دراسة: تلوث الهواء يقصّر العمر... كيف؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
للعيش في المدن ميزات كبيرة كتوافر خدمات أفضل وفرص أعمل أكبر مقارنة بالريف والمناطق النائية، بيد أن للأمر تبعات غير صحية على المدى البعيد: الصخب وتلوث الهواء، على سبيل المثال لا الحصر.
ينشأ تلوث الهواء بالجسيمات العالقة الدقيقة بشكل رئيسي من عمليات احتراق الوقود الأحفوري والأنشطة الصناعية كما في محطات توليد الطاقة والمصانع ومصافي التكرير.
كشف التقرير السنوي المعنون: "مؤشر جودة الهواء" (AQLI) أن سوء نوعية الهواء يقصر العمر. ويركز التقرير السنوي على عواقب تلوث الهواء. ويوضح التقرير أن متوسط العمر المتوقع للبشر في جميع أنحاء العالم سوف يمتد بمقدار 2.3 سنة إذا تم استيفاء الحد الموصى به من منظمة الصحة العالمية فيما يخص الجسيمات العالقة الدقيقة، حسب ما أورد موقع Vital الصحي الألماني.
وحسب التقرير تعاني الدول التالية من مستويات عالية من تدهور جودة الهواء: الهند وباكستان وبنغلادش والصين ونيجيريا وإندونيسيا.
ومستوى جودة الهواء في تلك الدول أدنى من الحد الذي حددته منظمة الصحة العالمية عدة مرات، ما ينتج عنه تقصير عمر البشر هناك بمعدل ست سنوات. ويقدر التقرير أن خطر تلوث الهواء تزيد ثلاثة أضعاف عن الإفراط في استهلاك الكحول.
تأثيرات تلوث الهواء
تلوث الهواء يمكن أن يضر بصحتنا بطرق مختلفة. يمكن لجزيئات الغبار الدقيقة (الجسيمات العالقة) والملوثات الموجودة في الهواء أن تدخل إلى الرئتين وتسبب مشاكل في الجهاز التنفسي. وهذا يمكن أن يؤدي إلى السعال وصعوبة التنفس ونوبات الربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يزيد تلوث الهواء، وخاصة بالجسيمات الدقيقة، من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. كما يمكن للملوثات الموجودة في الهواء أن تلحق الضرر بالأوعية الدموية وتعزز الالتهابات وتزيد من خطر تكون جلطات الدم. وتسبب بعض ملوثات الهواء عدة أنواع من السرطان كسرطان الرئة وسرطان المثانة وغيرهما.
ومع ذلك، فإن آثار تلوث الهواء على صحتنا تعتمد على عوامل مختلفة، مثل نوع وتركيز الملوثات، ومدة التعرض، والحساسية الفردية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: تلوث الهواء یمکن أن
إقرأ أيضاً:
مسرعات الجسيمات تكشف أسرار وثائق دفنها بركان عمره 2000 سنة
شهد العالم إنجازًا علميا استثنائيا سبر أغوار ماض يحمل لمسة تراجيدية بدرجة ما لارتباطه بكارثة طبيعية، إذ أعلنت مكتبات بودليان الداعمة لجامعة أكسفورد -في بيان رسمي- عن نجاح علماء في فك رموز مخطوطة هيركولانيوم القديمة التي دفنت تحت رماد بركان فيزوف منذ 2000 عام.
اكتشفت مخطوطات هيركولانيوم في القرن الثامن عشر، وهي جزء من مكتبة قديمة دُفنت بفعل الانفجار البركاني المدمر. وقد تمكن الباحثون، بفضل الجمع بين تقنيتي مسرع الجسيمات والذكاء الاصطناعي، من قراءة النصوص المحفوظة داخل هذه المخطوطات من دون الحاجة إلى فتحها، مما يعد تطورًا مذهلًا في دراسة التاريخ القديم. وقد تمكن الفريق من تحديد نوع النص المكتوب والتنبؤ بكاتبه المحتمل.
يشرح ستيفن بارسونز، أحد الباحثين في المشروع، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، "تعد مكتبة هيركولانيوم المكتبة الوحيدة من العصور القديمة الكلاسيكية المحفوظة في مكانها. فهي توفر نافذة فريدة على الحياة في ذلك الزمن، مع الحفاظ على النصوص تمامًا كما كانت قبل 2000 عام! سُحقت المخطوطات وتفحمت بسبب الانفجار البركاني، مما يجعل العمل عليها أمرًا صعبًا. إن طبقاتها الداخلية ملتوية، والحبر على أسطح البردي باهت في عمليات المسح بالأشعة السينية".
لطالما كانت قراءة هذه المخطوطات تحديًا كبيرًا بسبب هشاشتها، إلا أن الجمع بين تقنية الأشعة السينية المتقدمة والذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في هذا المجال.
إعلانلكن في هذه المخطوطات المصنوعة من البردي، استخدم الباحثون مسرع الجسيمات بدلًا من الأشعة السينية، وقد وفر المسرّع دقة فائقة في مسح المخطوطات المتفحمة، حيث مكّن الباحثين من الحصول على صور عالية التباين تكشف عن الاختلافات الدقيقة بين طبقات البردي المتداخلة، وهو ما لم تتمكن منه الأشعة السينية التقليدية بسبب ضعف تباين الحبر الكربوني مع الخلفية المتفحمة.
وبينما تساعد الأشعة السينية في اختراق المواد، فإنها غالبًا ما تعاني من صعوبة التمييز بين الحبر والبردي المحترق، مما يجعل تحليل النصوص أكثر تعقيدًا من دون تقنيات متقدمة مثل التي وفرها مسرع الجسيمات. وقد لجأ الباحثون إلى مسرع الجسيمات في مختبر "دايموند لايت سورس" في المملكة المتحدة لإجراء مسح عالي الدقة للمخطوطة.
يقول بارسونز "سمح لنا مسرع الجسيمات بالنظر داخل المخطوطة بدقة عالية جدا، مما منحنا القدرة على رؤية النصوص المدفونة بداخلها دون المساس بسلامتها، أما الذكاء الاصطناعي فقد أتاح لنا تحليل هذه الصور واكتشاف أماكن الحبر بدقة غير مسبوقة".
بعد إجراء عمليات المسح، جاء دور الذكاء الاصطناعي الذي طوره مشروع "تحدي فيزوف"، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى فك رموز هذه المخطوطات. وتعمل خوارزميات التعلم الآلي على تحديد أماكن الحبر، حتى لو كان باهتًا جدا، ثم تحاول إعادة تشكيل الحروف والكلمات وفق الاحتمالات وعلم الإحصاء وقراءة الأنماط.
ورغم التقدم الكبير الذي حققته خوارزميات الذكاء الاصطناعي، فإنها مصممة بحيث تكون بحاجة إلى تدخل بشري لفهم النصوص بشكل صحيح. وكما يوضح بارسونز "نستخدم التعلم الآلي للنظر عن كثب إلى السطح واكتشاف آثار صغيرة من الحبر فقط عمدًا. إنه مثل النظر إلى نقطة على السطح باستخدام المجهر، وتحديد ما إذا كان الحبر موجودًا أم لا في تلك النقطة المحددة. لا يظهر أي شيء يشبه النص إلا من خلال طرح هذا السؤال عدة مرات، ثم تكبير الصورة وعرض النتيجة".
إعلانيشرح بارسونز سبب ذلك قائلا "لا يتعرف نموذج التعلم الآلي على أحرف النص ولا يتعلم التنبؤ بأشكالها، ولذا فهو غير قادر على الهلوسة بالنصوص غير الموجودة في المخطوطة. وبمجرد استخدام النموذج لتوليد صورة تشبه النص، يقرأ فريقنا من العلماء الصورة كما لو كانت مخطوطة فعلية".
يمكننا تشبيه عمل الذكاء الاصطناعي في هذا المشروع إلى حد كبير مثل ناسخي الكتب في القرن الثامن عشر، الذين تم توظيفهم قديمًا لنسخ محتوى المخطوطات بدقة حتى من دون فهم النص. كان هذا الافتقار إلى الفهم، ولا يزال، ميزة مهمة، لأنه يضمن عدم إدخال أي تعديلات أو تخمينات، مما يحافظ على سلامة المحتوى الأصلي.
أهمية الاكتشافتمكن العلماء بالفعل من التعرف على كلمات عدة، منها "الخوف" و"الاشمئزاز" و"الحياة"، وهو ما يشير إلى أن النص ربما يكون متعلقًا بالفلسفة أو الأدب القديم. يقول بارسونز "تشير هذه الكلمات إلى أن هذا النص من المحتمل أن يكون لأحد الفلاسفة الأخلاقيين من المدرسة الأبيقورية. ومن المحتمل، مثل العديد من المخطوطات الأخرى من هيركولانيوم، أن يكون من تأليف فيلوديموس".
وفيلوديموس الجداري هو فيلسوف وشاعر عاش في القرن الأول قبل الميلاد، ونُسب إلى مدينة "جدارا" القديمة بحسب مولده، وتقع أنقاض جدارا اليوم في بلدة أم قيس في محافظة إربد بالقرب من حدود الأردن مع فلسطين وسوريا.
لا يزال العمل جاريًا على تحسين تقنيات المسح والتحليل بالذكاء الاصطناعي، إذ يطمح العلماء إلى فك رموز مزيد من المخطوطات من دون الحاجة إلى فتحها فعليا.
ويختتم بارسونز "هناك العديد من المجموعات في أنحاء العالم تحتوي على مخطوطات تالفة أو هشة. نعتقد أن هذه التكنولوجيا ستكون قابلة للتطبيق على العديد منها، وستساعد في استعادة أعمال مفقودة أخرى، نظرًا لأن مخطوطات هيركولانيوم تشكل تحديًا خاصا، فقد تكون هناك مخطوطات حيث تكون تقنية فك الغلاف الافتراضي جيدة بما يكفي لاستعادة نصوصها، حتى باستخدام أدوات التصوير المقطعي المحوسب المتوفرة على نطاق أوسع وتجنب الحاجة إلى مسرع الجسيمات!".
ويمكننا القول إن المخطوطات القديمة لم تعد حبيسة الزمن، بل أصبحت متاحة للباحثين والجمهور لفهم المزيد عن الحضارات السابقة. إن الجمع بين مسرع الجسيمات والذكاء الاصطناعي يمثل خطوة كبيرة نحو إعادة كتابة التاريخ، وهو دليل على أن العلم قادر دائمًا على الكشف عن أسرار الماضي بأدوات المستقبل.