يقال دائما "في العجلة الندامة، وفي التأني السلامة"، لكن باحثين من جامعة أوساكا ميتروبوليتان اليابانية أثبتوا أن القيام بالأشياء بسرعة لا يعني بالضرورة العمل بشكل غير فعال.

فقد طورت مجموعة بحثية -بقيادة البروفيسور هيروشي شيغي في كلية الدراسات العليا للهندسة بالجامعة- تقنية يمكنها تحديد عدد البكتيريا القابلة للحياة في المنتجات الغذائية بسرعة ودقة بطريقة كهروكيميائية، وذلك باستخدام ملح التترازوليوم (MTT)، وهو جزيء قابل للذوبان في الماء.

ونشرت نتائجهم مؤخرا في دورية "أناليتيكال كيمستري".

الفحص قبل الشحن

أحد أهم مؤشرات التقييم للتأكد من خلو الغذاء من التلوث هو عدد البكتيريا القابلة للحياة. ومع ذلك، تستغرق طرق الفحص التقليدية ما يصل إلى يومين للحصول على نتائج، ولا تتوفر هذه النتائج إلا بعد أن يكون قد شُحن الطعام من المصنع، مما يؤدي إلى عواقب مميتة محتملة، لذلك كان لا بد من طريقة اختبار تسرع عملية تحديد التلوث البكتيري قبل الشحن.

أحد أهم مؤشرات التقييم للتأكد من خلو الغذاء من التلوث هو عدد البكتيريا القابلة للحياة (غيتي)

ويقول البيان الصحفي المنشور على موقع الجامعة في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، نجح الباحثون في تقليل وقت الفحص بشكل كبير من يومين إلى حوالي ساعة واحدة، بغض الطرف عن نوع البكتيريا.

وصرح البروفيسور شيغي، "بهذه الطريقة، يمكننا قياس عدد البكتيريا القابلة للحياة بسرعة، مما يسمح لنا بالتأكد من سلامة المنتجات الغذائية قبل خروجها من المصنع، ومنع التسمم الغذائي".

وأضاف "لا تتطلب هذه الطريقة عمليات معقدة أو معدات باهظة الثمن، لذلك، سنستمر في تحسين ظروف القياس ونتوقع تطوير جهاز استشعار محمول بما يتماشى مع تطور الأبحاث".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أمّ النور وبطاطا الظلمات!

«أنا قابلة وأعرف أنّ الكائن البشري ينمو كالبطاطا فـي الظلمات»، يأتي إلى العالم منذورًا لمصير ما؛ ليعيش، ليحب، ليتعارك ومن ثمّ ليموت. يأتي عاريًا كدودة، ليبحث عن معنى لوجوده.

فـي الحقيقة لم أقرأ من قبل عن حياة «القابلات»، تلك القصص التي تعجُ بذكر الملاقط، حمى النفاس المُهلكة ومواجهة تشوهات الطبيعة، إلا أنّ هنالك من كانت تُفتش عن مشيمات النعاج المقتولة، لتأمل السائل الذي يسبحُ فـيه نسلها، أو تراقب خروج الرؤوس ثم الأذرع اللصيقة بالأكتاف. تلك المراقبة التي تُولد شرارة الخبرة الأولى.

إنّها قصّة «القابلة» التي تجد مخطوطات خالة أمّها «فـيفا» القابلة أيضًا، فـي الشقة التي ورثتها عنها كما ورثت المهنة، حيث أجرت حوارات مع قابلات ولدن فـي القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين. تصف تلك النصوص الصعوبات التي تواجهها القابلة لمجرد أن امرأة ماخض فاجأها الطلق.

المخطوطات أشبه بدفتر تمارين أسلوبية مليئة بالتناقضات، وربما لهذا السبب لم تنشر، بحسب الرد الذي وصل من دار النشر عام ١٩٨٨.

لقد نُبهت الخالة إلى أنّها مخطوطات مُتنافرة، لكنها أجابت بأنّ العالم بات أكثر انفتاحًا على السرود الفوضوية غير الهيكلية.

عندما دُعي الآيسلنديون لانتخاب أجمل كلمة فـي لغتهم، اختاروا كلمة «قابلة»، الكلمة التي تجمع بين مفردتين أمّ ونور، «أم النور»، هكذا يقتربُ كتاب «الكلمة الأجمل» للآيسلندية أودُرافا آولافسدوتير، ترجمة محمد آيت حنّا، دار الآداب، لواحدة من أخطر التجارب فـي حياة الإنسان: «تجربة أن يُولد، ثمّ أن يعتاد الضوء».

والغريب حقًا أنّ والديّ «القابلة» يعملان فـي دفن الموتى، إذ تزدهر أعمالهما ما دام لا بد للجميع من الموت، فالحياة ليست أكثر من عود ثقاب يتوهج برهة من الزمن وحسب، ولذا فالمهنتان المتضادتان ظاهريًا تختزلان قصّة هذا الكائن الغائص فـي بِرك البدء، والذي ينسى أنّ حياته تقع بين ظلمتين.. النور بينهما قليل.

تقضي القابلات ساعات طوال بالقرب من المواخض، فإن تأخرن تغوص إحداهن فـي قراءة كتاب، فـي الغالب سيكون شعرًا، تقرأ بصوت مرتفع. ذات مرة اشتكى زوج إحداهن لأنّ القابلة قرأت عن ألم الفقد، بينما الكثير من النساء يُواسيهن الشعر، يُذكرهن أنّهن لسن الوحيدات اللاتي يألمن.

يتأخر حضور بعض المواليد لأسابيع، بينما بعضهم يأتي قبل الموعد. آذانهم كحبة البازلاء وشبكة العروق تُغطي جلدهم الرقيق. ترى القابلات أنّهن يلدن فـي أحلامهن وإن لم يكن متزوجات. يقلقن من موت الأمهات فـي رحلة الولادة، فهنالك إحصائية تقول إنّ ٨٣٠ امرأة تموت كل يوم.. يبدو الأمر وكأنّ أربع طائرات تسقط بركّابها كل يوم!

تُعرج فوضى المخطوطات على ذكر الإنسان الذي يضطهد الذين يُخالفونه الرأي مُتناسيًا أنّه جاء إلى العالم بطول ٥٠ سنتيمترًا تقريبًا، فـيغدو قابلًا لأن يرتكب أشر الشرور فـي حق بني جلدته وفـي حق الطبيعة. يقلقُ من الغد، ومن ألا يُحبّ، ومن أن يكون وحيدًا أو غير مفهوم. يتوهم غروره أنّ العصافـير تغني له، لكن الغابات فـي حقيقتها تُواصل نموها وتزدهر مملكة الحيوانات حتى بعد فنائه.

لكي نفهم ضآلة الإنسان، علينا أن نقيس عجزه فهو بحسب الخالة «فـيفا»، يستغرقُ وقتًا أطول من باقي الكائنات لينضج. فبينما تقفُ الحملان فور ولادتها يحتاجُ البشري إلى اثني عشر شهرًا للقيام بخطوات مترنحة، وعامين ليكتسب ١٥ كلمة، وبينما يتمكن من القفز على قدم واحدة تكون النحل والعناكب قد تعلمت رقصاتها الأشد تعقيدًا.

وعندما تطرد الفقمة صغيرها وتنهره بأنيابها، يكتفـي صغير الإنسان بالنوم والرضاعة والإخراج. يتعلم البشري الذهاب إلى البقالة، بينما تُهاجر الطيور من قطب لآخر. «فالإنسان أهشّ من آنية خزف أو من قشرة بيض، فهو لا يُشفى أبدًا من كونه وُلد». نقاط ضعف الإنسان هي عينها نقاط قوته، فهشاشته عن باقي المخلوقات ومزاجه غير القابل للتوقع أبدًا، هو ما دفعه للتطور. وتؤكد الخالة «فـيفا» التي تبتهج بكل ما ضؤل وصغر.. أنّ من سيحظى بالنجاة منّا هم: الذين يحتفظون بروح الطفل، ويستمتعون بالنفخ على بذور الهندباء ويقدرون على الاندهاش.

مقالات مشابهة

  • «كناريا أحلى واحدة في الحتة».. العوضي يكشف عن صور جديدة من كواليس «فهد البطل»
  • الكشف المبكر.. كيفية إجراء الفحص الذاتي لسرطان الثدي
  • درجات الحرارة والطقس المتوقع ليوم الاثنين 18 نوفمبر 2024
  • طبيب البوابة: 7 فوائد مميزة لقضاء ساعة واحدة في الحديقة
  • أمّ النور وبطاطا الظلمات!
  • شراكة أكاديمية جديدة بين جامعة الجلالة وجامعة طويو اليابانية
  • علماء يطورون تقنية جديدة لإنتاج دعامات القلب التاجية
  • درجات الحرارة وحالة الطقس المتوقع ليوم السبت 16 نوفمبر 2024
  • إطلاق تطبيق “انفيديا” وحزمة “انديانا جونز” الجديدة و”جيفورس جيم ريدي درايفر”، وتوفر تقنية DLSS 3 في ألعاب جديدة
  • حالة الطقس المتوقعة اليوم