في أعقاب الزلزال الذي خلف أكثر من 2900 قتيل في المغرب، يخشى الكثير ممن يعتمدون على القطاع السياحي ضياع مورد رزقهم الوحيد، خاصة بقرى وبلدات جبال الأطلس الكبير الأكثر تضررا، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

وألحق زلزال 8 سبتمبر أضرار بعدد من المواقع التاريخية لمراكش، رابع أكبر مدينة في البلاد، لكن التأثيرات كانت أكثر حدة بالقرى الأقرب إلى مركز الزلزال، وسط جبال إقليم الحوز.

تأثيرات

وقبل تفشي فيروس كورونا، كانت السياحة تمثل أكثر من 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد المغرب، حيث زار البلاد ما يقرب من 13 مليون سائح في عام 2019، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وانخفضت هذه الأرقام بشكل حاد مع انتشار الوباء، لكن الرباط توقعت التعافي الكامل من تأثيرات الجائحة خلال العام الجاري، إلا أن الزلزال قد يؤثر على خطط المملكة، بحسب الصحيفة الأميركية، التي ذكرت بتباطؤ تعافي قطاع السياحة بتركيا في أعقاب زلزالي فبراير الماضي.

ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن المخاوف بشأن تأثير الزلزال على السياحة في المغرب لا تقتصر على مدينة مراكش، الوجهة السياحية العالمية حيث تستمر الحياة بشكل طبيعي إلى حد كبير بعد الكارثة الطبيعية، بل أيضا على القرى الأكثر تضررا بمحيط المدينة.

وأضاف المصدر ذاته أن مجموعة من القرى الصغيرة في الأطلس الكبير جنوب مراكش، كانت لسنوات محجا للمتنزهين والسياح الذين تبهرهم المناظر الطبيعية الخلابة والوعرة للمنطقة ووسطها المنازل المبنية على الطراز الأمازيغي التقليدي.

قلق وآمال

الأستاذ المشارك في شعبة الدراسات العربية في كلية ويليامز، إبراهيم الجبالي، يقول لوكالة أسوشيتد برس: "في حين أن معظم السياح قد يعرفون المعالم الأثرية الشهيرة في المدن الكبرى، فإن القرى الصغيرة تضم آثارها الخاصة التي عانت من التهميش لعقود من الزمن"، مشيرا إلى أن "الأطلس الكبير المغربي بأكمله مليء بالمعالم التاريخية الهامة".

وعلى الرغم من أن هذه القرى الجبلية لا تشهد سوى جزء صغير من دينامية السياحة التي تتدفق عبر المدن الكبرى في المغرب، إلا أن المنطقة مليئة بالمساجد والآثار القديمة ومسارات المشي لمسافات طويلة والمتنزهات الوطنية، التي تستقطب عددا من السياح، وبات الآن على الأشخاص الذين كان يعملون في المجال "القلق بشأن كيفية كسب لقمة العيش" بعد الزلزال المدمر.

رشيد أوراز، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن، يؤكد أن "قطاع السياحة في مراكش سيعاني لعدة أشهر، في حين ستتطلب المناطق المحيطة سنوات من إعادة التأهيل".

وتابع: "أعتقد أنه يجب إعادة النظر في نموذج التنمية المتبع في المنطقة"، موضحا: "الاعتماد على السياحة فقط أمر غير منطقي، بالتالي ينبغي تنويع النشاط الاقتصادي لتجنب الركود الناجم عن انهيار قطاع السياحة أثناء الأزمات".

وأعلن المغرب، الخميس، برنامجا لإعادة الإيواء يشمل في مرحلة أولية نحو 50 ألف مسكن دمرها الزلزال الذي هز المملكة، إضافة إلى "مبادرات لإعادة الإعمار"، وفق ما أفاد بيان للديوان الملكي.

وكشف أيضا عن "مبادرات فورية لإعادة الإعمار، تتم بعد عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي".

ومن "المقرر لهذا الغرض، تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيًا"، وفق المصدر ذاته.

في هذا الجانب، تقول مديرة برنامج شمال أفريقيا والساحل في معهد الشرق الأوسط، انتصار فقير،  إنها تأمل أن ترى هذه "الوعود المعقولة وهي تُقدّم درجة معينة من الرقابة على معايير البناء".

تأثيرات غير مرئية

وفي منطقة تشهد فيها القرى الفقيرة - التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الطرق المتعرجة وغير المعبدة - خدمات حكومية محدودة، وتعتمد على الزراعة على نطاق صغير، فإن حتى عدد قليل من الزوار يمكن أن يشكل مصدرا حيويا للدخل، وفقا للصحيفة.

في هذا الجانب، يقول غراهام كورنويل، مؤرخ شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة جورج واشنطن: "بعض هذه القرى موجودة بشكل شبه حصري بسبب السياحة"، مضيفا أن "مجموعة من التأثيرات الاقتصادية للزلزال على المنطقة ستكون غير مرئية ولا يمكن قياسها".

وقال كورنويل إن العديد من القرويين - وخاصة الرجال - يسافرون إلى مراكش للعمل في القطاع السياحي، وبعضهم في الاقتصاد غير الرسمي.

من جانبه، يقول مصطفى آيت صلاح، الذي يعمل مديرا في فندق صغير تضرر من الزلزال في قرية ويركان بالحوز: "سيكون الأمر صعبا للغاية في العام المقبل، لا أعرف ما إذا كنا سنحافظ على وظائفنا أم لا".

وتابع "نحن ما زلنا على قيد الحياة، ولن نغادر بلداتنا، نحن جادون في رعاية شعبنا، ولكننا بحاجة إلى المساعدة من الناس في جميع أنحاء العالم"، مضيفا أن "العاطلين عن العمل في القطاع السياحي السياحة سيحاولون في الأسابيع المقبلة إعادة بناء منازلهم".

من جانبه، يقول حكيم العنبسي، صاحب وكالة أسفار إن العديد من القرى في منطقة الأطلس الكبير البعيدة عن مركز الزلزال "لم تتأثر ولن تتأثر، وستواصل الترحيب بزوارها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأطلس الکبیر

إقرأ أيضاً:

بعد 21 سنة من الزلزال..ترحيل قاطني الشاليهات في بومرداس

انطلقت، صباح اليوم الاثنين، عملية كبرى لترحيل قاطني الشاليهات في بلدية سيدي داود غرب دائرة بغلية في بومرداس إلى سكنات جديدة.

كما سيتم تهديم أزيد من 160 مسكن جاهز وترحيل الشاغلين الفعليين على مساكن إجتماعية لائقة. وهذا بحي 150 مسكن في الرزاونية. وكل الشاليهات والبناءات الفوضوية  الملحقة والمرفقة بـ4 مواقع، على متسوى كل بلديات عين بن صغير، ساحل بوبراك، السوانين، وكذا الكاب. وأشارت مصالح الولاية، على أن هذه العملية الكبرى ستقضي على الشاليهات بشكل نهائي في البلدية المعنية والتي تم تشييدها منذ زلزال 21 ماي 2003.

وتأتي العملية، تنفيذا لتعليمات فوزية نعامة والي ولاية بومرداس الرامية للامتصاص الكلي للسكنات الجاهزة (الشاليهات) وترحيل الشاغلين إلى الأحياء السكنية الجديدة.

كما أشرف على عمليات التهديم والترحيل  والإسكان تشرف عليها مختلف مصالح بلدية سيدي داود ودائرة بغلية. والتي تم تدعيمها بالعتاد والآليات المسخرة للتهديم والترحيل من كل المديريات والمصالح الولائية وبمرافقة مختلف مصالح الأمن والحماية المدنية. أما عملية الإسكان بالحي السكني الجديد الرزاونية فتشرف عليها مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري لبومرداس بمعية مصالح دائرة بغلية و بلدية سيدي داود.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

زلزال بومرداس ومخلفاته

وكانت حصيلة زلزال بومرداس العنيف وتبعاته ثقيلة حيث تسبب في هلاك 1391 شخص وإصابة 3444 آخرين بجروح. كما ألحق خسائر مادية في البنايات والعمران تجاوزت 3 مليارات دولار.

كما شل الزلزال، الذي حدد مركزه بمنطقة زموري البحري, الحياة بأكملها حيث ألحق أضرارا بزهاء 100 ألف مسكن. منهم أكثر من 10.000 مسكن هدمت بالكامل إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بمختلف المرافق العمومية الحيوية.

وفاقت المبالغ المالية الإجمالية التي رصدتها السلطات لإصلاح ما دمره الزلزال, 78 مليار دج. كما قامت بإنجاز برنامج سكني استعجالي ضخم يتكون من 8.000 مسكن لإعادة إسكان المنكوبين تم تسليمه بمجمله على المعنيين.

مقالات مشابهة

  • خبير يطرح تساؤلات جادة حول الأسباب الكامنة وراء بطئ تطور صناعة الدواء بالمغرب
  • السفير الصيني لـRue20 : الرئيس شي جين بينغ هو الذي اختار التوقف بالمغرب
  • بعد 21 سنة من الزلزال..ترحيل قاطني الشاليهات في بومرداس
  • زلزال عنيف بقوة 4.5 درجة يضرب جزر إيزو اليابانية
  • عابدة سلطان.. الأميرة الهندية المسلمة التي تحدت التقاليد وواجهت الحياة بشجاعة
  • نفايات البلاستيك تهدد الحياة على الأرض .. تحذيرات جديدة
  • والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد
  • مشاركة فعالة لشركات روسية في معرض إفريقيا للأغذية في الدار البيضاء بالمغرب
  • موتسيبي : المغرب بلدي الثاني وأفريقيا ممتنة لجلالة الملك بإستضافة المنتخبات الإفريقية التي لا تتوفر على ملاعب
  • مطالب بالتحقيق حول مصير الأغنام التي وزعها وزير الفلاحة السابق على متضرري الزلزال