عربي21:
2025-03-10@17:33:57 GMT

دروس فاجعة درنة وأخواتها

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

لن أخوض في توصيف الكارثة التي حلت بمدن الشرق الليبي ولأن أبذل جهدا في تصوير ما وقع في درنة، فالمقاطع المصورة والصور الثابتة وشهادات الناجين أبلغ من أي وصف، كما إن الآثار المترتبة عن الفاجعة بات معلوما لدى سكانها قبل من بلغ بهم الأسى والحزن كل مبلغ من جيرانها الأقربين والأبعدين، ويكفي أن أنقل وصف أحد علماء مدينة درنة، وقد كان شاهد عيان على الفاجعة، أن ما وقع صبيحة الإثنين الماضي فاق في مساحته وامتداده كارثة هيروشيما.



غير أننا نحتاج إلى وقفات جادة وصادقة مع المأساة من جهة الأسباب التي أسهمت في وقوعها، ونهج التعامل مع نتائجها، ومن الضروري أن نسلط بعض الضوء على علاقة الفاجعة بالتدافع السياسي وأثر الأخير في خيارات مواجهة تداعيات الفاجعة.

لا شك أنها إرادة الله، ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، لكن ذلك لا يعني عدم الخوص في عالم الأسباب التي أسهمت في وقوع كارثة غير مسبوقة في التاريخ الليبي المعاصر، ومع قبول الافتراض القائل بأن ترميم السدود المتهالكة أصلا ما كان يسعف في منع وقوع الكارثة، ذلك أن كمية الأمطار الكبيرة وما ترتب عنها من تدفقات هائلة في الممرات المائية التي تقود إلى وادي درنة أكبر وأقوى من أن يتحكم فيها سد المدينة، فإن ذلك لا يعني عدم وجود إجراءات وقائية تقلل من حجم الخسائر في الأرواح بل ربما تجعلها في الحدود الدنيا جدا.

معلومات أولية متاحة أشارت إلى هطول أمطار بكميات غير مسبوقة، وكان هناك توقعات بعاصفة لم تعرفها البلاد من قبل، ودق خبراء ونشطاء ناقوس الخطر في حال وقوع سيول كبيرة لن يصمد أمامها سد درنة الكبير وبالتالي ستقع كارثة محققة، غير أن السلطات المحلية والمركزية في الشرق وفي الغرب لم تلق بالا للمعلومات كما لم تتعاط مع التحذيرات، فقرار إخلاء المناطق المحاذية للسد هو إجراء طبيعي كان ينبغي اتخاذه من السلطات المعنية، وهذا لم يقع.

المشهد اليوم يؤكد مجددا أن الليبيين مأهلون للتصافي والتقارب برغم ما وقع من شقاق وقطيعة وحروب، وأن العقبة الكؤود هم الساسة والنخبة التي تؤيدهم فهم المسؤولون عن الحالة التي تعانيها البلاد ويذوق مُرها الليبيون.برغم تراكم الأزمات وتكرارها في ليبيا خاصة منذ العام 2011م، إلا أن إدارتها ما تزال متواضعة جدا. صحيح أن الانقسام السياسي والمؤسساتي يجعل من التحكم في الأزمة أمرا صعبا، فوزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة قابع تحت الإقامة الجبرية لدى الجيش التابع للبرلمان لأنه قدم إلى مطار الأبرق في الشرق بنية المشاركة في إدارة الأزمة، والصراع على أشده للتحكم في الأموال الواجب تخصيصها لمجابهة نتائج إعصار دانيال، لكن الارتباك الشديد في مواجهة النزوح والنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء، والفوضى التي تصاحب عمليات الإغاثة يؤكد أن مسائل أساسية في إدارة الكوارث والأزمات ما تزال غائبة عن أصحاب القرار وجهات الاختصاص.

الانقسام الذي بهت أثره على المستوى الشعبي مع الهبة العفوية لجموع الليبيين في الغرب والجنوب لتخفيف معاناة إخوانهم في الشرق، سيكشر عن أنيابه في قابل الأيام والأسابيع والسبب هو صلاحية إدارة الأزمة في شقها المالي، فقد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عن تخصيص ملياري دينار لمجابهة آثار فاجعة درنة وأخواتها من مدن الشرق، وقالت حكومة الاستقرار أو الحكومة الليبية في الشرق أن عشرة مليارات دينار ستوجه لترميم ما خلفه إعصار دانيال من خراب ودمار، وكان مجلس النواب قد أقر ميزانية طوارئ كبيرة يشرف على إنفاقها فريق يضم مجلس النواب والقيادة العسكرية في الرجمة ومصرف ليبيا المركزي.

المشهد اليوم يؤكد مجددا أن الليبيين مأهلون للتصافي والتقارب برغم ما وقع من شقاق وقطيعة وحروب، وأن العقبة الكؤود هم الساسة والنخبة التي تؤيدهم فهم المسؤولون عن الحالة التي تعانيها البلاد ويذوق مُرها الليبيون.

وقد يشكر الليبيون يوما الشدائد برغم قسوتها فهي التي تعيد الميزان إلى التوازن والوضع إلى الاستقرار، وتعري العابثين بحاضر ومستقبل الوطن والمواطن فيصار إلى غيرهم من أهل الحكمة والنزاهة والحزم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليبيا نتائج ليبيا فيضانات رأي نتائج مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق ما وقع

إقرأ أيضاً:

مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 في خطوة مهمة للغاية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير 2025 قرارًا جمهوريًا رقم 35 لسنة 2025، يقضي بتخصيص مساحة 52.5 فدانًا من الأراضي المملوكة للدولة في جنوب سيناء لصالح الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، بهدف إقامة ميناء طابا البحري. 

هذا القرار جاء ردًا على المقترحات الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء، وتحويل قطاع غزة إلى مركز لوجستي يخدم المصالح الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، سعت إسرائيل إلى إنشاء ممر بحري بديل لقناة السويس، يُعرف باسم "قناة بن جوريون"، يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. يُعتبر تطوير ميناء طابا ردًا عمليًا من مصر على هذه المخططات، حيث يعزز من سيادتها على الممرات البحرية ويحول دون تحقيق أي مخططات تهدف إلى تقليل دورها الاستراتيجي في المنطقة.

وفي إطار تعزيز البنية التحتية اللوجستية، تعمل مصر على تطوير شبكة طرق وموانئ لوجستية، بالإضافة إلى مشروعات أخرى في أفريقيا مثل مشروع "النسر" الذي يربط ليبيا وتشاد بمصر. تهدف هذه المشروعات إلى مواجهة محاولات عزل مصر عن عمقها العربي والأفريقي، خاصة بعد محاولات إثيوبيا للتواصل عبر ميناء بربرة في الصومال. تُعتبر هذه الخطوات استباقية لحماية الأمن القومي المصري ومواجهة أي محاولات لتغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة.

ولذا تُعتبر هذه التحركات جزءًا من صراع أكبر بين مصر ومخطط الشرق الأوسط الجديد، حيث تُركز الاستراتيجيات على تطوير مشاريع بنية تحتية لوجستية لتعزيز النفوذ الإقليمي. في هذا السياق، يُعتبر مشروع ميناء طابا خطوة استراتيجية لتعزيز موقع مصر كمركز لوجستي عالمي، ومواجهة التحديات والمخططات التي قد تهدف إلى تقليل دورها في التجارة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر ميناء طابا جزءًا من استراتيجية مصرية أوسع لتعزيز الربط اللوجستي مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر شبكة من الموانئ والطرق التجارية. من خلال تطوير ميناء طابا، تسعى مصر إلى تعزيز موقعها كمحور رئيسي في هذه المبادرة، مما يساهم في جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين. ومن خلال هذا المشروع، تُظهر مصر التزامها بتطوير بنيتها التحتية وحماية مصالحها الوطنية، مما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • مجلة “تايم” : التصنيف الامريكي مجرد استعراض ..
  • نهضة بركان يعبر عن مواساته في فاجعة الطفلة يسرى
  • فاجعة على طريق المدرسة.. مصرع 5 أطفال في حادث سير بالبيضاء، والدبيبة يعزّي
  • دروس وعبر من قصة سيدنا موسى.. ما هي معجزة شق البحر؟
  • فاجعة جديدة.. العثور على جثة طفل جرفته السيول بالصويرة
  • بطولة كرة قدم مصغرة في ليبيا تستعين بشبيه النجم الفرنسي “مبابي”
  • الهنقاري: أغلب الليبيين يشعرون أن اليوم أصبح وكأنه ساعة
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • “السفارة الصينية” تعلن عن تسهيل إجراءات حصول الليبيين على التأشيرة
  • إيمان العاصي تحتفل بيوم المرأة بهذه الصور