ترغب الحكومة البريطانية في تصنيف فاغنر "منظمة إرهابية" - صورة لمجموعة من مقاتلي مرتزقة "فاغنر"

بسبب انخراطها في صراعات ونزاعات مسلحة، تعرضت مجموعة المرتزقة الروسية "فاغنر" لوابل من الاتهامات الشنيعة أبرزها التورط في أعمال تعذيب وقتل وجرائم نهب وسرقة في ظل انتشارها في حروب وصراعات لصالح الكرملين في الكثير من دول العالم.

فقد جرى اتهام عناصر فاغنر بزرع ألغام أرضية في ليبيا؛ رغم حظرها بموجب القانون الدولي، فيما اتهمت أيضا بتنفيذ عمليات إعدام في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وقتل وتعذيب مدنيين في أوكرانيا.

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان إن "عمليات (فاغنر) في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا تشكل تهديدا للأمن العالمي... (مسلحو  فاغنر) إرهابيون بلا أدنى شك"، فيما اقترحت تقديم مشروع قانون إلى البرلمان من أجل حظر فاغنر في خطوة لاقت ترحيبا من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

ماذا يعني التنصف منظمة إرهابية؟

ويستند اقتراح برافرمان إلى قانون مكافحة الإرهاب البريطاني لعام 2000 والذي يُعرف الإرهاب بأنه "استخدام أو التهديد باستخدام عمل ينطوي على أعمال عنف خطيرة بهدف التأثير على حكومة أو تخويف العامة ... بهدف إثارة قضية سياسية أو دينية أو أيديولوجية".

ورغم أن دولا ومنظمات دولية أخرى تستخدم تعريفات مماثلة، لكن مفهومي "الإرهاب" و"المنظمات الإرهابية" محل خلاف جوهري، مما يعني أنه على الرغم من المحاولات التي لا تعد ولا تحصى، لا يوجد تعريف عالمي موحد لما ينطوي عليه هذان المصطلحان.

الجدير بالذكر أن القانون الألماني ينص على أن الإرهاب يعد قتالا مستمرا لتحقيق أهداف سياسية بما يشمل شن هجمات على الأرواح والأطراف المتنازعة والممتلكات، لكن برلين لم تُقدم على تنصيف كيانات على لائحة الإرهاب بشكل منفرد، إذ تفضل اتخاذ قرارات مشتركة في هذا الصدد في سياق الاتحاد الأوروبي. ويأتي الموقف الألماني على نقيض الموقف البريطاني.

جرى اتهام عناصر فاغنر بارتكاب جرائم حرب في بلدان افريقية

التَّبِعَـاتُ القانونية؟

وبموجب القوانين البريطانية، فإن تصنيف فاغنر كمنظمة إرهابية يعني معاقبة أي شخص أو كيان يقدم الدعم لها أو حتى إجراء لقاءات مع أعضائها أو دعمها ماليا أو لوجيستيا، فيما قد تصل العقوبة إلى دفع غرامات مالية كبيرة أو السجن لمدة 14 عاما.

ويمهد التصنيف الطريق أمام قيام الحكومة البريطانية بمصادرة ممتلكات فاغنر ووضع الأسس القانونية لمقاضاة المجموعة في المحاكم البريطانية للحصول على تعويضات حتى لو لم يتم ارتكاب هذه الجرائم على الأراضي البريطانية.

وكانت المملكة المتحدة من بين دول ومنظمات فرضت عقوبات على فاغنر وزعيمها يفغيني بريغوجين الذي لقى حتفه في حادث تحطم طائرة قبل أسابيع.

وأسفرت هذه العقوبات عن تجميد الأصول المالية لفاغنر وقادتها، فيما يواجه أعضاؤها وأنصارها صعوبات في الحصول على الأموال في المملكة المتحدة مع توقع المثول أمام المحاكم.

معاقبة فاغنر

لم تكن الانتقادات ضد فاغنر وليدة الحرب الروسية في أوكرانيا إذ كانت المجموعة في مرمى انتقادات المنظمات الدولية الحقوقية بسبب مزاعم ارتكابها جرائم حرب في الشرق الأوسط وأفريقيا فيما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عام 2020 ضد فاغنر وزعيمها بريغوجين بسبب الانخراط في القتال لصالح الجنرال الليبي خليفة حفتر.

وفي مطلع العام الجاري، صنفت الولايات المتحدة مجموعة فاغنر "منظمة إجرامية دولية"، فيما قال البيت الأبيض إنه "وفقا لهذا التصنيف، سنفرض أيضا عقوبات إضافية على فاغنر وشبكة الدعم لها على مستوى عدة قارات. هذه الإجراءات إقرار بالتهديد الدولي الذي تشكله المجموعة، بما في ذلك نموذج النشاط الإجرامي الخطير الذي تمضي فيه".

يشار إلى أنه جرى تقديم مقترحات مماثلة في البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي والجمعية الوطنية الفرنسية والبرلمان السويدي.

ورغم تردد الاتحاد الأوروبي في حظر فاغنر على مستوى بلدانه، إلا أن ليتوانيا شرعت بالفعل في تصنيف فاغنر كمنظمة إرهابية، فيما أصدرت الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قرارا مماثلا.

دعا البرلمان الفرنسي في مايو / آيار الماضي الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف فاغنر منظمة إرهابية

ماذا عن باقي دول العالم؟

وفي هذا السياق، تشهد ألمانيا تزايدا في الضغوط المطالبة بتصنيف فاغنر منظمة إرهابية على مستوى الاتحاد الأوروبي، عقب تقديم أحزاب المعارضة قرارا في البرلمان الألماني في مايو / آيار الماضي للدفع صوب هذا التصنيف، لكن الائتلاف الحاكم ما زال يرى أن الأمر لا يقوم على أسس قانونية.

في المقابل، ردت الحكومة الألمانية على طلب المعارضة بتأكيدها على أن "الوفاء بالمتطلبات القانونية لدفع الاتحاد الأوروبي (لإدراج فاغنر) على قائمة المنظمات الإرهابية مرتفعا".

وفي الولايات المتحدة، تجري المناقشات حول تصنيف مجموعة فاغنر كمنظمة إرهابية، فيما لا يتوقف الأمر على الاعتبارات القانونية بل يدخل في طياته الاعتبارات الاقتصادية.

وفي هذا السياق، تخشى الإدارة الأمريكية من أن يؤدي تصنيف فاغنر على لائحة الإرهاب إلى تعريض المصالح الأمريكية مع دول أفريقية إلى الخطر خاصة في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى حيث تنشر فاغنر بموافقة ضمنية من حكومات هذه الدول الأفريقية.

توماس لاتشان/ م. ع

 

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: فاغنر يفغيني بريغوجين فاغنر يفغيني بريغوجين الاتحاد الأوروبی منظمة إرهابیة تصنیف فاغنر

إقرأ أيضاً:

مجموعة Sandworm الروسية تستهدف البنية التحتية للطاقة الأوروبية قبيل الشتاء

تزداد المخاوف في أوروبا من الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية للطاقة مع اقتراب الشتاء، حيث تسلط التقارير الضوء على نشاط مجموعة Sandworm الروسية. 

وتُعتبر هذه المجموعة واحدة من أكثر فرق الاختراق المرتبطة بالاستخبارات الروسية خطورة، إذ تتميز بالقدرة العالية على التخفي، وتنفيذ هجمات معقدة على الأنظمة الحيوية.

استهداف شركة T-Mobile من قراصنة صينيين في حملة تجسس لسرقة بيانات مهمة السجن 18 شهراً لهاكر نهب 120,000 بيتكوين من منصة Bitfinex اهتمام متزايد بالطاقة الأوروبية

أكد جيمي كولير، مستشار الاستخبارات في شركة Google، أن المجموعة بدأت تستهدف قطاع الطاقة في أوروبا، قائلاً: "مع اقتراب الشتاء، هذا يثير القلق".

ووفقًا للتقارير الاستخبارية الغربية، تورطت Sandworm سابقًا في الهجمات السيبرانية التي أسفرت عن تعطيل شبكة الكهرباء الأوكرانية في عام 2015 وأخرى في 2023.

ويأتي هذا التحذير في ظل التحقيقات الأوروبية بشأن تخريب كابلات اتصالات بحرية مهمة تربط بين دول الاتحاد الأوروبي، مما يعزز المخاوف من حرب هجينة تشمل الهجمات السيبرانية والتخريب المادي على الحدود الشرقية لأوروبا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.

أزمة الغاز وتفاقم الوضع

إضافة إلى التهديدات السيبرانية، يعاني قطاع الطاقة الأوروبي من أزمة أخرى تمثلت بارتفاع حاد في أسعار الغاز بعد إعلان شركة Gazprom الروسية وقف تدفقات الغاز إلى المستورد النمساوي OMV، بسبب نزاع تعاقدي.

وخلال قمة تالين الرقمية في إستونيا، أثارت ساندرا جويس، رئيسة قسم الاستخبارات في شركة Mandiant التابعة لـ Google، مخاوفها بشأن استمرار استهداف Sandworm لشبكة الطاقة الأوروبية، مشيرة إلى أن المجموعة تواصل هجماتها على البنية التحتية الأوروبية أثناء حديثها مع المسؤولين.

دور Sandworm في الحرب الروسية الأوكرانية

ذكرت Google في تقرير سابق أن Sandworm، المعروفة أيضًا بـ APT44 أو Seashell Blizzard، تمثل تهديدًا رئيسيًا لأوكرانيا، وتؤدي دورًا مركزيًا في دعم الحملة العسكرية الروسية. وأوضح جيمي كولير أن المجموعة لا تقتصر على الهجمات التدميرية، بل لديها أيضًا قدرة عالية على جمع المعلومات.

تُعرف روسيا باستخدام أساليب مزدوجة من خلال دمج الهجمات الإلكترونية مع العمليات المعلوماتية، مثل نشر برمجيات تدمير (وضع "wiper") لتدمير الأنظمة والبيانات، بجانب سرقة البيانات لتمريرها إلى مجموعات "هاكتيفيست" المتعاطفة مع روسيا.

ارتفاع الهجمات السيبرانية على قطاع الطاقة

أظهر تحليل صادر عن مجموعة Eurelectric أن قطاع الطاقة الأوروبي شهد 48 هجومًا علنيًا منذ عام 2022، وهو ما قد يكون مجرد قمة جبل الجليد للنشاط الإلكتروني المتزايد. وأفاد التقرير أن نحو ثلثي الهجمات السيبرانية المسجلة عالميًا في عام 2023 كانت مصدرها روسيا.

الخاتمة

يثير تصاعد الهجمات الإلكترونية على قطاع الطاقة الأوروبي مخاوف كبيرة مع اقتراب الشتاء، خاصة في ظل اعتماد أوروبا الكبير على مصادر الطاقة. ويزداد الضغط على الحكومات الأوروبية لتعزيز أطر الأمان السيبراني واستعداداتها لمواجهة أي تهديدات مستقبلية.

مقالات مشابهة

  • في الذكرى السابعة لحادث مسجد الروضة.. «كارثة إرهابية مروعة» في شمال سيناء
  • مجموعة Sandworm الروسية تستهدف البنية التحتية للطاقة الأوروبية قبيل الشتاء
  • المغرب يعلن تفكيك خلية إرهابية
  • الإمارات تشارك في اجتماع «مينافاتف» بالرياض وتتولى منصب نائب رئيس المجموعة لعام 2025
  • الإمارات تتولى منصب نائب رئيس مجموعة «مينافاتف» لعام 2025
  • الإمارات تتولى منصب نائب رئيس "مينافاتف" لعام 2025
  • القبض على خلية إرهابية تنتمي لتنظيم داعـ ش في المغرب
  • التعاون الأمني المشترك يقود لتفكيك خلية إرهابية بين المغرب وإسبانيا
  • "البسيج" يطيح بخلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" بالساحل في عمليات أمنية مشتركة مع اسبانيا
  • على غرار أستراليا ونيوزلندا.. دول أوروبية تعتزم تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية