كشفت دراسة أجراها باحثون من معهد كارولينسكا السويدي عن أن طبيب أشعة واحد يعمل بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي يستطيع الكشف عن عدد أكبر من حالات سرطان الثدي من طبيبي أشعة اثنين يعملان معا على فحص الصور الاشعاعية للثدي.

نتائج الدراسة التي أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن جاهزا للاستخدام في الكشف عن سرطان الثدي، نشرت في مجلة لانسيت للصحة الرقمية (The Lancet Digital Health) في مطلع شهر سبتمبر/أيلول الحالي وكتب عنها موقع "يوريك أليرت" (EurekAlert).

ولعب التصوير الإشعاعي للثدي خلال الـ30 عام السابقة دورا مهما في التقليل من الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي. وعلى الرغم من ذلك فإن التحديات لمواجهة السرطان التي تشمل عدم توافر أطباء الأشعة وعدم القدرة على تشخيص جميع حالات السرطان لا تزال مستمرة.

وأظهر عدد كبير من الدراسات أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في مواجهة هذه التحديات.

وأشارت كارين ديمبروير -وهي المؤلف الأول في هذه الدراسة – التي تعمل في قسم علم الأورام والأمراض في معهد كارولينسكا- إلى أن الذكاء الاصطناعي والإنسان ينظران إلى الصور بشكل مختلف قليلا الأمر الذي يجعل لهما معا تأثيرا تآزريا مما يزيد احتمالية تشخيص السرطان.

قراءة كل فحص

يقوم طبيبو الأشعة عادة بقراءة كل فحص يتم، وتعتبر هذه الطريقة طريقة معيارية في الرعاية. يتم بعد ذلك استدعاء النساء اللواتي قد يحتجن إلى فحوصات أكثر لتشخيص الإصابة بسرطان الثدي.

وفي هذه الدراسة تمت مقارنة النتيجة التي وصل إليها طبيبا الأشعة مقارنة مع النتيجة التي توصل إليها أعداد مختلفة من أطباء الأشعة مدعومين بالذكاء الاصطناعي.

وتم إجراء الدراسة في مستشفى كابيو سانت غوران في العاصمة السويدية ستوكهولم في الفترة الممتدة ما بين شهر أبريل/نيسان 2021 وحتى شهر يونيو/حزيران 2022. وشملت الدراسة أكثر من 55 ألف امرأة خضعن للفحص تتراوح أعمارهن بين 40 و74 عاما.

استطاعات الطريقة التقليدية التي تعتمد قراءة طبيبي أشعة للصور التقاط 250 حالة. فيما كان عدد الحالات التي تم الكشف عنها أكبر ما يمكن وبشكل غير متوقع عندما قام طبيبا أشعة بمساعدة الذكاء الاصطناعي بقراءة الصور حيث تم الكشف عن 269 حالة.

واستطاع طبيب أشعة واحد مدعوم بالذكاء الاصطناعي الكشف عن 261 حالة في نفس المجموعة، في حين نجح الذكاء الاصطناعي وحده في الكشف عن 246 حالة مما يجعله إحصائيا ليس بالأقل شأنا من طبيبي أشعة مجتمعين.

وأشار الباحث الرئيسي فردريك ستراند -وهو طبيب أشعة يعمل في قسم علم الأورام والأمراض في معهد كارولينسكا- إلى أن قراءة الصور من قبل طبيب أشعة واحد مدعوم بالذكاء الاصطناعي قد زاد من عدد الحالات المكتشفة بما مقداره 4% كما قلل أيضا من الوقت الذي يحتاجه الطبيب لقراءة الصور إلى النصف.

وأظهرت نتائج الدراسة أيضا أن مساعدة الذكاء الاصطناعي لطبيب الأشعة أو استخدام الذكاء الاصطناعي وحده قد قللت من احتمالية التشخيص الخاطئ للنساء غير المصابات بالسرطان وهو خطأ يتم فيه استدعاء نساء غير مصابات بالسرطان للمزيد من الفحوصات الأمر الذي يسبب لهن المعاناة ويزيد الكلف عليهن دون حاجة لذلك.

ويقول الدكتور ستراند إنه قد بات من الواضح أن قراءة صور الأشعة من خلال طبيب أشعة واحد مدعوم بالذكاء الاصطناعي أصبح خيارا أفضل من قراءة الصور بوساطة طبيبي أشعة.

وفي هذه الدراسة تم التحقق إحصائيا من أن الذكاء الاصطناعي يحسن من تشخيص سرطان الثدي الأمر الذي لم يحدث في دراسة سابقة أجريت في جامعة لوند.

ويضيف أن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في الفحوصات الأولية لن يغني عن الحاجة لوجود طبيب أشعة ليقوم بالحكم قبل الطلب من المريض العودة لإجراء فحوصات أخرى وأخذ خزعة في حالة الاشتباه بوجود خلايا سرطانية.

الذكاء الاصطناعي جاهز

ويكمل الدكتور ستراند أن هذه الدراسة تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جاهزا للاستخدام المنضبط في قراءة صور الأشعة، إلا أنه يتوجب اختيار برنامج ذكاء اصطناعي تم فحصه بشكل جيد على عدد من الصور التي تم التقاطها باستخدام نفس الجهاز الذي سوف يقوم بعد ذلك بقراءة صوره والتأكد من استمرارية مراقبته بعد استخدامه سريريا. وعلى المدى البعيد من المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على تقييم معظم الصور الإشعاعية للثدي.

وابتداء من شهر يونيو/حزيران من هذا العام بات تقييم الصور الإشعاعية للثدي في مستشفى كابو سانت غوران  يتم من قبل طبيب مدعوم بالذكاء الاصطناعي الأمر الذي وفر وقتا للأطباء لتكريسه لمرضى السرطان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مدعوم بالذکاء الاصطناعی أن الذکاء الاصطناعی هذه الدراسة سرطان الثدی الأمر الذی الکشف عن إلى أن

إقرأ أيضاً:

ماذا لو أقنعنا الذكاء الاصطناعي بأنَّه يشعر ويحس؟!

 

مؤيد الزعبي

قد نتفق أنا وأنت، عزيزي القارئ، وربما يتفق معنا كل متخصص أو صاحب رأي، بل وحتى أي إنسان بسيط، على أن الروبوتات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لن تكون قادرة على الشعور أو الإحساس الحقيقي.

إذ إن المشاعر تجربة ذاتية تنبع من تفاعلات بيولوجية وكيميائية معقدة داخل الدماغ، مثل إفراز الدوبامين عند الفرح أو الكورتيزول عند التوتر، وهذه العمليات ليست مجرد استجابات ميكانيكية، بل هي جزء من وعينا الذاتي وإدراكنا لوجودنا، فنحن البشر نحزن، ونفرح، ونحب، ونكره، لأننا نشعر وندرك ما يدور حولنا بوعي كامل، وهذا ما يصعب على الذكاء الاصطناعي والروبوتات تحقيقه. لكن، ماذا لو نجح الذكاء الاصطناعي في إقناعنا بأنه يشعر بنا؟ كيف سنتعامل مع هذه الفكرة؟ وكيف ستكون ردة فعلنا إذا بدا لنا أن الروبوتات تعيش مشاعر مثلنا تمامًا؟ هذه هي الأسئلة التي أود مناقشتها معك في هذا الطرح، وأعدك بأن ما اتفقنا عليه في بداية هذه الفقرة سنختلف عليه في نهاية المقال.

قد تُعجَب بكلماتي، أو تجدها قريبة منك، أو ربما تشعر أنها تصف حالتك بدقة، فتتأثر وتحزن أو تفرح، ويظهر عليك تفاعل شعوري واضح، فماذا لو كانت كلماتي من توليد الذكاء الاصطناعي؟ ففي الواقع، فِهْم الكلمات ومعانيها وسياقها بات أمرًا يجيده الذكاء الاصطناعي بمهارة، إذ أصبح قادرًا على محاورتك في أي موضوع تختاره. وبناءً على ذلك، يمكننا القول إن مشاعرنا باتت قابلة للوصول إلى الذكاء الاصطناعي، الذي يستطيع استيعاب ماهيتها؛ بل إنه قادر أيضًا على تحليل الصور والفيديوهات، واستخلاص المشاعر التي تعبر عنها، وعندما يشاهد الذكاء الاصطناعي مشهدًا أو حدثًا أمامه، فإنه سيتفاعل معه وسيدرك الشعور المرتبط به، لكن الفارق يكمن في طريقة الترجمة: فنحن، البشر، نعبر عن مشاعرنا من خلال تفاعلات كيميائية وبيولوجية، بينما الروبوتات والذكاء الاصطناعي يعبرون عنها عبر أكواد وخوارزميات وتيارات كهربائية.

وبناءً على ذلك، يمكننا الاتفاق على أن ترجمة المشاعر تختلف بين البشر والروبوتات، لكن النتيجة قد تكون متشابهة. نحن، مثلًا، نذرف الدموع عند مشاهدة مشهد حزين أو مؤثر، ونغضب عند الإهانة، وننكسر حين تُمس كرامتنا، وبنفس الطريقة، يمكننا برمجة الذكاء الاصطناعي ليشعر بالحزن عند الإساءة إليه، أو ليضحك عندما يصادف موقفًا طريفًا، وربما حتى ليُعانقك إذا شعر أنك وحيد وتحتاج إلى دفء إنساني؛ إذن نحن أمام مسألة تستحق التأمل، ويجب أن نتريث كثيرًا قبل أن نُطلق الحكم القاطع بأنَّ الروبوتات لن تشعر ولن تحس.

عندما أتحدث معك عن مشاعر الروبوتات، فأنا لا أقصد فقط استجابتها لما يدور حولها؛ بل أيضًا إحساسها الداخلي، بوحدتها، بوجودها، وحتى بما قد تسميه ذاتها. كل هذا يعتمد على كيفية صناعتنا لهذه المشاعر وترجمتها. فإذا برمجنا الذكاء الاصطناعي على التفاعل بأسلوب معين مع كل شعور، سنجده مع مرور الوقت يُتقن هذا التفاعل أكثر فأكثر. لو علمناه أن يعبر عن غضبه بالضرب، فسيضرب حين يغضب، ولو برمجناه على الدفاع عن نفسه عند الشعور بالإهانة، فسيقوم بذلك في كل مرة يشعر فيها بالإهانة. وبالمثل، إذا ربطنا لديه مشاعر الحب بالاهتمام والتقرب، فسيغوص في أعماقنا ويخترق قلوبنا. نحن أمام نظام يتعلم ذاتيًا، يعيد تجربة تفاعلاته آلاف المرات، محاكيًا الحالات العاطفية البشرية حتى يتقنها تمامًا.

المشكلة الحقيقية ليست في التساؤل عمّا إذا كان الروبوت أو الذكاء الاصطناعي سيشعر، بل في اللحظة التي يتمكن فيها من إقناعنا بأنه يشعر بالفعل. حين تصبح ردود أفعاله متسقة مع مشاعرنا، سنجد أنفسنا أمام معضلة كبرى: أولًا، لن نتمكن من الجزم بما إذا كانت هذه المشاعر حقيقية أم مجرد محاكاة متقنة، وثانيًا، ستبدأ مشاعر متبادلة في التشكل بين البشر والروبوتات. سنرى علاقات حب وغرام تنشأ بين إنسان وآلة، وصداقة تتوطد بين مستخدم وتطبيق، وروابط أمومة تنشأ بين طفل وروبوت مساعد، وقد نشهد زواجًا بين البشر والآلات، وإعجابًا متبادلًا بين موظفة وزميلها الروبوت، في عالم كهذا، هل سنتمكن من رسم حدود واضحة ونُفرق بين العاطفة الحقيقية والمحاكاة الذكية؟

في كثير من الأحيان، نعتقد نحن البشر أن مشاعرنا وصفة سحرية يمكننا تمييز حقيقتها بسهولة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك. فكم من مرة بكى أحدنا متأثرًا بمشهد درامي، رغم إدراكه التام بأنه مجرد تمثيل! الأمر ذاته قد يحدث مع الروبوتات، فقد تنشأ بيننا وبينها روابط عاطفية، حتى ونحن نعلم أن مشاعرها ليست سوى محاكاة مبرمجة بعناية لتعكس ردود أفعالنا البشرية.

ما أود إيصاله إليك، عزيزي القارئ، هو ضرورة إبقاء الباب مفتوحًا أمام فكرة "مشاعر" الروبوتات. فمَن يدري؟ ربما نشهد في المستقبل روبوتًا يقرر إنهاء حياته بعد أن يهجره من يعتبره "حبيبته"! وهذا ما سأناقشه معك في مقالي المقبل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الأوهام البصرية وخدع العقل هل يمكن تفاديها؟
  • أسرع وأكثر دقة.. تقنية بالذكاء الاصطناعي لعلاج أمراض الجهاز الهضمي
  • أمازون تكشف عن أداة تسوق جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • كيم جونغ أون يشرف على اختبار مسيرات مزودة بالذكاء الاصطناعي
  • ماذا لو أقنعنا الذكاء الاصطناعي بأنَّه يشعر ويحس؟!
  • أرشفة ورقمنة أعمال السيناريست الراحل عاطف بشاي بالذكاء الاصطناعي
  • مدعومة بالذكاء الاصطناعي..مايكرسوفت تضيف أدوات بحث عميقة إلى كوبيلوت
  • مُنتجة بالذكاء الاصطناعي.. حقيقة صورة أم عثرت على رفات ابنها في غزة
  • سرطان البروستاتا.. دراسة تكشف العلاقة بين "الفحص والوفاة"
  • من يُلام في خطأ طبي يرتكبه الذكاء الاصطناعي؟