عربي21:
2024-07-01@14:15:37 GMT

الممر الهندي ـ الأوروبي.. مشروع إقتصادي أم سياسي؟

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

شهدت قمّة مجموعة العشرين التي إنعقدت مؤخراً في الهند يومي 9 و10 أيلول / سبتمبر 2023 تدشين مشروع الممر الهندي ـ الأوروبي (IMEC) برعاية الولايات المتّحدة الأمريكية وعضوية كل من الهند والإمارات والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. ووقعت الدول المذكورة خلال الإعلان عن المشروع مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي المذكور مشيرة إلى أنّ الهدف منه زيادة التبادل التجاري وتوفير موارد الطاقة ورفع درجة الاندماج الرقمي.



يربط المشروع الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط من خلال أربع محطّات جغرافية رئيسية، الأولى في الخليج العربي وتضم الإمارات والسعودية حيث يتم استقبال البضائع الهندية القادمة من مومباي إلى الموانئ الإماراتية (ميناء دبي) قبل أن يتم تفريغها ونقلها عبر سكّة الحديد إلى السعودية، ومنها إلى المحطّة الثانية في الشام حيث تعبر الأردن وتصل إلى إسرائيل التي تفرغها في الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط (ميناء حيفا)، قبل أن يتم نقلها مرّة أخرى عبر السفن إلى اليونان مروراً بقبرص في البحر المتوسط الذي يشكّل المحطّة الثالثة تمهيداً لنقها إلى البلدان الأوروبية وأهمّها إيطاليا وفرنسا وألمانيا عبر الشاحنات. 

وبالرغم من أنّ الدول الموقّعة لم تقدّم أي التزامات مالية بشأن المشروع، إلا أنّها وافقت على إعداد خطة عمل لإنشاء الممر في غضون شهرين. وجرى التوقيع على الاتفاق وسط احتفاء بأهميّة المشروع من الناحية الإقتصادية والجيو ـ استراتيجية. ويشير مؤيدو هذا المشروع إلى أنّه يتمتّع بمزايا عديدة أهمّها موقعه الاستراتيجي الذي يُشكّل جسراً بين جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، مما يجعله طريق عبور حاسم للتجارة والتبادل التجاري.

ويُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.

وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المشروع بأنّه مشروع تاريخي، وهو ما جعل الكثير من المراقبين ينظرون إليه على أنّه مشروع منافس تمّ الاتفاق عليه لمواجهة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، خاصّة أنّه يأتي في سياق العديد من المبادرات التي يتم الترويج لها مؤخراً والتي تستهدف إيقاف تراجع نفوذ واشنطن، ومواجهة صعود الصين.

المشترك في هذه المبادرات أنّها تتضمّن إدراج الهند والدول الشريكة في المنطقة ضمن ترتيبات سياسية بغطاء إقتصادي كمشروع (I2U2) الذي يضم الولايات المتّحدة والهند والامارات وإسرائيل. وبالرغم من الإمكانات التي يتمتع بها مشروع الهند ـ أوروبا من الناحية النظرية، إلاّ أنّ تنفيذه ينطوي على العديد من التحديات الهائلة التي تجعل البعض يعتقد أنّ الإعلان عنه هو مجرّد دعاية إعلامية حيث سينتهي به المطاف لأن يكون مجرّد حبر على ورق.

يُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.وتعتبر الديناميات الجيو ـ سياسية للمنطقة التي يمر بها من أبرز التحدّيات التي تواجه المشروع نظراً للتناقض الموجود بين دوله لناحية التنافس أو التنافر، إذ يمر المشروع في دول ذات أوضاع سياسية معقدة وصراعات مستمرة. ويمكن لهذه الصراعات أن تعرقل التجارة والاستثمار، وتخلق حالة من عدم اليقين، وتعطل تدفق السلع والخدمات. ومن التحدّيات الرئيسية أيضاً التي يواجهها المشروع الافتقار إلى البنية التحتية والاتصال التفاوت في هذا الشأن بين البلدان المنخرطة. علاوة على ذلك فإنّ اشتمال المشروع على محطّات نقل مختلفة للبضائع سيكّل كابوساً لوجستياً، وبخلاف ما يروّج له البعض، فإنّ ذلك سيؤخّر على الأرجح من عملية نقل البضائع ويعرقلها ويزيد من تكلفتها ومن الزمن اللازم لها للوصول إلى الوجهة النهائية.

علاوة على ذلك، يواجه الممر تعقيدات وتحديات تنظيمية وبيروقراطية. ولكل دولة مجموعتها الخاصة من القواعد واللوائح والحواجز التجارية، والتي يمكن أن تعيق سهولة ممارسة الأعمال التجارية. ولكل هذه الأسباب كما غيرها، يرجّح منتقدوا المشروع فشله، فهو غير مؤهل لمنافسة المشروع الصيني، ولذلك فقد يكون له اهداف أخرى لعل أبرزها محاولة دمج إسرائيل في المنطقة من خلال الغطاء الاقتصادي وذلك لتعزيز عمليات التطبيع الجارية وإعطائها بعداً طويل الأمد. ومن الممكن ملاحظة انّ دول المشروع تشترك في ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعارضة حركات الإسلام السياسي، وهو ما يدفع البعض للنظر إليه من الناحية الأيديولوجية.

ومن الانتقادات التي يمكن توجيهها للمشروع أنّه يتجاهل دول رئيسية في المنطقة، إذ أنّ المحطّة الأولى يغيب عنها عُمان ذات الموقع الاستراتيجي في الخليج والتي تربطها علاقات تاريخية بالهند، كما أنّ وجود إسرائيل في المحطّة الثانية يبقى موضع تساؤل ووشك، ونقل البضائع في المرحلة الثالثة إلى اليونان بدلاً من تركيا مثيرا للإستغراق على أكثر من صعيد. فالمشروع بشكل الحالي يتجاهل أكبر اقتصاد غير نفطي في منطقة الشرق الأوسط، كما يتجاهل حقيقة أنّ تركيا هي الدولة الاولى في المنطقة لناحية البنية التحتيّة المؤهلّة والمندمجة جغرافيا ولوجستياً مع أوروبا. فضلاً عن ذلك، فإنّ المشروع يقوّض من الخط التاريخي لقناة السويس ويزيد الضغط المالي والإقتصادي على مصر التي تمّ تجاهلها هي الأخرى بالرغم من انّها من أكبر أسواق المنطقة.

والمثير للإهتمام أنّ المشروع تجاهل سؤال الأمن وكيف سيتم حماية الخط في أي من المناطق الرئيسية التي يمر بها، إذ أنّه يمر في نقطة إختناق أساسيّة في الخليج عند باب هرمز والتي ستخضع في حالة التوتّر لإيران التي سيبقى بإمكانها تهديد الممر وشل حركته بشكل شبه كامل. كما أنّه يمر في البحر المتوسط حيث النفوذ التركي البحري المتزايد والذي سيكون من الصعب تجاوزه خاصّة إذا ما تبيّن أنّ للشروع أهداف سياسية وأيديولوجية وأنّ استبعاد بعض الدول من المشروع او محاولة عزلها إنما تمّ بناءً على هذه الخلفيّة بالذات وليس بناءً على أي معطيات أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند الممر أوروبا الهند أوروبا رأي ممر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: تحقيق استقرار مصر أمر غاية في الأهمية وسط أوضاع غير المستقرة تشهدها المنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أهمية انعقاد مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي في دعم مساعي جذب الاستثمارات إلى مصر خلال المرحلة المقبلة، لافتا في هذا الصدد إلى مذكرات التفاهم التي تم توقيعها أمس على هامش فعاليات هذا الحدث المهم للغاية، والتي كان من أبرزها اتفاقية دعم الاقتصاد الكلي.
 

جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي انعقدت في الحدث الجانبي الثالث لمؤتمر الاستثمار المصري ـ الأوروبي، التي شارك فيها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وفالديس دومبروفسكسيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، المُفوض الأوروبي للتجارة.

كما أوضح الدكتور مصطفى مدبولي ما تحظي به مصر من قوى بشرية هائلة في فئة الشباب، وهو ما يمثل فرصة كبيرة أمام الشركات الأوروبية ونظيرتها المصرية، فضلا عن موقع مصر الاستراتيجي، ووجود قناة السويس بها والتي تتحكم في نسبة كبيرة من حجم التجارة العالمية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر استثمرت على مدار الفترة الماضية الكثير من رؤوس الأموال في مجال تطوير البنية التحتية للطرق  والنقل، وكذا في قطاع الطاقة، مضيفا أن كل ما تم إنفاقه في هذا الشأن يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات.

وفي الوقت نفسه، تطرق رئيس الوزراء إلى جهود الدولة المصرية في تنفيذ العديد من المشروعات القومية، وأيضا ما يتم تنفيذه في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تشهد رواجا كبيرا في إنشاء المشروعات العملاقة العديدة، لافتا كذلك لما تشهده مدينة العلمين الجديدة من طفرة عمرانية وسياحية، إلى جانب تشييد العاصمة الادارية الجديدة بكل ما تتضمنه من تطوير لهيكل الجهاز الاداري للدولة على أسس حديثة.

وردا على أحد الأسئلة، انتقل رئيس الوزراء إلى الحديث عن القطاعات المهمة التي يمكن الاستثمار بها، وقال: يمكن تقسيم تلك القطاعات إلى قطاعات تقليدية مثل القطاع الغذائي، حيث إن قضية الأمن الغذائي قضية مهمة للغاية، فضلا عن قطاع المنسوجات والبتروكيماويات، كما أن هناك قطاعات مستقبلية واعدة مثل قطاع الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مضيفا أنه بالعودة إلى الطاقة المتجددة والهيدروجين، فهناك عدد من مذكرات التفاهم التي تم توقيعها أمس بهذا الشأن واهتمام الجانب الأوروبي بهذا القطاع، وفي هذا الصدد يتعين الإشارة إلى أن هناك فرصا مهمة في هذا المجال لتوطين الصناعة الخاصة بهذا القطاع، مؤكدا أن الدولة قطعت أشواطا كبيرة مهمة للغاية في تحسين مناخ الأعمال في تلك القطاعات.

 وقال الدكتور مصطفى مدبولي: مع الأخبار الايجابية التى رأيناها اليوم وأمس، وكذا التوقيع على العديد من الاتفاقيات الاطارية، فإنه يمكن التأكيد أن مصر ستكون مصدرا أساسيا لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، مؤكدا، في هذا السياق، أن ذلك يعطي المزيد من الأمل لزيادة حجم التجارة ومعدلات الاستثمارات الأوروبية في مصر خلال المرحلة المقبلة.
 

وجدد رئيس الوزراء تأكيد أن تحقيق استقرار مصر أمر غاية في الأهمية وسط الأوضاع غير المستقرة التي تشهدها المنطقة، متناولا أوجه التعاون مع الاتحاد الاوروبي لتطوير مهارات الأيدي العاملة المصرية، وما يتم تنفيذه فى هذا الصدد من برامج تدريبية.
 

من جانبه، جدد  فالديس دومبروفسكسيس، الإعراب عن سعادته للمشاركة فى هذا المؤتمر، الذي يأتي للتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى الفرص الهائلة التى تتمتع بها مصر في مجال الطاقة المتجددة، وخاصة ما يتعلق بإنتاج الهيدروجين الاخضر، وتصديره إلى أوروبا، مؤكداً دعم الاتحاد الأوروبي للعديد من من المجالات الاستثمارية فى السوق المصرية، وعلى رأسها الطاقة النظيفة، وكذا المشروعات التي تحقق الاستدامة في مختلف المجالات.
 

ولفت فالديس دومبروفسكسيس إلى أن من شأن المشروعات التي سيتم تنفيذها المساهمة في توفير المزيد من فرص العمل، مجدداً التأكيد على دعم المفوضية الأوروبية، للاقتصاد المصري، بما فى ذلك الاقتصاد الكلي، ودعم الاستثمارات بما يسهم زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
 

وفي الوقت نفسه، أكد  فالديس دومبروفسكسيس على الدور المحوري للدولة المصرية، وخاصة ما يتعلق بالشق السياسي الذي تلعبه لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، لافتا إلى انعكاس هذا الدور فى التعامل مع أحداث غزة، وكذا أهمية مصر باعتبارها بلدا اقتصاديا واعد، مجدداً الإشارة إلى أن مصر تُعد أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لأوروبا. 

ويرى أنه لتحقيق صلابة الاقتصاد المصري، فإنه يتعين أن يتسم بالتنوع، مشيراً فى هذا الصدد إلى أن هناك العديد من الفرص الكبيرة لتحقيق التكامل بين مصر والاتحاد الأوروربي، لاسيما فى مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وفي هذا السياق نوه  فالديس دومبروفسكسيس إلى أن ما تم توقيعه من مذكرات تفاهم واتفاقيات أمس، وما سنشهده اليوم أيضاً، إنما هي نقطة بداية لتفعيل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، ومع التأكيد على تكثيف العمل على المحاور الستة الأخري للاتفاقية.
 

مقالات مشابهة

  • رحلة سليمان البحري.. بناء حلم في جبال قرية «العلياء»
  • مسؤول أوروبي: نعترف بدور مصر الكبير في المنطقة اقتصاديا
  • رئيس الوزراء: تحقيق استقرار مصر أمر غاية في الأهمية وسط أوضاع غير المستقرة تشهدها المنطقة
  • أمانة الجوف تعلن اكتمال مشروع تطوير المنطقة المحيطة بمركز الملك عبدالله الثقافي بسكاكا
  • السيسي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
  • لمواجهة التحديات الإقليمية.. الرئيس السيسي يستقبل رئيسة المفوضية الأوروبية
  • الرئيس السيسي يحذر من انزلاق المنطقة إلى دائرة غير مسبوقة من الصراع
  • عاجل| الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية
  • رئاسة الجمهورية: الاتحاد الأوروبي حريص على دعم مسار الإصلاح الاقتصادي بمصر
  • الثلاثاء .. نقابة الصحفيين تناقش مشروع قانون العمل الجديد