مؤسسة أمريكية تُحدد موقف إيران من الممر الهندي.. ماذا عن مبادرة الحزام والطريق؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
السومرية نيوز – دوليات
سلط الباحث بمؤسسة "جيمس تاون"، بول جوبل، الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران لإفساد الممر الاقتصادي المخطط له لربط الهند بالشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن مساعدي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يرون أن الممر من شأنه أن يقطع شوطا طويلا في منع مبادرة الحزام والطريق الصينية من الهيمنة على التجارة بين آسيا وأوروبا.
وأضاف أن الموقعين على المذكرة ملتزمون بتوضيح تفاصيل المشروع في غضون 60 يوما، وإذا تحققت خططهم بالفعل، فسيثبت ذلك أن حماس بايدن كان على حق.
ومع ذلك، فمن المحتمل أن تكون تكاليف المشروع مرهقة، ويمكن لإيران المدعومة من روسيا، وكذلك الصين، أن تلعب دور المفسد له، بحسب جوبل، موضحا أن الرؤية العامة للمشروع تعكس “مشروعين في مشروع واحد”، وكلاهما يتطلب تطوير النقل البحري متعدد الوسائط في الأماكن التي بدأت فيها هذه الجهود للتو.
فالمشروع سيتطلب أولاً: استكمال ممر شرقي جديد بين الهند والشرق الأوسط، وثانياً: توسيع الطريق الغربي بين الشرق الأوسط وأوروبا، ولأن إيران تقع على الطريق البري بين الطرفين، فإن لديها القدرة على بسط قوتها في المحيط الهندي.
وفي كلتا الحالتين، يرى جوبل أنه سيتعين على البلدان التي بدأت للتو في السيطرة على تعقيدات النقل متعدد الوسائط أن تطور البنية التحتية اللازمة لتكون قادرة على نقل البضائع من القطارات إلى السفن إلى الشاحنات بسرعات عالية لجعل الممر الجديد قادرا على المنافسة مع الممرات الأخرى.
فروسيا تواصل تطوير ممرات العبور ذات القدرة على تحقيق فائدة كبيرة لإيران والصين، ونتيجة لذلك، يمكن لطهران وبكين أن تعملا على نسف الممر المقترح بين الاتحاد الأوروبي والهند.
أول قطار
وفي 27 أغسطس/آب الماضي، مر أول قطار يحمل شحنة حاويات روسية عبر إيران إلى السعودية على طريق اقترحت موسكو أن يمتد من سان بطرسبرج في شمال غربي روسيا إلى مومباي كجزء من ممر أوسع بين الشمال والجنوب، وهو ما تدعمه طهران بقوة، كما أبدت بكين اهتمامًا كبيرًا به.
وتعتبر إيران نفسها المستفيد الرئيسي من طرق العبور التي تهيمن عليها روسيا، وعلى هذا النحو لفت المسؤولون الإيرانيون الانتباه على الفور إلى التطورات المتعلقة بالطريق الروسي بين الشمال والجنوب، وأشاروا إلى أن البحث عن طرق بديلة “غير مبرر على الإطلاق”.
واحتفل حجة الله عبد الملكي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمناطق الاقتصادية الحرة في إيران، بتدفق البضائع من روسيا إلى السعودية عبر بلاده، معلنا أن “أحد ممرات النقل المهمة، في إطار ممرات النقل الدولية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، هو الذي يمتد من حدود إيران مع روسيا الاتحادية، ويمر عبر الأراضي الإيرانية ومن ثم يصل إلى الدول العربية، والسعودية على وجه الخصوص. ثم يمتد إلى بلدان أخرى أيضًا، بما في ذلك الهند”.
ولا يخلو هذا الممر بين الشمال والجنوب من المشكلات، ومع ذلك عبد الملكي أن تسليم البضائع الناجح إلى السعودية يدل على أن “هذا الممر قد بدأ بالفعل في العمل”، و”مثل جميع الممرات التي تمر عبر إيران”، فهو متعدد الوسائط في عمله، مشيرا إلى أن “أراضي الدولة الإيرانية تمثل طريقًا لوجستيًا ممتازًا من الناحية الطبيعية والمالية".
وأشار المسؤول الإيراني إلى أن بلاده تقع جغرافيًا وسط العديد من الطرق البرية الرئيسية، قائلا: “لا بديل عن هذا الطريق. وأولئك الذين يحاولون الالتفاف عليه يضيعون وقتهم. إن طريق العبور الخاص بنا في حد ذاته آمن، وملايين الأطنان من البضائع تمر عبره بالفعل بتكاليف نقل منخفضة للغاية".
وأضاف: “نحن ندعو جيراننا في الجنوب والشمال إلى الاستفادة من قدرات طرقنا اللوجستية بدلاً من إضاعة وقتهم وأموالهم على البدائل".
مراجعة مسار
وجاءت تصريحات عبد الملكي قبل 10 أيام من توقيع مذكرة تفاهم نيودلهي، وتعبر عن حجج يتوقع جوبل أن تقدمها إيران إلى الدول الموقعة على المذكرة.
ولذا، فلا يستبعد الباحث بمؤسسة “جيمس تاون” أن تقوم بعض الدول المشاركة في المشروع بمراجعة المسار الروسي قبل إنفاق مبالغ كبيرة لتجاوزه، مرجحا أن يتم الاعتماد على دعم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لموقف إيران.
ففي نهاية المطاف، لم يكن موقف طهران ممكناً إلا بفضل جهود موسكو، و”أي انتصار لإيران سيكون انتصارا لروسيا أيضا” حسب قوله.
والسؤال الأكبر هنا: ما هو موقف بكين الرسمي؟ يجيب جوبل بأن مساعدي بايدن أشاروا، بعد التوقيع على مذكرة التفاهم في نيودلهي، إلى أن مبادرة الحزام والطريق الصينية هي الهدف الحقيقي للاتفاقية، وبالتالي، قد تقرر بكين الوقوف إلى جانب طهران في هذا النزاع على أمل توسيع مبادرة الحزام والطريق بطريقة تتجنب تهميشها من قبل مشاريع محتملة مماثلة في المستقبل.
وكل ذلك يعني أن الطريق أمام الممر بين الاتحاد الأوروبي والهند لن يكون سهلا، وسيتطلب ضمان نجاحه بذل جهود دبلوماسية، ليس فقط مع الدول الموقعة على الاتفاقيات، بل أيضاً مع دول أخرى، مثل إيران وروسيا، التي لا يتمتع الغرب بعلاقات دافئة معها.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: مبادرة الحزام والطریق إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني إسقاط الدرون الأمريكية في اليمن؟ تقارير أمريكية تجيب
يمانيون../
ليس بالأمر الهين أن يتم إسقاط سبع طائرات أمريكية بدون طيار حديثة ومتقدمة، وتعد بين الأكثر تطورا ليس في الولايات المتحدة فقط، بل وفي العالم، وأن يتم إسقاطها في سماء اليمن، ناهيك عن أن هذا الإسقاط أصبح أشبه بلعبة الهواة، إذا ما نظرنا إلى عدد الطائرات التي أُسقطت خلال شهر، فهي سبع طائرات: ثلاث منها خلال الأسبوع الماضي وحده، وأما خلال معركة الفتح الموعود، فقد وصلت إلى 22 طائرة، وإجمالي ما تم إسقاطه 26 طارة، أربع منها قبل طوفان الأقصى ، ضمن التصدي للعدوان السعودي الأمريكي.
وبالنظر إلى تصاعد عمليات الإسقاط، نلاحظ أنه تم إسقاط 4 خلال خمس سنوات، بدءا من 1 أكتوبر 2017، ثم 6 يونيو 2019، وتلاها 20 أغسطس 2019، وآخرها 23 مارس 2021.
وتوقفت عمليات الإسقاط كما هو واضح من العام 2021 حتى 2023، مع طوفان الأقصى والإسناد اليمني لغزة، لتعود عمليات إسقاطها في 8 نوفمبر 2023، بعد شهر فقط من الطوفان.
بعدها تتوالى تلك العمليات تباعا، وبمنحنيات متصاعدة، لتصل أقصاها إلى ثلاث طائرات خلال أسبوع.
البحث عن المعلومات يطيح إم كيو9
كثير من المراقبين يطرحون أسئلة حول جدوى إبقاء طائرات الدرون إم كيو 9، للعمل في أجواء غير آمنة كما هو الحال في اليمن، لا سيما مع تزايد عمليات إسقاطها، وربما يقدم حديث مسؤول عسكري أمريكي جزءا من الإجابة، حيث يؤكد أن القيادة المركزية الأمريكية تكثف من نشاط الطائرات الأمريكية إم كيو 9، من أجل جمع المعلومات التي تفتقر إليها من أجل مواصلة عمليات عدوانها على اليمن، وقد بدا واضحا من خلال الأهداف التي قصفت خلال أربعين يوما، أن الولايات المتحدة لا تملك أهدافا ذات قيمة من أجل تغيير المعادلة العسكرية الميدانية، ولا إيقاف الصواريخ الباليستية اليمنية على الكيان، ولم تتمكن من تأمين ملاحة آمنة لها في البحرين الأحمر والعربي.
وتحت ضغط هذا الدافع، تضحي واشنطن بعدد كبير من هذه الطائرات وتعرضها للإسقاط واحدة بعد أخرى، طمعا في الحصول على أدنى قدر من المعلومات علها تساعدها في تحقيق إنجاز ملموس، لا سيما بعد فقدانها لأدواتها الاستخباراتية من العملاء على الأرض، وتفكيك والقبض على عدد من الخلايا التجسسية التابعة لها.
ونظرا للحاجة للمعلومات، فلا يوجد حاليا لدى البنتاغون وسيلة أفضل من استخدام هذا النوع من الطائرات، نظرا لما تتمتع به من قدرة تقنية وتكنولوجية متقدمة لتنفيذ المهام المناطة بها، نظرا للمزايا التي تتمتع بعها لأداء المهام التجسسية والهجومية في نفس الوقت، بالإضافة إلى قدرتها على التحليق لوقت طويل ونقل المعلومات لغرفة العمليات خلال التحليق.
تطور الدفاعات الجوية
إن أهم أسباب ارتفاع عدد الطائرات التي تم إسقاطها في اليمن يعود إلى تطور الدفاعات الجوية، وتوزيعها على مختلف المحافظات، كما هو واضح من خلال خارطة سقوط تلك الطائرات، من ذمار إلى صعدة وصنعاء ومارب والجوف والحديدة والبيضاء وحجة. هذا التطور الذي حاز على اهتمام الخبراء ومركز الدراسات والبحوث العسكرية في الغرب، لاسيما في الولايات المتحدة، وكان آخر التقارير الأكثر تركيزا، هو تقرير نشره موقع “ذا وور زون” المتخصص بالشؤون العسكرية الأمريكية، الذي حاول الإجابة على طريقة عمل الدفاعات الجوية اليمنية، مستعينا بعدد من الخبراء والمسؤولين الأمريكيين، والفرضيات التي يطرحونها فيش هذا الصدد، وكلها تشير إلى خلاصة تؤكد على نحو غير مسبوق، أن الدفاعات الجوية اليمنية أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للطائرات العسكرية الأمريكية، وهو التهديد الذي يفسر، حسب الموقع، استخدام القيادة المركزية الأمريكية لقاذافات الشبح بي 2، الاستراتيجية، وتنفيذ عمليات متزايدة باستخدام الذخائر بعيدة المدى ضد أهداف في اليمن، خشية وتجنبا للدفاعات اليمنية وخطرها على الطائرات الحربية الأمريكية.
فرضيات عمل الدفاعات اليمنية
لكي تكون الدفاعات الجوية فعالة أمام التقنيات الأمريكية المتطورة، فإن عليها أن تتمتع بميزتين رئيستين: الأولى الدقة؛ وهذا يتضمن اكتشاف الهدف ورصده وتتبعه وتحديد موقعه، تمهيدا لإطلاق الصاروخ وإسقاطه. والثانية هي السرعة؛ وهذا يتضمن التعامل مع الهدف قبل أن يتمكن العدو من رصد الرادارات والقضاء عليها، وبالتالي إفشال أي عملية تصدٍّ لهذا النوع من الطائرات.
وحول هاتين النقطتين، ينقل تقرير “ذا وور زون” عن عدد من المسؤولين والخبراء بعض الفرضيات لفهم عمل الدفاعات الجوية اليمنية الفعالة في إسقاط واحدة من أحدث الطائرات الأمريكية بدون طيار، مشيرا إلى فرضية الاستفادة من وسائل بديلة لرصد وتتبع الطائرات المعادية، مثل الترددات الراديوية السلبية، حيث تستخدم لتتبع الهدف ثم إطلاق الصاروخ، قبل أن يتم تفعيل نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء أو الرادار للصاروخ عند اقترابه من الهدف، من أجل إصابة الهدف وتجنب اكتشاف الصاروخ أو مكان إطلاقه.
ولشرح هذه التقنية التي تسمح بدقة الرصد والتخفي في نفس الوقت، يستطرد التقرير أنه: بالاعتماد على أنظمة البثّ الآليّ للمراقبة المعتمدة على الأقمار الاصطناعية، وخيارات التتبع السلبيّ الأخرى، يُمكن لأجهزة الرادار المرئيّ أن تُساعد على رصد وفكّ تشفير وعرض الموقع الجغرافيّ الدقيق، والارتفاع، وزاوية المسار، والاتجاه، والسرعة، والهوية، ورمز النداء لجميع طائرات التحالف ضمن دائرة نصف قطرها يزيد عن 250 كيلومتراً. مشيرا إلى أن “هذه المعلومات يمكن استخدامها لاستخلاص حلول لتجنب استهداف بطاريات الدفاع الجوي، ما يُتيح لصواريخ الدفاع اليمنية العمل بدون الانبعاثات المُنذرة التي تُنتجها رادارات المراقبة”.
أما التقنية الأخرى فيعود التقرير للتذكير بإحاطة الفريق جيفري كروس، رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية في جلسة استماع عُقدت في مارس، حيث أكد لأعضاء لجنة الاستخبارات الدائمة في مجلس النواب الأمريكي صراحةً بأن “الدفاعات اليمنية حاولت استخدام أنظمة صواريخ أرض-جو متنقلة ضد الطائرات الأمريكية”.
ووفقاً للتقرير فإن الأنظمة المتنقلة “تجعل التهديد يتفاقم، بسبب قدرتها على الظهور فجأةً، وتشغيل راداراتها لفترة وجيزة نسبياً، وإطلاق النار، ثم الفرار، وبالتالي، يصعب جداً العثور عليها واستهدافها، فضلاً عن صعوبة التنبؤ بمواقعها المحتملة لاتخاذ إجراءات مضادة أو التخطيط لتجنبها”.
فقدان التفوق الجوي
في خطابه 17 من الشهر الجاري، اكد السيد عبدالملك الحوثي على أن الدفاعات الجوية نفذت أكثر من 11 عملية اعتراض وتصدٍّ لطيران العدو الأمريكي بما فيها ضد طائرات “الشبح”، وتم إفشال عدد من العمليات، كما كشف عن استخدام صواريخ (قدس)، لأول مرة، حيث أكد أنها نفذت (أربع عمليات) إطلاق على طائرات التَّنَصُّت والتزويد الحربي الأمريكية، في عمليات منفصلة في البحر الأحمر، وإجبارها على المغادرة.
ونتج عن عمليات التصدي تلك، إفشال جزء كبير من عمليات العدو، وفشل الأمريكي بسببها في تنفيذ قصف على أهداف متعدِّدة، وهناك أيضاً على مستوى اعتراض كامل في بعض الحالات، أو اعتراض جزئي في حالات معيَّنة، فالموقف فاعل في التَّصَدِّي للعدوان الأمريكي.
وهذا الأمر يعني فقدان التفوق الجوي الأمريكي، وهو ما نقلته شبكة سي إن إن، عن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن واشنطن كانت تأمل في تحقيق تفوق جوي خلال 30 يومًا، عبر إضعاف الدفاعات الجوية اليمنية، لكن معدلات اسقاط طارات الدرون إم كيو 9، جعل القيادة المركزية الأمريكية عاجزة عن تحقيق التفوق الجوي، حسب الشبكة، وكذلك عاجزة عن الانتقال إلى مرحلة جديدة كان من المقرر أن تركز على جمع المعلومات الاستخباراتية ومراقبة القادة لاستهدافهم.
موقع أنصار الله علي الدرواني