ميلينا.. حاول العسكر اغتيالها فسقطوا وبقيت أيقونة اليونان
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
كانت تؤمن أن الثقافة هي صناعة اليونان الثقيلة.
ممثلة ومغنية وسياسية ومناضلة ضد الديكتاتورية جاءت من عائلة سياسية لأجيال متعاقبة.
إحدى أهم النساء اليونانيات في القرن العشرين لجراءتها وشجاعتها في واجهة الانقلاب العسكري في أوج قوته ونفوذه.
جسدت الروح الهيلينية، روح الجمال والبناء والعقل والاتزان والعلم.
ولدت ميلينا ميركوري (اريا آماليا اسمها عند الولادة ) في 18 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1920 في العاصمة اليونانية أثينا، في عائلة بارزة من أرغوليدا، كان أعضاؤها قد قاتلوا في ثورة 1821، كما خدم جدها لسنوات عديدة كرئيس لبلدية أثينا.
أما والدها فكان ضابطا في سلاح الفرسان، وكان عضوا في البرلمان، ووزيرا عن حزبي "الشعب" و"الحزب الراديكالي الوطني"، وأسس أثناء احتلال دول المحور لليونان في الحرب العالمية الثانية منظمة المقاومة المسماة "المنظمة الراديكالية" في عام 1942.
درست ميلينا في مدرسة الدراما التابعة للمسرح الوطني اليوناني، وتخرجت عام 1944، وأدت عام 1945 أول دور مهم لها في مسرحية "الحداد يليق بإيليكترا". ثم انتقلت إلى باريس حيث تعرفت على فنانين ومسرحيين من أمثال كارولو كون وجان كوكتو فانفتحت لها بذلك آفاق الشهرة لتعود بعدها على اليونان لتتابع أدوارها المسرحية.
كان أحد نجاحاتها المسرحية الكبيرة مسرحية "عربة اسمها الرغبة" للكاتب تينيسي وليامز على خشبة مسرح الفن، كما ظهرت في أعمال، ألدوش هاكسلي، أرثر ميللر، فيليب جوردان، وأندريه روشان.
بدأت ميلينا مسيرتها السينمائية بفيلمها الشهير "ستيلا" في عام 1955 الذي أخرجه ميخائيل كاكويانيس مخرج فيلم "زوربا" ولاقي الفيلم نجاحا كبيرا في مهرجان كان السينمائي في عام 1956.
وحين وقع الانقلاب العسكري في اليونان عام 1967 كانت ميلينا في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية فهاجمت الانقلابيين الذي ردوا عليها بسحب الجنسية اليونانية، فأجابت بجملتها الشهيرة "ولدت يونانية وسأموت يونانية"، ومنع العسكر عرض أعمالها، وصادروا ممتلكاتها في البلاد، ثم حاولوا اغتيالها.
ناضلت من خارج اليونان مع مجموعة من المثقفين، وبعد وفاة والدها عام 1972 سمحت لها سلطات الانقلاب بالدخول ساعات إلى اليونان لتشييع جنازته.
عادت إلى بلادها بعد سقوط الانقلاب، حيث استقبلت استقبال الأبطال، وتعرفت على أندرياس باباندريو الذي أسست معه حزب "باسوك الاشتراكي"، وترشحت على قوائم الحزب وفازت بمقعد في البرلمان عام 1977.
وفي عام 1981 أصبحت أول وزيرة للثقافة والرياضة في عهد باباندريو. وبقيت أطول فترة في موقعها الوزاري ما بين عامي 1981 و1989، وفي عام 1993 حتى وفاتها في عام 1994 في نيويورك بالسرطان عن 73 عاما.
استطاعت خلال مسيرتها الفنية والسياسية وبفضل صداقاتها ومعارفها الكثير، أن تسهم بشكل فعال في رفع مستوى الحالة الثقافية في البلاد، عبر تنظيم المعارض في اليونان وخارجها، وكان من أهم مشروعاتها مشروع استرداد المنحوتات التابعة لهيكل "البارثينون" المعروضة في المتحف البريطاني.
كما اهتمت بأعمال الترميم والصيانة للآثار اليونانية، وكان لها دور كبير في انطلاق مؤسسة العواصم الثقافية الأوروبية عام 1985، حيث اختيرت أثينا أول عاصمة ثقافية لأوروبا، كما اختيرت مدينة سالونيك عاصمة ثقافية لأوروبا عام 1997.
قدمت للسينما نحو 19 فيلما، ورشحت لجائزة "الأوسكار"، وفازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي عن أدائها في فيلم "لا يمكن يوم الأحد" الذي عرض عام 1960. كما رشحت أيضا لجائزة "توني"، وثلاث جوائز "غولدن غلوب"، واثنان من جوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام في مسيرتها التمثيلية.
ارتبطت بالمخرج اليساري جوان داسان الذي أثرا ضجة عالمية عام 2002 حين قال في حوار صحفي: "انظروا ما يجرى الآن مع الفلسطينيين، إنه وضع مرعب جعلني أرغب في قتل إرييل شارون، أنه طموحي، لقد قلت لابنتي إنني الآن عجوز ولو قتلت شارون فماذا سيحدث؟ سأذهب إلى السجن حيث أواصل القراءة حتى آخر العمر".
وميلينا نفسها ساندت القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في العيش حرا فوق أرضه، واعترفت حكومة باباندريو والتي كانت وزيرة فيها بمنظمة التحرير الفلسطينية وفتحت لأول مرة في اليونان سفارة لفلسطين.
بعد وفاتها أقيمت مؤسسة تحمل اسمها "مؤسسة ميلينا ميركوري الثقافية" والتي يترأسها شقيقها وتقوم المؤسسة بتنظيم جائزة "ميلينا ميركوري المسرحية" السنوية، كما تعمل على تكوين شبكات العواصم الثقافية والتي تمتد في أوروبا وأمريكا والدول العربية، وقد قدرت منظمة اليونسكو هذه الجهود، وقررت تسمية جائزة الحفاظ على التراث الحضاري باسمها حيث تمنح كل عامين لجهات تتميز بالحفاظ على الأماكن التراثية.
لم تكف حتى وهي في سنواتها الأخيرة ورغم مرضها عن التدخين وشرب القهوة والدفاع عن الثقافة كما أنها كانت لا تستقر على مقعدها أكثر من دقائق قليلة تهب بعدها واقفة لتواصل حديثها وحركتها كما لو كانت تقف على خشبة المسرح.
وبقيت كذلك حتى وفاتها فيما لا يزال اليونانيون يتذكرونها بمزيد من التبجيل والفخامة وكأنها لم تغادر مسرح ديونيسيوس في مدينة أثينا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الفلسطينيين فلسطين الاحتلال بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه تغطيات سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام
إقرأ أيضاً:
نادية لطفي تتصدر التريند في ذكرى رحيلها.. حكايات أيقونة السينما التي لا تُنسى
تمر السنوات، لكن بريقها لا يخفت أبدًا.. نادية لطفي، النجمة التي جسّدت الأنوثة الراقية والشخصية القوية على الشاشة وخارجها، تعود لتتصدر المشهد مجددًا مع حلول ذكرى وفاتها. جمهورها، الذي لم ينسَ ملامحها الملائكية ولا حضورها الطاغي، أعاد إحياء ذكرياتها، مسترجعًا محطات مشرقة من حياتها الفنية والشخصية.
في الرابع من فبراير 2020، رحلت نادية لطفي، تاركة خلفها إرثًا سينمائيًا خالدًا، لكن صورها وأناقتها الساحرة لا تزال تحيا في وجدان محبيها. تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من حفل زفافها في سن العشرين، حيث ظهرت بفستان حمل توقيع الزمن الجميل، بسيط لكنه مفعم بالفخامة، ليُعيد الجمهور اكتشاف جوانب من حياتها الشخصية التي لطالما أحاطتها بالخصوصية.
مسيرتها لم تكن مجرد أدوار سينمائية، بل كانت مواقف وطنية وإنسانية. من شوارع بيروت المدمرة عام 1982، حيث وثّقت بعدستها الاجتياح الإسرائيلي، إلى الصفوف الأمامية في حرب أكتوبر لدعم الجنود المصريين.. كانت نادية لطفي امرأة لا تخشى المواجهة، فنانة لا تكتفي بالأداء على الشاشة، بل تؤدي دورها في الحياة أيضًا.
في ذكرى رحيلها، تُثبت نادية لطفي أنها ليست مجرد اسم في أرشيف السينما، بل روحٌ لا تُنسى، تطلّ علينا مع كل مشهد من أفلامها، وكل صورة تُعيد الزمن إلى الوراء.. إلى عصر كانت فيه الأناقة موقفًا، والجمال سحرًا، والسينما ساحة للفن والحقيقة معًا.