هل تكون هناك “حكومة تابعة لحميدتي”؟..سيناريو ليبيا “المستبعد” في السودان
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
الحرة / خاص – دبي
أصبح التنافس على السلطة أكثر وضوحا في السودان، في ظل القتال المسلح المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
والخميس، لوح قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، بتشكيل "سلطة سياسية حاكمة" في مناطق سيطرة قواته، "إذا شكل خصومه في الجيش حكومة".
لكن إمكانية تطبيق هذه الفكرة على الأرض، في ظل استمرار القتال الدائر رحاه في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى من الدولة الأفريقية، تظل محل تساؤل.
ويعتقد محللون أنه "من الصعب إقامة سلطة مدنية تتبع لقوات الدعم السريع"، وأن "سيناريو وجود حكومتين في السودان كما هو الحال في ليبيا يبقى مستبعدا".
حميدتي يهدد بتشكيل سلطة مدنية في مناطق سيطرة قواته بالسودان
قال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو، في كلمة مسجلة، الخميس، إن قواته ستبدأ مشاورات لتشكيل سلطة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها إذا استمر قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان "في الادعاء بالشرعية الزائفة" وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.
وقال الباحث السوداني، محمد تورشين، إنه "من الصعب" إقامة حكم سياسي لقوات الدعم السريع في البلاد، "على اعتبار أنها فعليا لم تسيطر على مناطق واسعة النطاق".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، أضاف تورشين أن "الانتشار العسكري لا يمكن أن يحقق سلطة مدنية، التي تتمثل في مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية الأخرى".
وتابع: "الانتشار لا يعني فعليا أنه يحكم السيطرة على الأراضي والمقار الحكومية"، مردفا أن هذه التصريحات تهدف إلى "محاولة ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على الجيش ومجلس السيادة".
وسيلة "ضغط"
ومنذ بدء الاشتباكات في منتصف أبريل الماضي، لم يحقق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم السريع على أحياء سكنية في العاصمة، فيما يلجأ الجيش في مواجهتها إلى سلاح الطيران والقصف المدفعي.
وقال دقلو في تصريحات نقلتها رويترز، الخميس: "في حال استمر هذا الوضع أو قام الفلول بتشكيل حكومة، سنشرع فورا في مشاورات واسعة لتشكيل سلطة حقيقية في مناطق سيطرتنا الواسعة والممتدة، تكون عاصمتها هي العاصمة القومية الخرطوم، ولن نسمح بخلق عاصمة بديلة".
وأضاف دقلو أن "قيام البرهان بتشكيل حكومة مقرها بورتسودان، يعني أننا نتجه نحو سيناريوهات حدثت في دول أخرى، بوجود طرفين يسيطران على مناطق مختلفة في بلد واحد".
وفي هذا الإطار، قال إبراهيم ناصر، رئيس منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام، وهي شبكة إعلامية تركز على قضايا السودان تتخذ من العاصمة التركية أنقرة مقرا لها، إن "حميدتي لا يستطيع أن يشكل حكومة مدينة".
وأضاف في حديثه لموقع "الحرة": "حميدتي أراد قطع الطريق على البرهان بتشكيل حكومة".
بيرتيس غادر منصبه
محذرا من "حرب أهلية".. استقالة مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان
أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرتيس، استقالته من منصبه، الأربعاء، محذرا من خطر تحول النزاع إلى "حرب أهلية"، وذلك بعد أشهر من تصنيفه شخصا غير مرغوب به من قبل السلطات في الخرطوم.
والشهر الماضي، قال مسؤول كبير بمجلس السيادة السوداني، الذي يرأسه قائد الجيش، البرهان، إن "هناك حاجة إلى حكومة انتقالية"، مما يفتح الطريق نحو وجود حكومتين متنازعتين على السلطة كما هو الحال في ليبيا.
وتشهد ليبيا فوضى عارمة منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. وتتنافس على السلطة حكومتان، الأولى تسيطر على غرب البلد ومقرها طرابلس ويرأسها، عبد الحميد الدبيبة، وشُكلت إثر حوار سياسي مطلع 2021، وأخرى تسيطر على شرق البلاد ويرأسها، أسامة حمّاد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من قائد "الجيش الوطني الليبي" خليفة حفتر.
واستبعد تورشين هذا السيناريو على اعتبار أن "النموذج الليبي مختلف تماما"، مبررا ذلك بـ"وجود مجموعات مدنية وسياسية بايعت حفتر".
واتفق ناصر مع هذا الرأي، قائلا إن "هناك قوى سياسية تدعم الجيش (بالسودان) في خطواته لتشكيل حكومة مدنية".
في المقابل "لن تغامر القوى السياسية بسمعتها من أجل حميدتي، الذي لن يستطيع إيجاد قوى مدنية تتحالف معه بصورة علنية، في ظل تضاؤل شعبيته"، على حد قول ناصر.
واستطرد ناصر بالقول إن "القوى الإقليمية مثل مصر والسعودية والإمارات، لا يمكن أن تراهن على مشروع حميدتي السياسي، بإعلان سلطة (حاكمة) في أية جهة في السودان".
"ملامح الحرب ستختلف"
ومع ذلك، أعرب ناصر عن اعتقاده بأن حميدتي قد يفعلها، قائلا: "دقلو متهور ويمكن أن يفعلها.. باعتبار أن مستشارين قبليين متحمسين للانتصار للقبيلة وليس للوطن، هم من يديرونه".
وفي هذا الصدد، قال تورشين :"في أسوأ الأحوال، لو افترضنا أن السلطة الحاكمة لقوات الدعم السريع طبقت ذلك بالفعل على الأرض، فإن ذلك سينعكس على الواقع السوداني بشكل سلبي".
السودانيون رفضوا الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش بدعم من قوات الدعم السريع في 2021
"رؤية الدعم السريع".. هل فكرة "السودان الفيدرالي" واقعية؟
بعد أربعة أشهر ونصف تقريبا من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، خرج الأخير بما وصفه برؤيته للحل الشامل، معتبرا أن النظام الفدرالي هو الأمثل لحكم البلاد.
وحتى الآن، تركت المعارك المستمرة، السودان في وضع مأساوي، بعد مقتل نحو 7500 شخص، بينما من المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير.
كما اضطر نحو 5 ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان، أو العبور إلى دول الجوار، خصوصا مصر وتشاد.
واعتبر تورشين أنه في حال طبق حميدتي تهديده، فإنه سيكون بمثابة "انتحار سياسي"، مضيفا: "السودان سيشهد انقسامات حقيقية في المجتمع، وستختلف ملامح الحرب تماما، حيث ستكون هناك مجموعات مختلفة تحارب مجموعات أخرى، وربما يكون البعد الإثني والعرقي حاضرا في هذه المواجهات".
الحرة / خاص - دبي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع سلطة مدنیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
قتل 18 مدنيا وأصيب آخرون جراء هجوم لقوات الدعم السريع على قرى في ولاية الجزيرة وسط السودان.
وقالت شبكة أطباء السودان (غير حكومية) أمس الاثنين في بيان إن 13 شخصا قتلوا وأصيب آخرون جراء هجوم للدعم السريع على قرية البروراب بمجمع قرى الشيخ مكي شرقي ولاية الجزيرة.
وأشارت الشبكة إلى أن الهجوم أسفر عن نزوح عشرات الآلاف إلى عدد من الولايات المتاخمة، مما تسبب في كارثة إنسانية.
من جانبها، أفادت منصة "نداء الوسط" السودانية بأن قوات الدعم السريع هاجمت أمس الاثنين القرية 50 في منطقة أم القرى شرق الجزيرة وقتلت 5 أشخاص.
استنكار أممي
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن 25 امرأة على الأقل تعرضن لعنف جنسي، من بينهن فتاة تبلغ من العمر 11 عاما لقيت حتفها نتيجة لذلك.
وأضاف المكتب أن تقارير وصلته تقول إن قوات الدعم السريع صادرت أجهزة إنترنت في 30 قرية على الأقل، وأحرقت محاصيل زراعية.
وقالت كليمنتاين نكويتا سلامي ممثلة الأمم المتحدة في السودان "أشعر بصدمة وانزعاج شديدين إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة، والمماثلة للمستوى الذي شهدناه في دارفور العام الماضي"، في إشارة إلى إقليم دارفور غرب السودان.
طرد وقتل وسلب
وفي سياق متصل، قالت إحدى الناجيات لوكالة رويترز -وهي أم لرضيع يبلغ من العمر شهرا واحدا- إن قوات الدعم السريع اقتحمت منازل المواطنين في ولاية الجزيرة أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وطردتهم خارج القرية بالسياط، ثم أطلقت عليهم النار.
بدوره، قال هاشم بشير -الذي بُترت إحدى ساقيه قبل الحرب- إن قوات الدعم السريع طردته من منزله في قرية النايب، كما قالت ابنة أخيه فائزة محمد إن القوات نزعت منها مجوهراتها وسرقت هاتفها ولم تسمح لهم بأخذ أي شيء معهم، حتى وثائق الهوية.
وتتعرض ولاية الجزيرة منذ أسبوعين لهجمات عنيفة استهدفت 65 قرية وبلدة على الأقل زادت حدتها بعد انشقاق قائد قوات الدعم السريع في الولاية أبو عاقلة كيكل وإعلان انضمامه إلى الجيش.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.