزة واستقطاب الكفاءات الطبية لمستشفى الدعاة
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
تفقد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أعمال تطوير مستشفى الدعاة بمصر الجديدة، وذلك في زيارة ميدانية هدفت إلى الإطلاع على أحدث ما وصلت إليه عمليات التحديث بالمستشفى وتقديم الدعم اللازم لتعزيز مستوى الخدمات الصحية. وتأتي هذه الزيارة في إطار اهتمام وزارة الأوقاف بتوفير خدمات طبية متطورة تتماشى مع أعلى معايير الجودة، بما يسهم في الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية المقدمة لجميع المواطنين.
وخلال جولته، تفقد الوزير عددًا من الأقسام الحيوية بالمستشفى، شملت وحدة الطوارئ، حيث اطمأن على أوضاع المرضى، واستمع إلى شرح مفصل حول التطويرات التي تمت، مؤكدًا ضرورة الارتقاء المستمر بالخدمة الطبية المقدمة. كما تابع الوزير أعمال تحديث قسم المعامل، وأشاد بالأجهزة الحديثة المتوفرة به، كما زار وحدة الجهاز الهضمي والمناظير والكبد، والتي تضم أحدث أجهزة المناظير على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن هذه النقلة تؤكد حرص الوزارة على توفير أفضل التقنيات للمتعاملين مع المستشفى.
وشدد الوزير خلال الزيارة على ضرورة توفير أحدث الأجهزة الطبية في جميع الأقسام، ووجه بسرعة تفعيل نظام آلي مميكن لتسجيل بيانات المرضى، لضمان سهولة وسرعة الخدمة، كما أولى اهتمامًا خاصًّا بوحدة الأشعة التشخيصية، وتحديدًا جهاز الرنين المغناطيسي المفتوح، وأكد أهمية إتاحته لجميع المرضى. وفي إطار الحرص على رعاية الأطفال، وجه الوزير بزيادة عدد الحضّانات بالمستشفى، كما تفقد جناح العمليات الجراحية ووحدة القلب المفتوح، مؤكدًا ضرورة تعزيز هذه الأقسام لتقديم خدمات طبية دقيقة وعالية الجودة.
وفي ختام الجولة، أعرب وزير الأوقاف عن فخره بما تحقق من تطورات في المستشفى، مشيدًا بجهود الإدارة والعاملين، ومؤكدًا أن الوزارة ستواصل دعمها الكامل للمستشفى، بما يسهم في توفير بيئة صحية متكاملة، وتحقيق أعلى درجات السلامة والعافية للمرضى. كما وجه بالعمل على تحسين الوضع القائم للجناح الخاص بالمستشفى، لضمان تقديم خدمة أفضل.
رافق الوزير في زيارته التفقدية عددٌ من قيادات الوزارة والمستشفى، من بينهم اللواء أحمد سمير، الوكيل الدائم لوزارة الأوقاف؛ والمستشار جلال عبد العاطي، المستشار القانوني لوزارة الأوقاف؛ والدكتور عبد الرحيم عمار، مساعد وزير الأوقاف لشئون الحوكمة؛ والدكتور عبد الله حسن، مساعد وزير الأوقاف لشؤون المتابعة؛ والعميد محمد نبيل عراقي، مساعد وزير الأوقاف للشئون الهندسية؛ والدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف؛ والكاتب الصحفي محمود الجلاد، معاون وزير الأوقاف لشئون الإعلام؛ واللواء طبيب ياسر حسن، رئيس مجلس إدارة مستشفى الدعاة؛ والدكتورة أحلام جابر، مدير عام مستشفى الدعاة؛ والدكتورة مروة عبد الجليل، مدير الشئون العلاجية ونائب رئيس مجلس إدارة مستشفى الدعاة.
اقرأ أيضًا:
"قنبلة موقوتة".. برلماني يحذر من مخاطر "النباشين" البيئية والأمنية
هل تناول الرنجة والفسيخ في "شم النسيم" يرتبط ببعض المخاطر الصحية؟.. باحث يوضح
بعد خفض الفائدة هل ينتعش سوق العقارات؟ مطورون يُجيبون
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف الكفاءات الطبية مستشفى الدعاةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
وزير الأوقاف يوجه بضم أحدث الأجهزة واستقطاب الكفاءات الطبية لمستشفى الدعاة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك