عبدالرزاق الربيعي يكتب: أفول نجم العُماني عازف الكلارينيت الأوّل
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
أثير- عبدالرزّاق الربيعي
التقيتُ كثيرا بالموسيقي الراحل حسين بن خميس العجمي في منزل شقيقته الفنانة فخرية خميس، وخارجه، وأصغيت إلى عزفه في الحفلات التي أقامتها الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية، عندما كان عضوا فيها، وحين أقامت “أثير” الدورة الأولى من مهرجان “أثير” للشعر العربي في عام 2015م لم تجد أفضل من المعزوفة الموسيقية التي خصّ بها المهرجان، وعزفها في حفل الافتتاح، ببراعة، جعلت الضيوف والمشاركين، وهم نخبة من الشعراء العمانيين والعرب، يصفّقون له بحرارة بعد انتهائه من عزفها، ففي تلك الليلة تألّق الراحل الذي يُعدّ العازف الأول في سلطنة عمان على آلة الكلارينيت، وهي آلة نفخية، كثيرا ما سمعنا نغماتها في العروض، والمسيرات العسكرية وحفلات الموسيقى الكلاسيكية.
نشأ حسين بن خميس في بيئة فنّيّة محفّزة، لذا وجدتْ موهبته من يهتمّ بها، فأخذت شقيقته الكبرى الفنّانة فخرية خميس بيده، وكذلك الفنانة بتول خميس، وبقية أفراد العائلة، ولم يكتفِ الفنّان الراحل بعلوّ كعب موهبته، وتشجيع الأهل، فكان لابدّ لهذه الموهبة أن تصقل بالدرس الأكاديمي، فعكف على دراسة الموسيقى، وجعلها خياره الأمثل، وبدأ خطواته الأولى مع عالم الموسيقى في عام 1985 فلفتت معزوفاته أنظار أساتذته، وحقّق نجاحات أهّلته لتقديم معزوفات انفراديّة مع الأوركسترا السلطانية في حفلات موسيقية أقيمت داخل السلطنة وخارجها، ولأنه كان يشعر أن بلوغ الأهداف العليا المنشودة في رحلته بعالم الموسيقى، يحتاج إلى صبر ودأب، واشتغال، وتدريب للمهارات، سافر إلى المملكة المتّحدة مواصلا دراسته العليا فالتحق بجامعة لندن، وتكلّلت دراسته الموسيقية بنيله درجة الماجستير في الفنون الموسيقية من الأكاديمية الملكية للموسيقى، وهي الدرجة الثانية التي يحصل عليها بعد نيله شهادة الزمالة في الأداء الفردي لآلة الكلارنيت من مجلس اتحاد المدارس الملكية للموسيقى ببريطانيا، ولم يكتفِ بذلك بل اندفع بكلّ عزيمة، وإصرار لمواصلة دراسته لنيل شهادة الدكتوراه، وخلال وجوده في لندن حضر العديد من الحفلات الموسيقيّة، وجال بين المكتبات والتقى الكثير من الموسيقيين الأجانب، فخرج بحصيلة رائعة من المعارف، طوّرت موهبته، ووجد فيها الطريق السالك لتحقيق طموحاته، وبقي يواصل تحصيله الأكاديمي، بروح وثّابة، لم تضعف حتّى بعد أن بدأت آثار المرض بالظهور، وكانت قوّة عزيمته تجعله يشعر أنّه سوف ينتصر على المرض، الذي شنّ هجمته على جسده باستهداف جهازه العصبي، وجعلته لصيقا بكرسيّ متحرّك، فسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج، لكنّ الطب وقف عاجزا عن تعزيز قدرته على استرداد قوّته وسيطرته على أعصابه التي بدأت بالضمور، حتى فقد القدرة على الحركة إلّا قليلا، وعاش بهذا القليل شهورا عدّة اختتمها بالسفر إلى الهند، وعاد ليلفظ أنفاسه الأخيرة في (مسقط) بين أحضان عائلته، فغادر عالمنا وهو في زهرة عمره، ولم أجد أبلغ من وصف الشاعر محمد مهدي الجواهري في التعبير عن الحزن على مثل هذا الغياب، بقوله:
تَعَجَّلَ بِشْرَ طلعتِكَ الأفُولُ
وغالَ شبابَكَ الموعودَ غُولُ
وطافَ بربعكَ المأنوسِ ليلٌ
تزولُ الدَّاجياتُ ولا يَزولُ
وأثقلكَ الحِمامُ فلستَ تصحو
ويصحو الرَّوضُ أثقلَهُ الذُّبولُ
وقاسَمَكَ الرَّدى مَنْ تَصطفيهِ
كما يَتقاسَمُ الشَّفَقَ الأصيلُ
لقد أفل نجم عازف الكلارينيت الأوّل، لكنّ معزوفاته بقيت حاضرة تؤّثث أسماعنا بعذوبتها.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
المشتريات المحلية لـ "كروة للسيارات" تتجاوز 2.5 مليون ريال عُماني
الدقم - العُمانية
بلغ إجمالي قيمة المشتريات المحلية لشركة "كروة للسيارات" منذ بدء عملياتها التجارية أكثر من 2.5 مليون ريال عُماني؛ ما يؤكد حرصها على تعزيز سلاسل التوريد المحلية وإيجاد بيئة أعمال تنافسية تتيح للمؤسسات العُمانية فرصة الاندماج في الصناعات التحويلية.
وأسندت الشركة خلال عام 2024م فرص أعمال تجاوزت قيمتها 1.1 مليون ريال عُماني إلى 93 مؤسسة صغيرة ومتوسطة ومحلية؛ ضمن استراتيجية الشركة لتعزيز الاعتماد على الموردين المحليين وتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان استمرارية التدفق اللوجستي للمواد والخدمات المرتبطة بصناعة المركبات في سلطنة عُمان.
وأكد الدكتور إبراهيم بن علي البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة كروة للسيارات على أهمية الاستثمار في الموردين المحليين وأثر ذلك في تعزيز الاستدامة الصناعية في سلطنة عُمان، موضحًا أن الشركة ركزت منذ انطلاق أعمالها على دعم المؤسسات المحلية من خلال إسناد عقود وفرص عمل لهذه المؤسسات.
وقال إن التعاون مع المؤسسات المحلية يسهم في تطوير القطاع الصناعي العُماني ويحقق عدة فوائد منها تقليل تكاليف الاستيراد من خلال توفير المواد والخدمات من موردين محليين، وتحسين سرعة التوريد والتقليل من المخاطر التشغيلية المرتبطة بالتأخير في سلاسل التوريد العالمية وضمان توفر قطع الغيار والخدمات بشكل أسرع؛ ما يعزز استمرارية الإنتاج ويحسن من جودة الخدمات المقدمة وبناء علاقات طويلة الأمد مع الموردين المحليين لرفع كفاءة العمليات الإنتاجية وتحقيق الاستدامة.
وفيما يتعلق بخطط "كروة للسيارات" للمرحلة القادمة، أوضح أن الشركة تعمل على زيادة حجم المشتريات المحلية في السنوات المقبلة، نظرًا لتوسع نطاق أعمالها وارتفاع عدد العقود التجارية التي تنفذها، كما تخطط حاليًّا لتوسيع نطاق الفرص المتاحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختلف مجالات التصنيع والخدمات المرتبطة بصناعة المركبات، بهدف توطين المزيد من العمليات الصناعية داخل سلطنة عُمان.
وأضاف أن الشركة ستعمل على إطلاق برامج تدريبية للموردين المحليين لتعزيز قدراتهم التنافسية وتمكينهم من تلبية متطلبات الجودة والمعايير العالمية؛ ما يفتح أمامهم آفاقًا جديدة في الأسوق المحلية والإقليمية.