قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن الوضع غير المسبوق الذي خلقه وصول حوالي 11 ألف شخص من شمال أفريقيا، الأسبوع الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الواقعة جنوب البلاد والتي لا يتجاوز عدد سكانها 7 الاف نسمة، سلط الضوء على غياب الإطار السياسي، في حين تتزايد تدفقات الهجرة نحو أوروبا.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية في مقال نشرته اليوم /السبت/، حول ردود أفعال الطبقة السياسية الفرنسية بشأن تدفق المهاجرين إلى الجزيرة رغم بدء التراجع النسبى في عدد المهاجرين، لافته إلى أن حالات الهجرة من تونس بنسبة 260% عام 2023، مقارنة بالفترة من يناير إلى أغسطس 2022، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ولفتت "لوموند" إلى أن الوضع في لامبيدوزا يظهر أن "المقاربات القومية الصارمة لها حدودها"، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إشارة إلى وعود رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني التي أكدت منعها عبور المهاجرين الجدد، واعتبرت باريس إن الاستجابة لأزمة الهجرة لا يمكن أن تكون إلا أوروبية.

وعلى الرغم من التوترات السابقة مع روما، فإن الرئيس الفرنسي لا يريد "ترك إيطاليا وحدها مع ما تعيشه اليوم"، وعلى هامش رحلة إلى كوت دور، دافع ماكرون عن "واجب التضامن الأوروبي" مع إيطاليا، في حين علقت ألمانيا للتو الاستقبال الطوعي لطالبي اللجوء من هذا البلد بسبب "ضغوط الهجرة القوية" ورفض روما تطبيق الاتفاقيات الأوروبية.

وأتاحت هذه الحلقة الجديدة من أزمة الهجرة لليمين واليمين المتطرف الفرنسي الفرصة للتنديد، مرة أخرى، بـ"الطوفان" الذي من شأنه أن يهدد فرنسا، و"عجز" إيمانويل ماكرون والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمهاجرين وإدارة تدفقات الهجرة.

من جانبها.. قالت مارين لوبان (زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني) على موقع إكس (تويتر سابقًا) "من سيظل يرفض الحديث عن الطوفان عندما يصل عدد (المهاجرين) لما يعادل عدد سكان الجزيرة في غضون ساعات قليلة؟" وتصل لوبان إلى لومبارديا غدا /الأحد/ بدعوة من ماتيو سالفيني رئيس حزب الرابطة الوطنية.

كما تناولت الصحيفة تصريحات رؤساء القوائم الانتخابية في الانتخابات الأوروبية التي ستجرى في يونيو 2024 بهذا الشأن، فمن جانبه قال جوردان بارديلا، الذي سيتصدر قائمة حزب التجمع الوطني، هناك استجابة واحدة محتملة لهذه الأزمة: "يجب على إيمانويل ماكرون أن يتعهد رسميا بهذا الالتزام: فرنسا لن ترحب بمهاجر واحد" من لامبيدوزا.

وأضاف: "بالنسبة لمن قال إنه يريد "تقليص" الهجرة بشكل كبير، فهذه هي لحظة الحقيقة، إما الحزم أو العجز" حسبما قال على حسابه على موقع "اكس".

ومنافسته ماريون ماريشال التي ستتصدر قائمة "الاسترداد!" في الانتخابات الأوروبية فقد توجهت إلى لامبيدوزا مساء الخميس، للتنديد بـ"الفوضى" على خلفية صور اللاجئين الجالسين على الأرض، بشكل جماعي، في الميناء الإيطالي.

ومن جانبه.. استنكر نائب الرئيس لشؤون المواطنين الفرنسيين المقيمين خارج البلاد، بيير ألكسندر أنجلاد، رئيس لجنة الشؤون الأوروبية في الجمعية الوطنية، في تصريحات لصحيفة "لوموند": "إنه حقًا الاستغلال الأكثر فظاعة على الإطلاق".

وأضاف "إذا كانت إيطاليا في هذا الموقف، فذلك على وجه التحديد لأن الدول الأوروبية بقيادة أصدقاء ماريون ماريشال لا يريدون التضامن الأوروبي". في إشارة خاصة إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يرفض استقبال اللاجئين. 

وتأتي هذه الأزمة في وقت تعد فيه الهجرة أحد المواضيع المهيمنة على الساحة السياسية، اعتبارا من نوفمبر المقبل، وستدافع الحكومة الفرنسية عن مشروع قانون في مجلس الشيوخ يسعى إلى التوفيق بين الحزم ضد الهجرة غير الشرعية وضمان الاندماج، مع تنظيم العمال غير المسجلين في المهن التي تعاني من النقص.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اليمين المتطرف إيمانويل ماكرون المهاجرين لامبيدوزا

إقرأ أيضاً:

"اليمين المتطرف" يهزم ماكرون في الانتخابات والمثقفون والموسيقيون ينتفضون في الساحات.. شاهد

شهدت ساحة الجمهورية في باريس يوم الأربعاء تجمع آلاف الفرنسيين للتعبير عن رفضهم لتقدم اليمين المتطرف نحو السلطة بعد نتائج مذهلة في الدور الأول من الانتخابات التشريعية في يونيو الماضي.

وشارك في الفعالية مثقفون وموسيقيون لدعم تشكيل جبهة ديمقراطية ضد اليمين المتطرف الذي يبدو أنه على وشك الوصول إلى السلطة في فرنسا.

ماكرون: لن نحكم مع "فرنسا الأبية" في حال تشكيل تحالف ضد اليمين المتطرف صحيفة: على بايدن التحلي برؤية واضحة بشأن الانتخابات المقبلة بسبب فرنسا وبريطانيا

ورفع البعض العلم الفلسطيني للتذكير بالصراع الدائر في قطاع غزة منذ بداية العدوان في أكتوبر الماضي بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس.

وبحسب فرانس 24، كشفت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي تصدرها اليمين المتطرف عن انقسام كبير في الشارع الفرنسي فقد عمت الفرحة معقل اليمين المتطرف في هينان بومونت، في الوقت الذي سادت فيه المخاوف في مناطق أخرى مثل مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، حيث يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

وأفرزت أصداء تصدر اليمين المتطرف لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، انقساما في الشارع الفرنسي، ففيما عمت البهجة في هينان بومونت، معقل اليمين المتطرف، وزعيمته مارين لوبان التي أعيد انتخابها الأحد من الدورة الأولى، اختلفت الأجواء بشكل جذري على بعد حوالي ألف كيلومتر. ففي الأحياء الفقيرة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة. 

"نريد فرنسا!" بتلك العبارة علق مؤيد لليمين المتطرف على تصدر التجمع الوطني نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، غير أن أصداء هذا الانتصار عكست انقساما في البلد، ما بين "قلق" في مرسيليا جنوبا من وصوله إلى السلطة و"فرح" في معقل زعيمته مارين لوبان في أقصى الشمال. 

وعقب صدور هذه النتائج، هتف مناصروها بصوت واحد "مارين، مارين، مارين" في إحدى صالات هذه المدينة، المعقل السابق لليسار والتي يقودها اليمين المتطرف منذ عام 2014، تحت راية حزب الجبهة الوطنية ومن ثم حزب التجمع الوطني. 

وجعلت المرشحة الرئاسية السابقة التي خسرت في الدورة الثانية عامي 2017 و2022 أمام إيمانويل ماكرون، من هذه البلدة مختبرا لهذا الحزب اليميني المتطرف الباحث عن التطبيع، والذي تصدر الأحد الانتخابات التشريعية بعد أن فاز بالفعل في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو. 

وصرحت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان "نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة" أمام أنصارها المتطلعين لرؤية الرئيس الشاب للتجمع الوطني جوردان بارديلا (28 عاما) يتولى تشكيل الحكومة بعد الجولة الثانية الأحد المقبل. 

وبعد إلقاء كلمتها، تحرك الحشد واقتربت منها فتاة صغيرة تحملها أختها على كتفيها، وهي تناديها بخجل "مارين" ولكنها لم تسمعها. وقالت لها أختها "ارفعي صوتك" قبل أن تطلب من صديقتها "خذي هاتفي والتقطي الصور!" "أمر خطير" على بعد حوالي ألف كيلومتر، تختلف الأجواء بشكل جذري، ففي الأحياء الفقيرة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة. 

وقالت كوتارا التي صوتت لأول مرة بعد أن بلغت للتو 18 عاما وترتدي عباءة ووشاحا أزرق "لم آخذ الأمر على محمل الجد، ولكن الآن، كلما أشاهد الأخبار أجد أن الأمر خطير". 

ويشاركها هذا القلق جان فرانسوا بيبين (49 عاما)، وهو مدرب متخصص جاء للتصويت مع عائلته. وقال إن "احتمال فوز اليمين المتطرف يثير قلقي لأننا في مدينة شعبية ومتنوعة وقد يهدد ذلك الرفاه الذي نتمتع به هنا، نحن مهددون بانتشار الخطاب العنصري في المؤسسات العامة". 

وكان أكبر نادي لمشجعي نادي أولمبيك في مرسيليا، والذي يستقطب عددا كبيرا من سكان المدينة، قد حذر ما يقرب من 80 ألف شخص في مرسيليا الذين صوتوا لصالح جوردان بارديلا في الانتخابات الأوروبية من أن "هذا الوقت خطير". 

موجات الهجرة المتتالية

واستحضر مذكرا بأن “موجات الهجرة المتتالية أسست لشعب مرسيليا وهويته المتنوعة”، وفي منطقة الألزاس الحدودية مع ألمانيا، تعتبر بلدة فيسمبورغ الصغيرة أكثر محافظة، لا يخفي بعض الناخبين نوايا تصويتهم. اعتبر نجار يبلغ 58 عاما، فضل عدم الكشف عن هويته، يجلس في حانة "ميونيخ" أن "الأمر غير قابل للنقاش، سيكون للتجمع الوطني". 

وإذ اكد أن تصويته "ليس من باب العنصرية" لكنه يريد ألا يتم السماح "لعدد ضخم من الناس" بدخول فرنسا. 

وأوضح الرجل الذي بدأ العمل "في السابعة عشرة من عمره" ويريد "التقاعد عند سن الستين"، أنه "يتعين إحداث تغيير جذري (...). لا أعرف ما إذا كان الأمر سيكون أفضل بعد ذلك (...). لكن تجب المحاولة الآن". 

وفي مركز الاقتراع الموجود في مكتب الخدمات السياحية، تستعد كونستانس (22 عاما) للإدلاء بصوتها لصالح تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري. 

وتتحدث هذه الطالبة في كلية الهندسة المعمارية عن "تصويت اضطراري" لكنها ترفض انتقاد ناخبي الجبهة الوطنية، وقالت "يجب ألا نلوم الناس: إنه نتيجة للسياسات التي تم انتهاجها لسنوات...".

مقالات مشابهة

  • معركة «النفس الأخير» لماكرون ضد اليمين المتطرف.. «الوحدة الأوروبية في خطر»
  • بايدن يمارس ضغوطا على نتنياهو من أجل اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة
  • غموض وتوتر قبل 3 ايام من الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الحاسمة في فرنسا
  • كيف تسببت المقامرة الضخمة لماكرون في فوز اليمين المتطرف بفرنسا؟
  • كيف تسبب المقامرة الضخمة لماكرون في فوز اليمين المتطرف بفرنسا؟
  • "اليمين المتطرف" يهزم ماكرون في الانتخابات والمثقفون والموسيقيون ينتفضون في الساحات.. شاهد
  • بسبب الأزمة الاقتصادية.. الهجرة ملف ساخن بأجندة المحافظين والعمال قبل الانتخابات البريطانية
  • تحليل : المغرب لن يتأثر بصعود اليمين المتطرف إلى السلطة بفرنسا
  • معاداة المهاجرين والأقليات.. شبح ماضي اليمين المتطرف يخيم على فرنسا
  • وصول اليمين المتطرف للسلطة في فرنسا