جريدة الوطن:
2025-03-29@01:03:20 GMT

قمة العشرين وصراع التكتلات الدولية

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

قمة العشرين وصراع التكتلات الدولية

لم يحضر الرئيس الصيني (شي جي بينج) قمَّة العشرين شخصيًّا، التي انعقت مؤخرًاً بالهند، وتمَّ تكليف رئيس وزرائه للمُشاركة بالقمَّة، كذلك فعلت جمهوريَّة روسيا الاتِّحاديَّة، في قمَّة هي الأهمُّ ضِمْن سلسلة القِمم التي عقَدتها مجموعة العشرين خلال السنوات المنصرمة، نظرًا لحساسيَّة الأوضاع الدوليَّة التي تعيش مرحلة صعبة من «المكابشة» السِّياسيَّة وحتى العسكريَّة بَيْنَ أطراف مختلفة.

وفي إطار الحساسيَّة إيَّاها، والتعقيدات التي يعيشها النظام الدولي قاطبة، تبنَّت مجموعة العشرين، مع انتهاء أعمالها يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2023 إعلانًا توافقيًّا تجنَّب ما أرادته الولايات المُتَّحدة نصًّا بـ»التنديد بالعمليَّة العسكريَّة الروسيَّة الخاصَّة في أوكرانيا»، فكانت أجواء القمَّة، وكما هو متوقَّع تشي بوجود اختلاف في وجهات النظر بشأن الوضع القائم في أوكرانيا، فجاء البيان التوافقي كمخرج لا بُدَّ مِنْه. حين دعا جميع الدوَل إلى الامتناع عن التهديد أو استخدام القوَّة من أي طرفٍ كان، وطالب جميع الدوَل بالالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بسلامة الأراضي والسِّيادة والقانون الإنساني الدولي والنظام مُتعدِّد الأطراف الذي يحمي السَّلام والاستقرار. وعلى كُلِّ حال، خرجت معظم الأطراف المشاركة بأعمال قمَّة العشرين مرتاحة نسبيًّا لِمَا نتج عَنْها، بعدما كانت التوقُّعات تخشى من وقوع انفجار سياسي في أعمالها نتيجة الخلافات البَيْنيَّة تجاه المواضيع الدوليَّة، ومِنْها الصراع في أوكرانيا وملف تايوان وتصدير الحبوب عَبْرَ البحر الأسود، وقضايا الاقتصاد والاستثمارات وتمدُّدها من قِبل الصين وروسيا في إفريقيا وصولًا إلى بعض دوَل القارَّة الأميركيَّة. وزير الخارجيَّة الروسي، سيرجي لافروف، عَدَّ إعلان مجموعة العشرين نجاحًا لموسكو، عادًّا أنَّه وبفضل وحدة الجنوب العالَمي، بما في ذلك الدَّولة المُضيفة الهند ومعها تأثيرات نشوء التكتُّل الدولي الآخر (مجموعة بريكس)، أسهَمَ في نجاح أعمال القمَّة فتمَّ إصدار «إعلان صادق ومتوازن» بشأن الدوَل النَّامية ضِمْن مجموعة العشرين. لكنَّ الإعلان المشترك لدوَل مجموعة العشرين وُوجِهَ ـ كما هو متوقَّع ـ بانتقاد أوكراني، بَيْنَما رأى المستشار الألماني (أولاف شولتس) أنَّ «الفقرات الخاصَّة بحرب أوكرانيا في بيان القمَّة نجاح». وهو ما يعكس حقيقة الموقف الألماني المُتململ من الصراع في أوكرانيا، والمتأفِّف من الدَّوْر الأميركي في تأجيج الصراع خدمة لأهدافها في الصراع مع موسكو ومحاولة تأليب أوروبا بكاملها ضدَّ موسكو وتقديم الأموال لخدمة ذلك الصراع من كيس أوروبا.
وفي النتائج نقول: إنَّ قمَّة العشرين الأخيرة التي عُقدت في الهند، كانت فارقة لجهة محاولة خلق تفاهمات دوليَّة جديدة بعد أن طالت المواجهة الأوكرانيَّة الروسيَّة، وبعد أن وصلت الأزمات في النظام الدولي إلى مدياتها الصعبة، فكان لا بُدَّ من العودة إلى بناء تفاهمات حقيقيَّة تأخذ بعَيْن الاعتبار مصالح شعوب العالم، وإطفاء النيران المشتعلة هنا وهناك، والسَّعي للتعاضد بَيْنَ دوَل العالَم على تجاوز أزماتها الاقتصاديَّة. ولدوَل العشرين في مثال الصين الشَّعبيَّة مصدر إلهام، فاقتصاد الصين كما تُشير المعطيات المنشورة، تجاوز مرحلة إغلاق الاقتصاد بسبب جائحة (كورونا/كوفيد 19) وحافظ على نسبة نُموٍّ بمعدَّل 4,5% خلال السنوات الأربع الماضية، بَيْنَما لَمْ تتجاوز النسبة 1,8% في الولايات المُتَّحدة، كما ارتفع متوسط نُموِّ نصيب الفرد من الناتج المحلِّي الإجمالي السنوي في الصين بنسبة 4,4% بفعل ارتفاع الأُجُور الذي تَحقَّق في الصِّين.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجموعة العشرین فی أوکرانیا ة العشرین

إقرأ أيضاً:

هل يستطيع نتنياهو البقاء دون حرب؟

لقد ارتبط اسم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، منذ فترة طويلة بموقف متشدد بشأن القضايا الأمنية، حيث كان يستغل في كثير من الأحيان العمليات العسكرية لتعزيز مكانته السياسية. مع ذلك، فإن مسألة ما إذا كان بإمكانه البقاء سياسيا دون حرب مسألة متعددة الأوجه. ويتوقف بقاء نتنياهو السياسي على المشهد السياسي الحالي، واعتماده على الصراع كأداة لتعزيز السلطة، والتحديات الكبيرة التي يواجهها في الحفاظ على السلطة دون اللجوء إلى العمل العسكري.

المشهد السياسي لنتنياهو

كان البقاء السياسي لنتنياهو إنجازا كبيرا، نظرا للتحديات العديدة التي واجهها، بما في ذلك اتهامات الفساد والمعارضة من داخل ائتلافه. وترجع قدرته على الحفاظ على السلطة إلى حد كبير إلى مهارته في التعامل مع النظام السياسي المعقد في إسرائيل والاستفادة من العوامل الخارجية لصالحه. لقد وفر الصراع المستمر مع حماس لنتنياهو نقطة تجمع، مما سمح له بتعزيز الدعم من خلال تأطير نفسه كقائد قوي في أوقات الأزمات.

كانت الحرب تاريخيا أداة لنتنياهو لحشد الدعم الشعبي والحفاظ على قاعدته السياسية. في أوقات الصراع، غالبا ما يتجمع الإسرائيليون خلف قادتهم، وهي الظاهرة المعروفة باسم "التجمع حول العلم". ويمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى تعزيز شعبية نتنياهو مؤقتا وصرف الانتباه عن القضايا الداخلية مثل اتهامات الفساد والتحديات الاقتصادية
مع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى أن اعتماد نتنياهو على الحرب قد لا يكون فعالا كما كان من قبل. إن وقف إطلاق النار مع حماس، على الرغم من اعتباره في البداية خطوة استراتيجية، تعرض لانتقادات لأنه أعطى حماس فرصة لإعادة تنظيم نفسها. وقد أدى ذلك إلى وضع أعطى نتنياهو الأولوية للبقاء السياسي على مصالح الأمن القومي.

دور الحرب في سياسة نتنياهو

كانت الحرب تاريخيا أداة لنتنياهو لحشد الدعم الشعبي والحفاظ على قاعدته السياسية. في أوقات الصراع، غالبا ما يتجمع الإسرائيليون خلف قادتهم، وهي الظاهرة المعروفة باسم "التجمع حول العلم". ويمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى تعزيز شعبية نتنياهو مؤقتا وصرف الانتباه عن القضايا الداخلية مثل اتهامات الفساد والتحديات الاقتصادية.

ومع ذلك، فإن الطبيعة المطولة للصراع الحالي والضغوط الاقتصادية الذي يفرضها على إسرائيل بدأت بالتسبب في تآكل هذا الدعم. لقد ضربت الحرب الاقتصاد الإسرائيلي بشدة، مع تراجع سوق الأسهم وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي. وعلاوة على ذلك، أثارت الأزمة الإنسانية في غزة انتقادات دولية، مما زاد من تعقيد موقف نتنياهو.

تحديات بلا حرب

إذا كان نتنياهو سيسلك طريقا بدون حرب، فسيواجه العديد من التحديات الكبيرة:

1- استقرار الائتلاف: إن حكومة نتنياهو متماسكة بفضل ائتلاف هش من الأحزاب اليمينية المتطرفة والأرثوذكسية المتطرفة. وكان هؤلاء الشركاء ينتقدون أي تنازلات قد تقدم لحماس أو للسلطة الفلسطينية، مما يجعل من الصعب على نتنياهو التفاوض على السلام دون المخاطرة بائتلافه.

2- أزمة المحتجزين: لا يزال وضع المحتجزين الإسرائيليين المستمر مع حماس دون حل، حيث تدعو العديد من عائلات المحتجزين إلى اتخاذ إجراءات أقوى لضمان إطلاق سراحهم. بدون حل عسكري، يجب على نتنياهو إيجاد طرق بديلة لمعالجة هذه القضية، والتي يمكن أن تزيد من الضغط على رأسماله السياسي.

3- الضغوط الاقتصادية: إن التكاليف الاقتصادية للحرب باهظة، وبدون الصراع، سوف يحتاج نتنياهو إلى معالجة هذه القضايا من خلال وسائل أخرى. ويشمل ذلك إدارة الميزانية واسترضاء الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة التي تطالب بإعفاءات من الخدمة العسكرية.

4- الضغوط الدولية: كان للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب، تأثير كبير في تشكيل تصرفات نتنياهو. وفي حين قدمت إدارة ترامب بعض الدعم، هناك أيضا ضغوط للانخراط في مفاوضات السلام، وهو ما قد يقوض موقف نتنياهو المتشدد.

تشير هذه التحولات إلى أن سياسات نتنياهو المتشددة أصبحت بعيدة بشكل متزايد عن التوافق مع الرأي العام العالمي، وخاصة بين الفئات العمرية الأصغر سنا والأكثر ليبرالية
5- الإصلاحات القضائية والاحتجاجات العامة: أثارت الإصلاحات القضائية التي اقترحها نتنياهو احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء إسرائيل. ويرى كثيرون أن هذه الإصلاحات بمثابة محاولة لتقويض استقلال القضاء وتعزيز السلطة التنفيذية.

تزايد الانتقادات الدولية

شهدت مكانة نتنياهو الدولية تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة. وبحسب استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2024، أعربت أغلبية الأمريكيين (53 في المئة) عن ثقتهم الضئيلة أو المعدومة في قدرة نتنياهو على التعامل مع الشؤون العالمية بمسؤولية. ويمثل هذا زيادة بمقدار 11 نقطة في المعنويات السلبية منذ عام 2023. وهذا التراجع واضح بشكل خاص بين الشباب الأمريكيين والديمقراطيين، مما يعكس الانقسامات الأجيال والحزبية الأوسع في المواقف تجاه إسرائيل تحت قيادة نتنياهو. وهذا التشكك المتزايد لا يقتصر على نتنياهو نفسه بل يمتد إلى تصورات الحكومة الإسرائيلية ككل. فقد انخفضت الآراء الإيجابية تجاه الحكومة الإسرائيلية بين الأمريكيين من 47 في المئة في عام 2022 إلى 41 في المئة في عام 2024. وتشير هذه التحولات إلى أن سياسات نتنياهو المتشددة أصبحت بعيدة بشكل متزايد عن التوافق مع الرأي العام العالمي، وخاصة بين الفئات العمرية الأصغر سنا والأكثر ليبرالية.

إن قدرة نتنياهو على البقاء دون حرب غير مؤكدة ومليئة بالتحديات، وفي حين أنه تمكن من الحفاظ على السلطة من خلال مزيج من المناورات السياسية والعمل العسكري، فإن المشهد الحالي يشير إلى أن هذه الاستراتيجية قد لا تكون مستدامة. وفي نهاية المطاف، تشكل التكاليف الاقتصادية للحرب، والضغوط الدولية من أجل السلام، والتوترات السياسية الداخلية، عقبات كبيرة.

مقالات مشابهة

  • ماذا قال ترامب عن المسيرات الإيرانية التي تستخدمها روسيا لضرب أوكرانيا؟
  • هل يستطيع نتنياهو البقاء دون حرب؟
  • العفو الدولية تدعو هيونداي لتعليق عمل آلياتها في الأراضي المحتلة
  • وزير خارجية فرنسا يدعو الصين لـإقناع روسيا بالتفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
  • العشرين.. دراما عراقية توثق وجع الفقد والحرب
  • الخارجية الروسية: الغرب يتلاعب بالقوانين الدولية من أجل استمرار تزويد أوكرانيا بالأسلحة
  • مع اقتراب الانتخابات.. تحذيرات من حرب التسجيلات وصراع الإقصاء السياسي
  • مع اقتراب الانتخابات.. تحذيرات من حرب التسجيلات وصراع الإقصاء السياسي- عاجل
  • مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة الدكتور زهير قراط خلال المؤتمر: في ‏لحظة فارقة وخاصة فيما يتعلق بواحدة من أهم وأصعب التحديات التي ‏نواجهها وهي نقص أدوية السرطان وتأثيره الكارثي على حياة آلاف ‏المرضى وعائلاتهم في مختلف أنحاء البلاد؛ لقد أصبح هذ
  • جنسية وراتب.. هذه المزايا التي تقدمها أوكرانيا للمتطوعين الأجانب