رأي الوطن : منظومة تحرص على تحقيق النزاهة الإدارية والمالية
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
يُمثِّل تحديث منظومة النَّزاهة الوطنيَّة، الحريصة على القضاء على أيِّ مظهر من مظاهر الفساد الإداريِّ والماليِّ في الدَّولة، والعمل على الإدارة المُثلى للموارد الوطنيَّة، من أهمِّ التحدِّيات التي تواجهها الدوَل في العصر الحديث. وباتَ الحرص على تحديث وتطوير منظومة النَّزاهة الوطنيَّة أمرًا وجوبيًّا لتعزيز ثقة المواطنين بالدَّولة ومؤسَّساتها، وترسيخ الطمأنينة في نفوسهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم من الأجيال القادمة، وذلك عَبْرَ إصلاح الأنظمة الإداريَّة والماليَّة بدَوْر رقابيٍّ منظَّم بمجموعة من التشريعات والقوانين، التي تُعزِّز القِيَم المؤسَّسيَّة والضوابط الأخلاقيَّة، التي تحرص على الشفافيَّة والعدالة داخل المؤسَّسات الحكوميَّة والقِطاع الخاصِّ، عَبْرَ تفعيل دَوْر أجهزة الرقابة والمساءلة وتكامليَّة عملها، وفقًا لأفضل الممارسات والمعايير المهنيَّة العالَميَّة.
وتأتي سلطنة عُمان على رأس الدوَل التي تحرص دائمًا على تطوير منظومة النَّزاهة الوطنيَّة داخل مؤسَّساتها، والعمل على حوكمة أُسُس الرقابة الإداريَّة والماليَّة، خصوصًا مع إقرار الخطَّة الوطنيَّة لتعزيز النَّزاهة (2022ـ2030)، والتي تظهر بشكلٍ جليٍّ عَبْرَ الحرص السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تبنِّي أفضل الممارسات الدوليَّة على هذا الصعيد، حيث تُمثِّل التوجيهات السَّامية لعاهل البلاد المُفدَّى المُوَجِّه الأساسيَّ لمؤسَّسات الدَّولة في تجسيد مبادئ العدالة والنَّزاهة وحُسن إدارة الموارد، والتأكيد على أنَّ النَّزاهة وما يرتبط بها من كفاءة في إدارة الموارد تُعدُّ من المرتكزات الأساسيَّة للتطوير المؤسَّسي، الذي سيُسهم في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة المأمولة في البلاد.
وانطلاقًا من تلك الرؤية الوطنيَّة المهتمَّة بتنفيذ الخطَّة الوطنيَّة لتعزيز النَّزاهة، جاء تنظيم جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة الحلقة التنفيذيَّة للخطَّة الوطنيَّة لتعزيز النَّزاهة، بمشاركة واسعة من المسؤولين في جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة، ووحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، والمسؤولين في وحدات الجهاز الإداريِّ للدولة المَدنيَّة والعسكريَّة، حيث تأتي الحلقة التنفيذيَّة في إطار متابعة تنفيذ الإجراءات من قِبل الجهات ذات العلاقة وفقًا لمؤشِّرات القياس والتقييم الواردة في الخطَّة، وذلك تحقيقًا للمتطلَّبات الواردة في الاتفاقيَّات الدوليَّة ومواءمةً مع الأهداف الوطنيَّة في رؤية عُمان 2040، حيث حرص المشاركون على التأكيد على دَوْر الخطَّة الوطنيَّة لتعزيز النَّزاهة في تبنِّي أفضل الممارسات في مجالات النَّزاهة والشَّفافيَّة ومُكافحة الفساد بمشاركة فاعلة بَيْنَ القِطاعَيْنِ العامِّ والخاصِّ ومؤسَّسات المُجتمع المَدني والأفراد.
وتمتلك الخطَّة الوطنيَّة لتعزيز النَّزاهة رؤية واسعة الأُفق، حيث ترتكز على أربعة مبادئ رئيسة، يركِّز المبدأ الأوَّل على النَّزاهة من خلال تبنِّي مبادئ وقِيَم النَّزاهة وممارساتها القويمة تجاه المال العامِّ والوظيفة العامَّة، في حين يُعنى المبدأ الثاني بمجال الشفافيَّة عَبْرَ إفصاح مؤسَّسيٍّ يستند إلى مبادئ الدقَّة والملاءمة والموثوقيَّة، أمَّا المبدأ الثالث فيتناول المساءلة والمحاسبة من خلال إيجاد تشريعات شاملة وإجراءات ذات كفاءة لتفعيل المساءلة والمحاسبة، ويأتي المبدأ الرابع من مبادئ الخطَّة الوطنيَّة حَوْلَ الشراكة والتي تتحقَّق عَبْرَ التَّعاون الفاعل من كافَّة الأطراف ذات العلاقة، ما يؤكِّد أنَّها تُمثِّل منهجًا متكاملًا لتحقيق المستوى الأعلى من الكفاءة والفاعليَّة، وتنطلق من ضرورة تفعيل الشراكة المؤسَّسيَّة والمُجتمعيَّة في رفع كفاءة استخدام المال العامِّ وتعزيز النَّزاهة، الأمْرُ الذي يرفع من مستويات تحقيق الأهداف والنتائج المنشودة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الوطنی تحقیق ا التی ت
إقرأ أيضاً:
دعوة إسرائيلية لفتح تحقيق جنائي ضد نتنياهو وإلا فالهجرة الجماعية هي الحل
ما زالت أصداء الإفادة التي قدمها رونين بار رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) أمام المحكمة العليا ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تتردد في دولة الاحتلال الإسرائيلي، لأنها كشفت أن الأخير ارتكب فعلياً سلسلة من الجرائم غير المسبوقة، مما يستدعي من المدعي العام والجمهور أن يفهموا حجم الخطر، لأن ما قام به ليس خلافا سياسيا، بل خطر حقيقي يهدد الدولة كلها.
وبحسب الرئيس السابق لجمعية الصحافة الأجنبية في تل أبيب، دان بيري٬ فإن "الدولة الإسرائيلية تجاوزت خطا أحمر آخر، لأن إفادة بار تعتبر لائحة اتهام تاريخية ضد نتنياهو، تستوجب فتح تحقيق جنائي فورا، لأنها الوثيقة الأكثر خطورة التي يقدمها رئيس جهاز الأمن في الدولة على الإطلاق ضد رئيس حكومة يستخدم سلطة ونفوذ جهاز الأمن مرارا وتكرارا لصالحه الشخصي والسياسي والقانوني، بمطالبته مساعدته لتأخير أو تعطيل الإجراءات الجنائية ضده، والضغط عليه لإصدار رأي مهني يجعل ظهوره في المحكمة مستحيلا من الناحية اللوجستية".
وأشار في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "بار رفض مطالب نتنياهو بمراقبة المتظاهرين ضده، ومعارضي الحكومة، واتخاذ خطوات ضدهم، وتحديد مموليهم، لأنها تتجاوز القيود القانونية والأخلاقية، بل إنه طلب منه مراقبة الصحفيين، ومحاولة فرض حظر إعلامي على تحركاته، وهي خطوة مروعة تنتهك حرية الصحافة، وطالبه بإظهار الولاء الشخصي له في حالة حدوث أزمة دستورية، وهذا مطلب غير قانوني بشكل واضح، ويشير لتوجه واضح لتحريض جهاز الأمن ضد القضاء".
وأكد أن "ما أمامنا من بعض بنود إفادة بار السرية لا تحتوي على هجوم سياسي، بل شهادة موقعة ومشفوعة بالقسم من رئيس جهاز الأمن العام في الدولة، لديه القدرة على الوصول لكل وثيقة سرية، دون دوافع سياسية، لكن الغريب أنه حتى الآن لم يتم فتح أي تحقيق من قبل الشرطة، لأنه في أي دولة أخرى كان من شأن مثل هذه الإفادة أن تؤدي لفتح تحقيق جنائي فوري، إلا في "إسرائيل" 2025، التي أصبحت فيها الشرطة تحت قيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المتطرف المدان بسلسلة جرائم، وليس لديه مصلحة بفتح تحقيق".
وأشار أن "إفادة بار كشفت كيف حذر مرارًا وتكرارًا من تنامي قوة حماس في غزة، لكن نتنياهو أهمل تحذيراته، وكيف استبعده من فريق التفاوض لإطلاق سراح الرهائن دون تفسير، وكيف أن مساعديه لديهم علاقات مع قطر، الدولة التي وصفها نفسه بأنها ترعى حماس، وبالتالي فإن إقالة بار لم تكن بسبب فشل يوم السابع من أكتوبر، بل تم عزله لأنه رفض طاعة نتنياهو، وهذا لوحده جرس إنذار".
وأوضح أنه "بالتزامن مع إفادة بار للمحكمة تخضع المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، لإجراءات عزل، لكن ذلك لا يجب أن يمنعها من إصدار أمر للشرطة بفتح تحقيق جنائي، علناً، ودون مراوغة، لأن هذا في الواقع أبسط عمل من أعمال التطهير المؤسسي، لأن محاولة نتنياهو استغلال الأجهزة الأمنية لتلبية احتياجاته القانونية الشخصية ليس غير أخلاقي فحسب، بل ربما يكون إجراميًا".
وأضاف أن "هذا الأمر لا ينبغي أن يُترك بأيدي النائب العام وحده، بل يجب على كافة قوى المعارضة أن تتصرف معًا، وعقد مؤتمر صحفي مشترك، والمطالبة بفتح تحقيق فوري، برفقة جميع رؤساء الشاباك والموساد، للإعلان بصوت واحد أنه لم يحدث شيء مثل هذا على الإطلاق، وبالتالي فإننا أمام لحظة تاريخية غير مسبوقة، تتطلب تحركاً في المقابل غير مسبوق".
وختم بالقول إن "حقيقة أن ينظر بار إلى نتنياهو باعتباره تهديدا لسيادة القانون يجب أن تزعج كل إسرائيلي، ولذلك يجب التحقيق معه، وكل لحظة تأخير هي مسمار آخر في نعش الدولة، وإذا لم يحرك هذا بعض مسئولي الرأي العام، فيجب عليهم أن يفهموا أن الطفرة التي يحاول نتنياهو تشكيلها هنا ستؤدي للهجرة الجماعية من الدول، والفقر، والضعف الوجودي في مواجهة الأعداء الخارجيين".