جريدة الوطن:
2025-04-24@23:05:07 GMT

قمة العشرين وصراع التكتلات الدولية

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

قمة العشرين وصراع التكتلات الدولية

لم يحضر الرئيس الصيني (شي جي بينج) قمَّة العشرين شخصيًّا، التي انعقت مؤخرًاً بالهند، وتمَّ تكليف رئيس وزرائه للمُشاركة بالقمَّة، كذلك فعلت جمهوريَّة روسيا الاتِّحاديَّة، في قمَّة هي الأهمُّ ضِمْن سلسلة القِمم التي عقَدتها مجموعة العشرين خلال السنوات المنصرمة، نظرًا لحساسيَّة الأوضاع الدوليَّة التي تعيش مرحلة صعبة من «المكابشة» السِّياسيَّة وحتى العسكريَّة بَيْنَ أطراف مختلفة.

وفي إطار الحساسيَّة إيَّاها، والتعقيدات التي يعيشها النظام الدولي قاطبة، تبنَّت مجموعة العشرين، مع انتهاء أعمالها يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2023 إعلانًا توافقيًّا تجنَّب ما أرادته الولايات المُتَّحدة نصًّا بـ»التنديد بالعمليَّة العسكريَّة الروسيَّة الخاصَّة في أوكرانيا»، فكانت أجواء القمَّة، وكما هو متوقَّع تشي بوجود اختلاف في وجهات النظر بشأن الوضع القائم في أوكرانيا، فجاء البيان التوافقي كمخرج لا بُدَّ مِنْه. حين دعا جميع الدوَل إلى الامتناع عن التهديد أو استخدام القوَّة من أي طرفٍ كان، وطالب جميع الدوَل بالالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بسلامة الأراضي والسِّيادة والقانون الإنساني الدولي والنظام مُتعدِّد الأطراف الذي يحمي السَّلام والاستقرار. وعلى كُلِّ حال، خرجت معظم الأطراف المشاركة بأعمال قمَّة العشرين مرتاحة نسبيًّا لِمَا نتج عَنْها، بعدما كانت التوقُّعات تخشى من وقوع انفجار سياسي في أعمالها نتيجة الخلافات البَيْنيَّة تجاه المواضيع الدوليَّة، ومِنْها الصراع في أوكرانيا وملف تايوان وتصدير الحبوب عَبْرَ البحر الأسود، وقضايا الاقتصاد والاستثمارات وتمدُّدها من قِبل الصين وروسيا في إفريقيا وصولًا إلى بعض دوَل القارَّة الأميركيَّة. وزير الخارجيَّة الروسي، سيرجي لافروف، عَدَّ إعلان مجموعة العشرين نجاحًا لموسكو، عادًّا أنَّه وبفضل وحدة الجنوب العالَمي، بما في ذلك الدَّولة المُضيفة الهند ومعها تأثيرات نشوء التكتُّل الدولي الآخر (مجموعة بريكس)، أسهَمَ في نجاح أعمال القمَّة فتمَّ إصدار «إعلان صادق ومتوازن» بشأن الدوَل النَّامية ضِمْن مجموعة العشرين. لكنَّ الإعلان المشترك لدوَل مجموعة العشرين وُوجِهَ ـ كما هو متوقَّع ـ بانتقاد أوكراني، بَيْنَما رأى المستشار الألماني (أولاف شولتس) أنَّ «الفقرات الخاصَّة بحرب أوكرانيا في بيان القمَّة نجاح». وهو ما يعكس حقيقة الموقف الألماني المُتململ من الصراع في أوكرانيا، والمتأفِّف من الدَّوْر الأميركي في تأجيج الصراع خدمة لأهدافها في الصراع مع موسكو ومحاولة تأليب أوروبا بكاملها ضدَّ موسكو وتقديم الأموال لخدمة ذلك الصراع من كيس أوروبا.
وفي النتائج نقول: إنَّ قمَّة العشرين الأخيرة التي عُقدت في الهند، كانت فارقة لجهة محاولة خلق تفاهمات دوليَّة جديدة بعد أن طالت المواجهة الأوكرانيَّة الروسيَّة، وبعد أن وصلت الأزمات في النظام الدولي إلى مدياتها الصعبة، فكان لا بُدَّ من العودة إلى بناء تفاهمات حقيقيَّة تأخذ بعَيْن الاعتبار مصالح شعوب العالم، وإطفاء النيران المشتعلة هنا وهناك، والسَّعي للتعاضد بَيْنَ دوَل العالَم على تجاوز أزماتها الاقتصاديَّة. ولدوَل العشرين في مثال الصين الشَّعبيَّة مصدر إلهام، فاقتصاد الصين كما تُشير المعطيات المنشورة، تجاوز مرحلة إغلاق الاقتصاد بسبب جائحة (كورونا/كوفيد 19) وحافظ على نسبة نُموٍّ بمعدَّل 4,5% خلال السنوات الأربع الماضية، بَيْنَما لَمْ تتجاوز النسبة 1,8% في الولايات المُتَّحدة، كما ارتفع متوسط نُموِّ نصيب الفرد من الناتج المحلِّي الإجمالي السنوي في الصين بنسبة 4,4% بفعل ارتفاع الأُجُور الذي تَحقَّق في الصِّين.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجموعة العشرین فی أوکرانیا ة العشرین

إقرأ أيضاً:

"معرض هاينان الدولي".. ركيزة الصين في مواجهة التحديات التجارية

 

 

 

تشو شيوان **

يتساءل الكثيرون كيف ستكون قوة الاقتصاد الصيني على امتصاص الصدمات ومواجهة أزمة التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين، والتي قامت الصين بدورها بفرض تعريفات جمركية على البضائع الأمريكية؟

وفي مواجهة هذه الإجراءات الحمائية، تعمل الصين على تسريع تكامل التجارة الداخلية والخارجية من ناحية، ومن ناحية أخرى، تمضي قُدمًا بخطى ثابتة نحو توسيع انفتاحها على الخارج، وخلال الفترة المقبلة سوف يرى العالم بشكل أكثر وضوحًا أن نزعة الحماية التجارية طريق مسدود، وأن الانفتاح والتعاون فقط هما القادران على كسب المستقبل، وهذا رهان قوي ستتكشف نتائجه يومًا بعد يوم.

وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتصاعد موجة الحمائية التجارية، يبرُز معرض هاينان الدولي الخامس للسلع الاستهلاكية كإحدى الركائز الحيوية التي تعتمد عليها الصين لتعزيز مرونة تجارتها الخارجية. ففي الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة تعريفات جمركية عشوائية وتواجه العولمة الاقتصادية عراقيل متزايدة، نجحت الصين في تقديم رسالة واضحة للعالم: أن الانفتاح والتعاون لا يزالان خيارها الاستراتيجي، وهذا الخيار لا يمكن للصين التخلي عنه أولًا كدولة مسؤولة تمارس دورها الإيجابي العالمي، وثانيًا كدولة كبرى اقتصاديًا ولها حلول الاستراتيجية لمواجهة جميع التحديات.

لقد اختتم المعرض في 18 أبريل الجاري، مُحقِّقًا أرقامًا قياسية؛ حيث استقطب أكثر من 1767 شركة و4209 علامات تجارية من 71 دولة ومنطقة حول العالم، وبلغ حجم التعاون المُوَقَّع خلال المعرض حوالي 92 مليار يوان صيني؛ مما يعكس الثقة المتزايدة بالسوق الصينية رغم التقلبات الدولية. المثير للاهتمام أن مئات الشركات أكدت رغبتها في المشاركة في الدورة المقبلة، ما يُبرهن على الجاذبية المتنامية للسوق الاستهلاكية الصينية، وهذه الأرقام خير برهان على أن الانفتاح والتعاون هما الأساس والطريق الأسلم لضمان استقرار العالم اقتصاديًا.

يأتي هذا النجاح مدعومًا بإمكانات السوق المحلية؛ إذ وصلت مبيعات التجزئة إلى 48.8 تريليون يوان صيني عام 2024؛ بزيادة سنوية قدرها 3.5% مقارنة بعام 2023؛ ما يُعزِّز مكانة الصين كثاني أكبر سوق استهلاكية في العالم. وقد أشار العديد من العارضين الأجانب إلى أن فرص النمو والتوسع التي يتيحها السوق الصيني كانت الدافع الرئيسي لمشاركتهم في هذا الحدث، وأيضًا برزت أهمية هذا المعرض لكونه نافذة للسوق الصيني والتي باتت فرصة أمام الكثير من الدول ممن تمارس عليهم الولايات المتحدة حمائية تجارية غير مسبوقة، وهؤلاء يجدون في الصين والسوق الصيني فرصة كبيرة لتعويض الخسائر وتدارك الأمر.

أيضًا يجب أن نذكر هنا أن المعرض يُعزِّز مكانة هاينان بوصفها منصة رئيسية للانفتاح الاقتصادي؛ ففي إطار سياسات المنطقة الحرة يتمتع المشاركون بمزايا مثل التعرِفة الصفرية؛ مما يسهم في تدفق السلع عالية الجودة إلى الأسواق الصينية والعالمية على حد سواء، وهذا التوجه يضع هاينان في موقع الريادة كمحور حيوي للتجارة الحرة والانفتاح، وهنا يجب القول إن الصين تمضي في الاتجاه المعاكس للولايات المتحدة؛ فالصين تدفع نحو الانفتاح والتشارك، بينما الولايات المتحدة تسير نحو الانغلاق والحمائية.

من جهة أخرى، يعكس المعرض ديناميكية الابتكار في الصين، فمع تسارع تطوير قوى إنتاجية جديدة وعالية الجودة، يتم تجديد السوق الاستهلاكية الصينية باستمرار؛ ما يوفر بيئة خصبة لنمو الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء. وأظهر تقرير الابتكار الوطني الأخير أن الصين قفزت 10 مراكز خلال عقد واحد، لتصبح ضمن العشرة الأوائل عالميًا في مجال الابتكار، وهو عامل محوري في تعزيز مرونة التجارة الخارجية، وهذه النقطة تحديدًا أجدها من أهم النقاط؛ حيث إن الصين تؤمن بأن الابتكار هو من سيقود المستقبل وهو المحرك الأساسي للاقتصاد.

وفي ظل استمرار انعقاد معارض دولية كبرى مثل معرض كانتون ومعرض الصين الدولي للاستيراد، تواصل الصين الوفاء بوعودها بالانفتاح العملي، لا بالأقوال فقط؛ بل بالأفعال، خصوصًا وسط حالة الاضطراب في النظام التجاري العالمي. وهنا يقدم معرض هاينان دليلًا حيًا على قدرة الصين على تحويل التحديات إلى فرص، معتمدة على سوقها الواسعة، وسياساتها التفضيلية وديناميكية الابتكار الدائم.

وفي النهاية، لدي رأي أجده مهمًا بأن الانفتاح هو الحل؛ إذ إن الصين لا تزال قلب الاقتصاد العالمي النابض من خلال الجمع بين قوة السوق المحلية، والابتكار التكنولوجي، والشراكات العالمية، كما تُظهر الصين أن الحمائية ليست حلًا؛ بل الانفتاح والتعاون هما الطريق لاقتصاد مستقر ومزدهر. وكما قال أحد العارضين الأجانب: "السوق الصينية ليست فقط كبيرة، ولكنها ديناميكية وتقدم فرصًا لا مثيل لها". وبهذه الروح، تواصل الصين كتابة فصل جديد في تاريخ التجارة العالمية؛ فصل تقوده الشراكات وليس الحواجز، والثقة لا الشكوك.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية - العربية

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المركز الإعلامي يعقد لقاءً مع وسائل الإعلام الدولية المشاركة بمعرض مسقط الدولي للكتاب الـ 29
  • أهم التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري.. ندوة بجامعة الملك سلمان الدولية
  • بعد تهديد واشنطن.. بريطانيا: أوكرانيا هي التي تقرّر مستقبلها.
  • توقيع بروتوكول بين مهرجان شنغهاي الدولي للفنون ودي-كاف وأرابيسك الدولية
  • أوكرانيا تتهم الصين بالتورط عسكرياً في الصراع مع روسيا
  • هذه هي التنازلات الكبرى التي يطلبها ترامب وبوتين من أوكرانيا
  • "معرض هاينان الدولي".. ركيزة الصين في مواجهة التحديات التجارية
  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • وزير المالية يُشارك فى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي ومجموعة العشرين بواشنطن
  • "كلية عُمان للإدارة" تختتم المؤتمر الدولي حول الحلول الذكية للتصميم الحديث