تحل، اليوم السبت، الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات التي انطلقت في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني، على وقع دعوات مستمرة منذ أشهر على شبكات التواصل الاجتماعي للخروج إلى الساحات والشوارع للتظاهر في هذه الذكرى، قابلتها السلطات بحملة أمنية شملت اعتقالات لناشطين ومنظمي تلك الدعوات ومطلقيها، اتهمتهم بالسعي لـ "إثارة الشغب".

الاحتجاجات لم تكن بسبب الاقتصاد بل بسبب الحريات الفردية

المواطنون الإيرانيون لم يعودوا يهابون بطش السلطات هناك

الاحتجاجات التي أثارتها وفاة أميني نقطة تحول ضخمة ونهائية للنظام الحاكم

سبقت ذلك على مدى أشهر، حملة تشريعية وإعلامية رسمية لإنهاء ما حققته الاحتجاجات خلال عام مضى من خلق واقع مختلف في موضوع الحجاب القسري في المجتمع، وإعادة الوضع إلى ما قبل 16 سبتمبر (أيلول) 2022، عندما فجرت وفاة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب في طهران بتهمة خرق قواعد الحجاب، تلك الاحتجاجات الواسعة.

وعلى عكس ما شهدته إيران خلال السنوات الماضية، لم يكن مفجّرها الأزمات الاقتصادية، بل أطلقت شرارتها مسألة الحرية الفردية، ممثلة بالحجاب القسري، بوصفه موضوعاً اجتماعياً ساخناً في البلاد منذ عقود، يتخذ أبعاداً سياسية وأمنية عميقة.

ماذا يقول الإيرانيون؟

الشاب الثلاثيني مهدي يشيد بالاحتجاجات، قائلاً: "إنه على الرغم من السيطرة عليها لكن ملابس النساء وخروجهن من دون غطاء الرأس والمعطف (الذي يغطي الجسم حتى الركبة)، فهذا ثمار الاحتجاجات، ولم يكن ممكناً قبلها"، ويضيف مهدي أن المجتمع الإيراني بعد الاحتجاجات "لم يعد كما كان قبلها، واستبعد أن تنجح القوانين والتدابير الجديدة في إعادة الوضع إلى الوراء"، وذلك في إشارة إلى سنّ تشريعات للتصدي لظاهرة خلع الحجاب.

ويقاطعه شاب آخر لم يذكر اسمه، قائلاً: "صحيح أن الاحتجاجات لم تعد قائمة كما كانت، لكنها كالنار تحت الرماد اليوم.. ستعود ما لم يتحسن الاقتصاد وإدارة البلاد".

وتشير الأخبار الواردة من إيران إلى أن المواطنين الإيرانيين لم يعودوا يهابون بطش السلطات هناك، إذ بات كثير النساء يسرن في شوارع العاصمة الإيرانية طهران، من دون حجاب، وبعضهن يرتدين الجينز الممزق، وبعضهن يرفعن رؤوسهن بكبرياء عندما طلبت منهن شرطة الأخلاق، التي كان يرهبها الجميع، ارتداء الحجاب.

هذا التمرد الجريء لم يكن يخطر على بال الإيرانيين أنفسهم في مثل هذا الوقت من العام الماضي، قبل وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق، التي وجهت لها تهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل لائق.

لقد تراجعت الاحتجاجات الحاشدة التي هزت إيران، بعد مقتل الشابة، طوال بضعة أشهر في مواجهة حملة قمع وحشية تمارسها السلطات، وعلى الرغم من ذلك فإن الغضب الذي أجج تلك الاحتجاجات لم يخمد حتى الآن، وكان لا بد أن تجد النساء طرقاً جديدة لتحدي النظام.

ويقدّر دبلوماسي غربي في طهران أن نحو 20 في المائة من النساء في شتى أرجاء إيران، يخالفن الآن قوانين الجمهورية الإسلامية ويخرجن إلى الشوارع من دون حجاب.

لقد كانت الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا أميني "نقطة تحول" ضخمة ونهائية للنظام الحاكم، الذي سعى إلى التحكم في طريقة لبس المرأة وتصرفاتها على مدار ما يزيد على أربعة عقود، لقد "دفع ذلك (النظام الحاكم) نحو طريق مسدود وأحادي الاتجاه".

كما كانت الانتفاضة التي قادتها النساء أخطر تحدٍ واجه النظام الحاكم القائم على الدين في إيران منذ ثورة 1979، وتقول منظمات حقوق الإنسان إن النظام قتل ما يزيد على 500 شخص أثناء قمع تلك الاحتجاجات، فضلاً عن إصابة الآلاف، بعضهم أُصيب بالعمى جراء إصابات بطلق ناري في الوجه.

وفي مسعى واضح لمنع وقوع المزيد من الاضطرابات بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة مهسا أميني، لجأت السلطات إلى موجة جديدة من الاعتقالات، وكان من بين المعتقلين نشطاء حقوق المرأة، وصحفيون، ومغنّون، وأقارب أشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات، كما طردت السلطات أكاديميين من وظائفهم بعد أن اعتبرتهم من المعارضين للنظام الحاكم.

أعمال استثنائية ضد النظام

بيد أن أعمال التحدي الاستثنائية لا تزال مستمرة بصفة يومية، فالناس في طهران يواصلون تشويه اللوحات الإعلانية الحكومية ويكتبون "Mahsa#" وشعار "المرأة، الحياة، الحرية"، كصرخة احتجاج، على الجدران، معظمها في مترو الأنفاق.

تجدر الإٍشارة إلى أن هذا الصراع ليس صراعاً تخوضه النساء بمفردهن، بل يحرص عدة رجال على دعمهن، إذ يرتدي بعضهن ملابس بلا أكمام وسراويل قصيرة أو يضعن مساحيق تجميل عندما يخرجن إلى الشوارع، لأن هذه الأشياء محظور على الرجال فعلها، كما يرتدي بعض الرجال حجاباً إلزامياً في الشوارع لإظهار مدى غرابة الأمر عندما تجبر شخصاً ما على فعل ذلك.

رغبة شعبية بالتخلص من النظام

تقول المخرجة موجان إيلانلو، التي سُجنت في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي لمدة أربعة أشهر بعد خلع حجابها وانتقادها المرشد الأعلى الإيراني، إنه يستحيل للغاية حصر عدد الأشخاص الذين يرغبون في رؤية نهاية للجمهورية الإسلامية على وجه التحديد، بيد أن حالة الغضب من النظام الحاكم مستشرية على نطاق واسع، وتضيف أنها اعتُقلت لفترة وجيزة مرة أخرى الشهر الماضي في مسعى لترهيبها.

تضيف أن النساء "تجاوزن حاجز الخوف في إيران"، على الرغم من أنها تعترف بأن جولة القمع الأخيرة كانت "مروعة" لدرجة أنها قررت لمدة عشرة أيام الشهر الماضي إلغاء تفعيل حساب "إنستغرام" كانت تنشر عليه بانتظام صوراً لها من دون حجاب في الأماكن العامة.

وتؤكد إيلانلو أنها طريقة فعّالة، وتقول إن مواقف الرجال تجاه النساء تتغير، حتى في المناطق الأكثر محافظة في البلاد، توجد ثورة اجتماعية جارية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني وفاة مهسا أمینی من دون

إقرأ أيضاً:

إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة

تشهد العاصمة السورية دمشق إجراءات أمنية مشددة، خصوصا في محيط ساحة الأمويين وسط المدينة، استعدادا لتجمعات في الساحة للاحتفال بحلول الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية.

ويُتوقع خروج مظاهرات في المحافظات السورية احتفالا بذكرى الثورة السورية التي أعلنت انتصارها بإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الاول /ديسمبر العام الماضي.

وتجمع عشرات المواطنين في ساحة السبع بَحْرات في مدينة ادلب لإحياء الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ورفع المحتفلون العلم السوري الذي مثل راية للثورة طيلة سنواتها ورددوا هتافات طالبت بتطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة رموز النظام السابق.

أهالي إدلب يتوافدون إلى ساحة السبع بحرات للاحتفال بالذكرى الـ 14 للثورة السورية.#سانا pic.twitter.com/jYnKY5J7EN

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) March 15, 2025

اعتقال

وأفاد مراسل الجزيرة نقلا عن مصدر أمني سوري أن إدارة الأمن العام ألقت القبض في ريف طرطوس على أحد فلول النظام المخلوع الذين هاجموا حاجز دوار المحكمة في بانياس.

وأضاف المصدر أن عناصر من فلول النظام المخلوع يستقلون دراجة نارية هاجموا فجر اليوم حاجز المركز الثقافي في مدينة بانياس بقنبلتين يدويتين دون أن تسجل إصابات في صفوف عناصر الأمن العام الموجودين على الحاجز.

إعلان

وانطلقت الثورة السورية عام 2011  من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة تطالب بالحرية والكرامة ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا.

وقمع نظام الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءاً في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر
  • الأمم المتحدة: إيران تستخدم المسيرات لمراقبة النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب
  • تقرير أممي يتّهم إيران باستخدام التكنولوجيا لمراقبة النساء وقمع الاحتجاجات
  • إيران تستعين بالمسيّرات لمراقبة حجاب النساء
  • تقرير: إيران تستخدم المسيرات "لمراقبة النساء"
  • لبنان.. إنهاء تقليد إحياء ذكرى اغتيال كمال جنبلاط بعد اعتقال السلطات السورية للمجرم
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة
  • سكاف في ذكرى 14 آذار: تغيرت المعادلة وسقط النظام الأسدي
  • تقرير: إيران توظف المراقبة الإلكترونية للإبلاغ عن رافضات الحجاب