من المقرر قيام شركة بلاك روك BlackRock بالانسحاب تدريجيًا من الصين بعد ضغط شديد من حكومة الولايات المتحدة. وُعلم أنه سيتم إغلاق صندوق الأسهم المرنة الصيني التابع للشركة الأمريكية العملاقة في 7 نوفمبر المقبل، لأسباب استثمارية ارتأت الشركة- عابرة القارات- أنها قد تكون مقنعة من بينها انخفاض اهتمام المستثمرين وارتفاع التكاليف.

دعه يعمل دعه يمر.. تاه في براثن المصالح الأمريكية

وتقول مصادر متابعة إن السياسة الأمريكية المتعلقة بالشأن الاقتصادي الخارجي، يدفع مبادئ النظام الاقتصادي الأمريكي المدافع عن الرأسمالية إلى التداعي، بعد اجتزاء المبادى وفق هوى ومصالح الحكومة الأمريكية التي تغافلت عن اتباع المبدأ الرأسمالي الشهير «دعه يعمل.. دعه يمر»، بل سحقته سحقًا عندما اتصل الأمر بأكبر اقتصاد منافس «التنين الصيني الشرس» وتاهت معه في براثن المصالح الخفية التي «تقوم الدنيا ولا تقعدها» بعدما ظهرت قوة اقتصادية مضارعة لها وقد تفوقها وتتفوق عليها في السنوات المقبلة، وهو ما لا تقبله الإدارة الأمريكية رغم أن اقتصادات معظم الدول منذ بداية الألفية الجديدة تعمل وفق النموذج الرأسمالي، ما يدفعها دفعًا للبحث عن تثبيط تلك القوى المنافسة بكيل الاتهامات لها ولبعض المؤسسات والشركات الأمريكية التي تعمل في الصين.

نجم بلاك روك يخفت في الصين بسبب سياسي

تبدأ القصة من صناديق الاستثمار التابعة للعملاق الأمريكي عابر القارات شركة «بلاك روك» عندما أنشأت أول صندوق مشترك لها في الصين بعد أن جمعت أكثر من مليار دولار من 111 ألف مستثمر صيني وتوالى إطلاق الصناديق الاستثمارية في الصين لتصل إلى 5، حتى أصبحت أول شركة أجنبية سمحت لها الحكومة الصينية بتشغيل شركة مملوكة بالكامل في صناعة الصناديق المشتركة في الصين.

جورج سوروس أول من انتقد عمل بلاك روك في الصين

انطلقت شرارة الاتهامات حين كتب رجل الأعمال الأمريكي المثير للجدل جورج سوروس في صحيفة وول ستريت جورنال ووصف مبادرة بلاك روك في الصين بأنها «خطأ مأساوي» من شأنه أن «يضر بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى»، مضيفًا أن تحويل بلاك روك مليارات الدولارات إلى الصين خطوة تعرض أموال العملاء وأمن الولايات المتحدة للخطر.

جوروج سوروس و بلاك روكنمو 5 صناديق كبرى

ورغم النمو الكبير الذي حققته تلك الصناديق الخمسة في السوق الصيني على مدى أكثر من عامين، إلا أنها واجهت تراجعًا طفيفًا خلال الأشهر الماضية بفعل القيود التي تفرضها الحكومة الأمريكية على الاقتصاد الصيني عمومًا وعلى شركة بلاك روك على وجه الخصوص بعد النجاح الهائل المحقق في الصين لتصل التهم الموجهة للشركة بأنها تساعد في تمويل الحكومة الصينية عبر الصناديق الخمسة التابعة لها هناك.

وأطلقت مجموعة أبحاث المستهلكين غير الربحية حملة إعلانية تنتقد علاقة شركة بلاك روك بالحكومة الصينية في أكتوبر 2021، وفي ديسمبر 2021 قيل إن شركة بلاك روك كانت مستثمرة في شركتين تم إدراجهما في القائمة السوداء من قبل حكومة الولايات المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأويغور.

القائمة السوداء للحكومة الأمريكية

وفي أغسطس الماضي، أرسلت اللجنة المختارة بمجلس النواب الأمريكي رسائل إلى شركة الصناديق الأمريكية العملاقة في أوائل أغسطس الفائت، يطلبون فيها توضيحات بشأن ممتلكاتهم في هذه الشركات الصينية المدرجة في القائمة السوداء. وتستثمر صناديق بلاك روك في نحو 20 شركة صينية وصفها المشرعون الأمريكيون على أنها «تشكل مخاطر على الأمن القومي وتعمل ضد المصالح الأمريكية».

وتقول اللجنة إن شركة بلاك روك كانت تستفيد من الاستثمارات التي تساعد الجيش الصيني، أعقبها تدفقات كبيرة إلى الخارج في أربعة من الصناديق، حسبما تظهر بيانات مورنينج ستار Morningstar لشهر أغسطس.

وشهدت 4 من صناديق بلاك روك الخمسة التي أبرزتها اللجنة تدفقات خارجة في أغسطس، ثلاثة منها سجلت انخفاضًا كبيرًا بصافي التدفقات في أغسطس الماضي بنسبة 4.27% و 7.97% و 5.4%على الترتيب صندوق iShares MSCI للأسواق الناشئة المتداول بقيمة 21.6 مليار دولار أكبر تدفقات خارجة بـ 1.9 مليار دولار في أغسطس الماضي فقط، يليه تدفقات خارجة بقيمة 89 مليون دولار من صندوق iShares MSCI China ETF الذي تبلغ قيمته 7.6 مليار دولار وفقًا لـ «مورنينج ستار».

صناديق بلاك روك في الصينتدفقات مليارية إلى الصين

وأدى التقلب المستمر في سوق الأسهم وضعف أداء صناديق الأسهم في السوق إلى انخفاض كبير في شهية المستثمرين للمخاطر بالنسبة لاستراتيجيات الأسهم التي تركز على الصين من مختلف الأسواق. وشهدت الصناديق المشتركة التي تركز على الصين تدفقات خارجية بقيمة 647 مليون دولار في الربع الثاني من هذا العام، مقارنة بتدفقات صافية داخلة قدرها مليار دولار إلى الأسواق الناشئة، وشهدت أكبر 10 صناديق استثمار مشتركة تركز على الصين تقلص أصولها بنسبة 40% منذ عام 2021.

من هي بلاك روك؟

هي أكبر شركة في العالم لإدارة المخاطروالأصول المؤسسية ذات الدخل الثابت في العالم تأسست عام 1988 في مدينة نيويورك الأمريكية، وتدير أصولاً بنحو 15 تريليون دولار ولديها عملاء في أكثر من 100 دولة، وتعد من كبار المساهمين في قطاعات صناعة الطيران بوينغ وإيرباص، والنفط، شركات التعدين، المياه الغازية كوكاكولا وبيبسي، صناعة الصلب، الطاقة المتجددة، شركات الأدوية، التبغ، مواقع التجارة الإلكترونية، صناعات السيارات والسلاح وكبار شركات التأمين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أمريكا الصين حكومة الولايات المتحدة السياسة الأمريكية أمريكا والصين أخبار الصين بلاك روك النظام الاقتصادي القائمة السوداء شرکة بلاک روک ملیار دولار بلاک روک فی فی الصین فی أغسطس

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" التي يطالب ترامب وماسك بإغلاقها؟

واشنطن - الوكالات
وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحليفه الملياردير إيلون ماسك، انتقادات حادة،  للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي جمدت الإدارة الأميركية الجديدة معظم تمويلها مؤخرا.

واعتبر ترامب أن المؤسسة الأميركية الكبرى، تُدار من طرف "مجانين متطرفين"، مؤكداً عزمه على التخلص منهم قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل أنشطتها.

وأدلى ماسك، الذي كلفه ترامب خفض الإنفاق الفدرالي الأميركي، بسلسلة تعليقات لاذعة عبر منصته "إكس"، على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، واصفا إياها بأنها "منظمة إجرامية".

وقال رئيس شركة "تسلا" و"سبيس إكس" في منشوره: "هل تعلمون أنه بأموال دافعي الضرائب، موّلت الوكالة.. أبحاثا حول الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك كوفيد-19 الذي قتل ملايين الأشخاص؟".

وتأتي هذه التصريحات في أعقاب الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب لتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأميركية مؤقتا لمدة 90 يوما، بينما يحتدم النقاش بشأن جدوى هذه والمساعدات ومدى تأثيرها على المصالح الأميركية في الساحة الدولية.

وتصدرت الوكالة التي تتولى منذ عقود مسؤولية تنفيذ برامج المساعدات الخارجية حول العالم، قائمة المؤسسات المستهدفة في حملة إدارة ترامب لإعادة تشكيل الحكومة الفدرالية.

وتقدم USAID المساعدات الإنسانية والتنموية لدول، وذلك بشكل رئيسي من خلال تمويل المنظمات غير الحكومية والحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية أو الوكالات  الأخرى، وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس.

وتدير الوكالة ميزانية ضخمة تجاوزت 40 مليار دولار في السنة المالية 2023، أي ما يمثل من 1 بالمئة من الميزانية الفدرالية الأميركية.

وتصل مساعداتها إلى نحو 130 دولة حول العالم، مع تركيز خاص على الدول التي تواجه أزمات إنسانية أو تنموية.

وتتصدر أوكرانيا وإثيوبيا والأردن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال قائمة أكبر الدول المتلقية للإعانات التي تقدمها.

ويعمل في الوكالة فريق كبير يضم أكثر من 10 آلاف موظف، يتوزع ثلثاهم في أكثر من 60 بعثة قطرية وإقليمية حول العالم.

وتنفذ الوكالة مشاريعها من خلال شبكة واسعة من الشراكات، تشمل المنظمات غير الحكومية والمتعاقدين والجامعات والمنظمات الدولية والحكومات الأجنبية.

ووضعت الوكالة في مارس 2023، ثلاث أولويات رئيسية، هي: مواجهة التحديات العالمية الكبرى كحالات الطوارئ المعقدة والاستبداد والأمن الصحي، وتطوير شراكات جديدة تدعم التنمية المحلية والقطاع الخاص، وتعزيز فعالية الوكالة من خلال تطوير قدرات موظفيها وتبني البرامج القائمة على الأدلة.

وتمتد مشاريع الوكالة عبر مجالات متنوعة، من تقديم المساعدات للمناطق المتضررة من المجاعة في السودان، إلى توفير الكتب المدرسية للأطفال النازحين في أوكرانيا، وتدريب العاملين في مجال الصحة في رواندا.

وتأسست USAID عام 1961، في عهد الرئيس جون إف كينيدي، في ذروة الحرب الباردة لمواجهة النفوذ السوفيتي، خلال تلك الفترة.

وتم ترسيخ وضعها القانوني عبر قانون المساعدات الخارجية، الذي جمع عدة برامج قائمة تحت الوكالة الجديدة، والذي أقره الكونغرس، قبل أن يصدر أمر تنفيذي وقعه كينيدي لتأسيسها كوكالة مستقلة.

لماذا تواجه انتقادات؟ 

وضعت إدارة ترامب الوكالة في مرمى انتقاداتها ضمن حملة أوسع تستهدف تقليص حجم الإنفاق الحكومي، ومحاربة ما تصفه بالتضخم البيروقراطي في المؤسسات الفدرالية.

وتعززت هذه الحملة بتعهد ماسك بخفض الإنفاق الفدرالي بمقدار تريليوني دولار.

وأصدر ترامب، بعد تنصيبه، أمرا تنفيذياً بتجميد المساعدات التنموية الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً.

وطالما انتقد ترامب المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة. وجاء في نص الأمر التنفيذي المتعلق بتعليقها، أنها "لاتتماشى مع المصالح الأميركية، وفي كثير من الأحيان يتعارض مع القيم الأميركية".

كما أشار إلى أن هذه المساعدات "تسهم في زعزعة السلام العالمي، من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات الداخلية والخارجية المتناغمة والمستقرة بين الدول".

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن من المتوقع أن يصدر ترامب، في وقت مبكر من هذا الأسبوع، أمراً تنفيذيا رسميا لدمج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع وزارة الخارجية.

وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في أول تعليق علني له حول الموضوع، الخميس، إن برامج الوكالة تخضع للمراجعة لإلغاء أي برنامج "لا يخدم المصلحة الوطنية"، لكنه لم يتطرق إلى مسألة إلغاء الوكالة كمؤسسة.

وأضاف روبيو أن توقف البرامج الممولة أميركيا خلال فترة المراجعة التي تستمر 90 يوماً، أدى إلى "تعاون أكبر بكثير" من متلقي المساعدات الإنسانية والتنموية والأمنية.

مقالات مشابهة

  • ما جدوى إنشاء ترامب صندوقا سياديا؟ وما هي أكبر الصناديق عالميا؟
  • الصين تعلن فرض رسوم جديدة على المنتجات الأمريكية
  • الصين ترد على التعريفات الجمركية الأمريكية برسوم على الفحم والغاز والنفط
  • الصين ترد على ترامب وتفرض رسوما جمركية على بعض الواردات الأمريكية
  • ردا على ترامب.. الصين تفرض رسوم جمركية على مجموعة من المنتجات الأمريكية
  • ماذا نعرف عن "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" التي يطالب ترامب وماسك بإغلاقها؟
  • بعد الصين وكندا والمكسيك.. الاتحاد الأوروبي في مرمى الرسوم الجمركية الأمريكية
  • بالفيديو| "اليوم" ترصد تطورات وظائف المستقبل التي تنتظر الخريجين 
  • كيف ردت الصين على الحرب الجمركية الأمريكية؟.. السر في آلية تسوية النزاعات
  • الصين تتوعد بإجراءات مضادة ردا على التعريفات الجمركية الأمريكية