تحذيرات دولية من مخاطر المقابر الجماعية لضحايا فيضانات ليبيا (فيديو)
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
وسط تحذيرات متزايدة أطلقتها منظمات ووكالات دولية من انتشار الأوبئة والأمراض في مدينة درنة، شرق ليبيا، بسبب الجثث المطمورة تحت الطين، والتي لم يتم انتشالها حتى هذه الساعات، مع بدء تحللها وتعفنها، تواصل فرق الإنقاذ أعمال البحث وسط حطام المدينة المنكوبة.
منظمات دولية تدعو لعدم دفن الضحايا بمقابر جماعيةودعت منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى منظمات إغاثة أخرى، السلطات الليبية إلى التوقف عن دفن جثث ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، محذرة من أن المقابر الجماعية قد تحدث مخاطر صحية، إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه، وقد يتسبب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات، وفقاً لما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» في تقرير لها اليوم السبت.
وتتفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع التحذيرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، حيث أكدت أن الكوارث البيئية الطبيعية تمثل العديد من التحديات للسلطات والمجتمعات المتضررة، وقد ينتج عنها وفيات بشرية بأعداد كبيرة، مما يؤدي إلى تجمع الجثامين، والتي في غالب الأمر لا تتسبب في انتشار الأوبئة والأمراض، لأن سبب الوفاة ناتج عن الإصابات أو الغرق، وليس مرضي.
معاناة أسر الضحايا حال دفنهم في مقابر جماعيةوأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن دفن الجثامين مجهولة الهوية على عجل، في مقابر مشتركة لا تحمل علامات ولا يمكن تعقبها، يشكل في الواقع خطراً أكبر يتمثل في معاناة طويلة الأمد من قبل العائلات الناجية، التي تحتاج إلى التحقق من وفاة أقاربها من قبل المتخصصين في الطب الشرعي.
واختتمت اللجنة بيانها: «دعونا لا نطيل تأثير الكارثة على العائلات الناجية، من خلال التسبب في بقاء أقاربهم مفقودين إلى الأبد».
اخصائي بالصليب الأحمر يؤكد أنها لن تسبب أضراروأكد الدكتور بلال صلبوح، اخصائي الطب الشرعي باللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنه بمجرد البحث عن الأحياء، وتأمين سلامتهم، يجب أن يصبح البحث عن الجثث وانتشالهم وجمعهم بطريقة كريمة ومنهجية ومنسقة أولوية.
وأكد أنه ليس هناك ما يبرر الدفن في مقابر جماعية للمتوفين نتيجة للكوارث الطبيعية، مشددًا على أنهم عادة لا يسببون الأوبئة، لأن سبب الوفاة عادة ناتج عن اصابات مرضية أو صدمة، وليس نتيجة لمرض معد، لذلك يكون الخطر على العامة يكاد لا يذكر، ومع الوقت تزداد رائحة الجثث بسبب التعفن، ولكن لا تشكل ضررًا للعامة.
لا ينصح لغير المدربين بالتعامل مع الجثثوأشار أنه لا ينصح الأشخاص غير المدربين بالمشاركة في عملية جمع الجثث وانتشالها، لأن الجثث قد تكون في أماكن غير مستقرة وغير آمنة.
كما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن ليبيا تسلمت مساء أمس الجمعة، حوالي 5000 كيس للجثث، وصلت على متن طائرة هبطت في مطار بنغازي، وتم تسليمها للهلال الأحمر ووزارة الصحة ومركز طب الطوارئ والدعم، وذلك بعدما زادت الشكاوى من قلة أعداد أكياس حفظ الجثث.
العاصفة دانيال سببت كارثة إنسانية ضخمةوتسببت العاصفة دانيال في كمية أمطار غزيرة تجمعت خلف سدين في مدينة درنة الليبية، مما أدى لانهيارهما، وجرفت المياه المنازل والبنايات والطرق والكباري في طريقها، مخلفة أكثر من 11300 قتيل حتى الآن، بخلاف المفقودين، وتسببت في دمار ثلث المدينة، التي أضحت أشبه بمدينة أشباح، بعدما غادرها أغلب سكانها، وبقي فيها المتطوعون ورجال الانقاذ.
وانتشرت رائحة الموت في كل مكان وبدأت روائح الجثث في الظهور بعد تحللها، بينما مازلت جثث مجهولة موجودة تحت الأنقاض، وأخرى مطمورة أسفل الطين، ومازالت أمواج البحر المتوسط تقذف المزيد من الجثث على شواطئ درنة، التي تحولت إلى مكب نفايات وسيارات مُدمرة، بعدما جرفتها المياه من الشوارع، حيث جرفت مياه الفيضان بيوتاً كاملة وألقت بها وبساكنيها في البحر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جثث ليبيا ضحايا ليبيا جثث ضحايا ليبيا اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر مقابر جماعیة فی مقابر
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب