عربي21:
2025-03-20@01:35:15 GMT

الممر الهندي-الأوروبي.. مشروع اقتصادي أم سياسي؟

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

شهدت قمّة مجموعة العشرين التي إنعقدت مؤخراً في الهند يومي 9 و10 أيلول/ سبتمبر 2023 تدشين مشروع الممر الهندي ـ الأوروبي (IMEC) برعاية الولايات المتّحدة الأمريكية وعضوية كل من الهند والإمارات والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. ووقعت الدول المذكورة خلال الإعلان عن المشروع مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي المذكور مشيرة إلى أنّ الهدف منه زيادة التبادل التجاري وتوفير موارد الطاقة ورفع درجة الاندماج الرقمي.



يربط المشروع الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط من خلال أربع محطّات جغرافية رئيسية، الأولى في الخليج العربي وتضم الإمارات والسعودية حيث يتم استقبال البضائع الهندية القادمة من مومباي إلى الموانئ الإماراتية (ميناء دبي) قبل أن يتم تفريغها ونقلها عبر سكّة الحديد إلى السعودية، ومنها إلى المحطّة الثانية في الشام حيث تعبر الأردن وتصل إلى إسرائيل التي تفرغها في الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط (ميناء حيفا)، قبل أن يتم نقلها مرّة أخرى عبر السفن إلى اليونان مروراً بقبرص في البحر المتوسط الذي يشكّل المحطّة الثالثة تمهيداً لنقلها إلى البلدان الأوروبية وأهمّها إيطاليا وفرنسا وألمانيا عبر الشاحنات. 

وبالرغم من أنّ الدول الموقّعة لم تقدّم أي التزامات مالية بشأن المشروع، إلا أنّها وافقت على إعداد خطة عمل لإنشاء الممر في غضون شهرين. وجرى التوقيع على الاتفاق وسط احتفاء بأهميّة المشروع من الناحية الاقتصادية والجيو ـ استراتيجية. ويشير مؤيدو هذا المشروع إلى أنّه يتمتّع بمزايا عديدة أهمّها موقعه الاستراتيجي الذي يُشكّل جسراً بين جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، مما يجعله طريق عبور حاسم للتجارة والتبادل التجاري.

ويُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.

وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المشروع بأنّه مشروع تاريخي، وهو ما جعل الكثير من المراقبين ينظرون إليه على أنّه مشروع منافس تمّ الاتفاق عليه لمواجهة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، خاصّة أنّه يأتي في سياق العديد من المبادرات التي يتم الترويج لها مؤخراً والتي تستهدف إيقاف تراجع نفوذ واشنطن، ومواجهة صعود الصين.

المشترك في هذه المبادرات أنّها تتضمّن إدراج الهند والدول الشريكة في المنطقة ضمن ترتيبات سياسية بغطاء اقتصادي كمشروع (I2U2) الذي يضم الولايات المتّحدة والهند والإمارات وإسرائيل. وبالرغم من الإمكانات التي يتمتع بها مشروع الهند ـ أوروبا من الناحية النظرية، إلاّ أنّ تنفيذه ينطوي على العديد من التحديات الهائلة التي تجعل البعض يعتقد أنّ الإعلان عنه هو مجرّد دعاية إعلامية حيث سينتهي به المطاف لأن يكون مجرّد حبر على ورق.

يُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.وتعتبر الديناميات الجيو ـ سياسية للمنطقة التي يمر بها من أبرز التحدّيات التي تواجه المشروع نظراً للتناقض الموجود بين دوله لناحية التنافس أو التنافر، إذ يمر المشروع في دول ذات أوضاع سياسية معقدة وصراعات مستمرة. ويمكن لهذه الصراعات أن تعرقل التجارة والاستثمار، وتخلق حالة من عدم اليقين، وتعطل تدفق السلع والخدمات. ومن التحدّيات الرئيسية أيضاً التي يواجهها المشروع الافتقار إلى البنية التحتية والاتصال المتفاوت في هذا الشأن بين البلدان المنخرطة. علاوة على ذلك فإنّ اشتمال المشروع على محطّات نقل مختلفة للبضائع سيشكّل كابوساً لوجستياً، وبخلاف ما يروّج له البعض، فإنّ ذلك سيؤخّر على الأرجح من عملية نقل البضائع ويعرقلها ويزيد من تكلفتها ومن الزمن اللازم لها للوصول إلى الوجهة النهائية.

علاوة على ذلك، يواجه الممر تعقيدات وتحديات تنظيمية وبيروقراطية. ولكل دولة مجموعتها الخاصة من القواعد واللوائح والحواجز التجارية، والتي يمكن أن تعيق سهولة ممارسة الأعمال التجارية. ولكل هذه الأسباب كما غيرها، يرجّح منتقدو المشروع فشله، فهو غير مؤهل لمنافسة المشروع الصيني، ولذلك فقد يكون له أهداف أخرى لعل أبرزها محاولة دمج إسرائيل في المنطقة من خلال الغطاء الاقتصادي وذلك لتعزيز عمليات التطبيع الجارية وإعطائها بعداً طويل الأمد. ومن الممكن ملاحظة أنّ دول المشروع تشترك في ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعارضة حركات الإسلام السياسي، وهو ما يدفع البعض للنظر إليه من الناحية الأيديولوجية.

ومن الانتقادات التي يمكن توجيهها للمشروع أنّه يتجاهل دول رئيسية في المنطقة، إذ إنّ المحطّة الأولى يغيب عنها عُمان ذات الموقع الاستراتيجي في الخليج والتي تربطها علاقات تاريخية بالهند، كما أنّ وجود إسرائيل في المحطّة الثانية يبقى موضع تساؤل وشك، وأن نقل البضائع في المرحلة الثالثة إلى اليونان بدلاً من تركيا مثير للاستغراق على أكثر من صعيد. فالمشروع بشكل الحالي يتجاهل أكبر اقتصاد غير نفطي في منطقة الشرق الأوسط، كما يتجاهل حقيقة أنّ تركيا هي الدولة الاولى في المنطقة لناحية البنية التحتيّة المؤهلّة والمندمجة جغرافيا ولوجستياً مع أوروبا. فضلاً عن ذلك، فإنّ المشروع يقوّض من الخط التاريخي لقناة السويس ويزيد الضغط المالي والاقتصادي على مصر التي تمّ تجاهلها هي الأخرى بالرغم من أنّها من أكبر أسواق المنطقة.

والمثير للاهتمام أنّ المشروع تجاهل سؤال الأمن وكيف سيتم حماية الخط في أي من المناطق الرئيسية التي يمر بها، إذ إنّه يمر في نقطة اختناق أساسيّة في الخليج عند باب هرمز والتي ستخضع في حالة التوتّر لإيران التي سيبقى بإمكانها تهديد الممر وشل حركته بشكل شبه كامل. كما أنّه يمر في البحر المتوسط حيث النفوذ التركي البحري المتزايد والذي سيكون من الصعب تجاوزه خاصّة إذا ما تبيّن أنّ للمشروع أهدافا سياسية وأيديولوجية وأنّ استبعاد بعض الدول من المشروع أو محاولة عزلها إنما تمّ بناءً على هذه الخلفيّة بالذات وليس بناءً على أي معطيات أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند الممر أوروبا الهند أوروبا رأي ممر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

إنسان تسعد 5000 آلاف طفل بهدية العيد

جواهر الدهيم – الجزيرة

أطلقت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض (إنسان) مشروع (هدية العيد) لأبنائها المستفيدين في مختلف فروعها البالغ عددها 22 فرع في مدينة الرياض ومحافظاتها جرياً على عادتها السنوية، وقد رصدت الجمعية مبلغ مليون ريال لهذا المشروع بواقع (200) ريال لكل يتيم ويتيمة، وسوف يستفيد من هذا المشروع (5,265) طفل، لرسم البسمة على محياهم، ومشاركتهم فرحة العيد، وإدخال البهجة والسرور إلى نفوسهم، حيث سيتم إيداع مبالغ الهدية في حسابات الأسر البنكية، وتحقق هذه الطريقة قيمة من قيم الجمعية وهي (حفظ كرامة اليتيم).

وحثّت الجمعية رجال الأعمال والمتبرعين على المساهمة في مشروع (هدية العيد)، وتجسيد المسؤولية المجتمعية، والتكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، من خلال التبرع بقيمة الهدية، وإيداع المبلغ في حسابات الجمعية، أو زيارة أحد فروع الجمعية أو التبرع عن طريق منصة إنسان.

مقالات مشابهة

  • تدشين مشروع تأهيل مجمع عمليات النساء والتوليد بسنار
  • كابل الجديدة.. حلم تنموي يواجه تحديات كبيرة
  • خبير اقتصادي: عدم استقرار ليبيا أحد تحديات مشروع الربط الكهربائي مع تونس والجزائر
  • المشروع الملكي سد بوخميس.. وزارة الماء تتكتم على تفاصيل إلغاء الصفقة
  • "أبوظبي نافال" مشروع مشترك لبناء السفن في أبوظبي
  • %30 نسبة إنجاز مشروع حديقة نزوى العامة
  • مصر تطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
  • إنسان تسعد 5000 آلاف طفل بهدية العيد
  • مشروع طلابي في بهلاء لزراعة وإنتاج القهوة
  • الأخضر: العمل جارٍ بمشروع الممر الكهربائي بين ليبيا والجزائر وتونس