أعرب دعاة ونشطاء إسلاميون من الجزائر والمغرب عن "أسفهم الشديد" لأن فرصة أخرى أتاحتها كارثة الزلزال لقيادتي الجزائر والمغرب لتجاوز الخلافات التاريخية بينهما، قد ضاعت من دون مبررات مقنعة، بحسب تعبيرهم.

وكانت الخارجية الجزائرية أعلنت رفض المغرب للمساعدات الإنسانية التي اقترحتها لمساعدة المنكوبين في الزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحوز المغربي نهاية الأسبوع.



ووفق بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائرية؛ نشرته على صفحتها الرسمية ، فقد "أبلغ المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية المغربية القنصل الجزائري بأن المغرب ليس بحاجة إلى المساعدات الإنسانية المقترحة من الجزائر".

من جانبه، أكد القيادي الجزائري بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، الشيخ علي بلحاج، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، الموقف الجزائري الرسمي من كارثتي الزلزال والفيضانات في المغرب وليبيا، وأكد أنه كان يمكن للجزائر أن يكون لها دور في التقليل من الخسائر الناجمة عن الكارثتين.

وقال بلحاج: "ما يحزنني ويحزن الكثير من الناس في الجزائر والمغرب وليبيا، أنه في وقت المصائب الكبرى يجب ترك الخلافات السياسية جانبا ريثما تتم معالجة الجوانب الإنسانية، وكان الأصل بالنسبة للحكومة الجزائرية أن تفتح الحدود البرية بشكل فوري مع المغرب وليبيا، وأن تسمح للشعوب بأن تترجم تضامنها الإنساني بعيدا عن قيود السياسة وشروطها".

وأضاف: "علينا أن نتذكر أن أول من يهرع لنجدة أخيه الإنسان هو الشعوب أولا، فهي المعنية بشكل مباشر بمساعدة بعضها بعضا في انتظار أن تأتي أجهزة الدولة بوسائلها وأدواتها المتقدمة.. فتعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان فطرة فطر الله الناس عليها لا يجب أن على أي حكومة أن تقمعها".

وأشار بلحاج إلى أنه في الوقت الذي يجب الرضا فيه بالقضاء والقدر خيره وشره، لا يجب إعفاء المسؤولين على إدارة الشأن العام من مسؤولياتهم في حماية حياة مواطنيهم وتأمينها.

وقال: "كثير من الناس يتحدثون عن هذه الكوارث سواء تعلق الأمر بالزلازل أو بالأعاصير، لكن الفارق الوحيد بين الزلزال والإعصار، أن الإعصار يمكن للإنسان أن يحتاط له.. ولا نرمي الأمور كلها على القضاء والقدر، لأنه لا يستدل به في هذه المصائب.. وكذلك الزلازل، عندما ترى سكان الجبال منذ سنوات، كيف لا يتم وضع طرق سالكة لهم.. هناك جانب من القضاء والقدر هذا صحيح.. لكن التقصير الذي يدخل في دائرة الاحتياط والأخذ بالأسباب يجب أن يحاسب عليه هؤلاء".

وانتقد بلحاج بشدة موقف السلطات الجزائرية التي اشترطت منذ البداية موافقة السلطات المغربية على إرسال المساعدات، معتبرا ذلك شرطا غير مناسب ومن شأنه إهانة الجهة المقابلة، لكنه أيضا انتقد موقف الرفض لقبول المساعدة.

وقال: "عندما تمت إعادة الطائرات المغربية التي كانت قادمة إلى الجزائر للمساعدة في إطفاء الحرائق، اعتبرت ذلك عملا غير مقبول، والقائمون عليه يتحملون جزءا من المسؤولية في الخسائر البشرية بسبب نقص الآليات المساعدة في إطفاء الحريق، والأمر نفسه أراه في رفض قبول المساعدات الجزائرية".

ورأى بلحاج أنه بهذه المواقف المتبادلة بين النظامين الجزائري والمغربي ضاعت فرصة أخرى أتاحتها محنة الزلزال كي يلتئم هذا الجرح الجزائري ـ المغربي الغائر، وتطوى صفحة الخلافات التي أثقلت ليس فقط كاهل الشعبين الجزائري والمغربي بل كاهل شعوب المنطقة المغاربية".

وأنهى حديثه قائلا: "في هذه الجوائح الشعوب تتحرك بطريقة عفوية وتستطيع أن تنجي كثيرا من الناس، وهذا حدث لنا في زلزال الشلف وتيبازا، حيث الدولة أتت بعد ساعات.. فالصبر عند الساعات الأولى.. ولكن ماذا عسانا نقول في وجه قرارات سياسية نافذة تصد حركة الشعوب إلى الأمام وتمنع وحدتها وتسهم في تعمق مآسيها!؟"، وفق تعبيره.

وفي الرباط رأى الأستاذ الجامعي، والحقوقي المغربي محمد سلمي في حديث خاص بـ "عربي21"، أن "القيم الإنسانية المشتركة تستوجب التضامن الذي تفرضه الأخوة والجوار في حالة النكبات التي تخلفها الكوارث الطبيعية وأن تنسى كل الصراعات والنزاعات والخلافات.. وأن تغتنم هذه الفرص، لطي صفحات الماضي الأليمة، وتفتح صفحة جديدة بعناوين الأخوة والتضامن والتعاون والمصالحة".

وأشار سلمي إلى أن "بعض التصريحات الدبلوماسية الصادرة من هنا وهناك حمالة أوجه، وتستوجب قراءة دقيقة متأنية، لتجنب الأحكام المتسرعة البعيدة عن الموضوعية، والتي من شأنها توسيع الهوة بين الشعوب الشقيقة والصديقة".

وأكد سلمي أن "التضامن المغربي داخليا وخارجيا مع زلزال المغرب الأخير الذي ضرب منطقة الحوز وما حولها، كان في مستوى الحدث"، وقال: "مع ذلك فدعم الدول الشقيقة والصديقة مرحب به لما يحققه من تمتين روابط التضامن بين الشعوب. لكن للأسف بعض التصريحات والمواقف، وبعض ما نشر في الإعلام.. كان بعيدا عما تستوجبه الأعراف الإنسانية في مثل هذه اللحظة"، وفق تعبيره.
الأحد الماضي، أعلن المغرب، الموافقة على عروض مساعدة أربع دول لدعم جهود الإنقاذ، وهي إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات، وفق بيان لوزارة الداخلية، ورفض لاحقا المساعدة الجزائرية المعروضة.

وبلغت قوة الزلزال الذي ضرب المغرب الجمعة، 7 درجات على مقياس ريختر، ومركزه منطقة الحوز، وضرب عدة مدن منها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش وأغادير وتارودانت، بحسب المعهد الوطني للجيوفيزياء، الذي وصف الزلزال بأنه "الأعنف منذ قرن".

ووفقا لأحدث بيانات وزارة الداخلية، أودى الزلزال بحياة 2901 شخص وأصاب 5530، بالإضافة إلى دمار مادي كبير.

وتعتبر المبادرة الجزائرية ردا على مبادرة المغرب التي أطلقها في آب/ أغسطس 2021، التي أعرب فيها عن استعداده لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق غابات شهدتها، وجهزت الرباط طائرتين للمشاركة بمجرد الحصول على موافقة جارته.

وقالت وزارة الخارجية المغربية يومها، في بيان، إن الملك محمد السادس أعطى تعليماته لوزيري "الداخلية والشؤون الخارجية، من أجل التعبير لنظيريهما الجزائريين، عن استعداد المملكة المغربية لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق الغابات التي تجتاح العديد من مناطق البلاد"، بحسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.

وأضافت الوزارة أنه بتعليمات من العاهل المغربي، تمت تعبئة "طائرتين لإخماد الحرائق من طراز كنادير، للمشاركة في هذه العملية، بمجرد الحصول على موافقة السلطات الجزائرية".

ومنذ عقود، تشهد العلاقات بين البلدين العربيين انسدادا، على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء ودعم الجزائر لجبهة "البوليساريو" التي تنادي باستقلال الصحراء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائر الزلزال المغرب المغرب الجزائر زلزال آراء سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجزائر والمغرب

إقرأ أيضاً:

هل يساعد الإعلان الدستوري سوريا في تجاوز عنق الزجاجة؟ محللون يجيبون

اتفق محللون على اعتبار الإعلان الدستوري الانتقالي في سوريا، خطوة ضرورية لتأسيس شرعية جديدة وتجاوز مرحلة الفراغ الدستوري، ورأوا أن الملاحظات المتعلقة ببعض تفاصيله مبررة بسبب المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأن ما تم الوصول إليه هو أفضل الممكن.

وفي حين أشاد البعض بالفصل بين السلطات، شكك آخرون في إمكانية تطبيقه عمليا، في ظل ما يرونه من تركيز الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية، والذي يملك حق تعيين جزء من مجلس الشعب وأعضاء المحكمة الدستورية، حسب نص الإعلان الدستوري.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، قد وقع -اليوم الخميس- مسودة الإعلان الدستوري، التي ترسم شكل الحكم خلال الفترة الانتقالية المحددة بـ5 سنوات، وسط غارة إسرائيلية جديدة على دمشق، اعتبرها محللون رسالة تحد واضحة.

وأبرز ما نصت عليه هذه المسودة، وفق ما بيّن عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري عبد الحميد العواك، تحديد الفترة الانتقالية بـ5 سنوات، وتشكيل لجنة لصياغة دستور دائم.

تأسيس للشرعية

ويرى الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، أن الإعلان الدستوري يؤسس لشرعية النظام الجديد، ويؤطر عمل الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويوضح طبيعة النظام الجديد وعلاقته بالشعب، مضيفا أنه لم يعد هناك شيء غامض، فالنظام سيحاسب لاحقا على أساس ما هو موجود في النص الدستوري.

إعلان

ويشير في هذا السياق إلى أن المراحل الانتقالية معقدة، وأن هذا الإعلان هو أفضل الممكن، لافتا إلى أن الإعلان الدستوري نص على منح رئيس الجمهورية حق إعلان حالة الطوارئ، على أن يكون بموافقة مجلس الأمن القومي، وتمديدها بموافقة مجلس الشعب.

ويعتبر مكي أن مواد الفصل بين السلطات وعدم حصر السلطة بيد رئيس الجمهورية، مهمة للغاية، وأن السلطة القضائية أصبحت مستقلة، أما السلطة التشريعية، فقد حصل مجلس الشعب على كثير من المهام.

من جهته، يرى الدكتور حسن بحري، أستاذ القانون الدستوري بجامعة دمشق، أن الإعلان الدستوري جاء متأخرا، لكنه أفضل من الفراغ الدستوري، وأنه حافظ على نظام الحكم الجمهوري وشكل الدولة الموحدة.

ويوضح أن الإعلان أخذ بنظام الحكم الرئاسي، مع فصل تام بين السلطات الثلاث، بحيث تناط السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية، والسلطة التشريعية بمجلس الشعب، والسلطة القضائية بالمحاكم، مشيرا إلى أن ما يراه البعض من تركيز للسلطة بيد الرئيس هو أمر طبيعي في المرحلة الانتقالية.

تركيز السلطة

وعلى الجانب الآخر، يرى الدكتور كمال عبدو، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال، أن الفصل المطلق بين السلطات لا وجود له، مبررا أخذ رئيس الجمهورية بعضا من الصلاحيات التشريعية وأنه من سيعين وزير العدل، بالوضع الحساس الذي تمر به سوريا، وبأنها مرحلة استثنائية تتطلب صلاحيات استثنائية لرئيس الجمهورية.

ويضيف أن الإعلان الدستوري مؤقت، وأن اللجنة التي ستشكل لوضع الدستور قد تستغرق سنوات، وأن الظرف العام في سوريا هو الذي دفع باتجاه هذه الإجراءات الاستثنائية.

وحول آليات المحاسبة والمراقبة، يوضح الدكتور حسن بحري، أنه لا يمكن للبرلمان أو المحكمة الدستورية عزل رئيس الجمهورية، وأنه غير مسؤول أمام أي جهة، إلا أن المحكمة الدستورية العليا الجديدة التي سيتم تشكيلها ستتولى محاكمة الرئيس في حال اتهامه بالخيانة العظمى، بناء على اقتراح من ثلثي أعضاء مجلس الشعب.

إعلان

في حين يرى الدكتور كمال عبدو، أنه لا وجود حاليا لأي آلية محاسبة أو مراقبة، وأن ذلك نابع من ضرورات المرحلة الاستثنائية.

رسائل إسرائيلية

وفي سياق متصل، جاء الإعلان الدستوري في وقت شهد تصعيدا إسرائيليا داخل الأراضي السورية، إذ نفّذ الجيش الإسرائيلي غارتين في دمشق والقنيطرة خلال ساعات، وهو ما رآه مراقبون "ليس مصادفة"، إذ تحاول تل أبيب إرسال رسائل سياسية واضحة إلى النظام السوري الجديد.

وفي ذلك يرى الدكتور لقاء مكي، أن إسرائيل أرادت إيصال رسالة، بأنها قادرة على فعل ما تريد، وأنها تمثل محاولة للتشويش على المرحلة الجديدة التي تدخلها سوريا، في ظل مخاوف من إعادة ترتيب المشهد السياسي بما يتعارض مع المصالح الإسرائيلية.

ويشير إلى أن إسرائيل تدرك هشاشة الوضع السوري، وتسعى إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، مستفيدة من حالة الضعف التي تعيشها الدولة السورية.

ويعتبر مكي أن هذا الإعلان الدستوري مناسب لهذه المرحلة وإن كان غير محمل بالديمقراطية، لأن سوريا ليس فيها حماية، ومن ثم لابد من تجاوز المرحلة الحالية كأولوية تسبق أي أولوية أخرى، بما فيها الديمقراطية.

أما الدكتور كمال عبدو، فيرى أن سوريا تفتقر للسلاح ووسائل الدفاع الجوي، وأنها غير قادرة على ردع إسرائيل، وهو ما يجعل من الضروري أن ينحني نظامها قليلا أمام العاصفة الحالية إلى حين مرورها.

أما على المستوى الدولي، فيرى مكي أن المواقف ستنقسم بين داعم ومعارض للإعلان الدستوري، حسب المواقف السابقة من النظام في سوريا، فيما يشير الدكتور حسن بحري، في هذا السياق إلى أن الإعلان الدستوري إيذان بمرحلة جديدة، هي مرحلة بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وهو ما ينتظر النظام التجاوب معه من قبل المجتمع الدولي.

مقالات مشابهة

  • وسط تصاعد الخطاب العدائي.. مقارنة قدرات الجيشين الجزائري والمغربي
  • 2025 سيكون سنة حاسمة للإقتصاد الجزائري
  • في إنتظار السفير الجزائري…ترامب يطرد سفير جنوب أفريقيا من الولايات المتحدة الأمريكية
  • للهلع مفاعيل… تبون يُشرِع أبواب الجزائر أمام ترامب
  • التصويت لصالح المغرب في “انتخابات الفيفا”.. النظام الجزائري يمر إلى الخطة (ب)
  • التنقيب عن البترول بالسواحل المغربية يقلق حكومة جزر الكناري
  • هل يساعد الإعلان الدستوري سوريا في تجاوز عنق الزجاجة؟ محللون يجيبون
  • قلق إسباني من "مسيرة خضراء" مغربية جديدة في سبتة ومليلية
  • «تيته» تبحث مع وزير الخارجية الجزائري القضايا المتعلقة بـ«المتغيرات الإقليمية»
  • هل تتوسع خيارات السائح الجزائري بعد زيادة مخصصات السفر؟