ترى المحللة الأمريكية الدكتورة ليزلي فينجاموري، أن قمة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى لهذا العام تركزت حول الهند، أو كما قال وزير الخارجية الهندي سوبرامنيام جاي شانكار، إن "قيادة الهند للمجموعة على مدار عام تهدف إلى أن تكون الهند مستعدة للعالم، وأن يكون العالم مستعداً للهند".

وقالت فينجاموري، رئيسة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، إن القوى الرئيسية الأخرى في مجموعة العشرين كان لها دور رئيسي في نجاح الهند ، سواء عن قصد أو غير قصد.

وأضافت في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحضر القمة، كما أن قرار الرئيس الصيني شي جينبينغ في اللحظة الأخيرة بالتغيب عن القمة قد حرم الجمهور العالمي من يومين من مشاهدة مسرح جيوسياسي، وأدى هذا إلى ترك الأضواء مسلطة على العلاقات الأمريكية - الهندية الآخذة في الازدهار".

If no declaration had emerged from New Delhi, it would have been a major blow to the G20’s credibility and to the prestige of India, writes @ButlerCreon (@ch_gef). https://t.co/euRh6k9mV3

— Chatham House (@ChathamHouse) September 16, 2023 تنازلات أمريكية 

وميز الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه عن سلفه دونالد ترامب بمراعاته عدم خطف الأضواء من مستضيفه خلال القمة، التي شهدت ثالث لقاء له مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في غضون 5 أشهر فقط.

وقدمت الولايات المتحدة أيضاً سلسلة من التنازلات الملموسة للهند، فيما يخص أوكرانيا وعضوية الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، ما ساهد في نجاح رئاسة الهند للقمة.

وأكدت مجموعة العشرين مركزية الشراكة الهندية - الأمريكية بالنسبة لإستراتيجية الولايات المتحدة الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي اشتملت إضافة إلى هذه الزيارة على سلسلة من الخطوات الدبلوماسية الأمريكية التي تم إعدادها بعناية، والتي بدأت بزيارة نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى إندونيسيا في وقت مبكر، الشهر الجاري، واختتمت برحلة بايدن إلى فيتنام.

ولكن قمة مجموعة العشرين أظهرت أيضاً أن العلاقات الأمريكية - الهندية تنطوي على ما هو أكثر من مجرد التصدي للصين.. وفي الحقيقة، تعتبر الضرورة الجيوسياسية غير كافية تماماً لأن تكون أساساً لأي شراكة.

قيادة عالمية 

ويعترف بايدن ومودي كل منهما بالآخر كقائدين لأكبر دولتين ديمقراطيتين في العالم، ويسعى كل واحد منهما لإعادة انتخابه على المدى القصير، فالهند سوف تشهد انتخابات برلمانية في شهر مايو (أيار) العام المقبل، فيما ستجري الولايات المتحدة انتخابات رئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) في العام نفسه، ويحكم كلاهما على أساس برنامج يلفت النظر إلى انعدام المساواة الناجمة عن النظام متعدد الأطراف المعاصر، كما أنهما يسعيان لبناء أسس داخلية قوية للقيادة العالمية.

ولكن مسعى الهند للقيادة العالمية والاستقلالية، ونهج الولايات المتحدة التي ربما تسعى إلى تحالف أكثر تحديداً، أمران يؤديان إلى مستقبل غامض، وعندما يخاطب الرئيس بايدن الجمهور الأمريكي، فإنه يتحدث عن بلورة سياسة خارجية تتعلق بالطبقة الوسطى، أي سياسة تهدف إلى تأمين وظائف وتعطي الأولوية لاحتياجات العمال الأمريكيين.. ويؤكد انتقاده للنظام متعدد الأطراف القائم على أن الليبرالية الجديدة قد تسببت في حالات خطيرة من انعدام المساواة في البلاد.

وتأثر النقاش السياسي الأمريكي بالحديث عن تراجع في الوضع الدولي، واعتقاد بأن المؤسسات الدولية يقع عليها اللوم جزئياً في ذلك.. ولدى الأمريكيين شك قائم منذ فترة طويلة إزاء الالتزامات الدولية.. وبالتالي، فإنه من المرجح أن يستخدم الرئيس الأمريكي المقبل مجموعة العشرين كوسيلة لحشد الدعم العام عندما تستضيف الولايات المتحدة القمة في عام 2026، ومن غير المحتمل أن توفر ولاية أيوا الحفاوة الهائلة التي استقبل بها سكان مدينتي ميسوري أو مومباي المسؤولين الزائرين خلال عام رئاسة الهند لمجموعة العشرين.

وتوجه الهند أيضاً انتقادات للنظام متعدد الأطراف القائم، ولكن في المقام الأول لأنه تم حرمانها من الحصول على مقعد على الطاولة الرئيسية.. واستخدم مودي قيادة الهند لمجموعة العشرين لزيادة النفوذ العالمي للهند، وكمؤشر على تزايد نفوذ ومكانة البلاد.

Xi Jinping’s last-minute decision to absent himself from the G20 left the spotlight on the blooming US–India relationship, writes @londonvinjamuri (@CH_Americas).https://t.co/Cx5GZIlfHm

— Chatham House (@ChathamHouse) September 16, 2023 شراكة معرضة للخطر 

واستخدمت حكومة مودي لافتات مجموعة العشرين وبرنامج للفعاليات تم طرحه في كل أنحاء الهند، لتعبئة الشعب وللإشارة إلى أن القيادة العالمية للهند، لا تهدف ببساطة لتعزيز مصالح نخب السياسة الخارجية في رايسينا هيل (مقر الحكومة الهندية ورئيس الوزراء)، وإذا كان الجمهور الرئيسي لبايدن هم العمال الأمريكيون الذين تم نسيانهم، فإن الهند استخدمت قمة مجموعة العشرين لدعم دورها كزعيمة ليس فقط للهنود العاديين، ولكن أيضاً لكل العالم النامي.

ولكن قيادة مودي تستند أيضاً إلى انتقاد أكثر حدة للغرب، وهنا تعتبر الشراكة الإستراتيجية الأمريكية - الهندية أكثر عرضة للخطر، ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكان بايدن ومودي الحفاظ على جبهة متحدة، رغم الخلاف بشأن بعض المسائل الأكثر جوهرية في السياسة الخارجية.

وأعلنت أكبر ديمقراطية في العالم منذ فترة طويلة السيادة بوصفها القيمة الأساسية في علاقاتها الدولية، ولكن الهند رفضت اتخاذ موقف ينحاز لأي طرف بشأن الحرب في أوكرانيا.. وتقول فينجاموري إنه "صحيح أن مجموعة العشرين استطاعت التوصل إلى حل وسط رائع بشأن أوكرانيا، ولكن الأشهر الـ18 الماضية تؤكد أن كلاً من الهند والولايات المتحدة سوف تواصلان مواجهة اتهامات بالنفاق عندما يتعلق الأمر بتحقيق أولياتهما في السياسة الخارجية".

وكانت قيادة الهند ومشاركة بايدن في قمة العشرين حققتا نجاحاً مدوياً، ولكن لم يتم تسوية مسألة الهند وتحالفاتها العالمية في المستقبل كما أن نفاق الولايات المتحدة هدف سهل للغاية.

وتضيف فينجاموري أنه "لذلك سوف يتمثل التحدي للولايات المتحدة في أنه سوف يتعامل مع شريك أقرب له من أي وقت مضى لن ينحاز إلى أي طرف"، وفي الوقت الذي تمارس فيه السياسات الحزبية في واشنطن نفوذاً أكثر على السياسة الخارجية الأمريكية، ربما تواجه الهند شريكاً أقل مرونة.. ومع ذلك، أكدت مجموعة العشرين في الوقت الراهن أهمية هذه الشراكة وإمكانياتها والاهتمام المشترك بالحفاظ عليها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الهند أمريكا قمة العشرين الصين الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة مجموعة العشرین

إقرأ أيضاً:

المؤتمر: نتائج قمة العشرين تعزز مكانة مصر الاقتصادية عالميًا

أشاد حزب المؤتمر، برئاسة الربان عمر المختار صميدة، عضو مجلس الشيوخ، بنتائج مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة مجموعة العشرين التي استضافتها البرازيل.

وأكد حزب المؤتمر في بيان له، أن هذه المشاركة تعكس الثقل السياسي والاقتصادي لمصر على الساحة الدولية، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع أكبر اقتصادات العالم.

وأوضح حزب المؤتمر، أن كلمة الرئيس السيسي خلال القمة كانت شاملة وواقعية، حيث ركزت على القضايا الملحة التي تواجه الاقتصاد العالمي، وأبرزت احتياجات الدول النامية والاقتصادات الناشئة، مع التأكيد على أهمية تحقيق العدالة الاقتصادية وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة.

وأشار حزب المؤتمر، إلى أن أن مشاركة مصر في القمة تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث تسعى القيادة السياسية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشراكات الاقتصادية بما يساهم في دعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

وتابع حزب المؤتمر، أن اللقاءات التي عقدها الرئيس السيسي مع قادة الدول ورؤساء المؤسسات الاقتصادية العالمية على هامش القمة تعكس حرص مصر على بناء علاقات استراتيجية تهدف إلى تحقيق المصالح الوطنية وتعزيز الاقتصاد المحلي.

وأكد حزب المؤتمر ، أن انضمام مصر إلى مجموعة العشرين كدولة مدعوة يعزز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية قادرة على التأثير في القرارات الدولية.

وأضاف حزب المؤتمر، أن هذه المشاركة تسهم في تحسين صورة الاقتصاد المصري أمام المستثمرين الدوليين، خاصة في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا.

واختتم حزب المؤتمر بيانه، مطالبا باستثمار نتائج هذه المشاركة من خلال تعزيز السياسات الاقتصادية الداعمة للاستثمار وتطوير القطاعات الإنتاجية، مؤكدًا أن مصر بقيادة الرئيس السيسي ماضية بثبات نحو تحقيق التنمية الشاملة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

مقالات مشابهة

  • تكنولوجيا أربيل الهندية تحول بنادق الإسرائيليين إلى أدوات قتل خارقة في غزة
  • مشاركة السيسي في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل تتصدر نشاط الرئيس الأسبوعي
  • رئيس وزراء الهند ينشر صورته مع السيسي خلال قمة العشرين .. ماذا قال؟
  • “هدية” يبحث مع المسؤول الاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز التعاون بين البلدين
  • المؤتمر: نتائج قمة العشرين تعزز مكانة مصر الاقتصادية عالميًا
  • حصاد نشاط الرئيس السيسي في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل.. صور
  • الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد المشاركة في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل
  • الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد المشاركة في قمة مجموعة العشرين
  • مجموعة العشرين: قلق عميق إزاء الوضع الإنساني في غزة ولبنان
  • «كوب 29» يبني على بيان «العشرين»