عربي21:
2025-02-22@23:53:12 GMT

الممر الهندي ـ الأوروبي.. مشروع إقتصادي أم سياسي؟

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

شهدت قمّة مجموعة العشرين التي إنعقدت مؤخراً في الهند يومي 9 و10 أيلول / سبتمبر 2023 تدشين مشروع الممر الهندي ـ الأوروبي (IMEC) برعاية الولايات المتّحدة الأمريكية وعضوية كل من الهند والإمارات والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. ووقعت الدول المذكورة خلال الإعلان عن المشروع مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي المذكور مشيرة إلى أنّ الهدف منه زيادة التبادل التجاري وتوفير موارد الطاقة ورفع درجة الاندماج الرقمي.



يربط المشروع الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط من خلال أربع محطّات جغرافية رئيسية، الأولى في الخليج العربي وتضم الإمارات والسعودية حيث يتم استقبال البضائع الهندية القادمة من مومباي إلى الموانئ الإماراتية (ميناء دبي) قبل أن يتم تفريغها ونقلها عبر سكّة الحديد إلى السعودية، ومنها إلى المحطّة الثانية في الشام حيث تعبر الأردن وتصل إلى إسرائيل التي تفرغها في الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط (ميناء حيفا)، قبل أن يتم نقلها مرّة أخرى عبر السفن إلى اليونان مروراً بقبرص في البحر المتوسط الذي يشكّل المحطّة الثالثة تمهيداً لنقها إلى البلدان الأوروبية وأهمّها إيطاليا وفرنسا وألمانيا عبر الشاحنات. 

وبالرغم من أنّ الدول الموقّعة لم تقدّم أي التزامات مالية بشأن المشروع، إلا أنّها وافقت على إعداد خطة عمل لإنشاء الممر في غضون شهرين. وجرى التوقيع على الاتفاق وسط احتفاء بأهميّة المشروع من الناحية الإقتصادية والجيو ـ استراتيجية. ويشير مؤيدو هذا المشروع إلى أنّه يتمتّع بمزايا عديدة أهمّها موقعه الاستراتيجي الذي يُشكّل جسراً بين جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، مما يجعله طريق عبور حاسم للتجارة والتبادل التجاري.

ويُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.

وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المشروع بأنّه مشروع تاريخي، وهو ما جعل الكثير من المراقبين ينظرون إليه على أنّه مشروع منافس تمّ الاتفاق عليه لمواجهة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، خاصّة أنّه يأتي في سياق العديد من المبادرات التي يتم الترويج لها مؤخراً والتي تستهدف إيقاف تراجع نفوذ واشنطن، ومواجهة صعود الصين.

المشترك في هذه المبادرات أنّها تتضمّن إدراج الهند والدول الشريكة في المنطقة ضمن ترتيبات سياسية بغطاء إقتصادي كمشروع (I2U2) الذي يضم الولايات المتّحدة والهند والامارات وإسرائيل. وبالرغم من الإمكانات التي يتمتع بها مشروع الهند ـ أوروبا من الناحية النظرية، إلاّ أنّ تنفيذه ينطوي على العديد من التحديات الهائلة التي تجعل البعض يعتقد أنّ الإعلان عنه هو مجرّد دعاية إعلامية حيث سينتهي به المطاف لأن يكون مجرّد حبر على ورق.

يُعدّ الممر بمثابة عقدة مواصلات إذ يربط بين الموانئ سكك الحديد وشبكات النقل الرئيسية في المحطّات الأربع، مما يسهل حركة البضائع والخدمات، ويقلّص الوقت والمسافة ويخفّض من التكلفة، وكلّها مزايا مهمّة لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الاقتصادي.وتعتبر الديناميات الجيو ـ سياسية للمنطقة التي يمر بها من أبرز التحدّيات التي تواجه المشروع نظراً للتناقض الموجود بين دوله لناحية التنافس أو التنافر، إذ يمر المشروع في دول ذات أوضاع سياسية معقدة وصراعات مستمرة. ويمكن لهذه الصراعات أن تعرقل التجارة والاستثمار، وتخلق حالة من عدم اليقين، وتعطل تدفق السلع والخدمات. ومن التحدّيات الرئيسية أيضاً التي يواجهها المشروع الافتقار إلى البنية التحتية والاتصال التفاوت في هذا الشأن بين البلدان المنخرطة. علاوة على ذلك فإنّ اشتمال المشروع على محطّات نقل مختلفة للبضائع سيكّل كابوساً لوجستياً، وبخلاف ما يروّج له البعض، فإنّ ذلك سيؤخّر على الأرجح من عملية نقل البضائع ويعرقلها ويزيد من تكلفتها ومن الزمن اللازم لها للوصول إلى الوجهة النهائية.

علاوة على ذلك، يواجه الممر تعقيدات وتحديات تنظيمية وبيروقراطية. ولكل دولة مجموعتها الخاصة من القواعد واللوائح والحواجز التجارية، والتي يمكن أن تعيق سهولة ممارسة الأعمال التجارية. ولكل هذه الأسباب كما غيرها، يرجّح منتقدوا المشروع فشله، فهو غير مؤهل لمنافسة المشروع الصيني، ولذلك فقد يكون له اهداف أخرى لعل أبرزها محاولة دمج إسرائيل في المنطقة من خلال الغطاء الاقتصادي وذلك لتعزيز عمليات التطبيع الجارية وإعطائها بعداً طويل الأمد. ومن الممكن ملاحظة انّ دول المشروع تشترك في ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعارضة حركات الإسلام السياسي، وهو ما يدفع البعض للنظر إليه من الناحية الأيديولوجية.

ومن الانتقادات التي يمكن توجيهها للمشروع أنّه يتجاهل دول رئيسية في المنطقة، إذ أنّ المحطّة الأولى يغيب عنها عُمان ذات الموقع الاستراتيجي في الخليج والتي تربطها علاقات تاريخية بالهند، كما أنّ وجود إسرائيل في المحطّة الثانية يبقى موضع تساؤل ووشك، ونقل البضائع في المرحلة الثالثة إلى اليونان بدلاً من تركيا مثيرا للإستغراق على أكثر من صعيد. فالمشروع بشكل الحالي يتجاهل أكبر اقتصاد غير نفطي في منطقة الشرق الأوسط، كما يتجاهل حقيقة أنّ تركيا هي الدولة الاولى في المنطقة لناحية البنية التحتيّة المؤهلّة والمندمجة جغرافيا ولوجستياً مع أوروبا. فضلاً عن ذلك، فإنّ المشروع يقوّض من الخط التاريخي لقناة السويس ويزيد الضغط المالي والإقتصادي على مصر التي تمّ تجاهلها هي الأخرى بالرغم من انّها من أكبر أسواق المنطقة.

والمثير للإهتمام أنّ المشروع تجاهل سؤال الأمن وكيف سيتم حماية الخط في أي من المناطق الرئيسية التي يمر بها، إذ أنّه يمر في نقطة إختناق أساسيّة في الخليج عند باب هرمز والتي ستخضع في حالة التوتّر لإيران التي سيبقى بإمكانها تهديد الممر وشل حركته بشكل شبه كامل. كما أنّه يمر في البحر المتوسط حيث النفوذ التركي البحري المتزايد والذي سيكون من الصعب تجاوزه خاصّة إذا ما تبيّن أنّ للشروع أهداف سياسية وأيديولوجية وأنّ استبعاد بعض الدول من المشروع او محاولة عزلها إنما تمّ بناءً على هذه الخلفيّة بالذات وليس بناءً على أي معطيات أخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند الممر أوروبا الهند أوروبا رأي ممر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

العراق يوسع مشروع المدن السكنية لشمول 21 فئة مستحقة

فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025

المستقلة/- تدرس الحكومة العراقية مقترحاً جديداً تقدمت به وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، يهدف إلى شمول 21 فئة بمشروع المدن السكنية الجديدة، وذلك ضمن خطط الدولة لتوفير وحدات سكنية بأسعار ميسرة.

وأكد رئيس هيئة المدن الجديدة في الوزارة، حامد عبد حمد، أن المشروع سيخصص نسبة تتراوح بين 10 إلى 15% من كل مدينة جديدة لتوزيعها بين الفئات المستحقة، وفق معايير تحددها الحكومة. وتشمل هذه الفئات ذوي شهداء القوات الأمنية، مصابي العمليات الإرهابية، السجناء السياسيين، الأرامل، المطلقات، غير المتزوجات فوق سن 35، المتقاعدين، المهجرين، ذوي الاحتياجات الخاصة، حملة الشهادات العليا، وأعضاء النقابات غير الموظفين، بالإضافة إلى فئات أخرى تحددها الحكومة.

كما أوضح حمد أن الوزارة تعمل على تحديد أسعار الوحدات السكنية وآليات توزيعها، بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي والمصارف المحلية، لتمويل قروض ميسرة للمستفيدين. وناقشت الوزارة إمكانية إطلاق مبادرة إسكان خاصة لدعم المشروع، بهدف تسهيل امتلاك الوحدات السكنية للمواطنين المستحقين.

يعد هذا المشروع خطوة مهمة في مساعي الحكومة لحل أزمة السكن، من خلال توفير وحدات بأسعار مدعومة، مع ضمان وصولها إلى الفئات الأكثر حاجة، مما يعزز التنمية الحضرية ويحسن الظروف المعيشية للمواطنين.

مقالات مشابهة

  • متضررو سيول الصف | استكمال مشروع الديسمي لتسكين 256 أسرة
  • «مصطفى بكري»: مشروع الدلتا الجديدة حلم يتحقق على أرض مصر في عهد الرئيس السيسي «فيديو»
  • صنعة.. مشروع تطوعي ينمي مهارات الطالبات في صناعة العطور
  • 25% نسبة أمطار الموسم الحالي
  • اكتمال الأعمال في مشروع بيت للثقافة بحي التعاون
  • غرفة الشرقية تستعرض الفرص الاستثمارية لرواد الأعمال
  • توقيع اتفاقية معالجة النفايات الصناعية في المنطقة الحرة بصحار
  • الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
  • باحث سياسي: مشهد تسليم جثامين المحتجزين رسالة بتورط إسرائيل في قتلهم
  • العراق يوسع مشروع المدن السكنية لشمول 21 فئة مستحقة