هل أبدت المملكة العربية السعودية للتو استعداداً جديداً لفصل الهند وباكستان عن سياستها في جنوب آسيا؟ أو بشكل آخر هل قررت الرياض التعامل مع نيودلهي وإسلام أباد كل على حدة وتغير موقفها الحالي القائم على العدالة في الحفاظ على علاقات مستقلة مع كلا البلدين؟

السؤال تطرحه الأكاديمية والكاتبة الهندية المتخصصة في القضايا السياسة والأمنية بجنوب آسيا سودها راماشاندران عبر مقال نشرته مجلة "ذا ديبلومات"، مدللة بزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة للهند والتي تضمنت حضوره قمة العشرين وتوقيعه على مذكرة تفاهم لـ"الممر الاقتصادي" الدولي الذي يبدأ من الهند ويمر بالإمارات والسعودية ثم الأردن وفلسطين المحتلة وصولا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

وتقول الكاتبة إنه - وعلى عكس زياراته السابقة إلى الهند، عندما كان يتوجه إلى باكستان للإشارة إلى عدالة المملكة في التعامل مع البلدين الواقعين في جنوب آسيا - كانت زيارة ولي العهد السعودي إلى نيودلهي هذه المرة قائمة بذاتها، وهو ما قد يعطي مؤشرا لمسألة الفصل، بحسب مراقبين.

لكن الكاتبة تعتبر أن ما حدث خلال الزيارة الأخيرة لابن سلمان ليس بالضرورة دالا على ذلك، فقبل أربعة أشهر، عندما استضافت الهند اجتماع مجموعة العمل السياحية لمجموعة العشرين في سريناجار في جامو وكشمير، كانت السعودية من بين الدول التي لم تشارك في الاجتماع، مما يدل على استمرار حرصها على عدم إغضاب باكستان، كحليف سياسي وأمني للمملكة بالدرجة الأولى.

اقرأ أيضاً

زيارة ولي العهد السعودي إلى الهند.. ماذا تعني؟

دفعة كبيرة للعلاقات السعودية الهندية

وتستعرض الكاتبة التقدم الأخير في العلاقات بين الرياض ونيودلهي، حيث كانت السعودية والهند عقدتا اجتماعهما الأول لمجلس الشراكة الاستراتيجية الهندية السعودية (SPC)، الذي شكلته خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الرياض في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وكانت شبكات الألياف الضوئية، والتجارة المحلية والعملات، وتسريع المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الهند ومجلس التعاون الخليجي من بين القضايا التي تمت مناقشتها في اجتماع المجلس الأعلى للسياسات في نيودلهي.

ووقع الجانبان ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات الطاقة وتحلية المياه والرقمنة ومكافحة الفساد وتعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

كما اتخذ البلدان خطوة إلى الأمام في تنفيذ مشروع مصفاة الساحل الغربي للبترول.

تم الكشف عن المشروع الضخم لأول مرة في عام 2015 - من بين الاستثمار الذي وعد به السعوديون بقيمة 100 مليار دولار، وتم بالفعل تخصيص 50 مليار دولار للمشروع – حيث وقعت "أرامكو" السعودية و"أدنوك" الإماراتية وشركات النفط في القطاع العام الهندية بتوقيع صفقة أولية في عام 2018.

وفي نيودلهي، اتفقت الهند والسعودية على تشكيل فريق عمل مشترك لتسريع المشروع، كما رقوا علاقتهم في مجال الطاقة إلى "شراكة طاقة شاملة".

وتعتبر الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد السعودي مهمة لأنها جاءت بعد ستة أشهر من إنهاء السعودية عداءها مع إيران من خلال صفقة توسطت فيها الصين.

بالإضافة إلى ذلك، فقد حدث ذلك بعد أسابيع من انضمام الرياض إلى مجموعة "بريكس" في قمة جوهانسبرج الأخيرة.

اقرأ أيضاً

التقى رئيستها.. بن سلمان يبدأ زيارة رسمية إلى الهند

علاقات معقدة سابقة

وعلى الرغم من أن العلاقات الهندية السعودية تعود إلى آلاف السنين، إلا أن العلاقات كانت معقدة، خاصة في عقود الحرب الباردة، حيث كان البلدان على طرفي نقيض في العديد من الصراعات العالمية، كما حدث في أفغانستان خلال الغزو السوفييتي ونظام طالبان الأول، على سبيل المثال.

والأهم من ذلك، أن السعودية كانت داعمًا قويًا لباكستان، خاصة فيما يتعلق بنزاع كشمير، مما أدى إلى توتر العلاقات بين نيودلهي والرياض.

ومع ذلك، تحسنت العلاقات منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع تنشيط التجارة - وأبرزها مشتريات الهند من النفط الخام - للعلاقات.

وتعد السعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند، وبينما تنمو التجارة – حيث بلغت قيمتها 52.75 مليار دولار خلال الفترة 2022-2023 – فإن العجز التجاري المتزايد يثير قلق نيودلهي.

وبالفعل فإن العجز الذي بلغ 31.3 مليار دولار عام 2023، هو الأعلى على الإطلاق بين البلدين.

اقرأ أيضاً

السعودية والهند تبحثان تدشين جسر للطاقة والغذاء والتعامل بالعملات المحلية

مكافحة الإرهاب

وخلال زيارة مودي إلى الرياض في عام 2016، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في عمليات مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي الأمن السيبراني، بما في ذلك منع استخدام الفضاء السيبراني للإرهاب، والتطرف، والإخلال بالوئام الاجتماعي.

ودعا البيان المشترك، آنذاك، "جميع الدول إلى رفض استخدام الإرهاب ضد الدول الأخرى؛ تفكيك البنى التحتية للإرهاب حيثما وجدت، وقطع أي نوع من الدعم والتمويل عن الإرهابيين الذين يعملون ويرتكبون الإرهاب من أراضيهم ضد دول أخرى؛ وتقديم مرتكبي الأعمال الإرهابية إلى العدالة".

وعلى الرغم من عدم ذكر أي دولة في هذا الصدد، إلا أن المسؤولين الهنود زعموا أن هذه إشارة غير مباشرة إلى باكستان، على الرغم من أنها قد تشير أيضًا إلى إيران.

وخلال زيارته الأخيرة إلى  الهند، دعا بيان مشترك جديد جميع الدول إلى "رفض استخدام الإرهاب ضد الدول الأخرى، وتفكيك البنية التحتية للإرهاب حيثما وجدت، وتقديم مرتكبي الإرهاب إلى العدالة بسرعة".

ومرة أخرى، لم يتم تسمية أي دولة.

المصدر | سودها راماشاندران / ذا ديبلومات - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات السعودية الهندية الممر الاقتصادي محمد بن سلمان ولی العهد السعودی ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

ماهي أسباب عزل “العراق” عن اجتماع “الناتو العربي” في الرياض؟

بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا :
لِمن لا يتذكر نُذكّرهُ ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفي دورته الاولى حرص على ترتيب قمة عربية وإسلامية ضخمة في الرياض وهي قمة المال والأعمال والتغيير ( ويبدو ان الرجل يتفائل بالرياض ويثق بها ويعشق كرمها الملياري)ولقد حضر ترامب تلك القمة بنفسه ورقص رقصة السيف هو وصهره كوشنير والآخرين . وتقررت خلالها قرارات مهمة وخطيرة واهمها ” صفقة القرن ، والمشروع الإبراهيمي ، والاتفاق على تشكيل نواة لحلف الناتو العربي مع إسرائيل … الخ من القرارات المهمة ) . وعندما خسر ترامب الانتخابات حدث شبه تعطيل في تلك القرارات .ولكن الرئيس ترامب لم ينسى ( لان رجال الاعمال لا ينسون ) فمباشرة وبعد تنصيبه لولاية ثانية باشر بمغازلة السعودية ماليا ولوجستيا فقالت له الرياض ” لبيك بالفلوس ولا بالنفوس” وهي استراتيجية اعطت ثمارها في حماية البلدان( وبالمال تُحفظ الأوطان ) خصوصا مع قائد العالم ترامب الذي يُقدّر المال جدا !
ثانيا:-
ومباشرة وقبل قدوم الرئيس الاميركي ترامب إلى الرياض في السعودية قريبا باشرت القيادة السعودية بتحريك الاتفاقيات القديمة وهي رسالة سعودية مفادها ” اننا لا ننسى وعلى العهد والاتفاق يا ترامب ” خصوصا وان هذه المرة الأوضاع مختلفة حيث الخسائر الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة . فقرر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعوة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس جمهورية مصر العربية في توقيت خطير جدا .وتزامن هذا مع وجود امير قطر في طهران والذي نقل رسالة أميركية اخيرة على مايبدو فيها دعوة لايران للجلوس مع الجانب الاميركي بلا شروط وحسب المتغيرات الجديدة في المنطقة (والتي رفضتها ايران من خلال وسائل إعلامها بقولها ” اننا لا نجلس بموقع الذليل امام ترامب”) وتزامن هذا مع تواجد الوفدين الامريكي والروسي في الرياض لهندسة صفقة ايقاف الحرب الروسية الاوكرانية بشروط ترامب الذي اذل القيادة الاوكرانية وحشرها في زاوية حتى الآن . وكل هذا ليس في صالح ايران اطلاقاً!
ثالثا:-
نعم سيباشر قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع الملك الأردني والرئيس المصري في الرياض المشاورات والنقاشات لوضع اللمسات الأخيرة لتشكيل ( حلف الناتو العربي ) وانطلاقه حسب اتفاقية قمة ترامب الرياض السابقة .ولقد نجح الرئيس الاميركي ترامب باجبارهم على ذلك من خلال ( ورقة تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر ) فجاءت المقايضة التي يريدها أصلا ترامب وهي ( ناتو عربي بقيادة إسرائيل او يكون لإسرائيل الدور الأكبر فيه بحكم قربها من الولايات المتحدة ) وهم مجبرين على ذلك لارضاء ترامب . وحتما تنتظر هذا الناتو العربي مهام استراتيجية وامنية وعسكرية مهمة في المنطقة تتماشى مع تشكيل المنطقة من جديد بموازاة ولادة العالم الجدبد .ونستطيع القول ( ان الدول الخليجية ومصر والأردن وإسرائيل سوف يستلمون قيادة المنطقة خلال هذه السنوات المقبلة ) وهذا بحد ذاته يمثل ضربة امنية واستراتيجية موجعة لايران التي ستغادر الدول العربية بلا رجعة !
رابعا :-
العراق بدوره وجد نفسه معزول ومنبوذ ومحشور في زاوية لا يُحسد عليها” اي القيادة العراقية ” بسبب اصرارها ولمدة ٢٢ سنة على وضع البيض العراقي في السلة الإيرانية وجعل العراق حديقة خليفة لايران .والنتيجة نبذ العراق وانعدام الثقة بقيادته التي اثبتت انها لا تستطيع ترك ايران والإملاءات الإيرانية اطلاقا . بحيث حتى رغبة العراق بالحضور في قمة الرياض جوبهت بالرفض من الخارجية السعودية لعدم ثقة قادة تلك الدول وادارة ترامب بالقيادة في العراق اولا ، وثانيا لأن قادة تلك الدول لديها علم ب( التغيير القادم في العراق ) والذي بموجبه سوف تطرد إيران من العراق والمنطقة ،وتستبدل تلك القيادة العراقية الحالية بقيادة وطنية جديدة تؤمن باللحمة العربية والتحالف مع المجتمع الدولي اي (وضع البيض العراقي في اكثر من سلة مهمة )وحينها سيجد العراق طريقه سالكا نحو الدول الخليجية ومصر والأردن والولايات المتحدة ودول العالم !
ولا تفصل العراق عن ذلك إلا خطوة واحدة وهي قادمة وقريبا .خصوصا بعد الشروع بالحرب الاقتصادية الاميركية والعقوبات ضد المصارف العراقية ،وضد تمويل إيران من المال العراقي عبر اتفاقية استيراد الغاز الإيراني والتي توقفت بأمر أميركي .والعراق مقبل على خواء تام في خزينته الرسمية( اي لا يستطيع حتى دفع الرواتب في الايام القادمة ) .وحينها ستكون الحكومة والطبقة السياسية في العراق منبوذتان شعبيا .ولا حل إلا برحيلهما وقريبا جدا !
ملاحظة :-
هذه قراءة عن معلومات وليس تشهير او تحقير لأحد إطلاقا، وليس شائعات . فالذي يريد سماع الحقيقة فهذه هي الحقيقة .ومن لا يريد سماع الحقيقة فلقد تعودنا على شتم وتسقيط جيوشهم الإلكترونية ومرتزقتهم الإعلامية ضدنا وضد الذين ينقلون الحقيقة !
حمى الله العراق واهله من كيد الكائدين !
سمير عبيد
٢١ فبراير ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • تقارب الهند وطالبان وفرص إحياء إستراتيجية جنوب آسيا الأميركية
  • ماهي أسباب عزل “العراق” عن اجتماع “الناتو العربي” في الرياض؟
  • لماذا اجتماع الرياض غدًا غير رسمي؟.. محمد عز العرب يُوضح
  • انتخاب السعودية رئيسًا لاتحاد صحافيي غرب آسيا
  • منتدى: استثمار التكامل الاقتصادي بين البلدان الإفريقية أداة حاسمة لتحقيق الاستقرار والسلم
  • السعودية تفوز برئاسة اتحاد صحافيي غرب آسيا برئاسة عضوان الأحمري
  • موعد مباراة السعودية ضد الصين بكأس آسيا للشباب وقنوات البث المباشر
  • السعودية تفوز برئاسة اتحاد صحافيي غرب آسيا
  • السعودية تفوز برئاسة اتحاد صحافيي غرب آسيا.. وعضوان الأحمري رئيسًا
  • تعرف على مكافآت الأندية السعودية في أبطال آسيا للنخبة