الاستخبارات الفرنسية تكشف عن حملة تحريض وتشهير إخوانية
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
حذرت أجهزة أمن الدولة الفرنسية، في مذكرة سرية تم تسريبها، من حملة تشهير وتحريض ضد فرنسا عبر حسابات على منصات التواصل الاجتماعي تقودها تيارات إخوانية من داخل وخارج البلاد، مشيرة إلى سيل من الهجمات ضد سياسيين فرنسيين في ظاهرة واسعة النطاق يُشرف عليها أيديولوجيون معتمدون للإسلام السياسي، وباتباع خطة تم التدرب عليها بشكل مثالي.
ونسبت الاستخبارات الفرنسية غالبية الهجمات التحريضية التي تتعرض لها الدولة إلى منظمات دينية خارج فرنسا، منها الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام التي تتبع للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإشراف تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، والذي يعمل وفق خطة ممنهجة على تشويه سمعة فرنسا من خلال حملة تشهير باللغة العربية، انتقلت إلى بعض القنوات التلفزيونية المحسوبة على جماعة الإخوان خارج المنطقة العربية، وذلك بالإضافة إلى معادوة منظمات تتخذ من موضوع محاربة الإسلاموفوبيا منهجاً لها، شن حملة مماثلة.
وكشفت المذكرة التي سلطت "لو باريزيان" الضوء على مخاطر مضمونها، أن دوائر الدولة قامت بتحليل ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حظر العباءة كرمز ديني في المدارس الفرنسية من قبل وزير التربية الوطنية غابرييل أتال بدءاً من سبتمبر (أيلول) الجاري، حيث تم ملاحظة وجود مرحلة أولى غير معهودة من ضبط النفس لدرجة الصمت من قبل بعض الشخصيات الدينية، أعقبها بشكل مفاجئ وغريب قبل أيام طوفان من الرسائل والتعليقات عبر الإنترنت.
بالمقابل، حذرت صحيفة "لا كروا" الفرنسية ذات التوجه المحافظ من أن الجدل الدائر حول العباءة يغذيه عدم فهم بأن الهدف هو تعزيز العلمانية في المدرسة، وتفسير خاطئ خطير مفاده أن هذه العباءة هي فقط موضوع ترويج من قبل الجماعات الإسلاموية، داعية في تحقيق لها إلى ضرورة التمييز بدقة بين أولئك الذين يرتدون العباءة كمجرد زي، وبين الإسلام السياسي المتشدد البعيد عن الإسلام الحقيقي.
وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من كون غاية القانون الفرنسي الأخير هو التأكيد على حظر أي إشارة واضحة في المدرسة تعكس الانتماء لأي دين مهما كان، إلا أن البعض يرى في ذلك، بوعي أو بغيره، على أنه استفزاز آخر، ويحاول بالتالي زعزعة الاستقرار والعمل على تقويض التعايش في المدرسة.
الزي الموحد والعلمانيةووسط الجدل المستمر بشأن منع ارتداء العباءة في المدارس الحكومية، أعلنت وزارة التعليم الفرنسية عن وجود دراسة تقترح تجربة ملابس موحدة في مدارس الدولة بدءاً من العام الدراسي 2024-2025، ما قد يسد الطريق على استمرارية اتخاذ العباءة وسيلة إخوانية لمزيد من التحريض والتطرف، باعتبار أن الزي الموحد يشكل آلية لمواجهة كافة المشاكل المدرسية والفروق الاجتماعية ويعمل على تعزيز علمانية البلاد.
تعريف شامل للإسلامويةودعت "لا كروا" إلى تبني تعريف شامل للإسلاموية، ينطلق بشكل أساس من أنها فكر وسلوك معادٍ للمجتمع، والذي من شأنه أن يسيطر على الأفراد من خلال نهج جماعي منظم، ذو دوافع دينية وسياسية في ذات الوقت، ويقوده نشطاء ينسقون فيما بينهم، ومع قاعدة اجتماعية كبيرة.
وحذرت الصحيفة الفرنسية في هذا الصدد من محاولات تسييس للعباءة بقيادة أو تنسيق من قبل الإسلامويين، واستغلالهم للخلافات السياسية الداخلية المعلنة والتدخلات المتناقضة لعدد كبير من الجهات الفاعلة في فرنسا، بدءاً من الأحزاب المنقسمة ما بين التأييد أو الرفض، والسياسيين سواء كانوا مع الحظر أم لا.
يذكر أن الحكومة الفرنسية سحبت مطلع العام اعترافها الرسمي بشرعية المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يسيطر عليه بشكل رئيس تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وغيره من جماعات الإسلام السياسي، إلا أن المجلس يعمل على إعادة انطلاق جديدة وينتظر فرصة مناسبة لاستعادة دوره الذي بدأ يضعف في السنوات الأخيرة، وهو يجد بالتالي في موضوع العباءة الوسيلة الأفضل لذلك.
وكانت وزارة الداخلية الفرنسية، وبطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون، أعلنت إنهاء مهام المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي تأسس منذ 20 عاماً كمحاور وحيد للدولة حول الإسلام، واستبدلته بتأسيس "منتدى الإسلام في فرنسا" كمحاور جديد للحكومة، باعتباره مؤسسة رسمية معترف بها كممثل حقيقي ووحيد للمسلمين في البلادد، ويعمل على منع أي تدخل أو تأثير مالي أو أيديولوجي خارجي على مسلمي وأئمة البلاد، ويؤكد على قضية الحق في الدين والمعتقد بعيداً عن إقحامهما في السياسة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني من قبل
إقرأ أيضاً:
معاهدة العريش.. كيف حاول كليبر إنهاء الحملة الفرنسية على مصر؟
عندما تولى الجنرال كليبر ، الذي يصادف اليوم ذكرى ميلاده، قيادة الحملة الفرنسية في مصر بعد رحيل نابليون بونابرت عام 1799، وجد نفسه في موقف صعب، حيث كانت القوات الفرنسية تعاني من العزلة، وتهددها الأخطار من جميع الجهات.
ولم تكن ثورات المصريين وحدها هي التي تقلقه، بل ايضا الحصار البريطاني وقوات الدولة العثمانية التي كانت تسعى لاستعادة السيطرة على مصر، في ظل هذا الوضع، لجأ كليبر إلى التفاوض للخروج من المأزق، وكانت معاهدة العريش هي المحاولة الكبرى لإنهاء التواجد الفرنسي في مصر.
بدأت المفاوضات بين الفرنسيين والعثمانيين بوساطة بريطانية في أواخر عام 1799، حيث أدرك كليبر أن القوات الفرنسية غير قادرة على الاستمرار في مواجهة التمردات الشعبية من ناحية، والضغوط العسكرية الخارجية من ناحية أخرى.
نصت المعاهدة التي وُقعت في يناير 1800، على السماح للقوات الفرنسية بالخروج الآمن من مصر على متن سفن عثمانية، مع الاحتفاظ بأسلحتهم ومعداتهم العسكرية.
كان الهدف الرئيسي لكليبر هو إنقاذ ما تبقى من قواته والحفاظ على كرامة الجيش الفرنسي بدلاً من تكبد خسائر فادحة في حرب غير متكافئة.
لكن سرعان ما انهارت المعاهدة بسبب رفض بريطانيا الالتزام بها، فبينما وافق العثمانيون على شروطها، رفضت بريطانيا السماح للقوات الفرنسية بالمغادرة بسلام، وأصرت على استسلامهم دون قيد أو شرط، هذا الموقف أغضب كليبر، الذي شعر بالخداع والخيانة، ودفعه إلى التراجع عن الاتفاقية واتخاذ قرار بمواصلة القتال.
بعد فشل المعاهدة، شن كليبر هجومًا عنيفًا على القوات العثمانية التي كانت قد دخلت مصر بالفعل، وحقق انتصارًا ساحقًا في معركة هليوبوليس في مارس 1800، أعاد الفرنسيون سيطرتهم على أجزاء كبيرة من البلاد، لكن هذا النصر لم يكن كافيًا لضمان استقرارهم، حيث استمرت المقاومة الشعبية ضدهم، خاصة بعد أن زاد قمع كليبر للمصريين، وهو ما جعله هدفًا لاحقًا لعملية اغتيال على يد سليمان الحلبي.
لم تكن معاهدة العريش مجرد اتفاقية فاشلة، بل كانت مؤشرًا على المأزق الذي وصلت إليه الحملة الفرنسية، حيث أدركت فرنسا أن بقاءها في مصر لن يستمر طويلًا في ظل الرفض الشعبي والضغوط الخارجية.
ورغم انتصارات كليبر العسكرية، فإن موته بعد أشهر قليلة من فشل المعاهدة، ساهم في تسريع انهيار الاحتلال الفرنسي لمصر، الذي انتهى رسميًا عام 1801