الجبل الأخضر.. سلّة فواكه تنتظر الاستغلال
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
يتميز مناخ ولاية الجبل الأخضر باعتدال أجوائه طيلة فترة العام مع انخفاض ملحوظ في درجة الحرارة شتاءً لدرجة تكوّن الثلوج في بعض فترات فصل الشتاء؛ ومنذ القدم اشتهر محاصيله الزراعية المتفرّدة،حيث يختلف عن باقي الواحات الزراعية التي تنتشر بين الولايات إذ يُزرع فيه أصنافًا من الفاكهة والخضار قد لا تتناسب مع بيئات خارج الولاية، كما تشتهر بتقطير ماء الورد؛ نظرا لوفرة المساحات المزروعة بهذه الزهرة الثمينة وانتشار أشجار الرمّان.
ويقع الجبل الأخضر على ارتفاع يزيد عن 10 آلاف قدم عن سطح البحر الأمر الذي أوجد في أراضيته الزراعية قابلية للتنوّع في المزروعات، حيث زرع الأهالي إضافة إلى الرمّان المشمش والخوخ والجوز كما توافرت شجرة البوت بكثرة وهي شجرة شوكية تنتج فاكهة فريبة من الكرز لكنها أقل حجمًا من حبّة الكرز.
وبدأ الأهالي في التفكير أكثر في تطوير البيئة المناسبة من خلال إدخال أصناف أخرى من الفاكهة استغلالًا للتبادل المعرفي واحتكاك سكان الجبل بآخرين من بيئات خارج سلطنة عمان تشبه في طبيعتها بيئة الجبل الأخضر كمنطقة تبوك والطائف بالمملكة العربية السعودية وأراضي بلاد الشام، كما عملت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه دورًا في مساندة جهود المزارعين من خلال تزويدهم ببعض التعليمات والخبرات البحثية، فبدأت أصناف أخرى في الظهور، ونجحت بعض الأصناف، وجادت بخيراتها، حيث تتنوّع الفواكه المزروعة حاليا لتشمل التفاح والكمثرى والتين البري والتين الشوكي والبرقوق وأنواع من النكتارين والخوخ والعنب، حيث فتحت هذه المزروعات آفاقًا أفضل للمزارعين خاصة وأنها تجد الإقبال الكبير من المستهلكين لمذاقها الحلو وجودتها وندرتها في مزارع سلطنة عمان.
وفطن الأهالي للقيمة الاقتصادية التي يوفرها الزيتون لذلك توجّه الكثير من المزارعين وغيرهم من أبناء الولاية للاستفادة من قابلية الأراضي لزراعة هذا النوع من الأشجار، حيث بدأت أشجار الزيتون تنتشر بعد أن كانت في السابق يُنظر لها كأشجار زينة وأشجار غير مرغوب فيها وزاد العائد الاقتصادي من هذه الشجرة المباركة، حيث تم افتتاح معصرة لإنتاج زيت الزيتون تابعة لوزارة الثروة الزراعية، وتبع ذلك افتتاح أكثر من معصرة للقطاع الخاص لتلبية طلبات عصر الزيتون، واستخراج الزيوت ومشتقاتها من هذه الشجرة، وينظر لهذه الشجرة على أنها الاستثمار الأمثل في المستقبل.
ولم تكن عملية إدخال أصناف الفاكهة الجديدة واستدامتها عملية سهلة، حيث تطلّبت معرفة كافية بمواعيد زراعتها وكيفية العناية بها ومع ذلك تصدّى المزارع لهذه الصعوبات ونجح في إنتاج هذه الأصناف، وبدأ التفكير في استدامتها وتوسعة الرقعة الزراعية في ربوع الولاية إلا أنه اصطدم بواقع ندرة المياه حيث يعد الجبل الأخضر بطبيعته الجغرافية الصعبة جافًا، ولا يحتفظ بكميات كبيرة من المياه لذلك تبرز هذه المشكلة في أوقات ندرة الأمطار كون أغلب الأفلاج تعتمد على مياه الأمطار في تغذيتها وديمومتها رغم توفّر بعض السدود التخزينية والتجميعية في قرى الولاية، لذلك بدأ المزارعون في مراجعة حساباتهم قبل عملية التوسّع في المساحات المزروعة خشية العودة لنقطة الصفر، كما أن تأخر وصول إمدادات المياه الحكومية للولاية بسبب جغرافية المنطقة ووعورة الطريق لم يكن عاملا مساعدا، وظهرت في الأفق بوادر من خلال إعادة تدوير المياه الرمادية إلا أن الأمر يتطلّب وقتا أطول ليكون ذا جدوى؛ أما المعضلة الثانية فهي وعورة أرض الجبل غالبا، حيث تكتسي الأراضي بغطاء صخري يتطلّب جهدا شاقا وموارد مالية كبيرة من أجل تهيئة هذه الأراضي لتكون قابلة للزراعة، ويتطلّب الأمر أحيانا إلى نقل الكثير من الصخور والحفر لمسافة تزيد على المتر في الأرض من أجل تغيير تركيبة الأرض، وهذا الأمر مكلّف ولا يقدر عليه الكثير من المزارعين.
ومع هذه التحديات يأمل المزارعون في الجبل الأخضر أن تكون ولايتهم سلّة غذائية ترفد أسواق الولايات في عموم سلطنة عمان بأجود أنواع الفواكه، وهذا يتطلّب تضافر جهود القطاع الحكومي والقطاع الخاص مع تطلّعات المواطنين، ومن بينها تهيئة المزارع لتكون بيئة قابلة للزراعة، وزيادة المساحات الخضراء وذلك من خلال توفير أراضٍ زراعية مستصلحة تكون بنظام الانتفاع، ومتابعة تطوّر الزراعة فيها بالإضافة إلى حلول جذرية لمشكلة شح المياه سواءً من خلال حفر آبار ارتوازية تساعد المزارعين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجبل الأخضر من خلال
إقرأ أيضاً:
"الولاية الثالثة".. هل يمهد ترامب لتعديل دستوري شديد التعقيد؟
أثار تلميح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، إلى احتمالية ترشحه لولاية رئاسية ثالثة، تساؤلات حول إمكانية إجراء تعديلات دستورية خاصة في المادة 22، التي تحظر على الرئيس الوصول إلى البيت الأبيض لأكثر من مرتين.
وقال ترامب أمام أعضاء من الحزب الجمهوري، "أظنّ أنني لن أترشّح إلا إذا اعتبرتم "أنني جيّد، ولا بدّ من التفكير في شيء آخر". هل يمكن لترامب أن يترشح لولاية ثالثة؟رغم بقاء شهرين على دخوله البيت الأبيض لبدء فترة حكم تستمر 4 سنوات، يبدو أن ترامب بدأ يحلم بولاية ثالثة، رغم أن الدستور الأمريكي يمنعه من ذلك.
وقال المحلل السياسي حسن الخالدي إن طموح ترامب يصطدم بالتعديل 22 من الدستور الأمريكي، الذي أقرّ في عام 1947، ويحدد أن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يشغل المنصب لفترتين فقط، أو مدة إجمالية لا تتجاوز 8 سنوات.
وبسبب ذلك، يمنع التعديل أي رئيس من الترشح لولاية ثالثة (في حال فوزه بولايتين كاملتين، أو حتى إذا شغل المنصب لمدة أكثر من عامين من ولاية سابقة).
وتم تمرير هذا التعديل بعد حكم الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت، الذي خدم في المنصب 4 فترات متتالية، بسبب الظروف الاستثنائية التي سادت العالم في فترة الحرب العالمية الثانية.
وأوضح المحلل السياسي الخالدي لـ"24"، أن عملية تعديل الدستور معقدة، وتتطلب إجراءات صعبة بحسب المادة الخامسة من الدستور الأمريكي.
وتنص المادة الخامسة من الدستور الأمريكي على أن التعديل 22 يمكن تعديله عن طريق موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس (أي 67 عضوًا في مجلس الشيوخ و290 عضوًا في مجلس النواب)، وموافقة موافقة ثلاثة أرباع الولايات (38 ولاية من أصل 50).
وقال الخالدي إن هذه الإجراءات تجعل تعديل الدستور نادرًا جدًا، وضرب مثالا بأن الدستور الأمريكي تم تعديله 27 مرة فقط، منذ إقراره في عام 1787.
ويؤيد مركز الدستور الأمريكي، وهو مؤسسة غير ربحية، أن إجراء تعديل دستوري من هذا النوع سيكون تحديًا سياسيًا كبيرًا، إذ يتطلب دعمًا واسعًا من جميع الأطراف السياسية.
ويؤكد الموقع أن العملية ستكون طويلة ومعقدة، ولن تتحقق بسهولة.
في حال عُدّل النص 22، فمن الممكن لترامب أن يترشح لولاية ثالثة، ويخوض سيناريو مشابهًا لما حدث مع فرانكلين روزفلت، الذي تم انتخابه 4 مرات، بفضل الظروف الخاصة التي مرت بها الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية.
ولكن، اليوم، الظروف السياسية مختلفة كثيرًا، وموافقة الكونغرس والولايات على تعديل مثل هذا التعديل ستظل مسألة صعبة جدًا، في ظل التوازن السياسي الحالي، بحسب مركز الدستور.
وتقول قناة "هيستوري" الأمريكية المتخصصة في البرامج الوثائقية، إن فترة حكم روزفلت كانت مرتبطة بتحديات استثنائية على مستوى الحرب، ما جعله يستمر في منصبه أكثر من ولايتين، وهو ما لا يتوفر اليوم.
ودفعت الظروف العالمية (الحرب العالمية الثانية) إلى إعادة انتخاب روزفلت، إضافة للكساد الكبير الذي أصاب البلاد آنذاك، والحاجة لإدارة الأزمة الاقتصادية والاستقرار، فضلاً عن غياب المنافسة القوية.