الوجه الآخر للعاصفة المطرية في ليبيا
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
اللهم أرحم شهدائنا الذين جرفتهم سيول العواصف المطرية بمدننا الحبيبة درنة وما حولها سوسة والبيضاء والمرج.. على مراد الله واللهم لا اعتراض. بالتأكيد هذا ابتلاء من الله عز وجل “كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالخير والشر فتنة وإلينا ترجعون”، ودفع الله عنا شر ما كان أعظم. والحمد لله على كل حال وتظل هذه الكارثة المطرية درساً يمكننا أن نستفاد منه.
والحمد لله أنها فرصة لملمة شتات الليبيين/ات الذين مزقتهم سكاكين التشظي السياسي وحروب الوكالة، بين الدولة الغربية، التي حصدت أرواح شباب ليبيا ودمرت بنيان وحدتها كما جرفت السيول اليوم بيوت العائلات الليبية وهجرتهم.
الأسباب الظاهرية كارثية وهي حقيقية:
حُمكنا البشري يظل ظاهري وهو حقيقي بالنسبة لنا مهما أخفت عنا الحالة المرفوضة من مكاسب. وهنا يُذكر الكاتب بقصص سورة الكهف، خرق السفينة، قتل الولد، وبناء الجدار مع رفض الإطعام، التي ظاهرها مرفوض ونتائجها النهائية مقبولة بل ومطلوبة. وبخصوص كارثة العاصفة المطرية سيبدأ الكاتب بطرح السلبيات التي كانت وراء تفاقم العاصفة المطرية لتصبح كارثة فوق مستوى الإدراك بل وحتى التخيل، وتتلخص فيما يلي:
تهاون واضح من المسؤولين على مستوى إدارة الشؤون المحلية والحكومة المركزية بشأن التحذيرات المتعددة والمتكررة بشأن صيانة السدين: سد أبومنصور وسد البلاد. حظر التجول الصادر عن جيش المنطقة الشرقية ساهم بشكل مباشر في الكارثة، ولا يستغرب الكاتب أن ذلك تصفية حسابات حرب 2014. الأداء الحكومي الضعيف والانشغال بتنفيذ أجندات لا تهم المواطن، زعزعة ثقة المواطن/ة في الحكومة لدرجة لم يأخذ التحذيرات الأخيرة محمل الجد. الانقسام السياسي الحكومي وانعكاساته السلبية بإهمال الشؤون الداخلية ومتابعة البنية التحتية المهترئة التي ورثناها عن النظام السابق. هروب الحكومة بانشغالات خارجية وصلت إلى مستوى محاولات التطبيع مع الحركة الصهيونية، مع احترام الكاتب ليهود ليبيا، وتحييد بوصلة عملهم عن الداخل وتوجيهها إلى سفريات ورحلات مكوكية بالخارج. عجز الحكومة الوطنية على التدخل فيما يحصل بالمنطقة الشرقية، وخاصة درنة، من إهمال وخاصة بعد تجاهل حفتر لطلب عميد بلدية درنة بإخلاء المواطنين، بل وأمرهم بالبقاء داخل مساكنهم. دور البعثة سيء لا يكترث بمصالح ليبيا وشعبها بل تتقاذفها صراعات دولية لا يهمها إلا مصالحها ولو كانت التكلفة تقسيم ليبيا.دفع الله ما كان أعظم:
“اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلا”
يقال بأن السهلة الأرض الرملية على شاطئ البحر، كما هي شواطئ درنة وسوسة، والبيضاء، وشحات والمرج، والحزنة الأرض الغليظة الجبلية كما هي جبالها.. ويرى الكاتب بأن العواصف المطرية بما لها من ملامح غليظة خارجية كارثية إلا أنها قد تكون الطريق إلى نتائج نفعية سهلة. وقد لا نستغرب بأن ليبيا حققت بعض المصالح من هذه الكارثة يمكن اقتراحها على النحو التالي:
مخططي الخرائط السياسية الجديدة يعملون بجد واجتهاد على ضمان مصالحهم بتقسيم ليبيا ويوظفون القبلية، والمناطقية، والتنوع العرقي، وحتي المذهبية الدينية والسياسية، لفرض واقع يمسح ليبيا من خارطة العالم، وإنشاء دويلات كرتونية على أرضها، إلا أن الكارثة المطرية ستربك مخططاتهم والظروف ليست في صالحهم الآن، وعلى الشعب الليبي إعادة ترتيب صفوفه لإفشال مخططات التقسيم. بعد رواج مصطلح شرقي، وغربي، وجنوبي، اليوم التلاحم الجماهيري الذي صنعته الكارثة المطرية غيب هكذا مصطلحات هدامة تضعف ليبيا ووحدة ترابها. الكارثة المطرية حطمت كل الحواجز النفسية التي بناها عدوان 4 أبريل 2019م على العاصمة طرابلس، وما سببه من ركبة للحركة بين شرق وغرب ليبيا. إعلام اليوم لا يقبل منه إلا أن يقول ليبيا واحدة موحدة وسيرفض ويستهجن لو لمح باستعمال مصطلحات قبيلة أو جهوية.الكارثة ومصلحة العدو:
وتستمر المؤامرة! مع أن الكارثة أفشلت مخططات التقسيم ولكن يرى الكاتب قد يغير العدو خطة لعبة السياسية.
ومخططات الانتقام من درنة على رأس أجندات التقسيم، فمن الجهل في حياتنا الدنيا أن نرتاح ونطمئن ونأمن جانب الشر. لذلك علينا أن نفرز من هم أعدائنا ومن يمكن أن تتلاقى مصالحنا مع مصالحهم. فتباين الأعداء تفرضه مصالحهم واليوم سنجد عدو يريد أن يملئ الفراغ الذي حصل بسكين من خارج الوطن، وخاصة بدرنة، إشعاع الثقافة والمدنية، وبتغيير ديموغرافيا المكان. وقد نبه إلى ذلك أحد سكان درنة بعدم ترك درنة ومغادرتها، ولعمري أنه لواعي ودارك للمخاطر التي قد تكون أكثر من الكارثة المطرية لو تركت درنة لغير أهلها.
تنبيه:
لا يستغرب الكاتب استغلال الظروف اليوم ودخول جهات أجنبية “السوس”، ولو كانت عربية، تحت مظلة الإغاثة للعبث بمصير ليبيا، ووحدة ترابها، وحكمها المدني الذي انتفض الشعب الليبي لأجله في 2011.
لك الله يا ليبيا:
اللهم أرحم شهدائنا وأشفى مرضنا وهون عليهم، والحمد لله على كل حال “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” صدق الله العظيم وصدق سيدنا المصطفى عندما قال: “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له” فاللهم أجعل الكارثة خيرا على أهلنا في الشرق بصبرهم وعلى باقي أهلنا بالعمل على دعمهم والوقوف معهم وإفشال مخططات التقسيم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. بانتظار القافلة
بانتظار القافلة
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 10 / 3 / 2018
الجدران رطبة، والضوء خافت، وأحبال الغسيل قمصان شائكة تفصل الحدود بين العائلات، قالت جارتنا وهي تدلّ أمي على #المخبأ.. إذا أردت ألا يصعد أبناؤك إلى السماء فاهربي بهم إلى تحت الأرض.. وكأنه لا خيار ثالث في وطن الصراعات.. إما الصعود شهيداً إلى #السماء، أو البقاء حياً منسياً تحت الأرض، لكنّك لن تكون مواطناً تمشي في مناكبها.. ما دام السيد الرئيس يتكئ على أرائكها.
مقالات ذات صلة علي سعادة .. نرجو من الله أن يحتفل “أبو عبد الله” بالعام الجديد بين أطفاله 2024/12/22لا بأس.. حتى الملاجئ الإسمنتية باتت مسلية نكتب على جدرانها دروسنا كي لا ننسى أبجدية العربية، ونكتب عبارات إسقاط النظام كي لا ننسى أبجدية الحرية.. أمي بدأت تزرع النعناع والجاردينيا والمارغريت في قوارير صغيرة تحت الأرض تتفتح الورود لمصابيح الكهرباء، تخالها الشمس.. تماماً كما أخال سقف الملجأ السماء، وبقع الرطوبة التي تتشكّل في سقف الملجأ أو قاع البناء هي غيومنا المؤقتة التي تمشي فوق أحلامنا لكنها لا تمطر أبداً.. أحياناً يتساقط ملح الاسمنت فوق أغطيتنا ونحن نيام، نراه ثلجاً لاجئاً مثلنا نلمه بأصابعنا نقبضه بأكفّنا لينام معنا لكن سرعان ما يذوب كقصص النوم..
نحن في #وطن_الظل هنا في الملجأ، وطن في بطن وطن، بعض أطفال حارتنا قالوا ما رأيكم أن نجري انتخابات رئاسية تحت الأرض هنا لنمارس ديمقراطيتنا المرتجفة، فرحنا للفكرة، لكن ما لبثنا إن اختلفنا فالزعامة لها سوءاتها فوق الأرض كانت أم تحتها.. لا نريد ان يكون لنا في الملجأ رئيساً، نريد أن نكون شعباً فقط، الرئاسة تفسد الانسجام بين السكّان، الآن نتقاسم المعلبات، ونقترض الخبز، والماء، ونتبادل أماكن النوم، لو صار لدينا رئيس منتخب للملجأ ستدب الطبقية من جديد، ونحن الهاربون أصلاً من ظلم الحكم إلى قبر الحياة الواسع..
أكثر ما يحزنني، أننا على عتبات الربيع، والغوطة لا ترانا بعينيها، لا أستطيع أن أمشي بين أشجار الخوخ كما كنت، أقطف الزهر الطري وأمص رحيق الورد، لا أستطيع أن أتسلّق سور جيراننا خلسة لأسرق اللوز من أصابع أشجارهم.. حتى لو توقّف القصف واستمرّت الهدنة لن أفعلها أقسم أنني لن أفعلها فقلبي لا يطيعني.. كنت أفعل ذلك نكاية بأولاد جارنا الصغار، لكنّهم ماتوا بالقصف قبل شهر من الآن مات أيهم وبتول وعمّار وبقي اللوز.. وفاءً لأرواحهم لن أمدّ يدي على “لوزتهم” الشرقية، ولن أتسلّق السياج.. صحيح لقد هدم السياج، وأكل البرميل الثاني وجه الدار لكنني لن أقترب من مكان غادروه أبداً.. أكثر ما يحزنني أن شجر الغوطة ليس له أرجل ليركض مثلنا، أخاف أن يموت واقفاً.. أمّي هل نستطيع أن ننقل الشجر هنا إلى الملجأ؟؟
قالت أسمعُ صوت أطفال فوق الأرض.. اذهب وتفرّج، ثم عادت وتراجعت عن طلبها: ابق هنا لا تذهب أخاف أن يداهمنا عطاس الموت دون أن ندري..
صوت شاحنة اقترب من الحي وأطفال يصفّرون ويركضون، تشجّعت أمي من جديد وقالت: “اذهب الآن.. ربما وصلت #قافلة_المساعدات، تأكّد، إذا كانوا يوزّعون غذاءً على العائلات، أخبرني لأخرج معك، لم يعد في الملجأ شيئاً نأكله.. حتى الدواء أو الأغطية تلزمنا.. اذهب واسأل الأولاد.. خرجتُ من الدرج المكسر، صعدتُ من باب البناية السفلي وصلت سطح الأرض.. رأيت في أول الحي شاحنة يكسوها شادر ثقيل وأطفال يتعلقون بحبالها.. كانت الشاحنة الأولى التي تصل الحي منذ بداية الهدنة، كنا ننتظر اللحظة التي يفتح السائق ومشرفو الإغاثة الباب الخلفي.. نهرنا السائق وطالبنا الابتعاد عن السيارة تكلّم مع بعض موظفي الإغاثة وسلمّهم أوراقاً زهرية اللون.. قلنا له: هيه يا عمي نريد معلبات خبز طعام أي شيء.. لم يجبنا، حاول الصعود إلى قمرة القيادة.. لحقناه سائلين.. ماذا بسيارتك؟؟.. قال بصوت منخفض: “أكفان” فقط.. قافلة الغذاء لم تصل بعد.. تراجعنا، لم يبق أي طفل حول الشاحنة هربوا جميعاً.. ودخلوا ملاجئهم من جديد وكان غارة جوية قد بدأت، ياااه كم ترعبهم كلمة #الموت، ها نحن ننظر من شبابيك ملاجئنا المكسّرة لليوم السابع على التوالي.. ننتظر قدوم #القافلة..!
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#174يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي