تداعيات الزلزال.. تحذيرات من انقطاع شريان الحياة عن قرى بالمغرب
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
في أعقاب الزلزال الذي خلف أكثر من 2900 قتيل في المغرب، يخشى الكثير ممن يعتمدون على القطاع السياحي ضياع مورد رزقهم الوحيد، خاصة بقرى وبلدات جبال الأطلس الكبير الأكثر تضررا، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
وألحق زلزال 8 سبتمبر أضرار بعدد من المواقع التاريخية لمراكش، رابع أكبر مدينة في البلاد، لكن التأثيرات كانت أكثر حدة بالقرى الأقرب إلى مركز الزلزال، وسط جبال إقليم الحوز.
وقبل تفشي فيروس كورونا، كانت السياحة تمثل أكثر من 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد المغرب، حيث زار البلاد ما يقرب من 13 مليون سائح في عام 2019، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وانخفضت هذه الأرقام بشكل حاد مع انتشار الوباء، لكن الرباط توقعت التعافي الكامل من تأثيرات الجائحة خلال العام الجاري، إلا أن الزلزال قد يؤثر على خطط المملكة، بحسب الصحيفة الأميركية، التي ذكرت بتباطؤ تعافي قطاع السياحة بتركيا في أعقاب زلزالي فبراير الماضي.
ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن المخاوف بشأن تأثير الزلزال على السياحة في المغرب لا تقتصر على مدينة مراكش، الوجهة السياحية العالمية حيث تستمر الحياة بشكل طبيعي إلى حد كبير بعد الكارثة الطبيعية، بل أيضا على القرى الأكثر تضررا بمحيط المدينة.
وأضاف المصدر ذاته أن مجموعة من القرى الصغيرة في الأطلس الكبير جنوب مراكش، كانت لسنوات محجا للمتنزهين والسياح الذين تبهرهم المناظر الطبيعية الخلابة والوعرة للمنطقة ووسطها المنازل المبنية على الطراز الأمازيغي التقليدي.
قلق وآمالالأستاذ المشارك في شعبة الدراسات العربية في كلية ويليامز، إبراهيم الجبالي، يقول لوكالة أسوشيتد برس: "في حين أن معظم السياح قد يعرفون المعالم الأثرية الشهيرة في المدن الكبرى، فإن القرى الصغيرة تضم آثارها الخاصة التي عانت من التهميش لعقود من الزمن"، مشيرا إلى أن "الأطلس الكبير المغربي بأكمله مليء بالمعالم التاريخية الهامة".
وعلى الرغم من أن هذه القرى الجبلية لا تشهد سوى جزء صغير من دينامية السياحة التي تتدفق عبر المدن الكبرى في المغرب، إلا أن المنطقة مليئة بالمساجد والآثار القديمة ومسارات المشي لمسافات طويلة والمتنزهات الوطنية، التي تستقطب عددا من السياح، وبات الآن على الأشخاص الذين كان يعملون في المجال "القلق بشأن كيفية كسب لقمة العيش" بعد الزلزال المدمر.
رشيد أوراز، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن، يؤكد أن "قطاع السياحة في مراكش سيعاني لعدة أشهر، في حين ستتطلب المناطق المحيطة سنوات من إعادة التأهيل".
وتابع: "أعتقد أنه يجب إعادة النظر في نموذج التنمية المتبع في المنطقة"، موضحا: "الاعتماد على السياحة فقط أمر غير منطقي، بالتالي ينبغي تنويع النشاط الاقتصادي لتجنب الركود الناجم عن انهيار قطاع السياحة أثناء الأزمات".
وأعلن المغرب، الخميس، برنامجا لإعادة الإيواء يشمل في مرحلة أولية نحو 50 ألف مسكن دمرها الزلزال الذي هز المملكة، إضافة إلى "مبادرات لإعادة الإعمار"، وفق ما أفاد بيان للديوان الملكي.
وكشف أيضا عن "مبادرات فورية لإعادة الإعمار، تتم بعد عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي".
ومن "المقرر لهذا الغرض، تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيًا"، وفق المصدر ذاته.
في هذا الجانب، تقول مديرة برنامج شمال أفريقيا والساحل في معهد الشرق الأوسط، انتصار فقير، إنها تأمل أن ترى هذه "الوعود المعقولة وهي تُقدّم درجة معينة من الرقابة على معايير البناء".
تأثيرات غير مرئيةوفي منطقة تشهد فيها القرى الفقيرة - التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الطرق المتعرجة وغير المعبدة - خدمات حكومية محدودة، وتعتمد على الزراعة على نطاق صغير، فإن حتى عدد قليل من الزوار يمكن أن يشكل مصدرا حيويا للدخل، وفقا للصحيفة.
في هذا الجانب، يقول غراهام كورنويل، مؤرخ شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة جورج واشنطن: "بعض هذه القرى موجودة بشكل شبه حصري بسبب السياحة"، مضيفا أن "مجموعة من التأثيرات الاقتصادية للزلزال على المنطقة ستكون غير مرئية ولا يمكن قياسها".
وقال كورنويل إن العديد من القرويين - وخاصة الرجال - يسافرون إلى مراكش للعمل في القطاع السياحي، وبعضهم في الاقتصاد غير الرسمي.
من جانبه، يقول مصطفى آيت صلاح، الذي يعمل مديرا في فندق صغير تضرر من الزلزال في قرية ويركان بالحوز: "سيكون الأمر صعبا للغاية في العام المقبل، لا أعرف ما إذا كنا سنحافظ على وظائفنا أم لا".
وتابع "نحن ما زلنا على قيد الحياة، ولن نغادر بلداتنا، نحن جادون في رعاية شعبنا، ولكننا بحاجة إلى المساعدة من الناس في جميع أنحاء العالم"، مضيفا أن "العاطلين عن العمل في القطاع السياحي السياحة سيحاولون في الأسابيع المقبلة إعادة بناء منازلهم".
من جانبه، يقول حكيم العنبسي، صاحب وكالة أسفار إن العديد من القرى في منطقة الأطلس الكبير البعيدة عن مركز الزلزال "لم تتأثر ولن تتأثر، وستواصل الترحيب بزوارها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأطلس الکبیر
إقرأ أيضاً:
"البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب
طالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بعقد اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية، بحضور وزير الصناعة والتجارة، وذلك لمناقشة عدد من المواضيع ذات العلاقة بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الصادرات المغربية.
وبحسب إخبار للفريق، فإن الطلب الذي وجهه رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، لرئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، يضع في عين الاعتبار « احتمال أن تكون لهذه الرسوم الأمريكية الجديدة، تداعيات على الواردات المغربية، وقد يترتب عنها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني، خاصة على سلاسل التوريد والصادرات المغربية ».
ودعت المجموعة لتقييم دقيق للتأثيرات المحتملة لهذه الرسوم على القطاعات الصناعية والتجارية في المغرب، خلال هذا الاجتماع، وبحث الإجراءات الاستباقية والتدابير اللازمة لحماية المقاولات الوطنية وضمان استمرارية سلاسل التوريد، ومناقشة البدائل الاستراتيجية لتنويع الأسواق والشراكات التجارية لتقليل المخاطر الناجمة عن مثل هذه المتغيرات الدولية، ودراسة السبل القانونية والدبلوماسية للدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية في إطار منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية.
ولجأ البيت الأبيض إلى عملية حسابية بسيطة لتحديد الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء وطبقها بشكل موحد على جميع البلدان مما أثار انتقادات وتساؤلات خبراء الاقتصاد، بمن فيهم الحائز على جائزة نوبل بول كروغمان.
وقال ترامب إنه يريد معاملة الآخرين بالمثل، لكن الأرقام التي أعلنها لا تتوافق مع مستوى الرسوم الجمركية الحالية.
وبناء على حسابات البيت الأبيض، تفرض الصين ضريبة بنسبة 67% على المنتجات الأميركية، لكن أرقام منظمة التجارة العالمية تبين أن بكين فرضت في عام 2024 على واشنطن تعرفة جمركية قدرها 4,9% في المتوسط.
والفجوة واسعة بالقدر نفسه لدى حساب الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي (1,7% وفقا لمنظمة التجارة العالمية، و39% وفق ترامب) والهند (6,2% مقابل 52%).
ويقول البيت الأبيض إنه أخذ في الاعتبار حواجز تجارية أخرى إلى جانب التعرفات الجمركية، بما في ذلك المعايير البيئية والتلاعب بسعر العملة.
ونشر الممثل التجاري للولايات المتحدة صيغة تحتوي على متغيرات متعددة عب ر عنها بالأحرف اليونانية. لكن العديد من هذه المتغيرات يلغي بعضه بعضا ويجعل المسألة قسمة بسيطة.
في الواقع، لحساب الرسوم الجمركية المفترضة، قام البيت الأبيض بتقسيم الميزان التجاري (الفرق بين الواردات والصادرات) على قيمة الواردات وذلك بغض النظر عن البلد ومن دون أخذ خصوصيات الروابط التجارية في الاعتبار.
ويؤكد خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك أن « الصيغة تعتمد على القيمة النسبية للفائض التجاري مع الولايات المتحدة ».
وكتب بول كروغمان على مدونته « هذا النهج حافل بالأخطاء إلى درجة يصعب معها أن نعرف من أين نبدأ ».
وأشار على وجه الخصوص إلى أن الحسابات تأخذ في الاعتبار السلع المتداولة فقط، وتتجاهل الخدمات. وهي طريقة « غبية »، في نهاية المطاف، كما يقول.
وبتطبيق الصيغة التي نشرتها الإدارة على بيانات عام 2024 التي نشرها مكتب الإحصاء الأميركي، حصلت وكالة فرانس برس على الأرقام التي عرضها ترامب. والرسوم الجمركية الجديدة المعلنة لكل دولة تتوافق مع هذه النتيجة مقسومة على اثنين.
وفي حال الحصول على أقل من 10%، أو في حالة وجود فائض تجاري، تطبق الولايات المتحدة بشكل موحد نسبة 10%. وهذه حال أكثر من مئة دولة أو إقليم، بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا. ومع ذلك، لم يكن من الممكن فهم كيف تم الحصول على الرسوم الجمركية البالغة 10% التي تم فرضها على أفغانستان.
إضافة إلى ذلك، تعتمد الصيغة على افتراضات بسيطة لتقدير تأثير الزيادة في أسعار المنتجات المستوردة على الطلب المحلي الأميركي. ويطلق على هذا المتغير اسم « المرونة »، وقيمته ثابتة لكل بلد، بغض النظر عن المنتج.
هذا مع أن إحدى المقالات العلمية التي استشهد بها البيت الأبيض لدعم صيغته تؤكد أن المرونة « تختلف تبعا للمنتج والمستورد ».
كلمات دلالية المغرب برلمان تجارة ترامب جمارك رسوم