المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس)
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس) منظمة تعاون إقليمية ذات طابع حكومي، معترف بها دوليا، وتحمل صفة مراقب في الأمم المتحدة، تأسست عام 1983، وتضم 11 دولة من وسط أفريقيا، وتنطلق من محورية التكامل الاقتصادي والتجاري كمدخل لاندماج اقتصادي وتعاون أمني وعسكري وتبادل ثقافي ومعرفي وتقارب سياسي ودبلوماسي.
تعود فكرة إنشاء المجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا إلى عام 1976، حيث تم توقيع إطار تعاون بين أعضاء الاتحاد الجمركي والاقتصادي لدول وسط أفريقيا وبين المجموعة الاقتصادية لبلدان البحيرات الكبرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وعندما وضعت خطة عمل لاغوس في أبريل/نيسان 1980 -والتي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق خلق بنى إقليمية قادرة على تكوين سوق مشتركة- زاد الاهتمام من قبل أعضاء الاتحاد الاقتصادي والجمركي في وسط أفريقيا لإنشاء منظمة إقليمية للدفع بعملية النمو الاقتصادي وخلق سوق حرة ومشتركة.
وتم التوقيع على معاهدة التأسيس في ليبرفيل عاصمة الغابون يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 1983.
وأنشئت الأمانة العامة للمنظمة في الغابون عام 1985، لتكون العاصمة ليبرفيل المقر الدائم لها.
وبين عامي 1992و1998 شهدت المنظمة حالة ركود بسبب الصراعات المحلية التي كانت تدور بين بعض الدول في المجموعة، مثل الحرب في الكونغو الديمقراطية.
وعقد رؤساء الدول والحكومات مؤتمرا في العاصمة الكاميرونية ياوندي في فبراير/شباط 1999، لاستئناف عمل المجموعة وتفعيلها، وقدّموا فكرة إنشاء مجلس السلام والأمن في أفريقيا الوسطى.
وفي إطار استئناف أنشطة المنظمة وتجديد حيويتها اعتمد رؤساء الدول والحكومات في قمة مالابو -التي عقدت في يونيو/حزيران 1999- رؤية جديدة تتمركز حول أربعة محاور:
تنمية القدرات وتنظيم المشروعات الحرة. تنمية التكامل الاقتصادي والنقدي. التكامل البشري. تنمية القدرات المتصلة بالحفاظ على السلام والأمن والاستقرار.وبعدما يقارب أربعة عقود من معاهدة التأسيس راجعت المنظمة الإطار التأسيسي والتنظيمي سنة 2019، وتم التصديق عليه، ودخل حيز التنفيذ في 18 ديسمبر/كانون الأول 2019، وأصبحت المنظمة تحمل صفة المفوضية.
الأعضاءتضم المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس) 11 دولة، هي: أنغولا وبوروندي والكاميرون وغينيا الاستوائية وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو والغابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا و"ساو تومي وبرينسيبي" وتشاد.
ولم تكن أنغولا من الدول التي انضمت في مؤتمر التأسيس، وإنما ظلت عضوا مراقبا حتى عام 1999، حيث انضمت بشكل رسمي وأصبحت عضوا دائما.
وتصنف إيكاس واحدة من المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثماني المعترف بها ركيزة للتكامل الإقليمي لأفريقيا.
وحسب إحصائيات عام 2020، بلغ مجموع عدد سكان أعضاء مجموعة إيكاس 200 مليون نسمة، فيما تبلغ المساحة الإجمالية 6.67 ملايين كيلومتر مربع.
وتعتبر منطقة وسط أفريقيا مناسبة للاستثمار وخلق الاقتصادات الواعدة بحكم موقعها الجغرافي الذي يجعلها نقطة متميزة للتجارة بين مناطق القارة وبفعل ما تمتلكه من موارد متعددة ومتنوعة.
ويقدر الاحتياط النفطي المؤكد للدول الأعضاء في "إيكاس" بـ31.3 مليار برميل، أي 28% من إجمالي احتياط القارة الأفريقية.
كما تتمتع بإمكانيات كهرومائية تقدر نسبتها بـ68% من مجموع ما تمتلكه أفريقيا، وفيها حوض الكونغو الذي يعد ثاني أكبر محمية غابات ومحمية مائية في العالم، وتبلغ مساحته 227 مليون هكتار.
الرئيس الغابوني المعزول علي بونغو خلال مؤتمر رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا عام 2023 (غيتي) الأهدافتهدف مفوضية إيكاس إلى النهوض بالاقتصاد بوصفه الأداة الفعالة لدفع عجلة التنمية والضامن الأساسي لرفاه الشعوب، وقد حددت أهدافها في:
التكامل الاقتصادي والمالي من خلال إنشاء سوق مشتركة، وتحرير حركة السلع ورؤوس الأموال في المنطقة. التكامل الاجتماعي والتنمية البشرية بهدف القضاء على الفقر والوصول للعيش الكريم. العمل على المحافظة على البيئة، ودعم التنمية الريفية من أجل توفير الأمن الغذائي. الهياكلتتكون مفوضية إيكاس من الهياكل التالية:
مؤتمر الرؤساء: أعلى هيئة في المجموعة، ويتألف من رؤساء الدول والحكومات، ويحدد السياسة العامة للمجموعة، ويجتمع مرة واحدة خلال السنة في دورة عادية، ويمكن أن يجتمع في دورة طارئة.
مجلس الوزراء: ويضم الوزراء المسؤولين عن الاقتصاد والتنمية في الدول الأعضاء، ويجتمع مرتين في العام، ويتولى رئاسته الوزير الذي ترأس دولته المؤتمر.
محكمة العدل: وتختص بتفسير المعاهدات والقوانين التي تصدر عن المنظمة، وكذلك تنظر في المنازعات التي يمكن أن تعرض عليها من قبل الدول الأعضاء، ولم تبدأ عملها بعد.
الأمانة العامة: وتقوم بإعداد وتنفيذ قرارات المؤتمر.
الهيئة الاستشارية: وتعمل تحت سلطة مجلس الوزراء، وتقوم بدراسة المشاريع المقدمة إليها.
اللجان الفنية: ويتم إنشاؤها وفقا للحاجة، وتعمل في إطار المهام الموكلة إليها.
ويرتبط أعضاء إيكاس ببروتوكول لعدم الاعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
وفي فبراير/شباط 2002 أعلنت المجموعة إنشاء مجلس السلام والأمن في وسط أفريقيا (كوباكس)، لتعزيز قدرات الدول الأعضاء والمشاركة في القوات متعددة الجنسيات.
صعوبات وتحدياترغم ما تملكه المجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا من إمكانيات هائلة وثروات متنوعة فإنها لم تساهم بشكل فعال في تخفيف معاناة السكان بفعل العديد من التحديات التي تواجهها وتقف عائقا أمام طموحاتها الكبيرة.
وفي طليعة هذه التحديات الفساد وعدم الاستقرار السياسي وهشاشة البنى التحتية وهيمنة الشركات الغربية على الاقتصاد في المنطقة.
انقلاب الغابونفي 31 أغسطس/آب 2023 انقلبت ضباط على الرئيس الغابوني علي بونغو وشكلوا مجلسا انتقاليا وأعلنوا الجنرال بريس أوليغي أنغيما رئيسا له.
وفورا وعبر بيان مشترك لقادتها أدانت إيكاس الانقلاب، وطالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالوقوف في وجه الانقلابيين حتى عودة الحياة الديمقراطية.
وأعلنت المجموعة أنها شكلت لجنة لمتابعة انقلاب الغابون، وطالبت بحماية الرئيس المخلوع وضمان سلامته.
ويوم 4 سبتمبر/أيلول 2023 عقد قادة المجموعة قمة طارئة في غينيا الاستوائية وأعلنوا تعليق عضوية الغابون حتى عودة النظام الدستوري في البلاد.
وتعتبر الغابون عضوا مؤسسا في إيكاس، وتحتضن عاصمتها ليبرفيل المقر الدائم للمنظمة منذ تأسيسها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم الثلاثاء في أعمال «القمة العالمية لقادة الأديان من أجل المناخ» ، التي انطلقت في مدينة باكو عاصمة جمهورية أذربيجان تحت عنوان: "الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر" برعاية كريمة من إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان، وبحضور السيد علي أسدوف، رئيس وزراء دولة أذربيجان وبمشاركة أكثر من 300 شخصية بارزة من القيادات الدينية العالمية، وممثلي الأديان، وكبار المسئولين، والأكاديميين والخبراء في مجال البيئة.
وألقى وكيل الأزهر، كلمة خلال أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة توجه فيها بالشكر لمجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وإدارة مسلمي القوقاز بدولة أذربيجان على تنظيمها لهذا اللقاء المهم؛ الذي يجيء كخطوة عملية نحو التخفيف من آثار التغيرات المناخية.
وأكد الضويني، خلال كلمته على أن التغيرات المناخية تمثل تحديًا مشتركًا يستوجب توحيد جهود البشرية بكل أطيافها، مشيرًا إلى أن الأديان تقدم رؤية متكاملة تحث على حماية الأرض التي ورثها الإنسان، ورعايتها لصالح الأجيال القادمة. وشبه فضيلته البشرية بمنظومة واحدة أو أسرة ممتدة، يتأثر كل فرد فيها بأفعال الآخر؛ فالمناخ ليس قضية تخص دولة أو شعبًا بعينه، بل هي مسألة تمس مصير العالم بأسره، ولا يمكن مواجهتها بفعالية إلا من خلال تعاون عالمي متكامل، يضع أسسًا مشتركة لتحقيق الأمان البيئي ويضمن استدامة الموارد.
وأوضح أن الواجب المتجدد يفرض على قادة الأديان أن يوجهوا أتباعهم إلى فهم أن البيئة نعمة تستوجب الشكر، وأن الشكر لا يكون بإفسادها، وأن من واجبات الخلافة والعمارة أن تكون البيئة صالحة للحياة، معززة لاستمرارها، وأن الإسلام وأحكامه جاء ليصون البيئة ويعمل على حمايتها من أي أذى: بدءًا بتغيير نظرة الإنسان إلى الكون باعتباره خلقًا حيًا مسبحًا لا باعتباره جمادات صماء، ومرورًا بأوامره باحترام مكونات الحياة والمحافظة عليها طاهرة من كل تلويث أو إفساد، سواء في الإنسان نفسه، أو في المكان والمحيط الذي يعيش فيه، أو في الماء الذي يشربه، أو الطعام الذي يأكله، أو في الهواء الذي يتنفسه، مع مراعاة أجيال المستقبل ونصيبهم من الموارد، ومرورًا بالواجب العلمي الذي يعانقه الدين ويدعو إليه ولا يعارضه أو يرفضه.
كما أكد وكيل الأزهر أن دور القادة الدينيين في تصحيح تصورات أتباعهم نحو الكون، وتوجيه سلوكهم في تعاملهم معه لا يُنكر، ولكن ما تزال البشرية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود نحو زيادة الوعي بمفهوم تغير المناخ وآثاره، فبعض الناس ما يزالون ينظرون إلى قضية المناخ على أنها من الرفاهية؛ ولذا فإن التثقيف والتوعية بالمخاطر الحقيقية الواقعية والمحتملة هي التي يمكن أن تقف بقوة في وجه هذه التغيرات، وهي التي تدفع البشرية إلى التعامل مع البيئة ومكوناتها بإحسان، وتبني نمط استهلاكي معتدل حتى يكون الناس أصدقاء حقيقيين للبيئة، وكذلك يجب أن تعزز القيادات الدينية تعاونها مع صناع القرار، وأن تتخذ من رمزيتها قوة مؤثرة موجهة لهم نحو ما فيه خير البشرية.
وشدد على أن قضية التغيرات المناخية ليست أقل خطورة من فيروس كورونا الذي انتفض له العالم بدوله وحكوماته ومنظماته وشعوبه، وليست أقل من الحروب التي نالت آثارها من الجميع رغم البعد الجغرافي عن محيطها؛ ولذا يجب تصعيد العمل حيال التهديد الصادر عن التغير المناخي بدءًا بالأفراد ومرورًا بالمؤسسات وانتهاء بالحكومات، وغني عن الذكر أن دولاً متعددة قامت بجهود كبيرة في هذا الشأن، والتي كان من آخرها مؤتمر (Cop27) الذي عقد بجمهورية مصر العربية، والذي سعى إلى تحويل تعهد الدول المتقدمة بتمويل أضرار التغيرات المناخية إلى حقيقة واقعية، وحث الدول المسببة للتغيرات على الوفاء بالتزاماتها المادية، ومؤتمر (Cop28) الذي عقد بالإمارات العربية المتحدة، والذي تمخض عن «بيان أبو ظبي المشترك من أجل المناخ ..نداء الضمير»، وإعلان جمهورية أذربيجان عام 2024 عام التضامن من أجل السلام الأخضر، إضافة إلى ما قبل هذا وما بعده من مؤتمرات وتوصيات وبيانات ووثائق وأبحاث ودراسات وحملات وغير ذلك.
وتساءل فضيلته: متى التزمت الدول الأكثر إضرارًا بالمناخ بتوصيات المؤتمرات؟ وهل هناك صفقة عادلة بين الدول المسببة للأضرار المناخية والدول المتضررة منها؟ وما هو العمل الحقيقي الذي يعقب المؤتمرات والاجتماعات؟، لذا، فإن حاجة العالم الآن إلى مد جسور التعاون والتلاقي بين الشعوب أكثر من أي وقت مضى، وإن الأزهر الشريف ليجدد الدعوة لقادة العالم وللحكماء إلى أن تتفق على مبادئ عظمى تضمن العمل المشترك للتصدي للتداعيات والتحديات التي تفرضها الأزمات.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأربع توصيات وهي:
أولا: ضرورة تنمية الوعي البيئي بتثقيف الجماهير بصفة عامة، من خلال المؤسسات التربوية والدينية والمنابر التوعوية والإعلامية، والمناهج والكتب الدراسية.
ثانيا: ضرورة التشارك الكوني وتبادل المعلومات والخبرات بين الشعوب والحكومات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية، من خلال برامج علمية تتكاتف فيها الجهود بصورة سريعة ومؤثرة، بعيدًا عن الجوانب الإجرائية والشكلية؛ لاستخدامها في مواجهة أي خطر يهدد الكرة الأرضية.
ثالثا: ضرورة سن القوانين والتشريعات التي تردع محتكري المعلومات والتجارب التي يؤثر حجبها على فاعلية التعامل مع الكوارث والأزمات، وملاحقة ملوثي البيئة.
رابعا: الضغط على الدول الغنية وصناع القرار العالمي لتحمل المسؤولية، والقيام بتغييرات جدية لحماية البيئة، كالطاقة النظيفة، والاستخدام المستدام للأراضي، وغير ذلك، واعتماد التمويل اللازم لدعم الدول الفقيرة للتأقلم مع تغير المناخ.