تعدّ المياه الجوفية أحد المصادر الرئيسة للمياه العذبة على الأرض، فهي توفر ما يقرب من نصف إجمالي مياه الشرب، وحوالي 40% من الري العالمي. لكن البشر يضخون المياه الجوفية بشكل أسرع مما تستطيع الأرض تجديده بشكل طبيعي.

وظلت الولايات المتحدة تضخ كميات كبيرة من المياه الجوفية لدرجة أن الأرض بدأت تنقسم في أجزاء من جنوب غرب الولايات المتحدة لأميال متواصلة.

وقد رُصِدت شقوق عملاقة في ولايات من بينها: أريزونا ويوتا وكاليفورنيا.

يقول جوزيف كوك -الذي يبحث في شقوق الأرض في هيئة المسح الجيولوجي في أريزونا- لموقع "بيزنس إنسايدر"، إنه عندما يتم ضخ كثير من المياه من طبقات المياه الجوفية الطبيعية تحت السطح، فإن ذلك يتسبب في ترهل الأرض وخلق هذه الشقوق.

ويؤكد أن الشقوق "ليست أمرا طبيعيا، إنه شيء تسببنا في تشكيله، وهي علامات التوتر في الأرض، وهي تحيط بمساحات كبيرة غرقت عندما فقدت دعم المياه الجوفية".

الشقوق تحدث عادة في الأحواض بين الجبال وتلحق الضرر بالمنازل والطرق والقنوات والسدود (بريان كونواي – بيزنس إنسايدر) بعض المواقع لن تتعافى أبدا

تحدث الشقوق عادة في الأحواض بين الجبال، ويمكن أن تلحق الضرر بالمنازل والطرق والقنوات والسدود، فضلا عن تهديد قيمة الممتلكات والماشية والبشر.

وعرفت ولاية أريزونا بهذه المشكلة منذ فترة طويلة، وكانت تراقبها منذ 2002 على الأقل، حيث هناك في الولاية حوالي 272 كيلومترا من الشقوق رسمتها حاليا هيئة المسح الجيولوجي في أريزونا.

ووفقا لكوك، فإن بعض المواقع في أريزونا لم تعُد قابلة للحفاظ عليها بالفعل، وقال، إن استخدامنا للمياه كان مبالغا فيه لدرجة أنه لم يسمح بالوقت الكافي لمياه الأمطار لتجديد طبقات المياه الجوفية.

وأضاف أن بعض الأحواض في أريزونا تجاوزت هذه النقطة بكثير، لدرجة أنها لن تتعافى أبدا، وفق تعبيره.

وأشار كوك إلى تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز بشأن مستويات المياه في عشرات الآلاف من المواقع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وأفادت الصحيفة أن طبقات المياه الجوفية -التي توفر حوالي 90% من شبكات المياه في الولايات المتحدة-، تُستنفد بشدة لدرجة أنها قد لا تكون قادرة على التعافي. وعدّت الصحيفة في تحقيقها أن ظهور الشقوق دليل على وجود أزمة وطنية.

وتحدثت الصحيفة عن أن ما يقرب من نصف المواقع التي رُصدت "انخفضت بشكل ملحوظ" خلال الأربعين عامًا الماضية،  في حين وصلت 4 من كل 10 مواقع إلى "أدنى مستوياتها على الإطلاق" خلال العقد الماضي، حيث تجاوز ضخ المياه الجوفية الأميركية معدل تجديد المياه.

الصحيفة ذكرت أن طبقات المياه الجوفية قد تستغرق قرونا، أو حتى آلاف السنين للتعافي إذا أمكن ذلك.

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية تتقلص الأنهار مما يجبر المزارعين على الاعتماد على المياه الجوفية (جوزيف كوك، بيزنس إنسايدر) تغير المناخ يجعل الأمر أسوأ

قالت واريجيا بومان -أستاذة القانون وخبيرة المياه بجامعة تولسا- لصحيفة نيويورك تايمز، إنه عندما يضاف تغير المناخ إلى هذا المزيج، فإن عملية صنع "الأزمة" تجري على قدم وساق.

ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تتقلص الأنهار، مما يجبر المزارعين على الاعتماد بشكل أكبر على احتياطيات المياه الجوفية للحصول على المياه العذبة.

وانخفض بالفعل منسوب نهر كولورادو، الذي يزود المزارعين بالمياه العذبة في جميع أنحاء الجنوب الغربي بما في ذلك أريزونا، بنحو 20% منذ عام 2000.

وإذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية في حوض نهر كولورادو بمقدار 2-5 درجات فهرنهايت أخرى بحلول 2050، كما هو متوقع، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض تدفق الأنهار بنسبة 10% إلى 40%.

الافتقار إلى التنظيم

إحدى القضايا الرئيسة في معالجة الإفراط في ضخ المياه الجوفية هو الافتقار إلى التنظيم الموجود في جميع أنحاء البلاد، فليس لدى الحكومة الفدرالية أي لوائح تقريبا لتنظيم ضخ المياه الجوفية، وفقا الصحيفة.

ليس لدى الحكومة الفدرالية أي لوائح تقريبا لتنظيم ضخ المياه الجوفية (بريان جوتي، بيزنس إنسايدر)

خلال معظم تاريخها كانت المياه الجوفية غير منظمة في معظم أنحاء الولاية، حيث تعمل على أساس من يأتي أولا يحصل على الخدمات أولا.

ويقول كوك، إن هذا يعني عدم وجود حدود لكمية المياه الجوفية التي يمكن استخدامها. يمكن للناس بيسر تجفيف المياه الجوفية حتى نفادها.

ويضيف كوك أنه إذا لم "نغير عاداتنا ونسمح لطبقات المياه الجوفية بتجديد نفسها بشكل طبيعي، فإن هذه الشقوق ستستمر في النمو. طالما أننا نستمر في استخدام المياه الجوفية أكثر فسوف نواجه هذه المشكلة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی أریزونا

إقرأ أيضاً:

الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة غير متكافئة.. وتوصيات للوصول إلى 100%

سجّل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة مؤخرًا انتصارًا مهمًا على يد أنصار البيئة الساعين لتوفير “مناخ مستدام” في ولاية هاواي.

وفي 20 يونيو/حزيران (2024)، أُسدِل الستار على دعوى كان قد رفعها 13 من شباب الولاية في 2022 ضد السلطات المحلية بتسوية مع الحكومة، فيما عُدّ أول قضية مناخية دستورية تركّز على النقل ويقودها الشباب، وفق معلومات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وكان من أبرز نتائج الدعوى أن إدارة النقل أصبحت مُلزمة قانونًا بتغيير ملامح المنظومة، وصولًا لتحقيق الحياد الكربوني بالقطاع بحلول عام 2045.

وبحسب أحد المحامين المشاركين، فالاتفاق بين النشطاء وحاكم الولاية بمثابة “خارطة طريق متكاملة” ينبغي أن تحذو حذوها الولايات الأخرى ودول العالم.

وكان العالم بشؤون الطاقة المتجددة والأستاذ بجامعة ستانفورد الأميركية مارك جاكوبسون أحد من استعان بهم النشطاء للشهادة أمام القضاء، بعد أن طوّر خططًا لتتحول كل الولايات إلى مصادر الطاقة المتجددة.

إنتاج الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة

علّق الأستاذ بجامعة ستانفورد الأميركية مارك جاكوبسون على الفجوة في توزيع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة؛ إذ تستفيد ولايات بعينها من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بصورة أكثر من غيرها.

وبالفعل، رصد تقرير لمنظمة “كلايمت سنترال” (Climate Central) في أبريل/نيسان (2024) تصدُّر ولاية كاليفورنيا للزيادة في إنتاج الطاقة الشمسية خلال العام الماضي (2023) بمقدار 8 أضعاف، مقارنة بعشر سنوات مضت، إلى أكثر من 238 غيغاواط/ساعة، كما تضاعف إنتاج طاقة الرياح إلى 425 غيغاواط/ساعة بقيادة تكساس.

مزرعة بيكون للطاقة الشمسية في كاليفورنيا- الصورة من “لوس أنجلوس تايمز”

وأيضًا، خلال النصف الأول من العام الجاري (2024)، استحوذت الطاقة الشمسية على الحصة الكبرى من إضافات قدرات توليد الكهرباء عند 12 غيغاواط، واستحوذت ولايتا تكساس وفلوريدا على نحو 38% من جميع إضافات قدرات الطاقة الشمسية.

وتَركَّز نمو قدرات تخزين الكهرباء في 4 ولايات تصدّرتها كاليفورنيا بنسبة 37%، تليها تكساس وأريزونا ونيفادا بنسب 24% و19% و13% على الترتيب.

وشكّلت طاقة الرياح 12% من إضافات قدرات الكهرباء خلال النصف الأول بمقدار 2.5 غيغاواط، وكان أكبر الإضافات من نصيب تكساس التي شهدت تشغيل مشروعين بقدرة 309 و266 ميغاواط خلال النصف الأول، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة في أغسطس/آب (2024).

%100 مصادر متجددة

لسدّ تلك الفجوة وتحقيق التوازن، قدّم جاكوبسون رؤيته التي ترمي إلى زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة الأخرى والكهربة على نطاق واسع، كما دعا السلطات لتطبيق سياسات مُلزمة بالتحول الكامل إلى المصادر المتجددة.

وفي حوار أجراه مع منصة “بي في ماغازين” (pv-magazine) قال: “هدفي هو حل المشكلات، والحل هو توليد كهرباء نظيفة ومن مصادر متجددة بنسبة 100% لـ100% من المواطنين” بغضّ النظر عن انتمائهم السياسي، ولو أن الولايات التي يديرها حكام منتمون للحزب الديمقراطي هم الأكثر اهتمامًا بالتحول الكامل إلى الطاقة المتجددة.

وعلى الناحية الأخرى، ألقى باللوم على شركات النفط الكبرى بالوقوف وراء القبضة المُحكمة للوقود الأحفوري على ولايات بعينها.

ويرى جاكوبسون أن تقنيات الطاقة النووية واحتجاز الكربون والهيدروجين الأزرق والوقود الاصطناعي والوقود الحيوي والتقاط الهواء المباشر غير مفيدة وغير قابلة للاستعمال.

وفي المقابل، قال، إن ثمة تقنيات أخرى أكثر كفاءة وأقل استهلاكًا للطاقة، مثل المضخات الحرارية.

وإجمالًا، دعا إلى توخّي الحذر عند اختيار مصادر الطاقة، وكذلك استعمالها بحكمة، وتقليل الاستهلاك لتحقيق الكفاءة.

الأستاذ بجامعة ستانفورد مارك جاكوبسون- الصورة من “enewnrg.blogspot” احتجاز الكربون وتخزينه

تَعُدّ وكالة الطاقة الدولية (IEA) تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أحد المجالات الرئيسة لوضع أنظمة الطاقة على طريق الاستدامة، وبكونها ضرورة بسبب عدم توافر بدائل أفضل.

على الناحية الأخرى، يعارض خبير شؤون الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة مارك جاكوبسون تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بناءً على تجربته في 2023 لإعداد ورقة بحثية بشأن دراسة مقترح استعمال التقنية في 23 مصفاة لتكرير الإيثانول في 5 ولايات ونقل ثاني أكسيد الكربون عبر خط أنابيب تحت الأرض.

وقال، إن إضافة التقنية للمشروعات بحاجة دائمًا إلى الكهرباء والمعدّات، في حين إنه يمكن خفض إطلاق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر استعمال الكهرباء والمعدّات مباشرة، وليس لتشغيل تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

واتّهم مستعملي التقنية بزيادة انبعاثات الكربون وإساءة استعمال الكهرباء وزيادة تلوث الهواء والتنقيب عن الوقود الأحفوري، لأنه لا يمكن التخلص من كل التلوث الناجم عنه.

تتفق وجهة نظر الخبير مع دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في ديسمبر/كانون الأول (2023)، قالت، إن الاعتماد بشدّة على احتجاز الكربون وتخزينه تبديد للموارد الاقتصادية.

كما أكد مركز أبحاث “كربون تراكر” (Carbon Tracker) أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لا تأخذ في الحسبان انبعاثات التنقيب واستخراج ونقل الغاز الطبيعي.

وبناءً على ذلك، لا ينبغي عدّ مشروعات الهيدروجين الأزرق والغاز التي تستعمل التقنية “منخفضة الانبعاثات الكربونية” ما لم تضمن استعمال غاز طبيعي ذي انبعاثات منبع منخفضة، مع تحقيق معدلات عالية لاحتجاز الكربون.

وتصدرت الولايات المتحدة قائمة أكثر الدول امتلاكًا لسعة احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا، عند 22.5 مليون طن سنويًا في العام الماضي (2023)، ارتفاعًا من 21.8 مليون طن سنويًا في 2022.

وتتوقع شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي أن تأتي 70% من استثمارات احتجاز الكربون وتخزينه من أميركا الشمالية وأوروبا.

وخلال 10 سنوات، ستصل قدرات احتجاز الكربون عالميًا إلى 440 مليون طن سنويًا، وقدرات تخزينه إلى 664 مليون طن سنويًا، وهو ما يستلزم زيادة الاستثمارات إلى 196 مليار دولار بحلول عام 2034.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link مرتبط

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيراني يتبرأ من الحكومات السابقة.. ويغازل الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تتجه إلى رفع مستوى سلاح الجو الإسرائيلي
  • مصطفى عمار: «المتحدة» شركة ولدت عملاقة تستند على تاريخ إعلامي مصري تجاوز 150 سنة
  • نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة في سبتمبر لهذا السبب
  • الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة غير متكافئة.. وتوصيات للوصول إلى 100%
  • «سوليفان»: الولايات المتحدة تستعد لتقديم حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا
  • تقرير أمريكي: مساعدات الولايات المتحدة لليبيا تجاوزت 900 مليون دولار
  • وزير النفط العراقي يجري عملية جراحية طارئة في الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة: مستعدون للتفاوض مع كوريا الشمالية
  • اكتشاف محيط من المياه أسفل القشرة الأرضية