وصف حقوقيون حادثة منع وفد عن البرلمان الأوربي من دخول تونس بـ"السابقة الخطيرة" في تاريخ البلاد، وهي خطوة لاقت انتقادات واسعة وتحذيرات من تبعاتها خاصة في مزيد تعميق "عزلة" البلاد وفق متابعين.

واعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي أن "منع الوفد يضر بصورة تونس".

وأكد الطريفي ضرورة أن يصدر توضيح رسمي يفسر أسباب قرار المنع.



والوفد الأوربي الذي يمثل جميع الكتل البرلمانية كان من المفترض أن يلتقي مكونات المعارضة التونسية ومحامين وعدد من عائلات الموقوفين ومنظمات مدنية حقوقية وجهات رسمية تمثل الدولة.

وتم رفض الزيارة وفق وثيقة مسربة منسوبة للخارجية التونسية التي لم تصدر أي تعليق رسمي حتى اللحظة.

واعتبر الوفد الأوروبي منعه "سلوكا غير مسبوق منذ الثورة الديمقراطية 2011، مطالبا بتوضيح رسمي عن أسباب المنع".


"إدانة للنظام"
وقال السياسي والمعارض عزالدين الحزقي (والد عضو جبهة الخلاص المسجون جوهر بن مبارك) إن "المنع رد من حكومة غير مسؤولة، ودليل على ضياع الدولة التونسية".

ورأى الحزقي في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "عدم قبول الوفد دليل جهل بالعمل الدبلوماسي وإدانة للنظام".

وأضاف: "منع دخول الأوربيين يؤكد ما رفعه تقرير النواب الخضر الذين كانوا في زيارة لتونس الأسبوع المنقضي وأخذوا تقريرا شافيا عن الوضع".

من جهتها رأت "جبهة الخلاص" المعارضة (مكونة من أحزاب وشخصيات معارضة للنظام)، أن "الخطوة غير الودية لا يبررها سوى توجس السلطة من القلق المتزايد في الأوساط الأوربية إزاء تدهور حالة الحريات في تونس" على حد تعبيرها.

وقالت الجبهة إن هذه الخطوة "مسيئة للعلاقة بين تونس والاتحاد الأوروبي".



"إهانة للدبلوماسية"
رفض دخول السلطات التونسية للوفد الأوربي اعتبره عدد من الحقوقيين خطوة "غير مدروسة" ستكون لها تبعات وخيمة على البلاد وستفاقم من "عزلة البلاد" التي تعرفها منذ قرارات 25 يوليو 2021.

وقال السياسي ومحامي الدفاع عن المعتقلين سمير بن عمر إن "مثل هذا القرار يؤكد سياسة التصلب والتكلس التي تنتهجها السلطة مع الداخل والخارج، ورفضها الحوار مع أي كان حتى مع الشركاء والأصدقاء".

وشدد بن عمر في تصريح خاص لـ"عربي21" أن القرار يعكس "مخاوف السلطة القائمة من كشف حقيقة تجاوزاتها من الأسرة الدولية وخاصة فيما يتعلق بالاعتقالات بحق المعارضة السياسية وقمعها لأي نفس حر بالبلاد".

وأكد بن عمر أن المنع سببه "الخوف من الاطلاع على جرائم هذه السلطة"، مضيفا أن مثل هذا القرار من شأنه أن "يزيد عزل السلطة القائمة التي لم تتوان عن تدمير مكاسب الدبلوماسية التونسية منذ الاستقلال لليوم".


ونبه بن عمر إلى أن "السلطة تعيش في حروب خيالية مع كل دول العالم، وتعيش في علاقات متوترة مع الجميع حتى مع دول الجوار من المغرب والجزائر وليبيا".

وختم: "السلطة تعيش في عزلة مطلقة وخارج المنظومة الدولية في صورة مشابهة لنظام كوريا الشمالية وكل هذا ستكون له تداعيات على البلاد مما يعمق أزمتها".

فيما اعتبر عضو الاتحاد الدولي للحقوقيين أنور الغربي أن "رفض دخول الوفد تعد صفعة وإهانة للدبلوماسية التونسية".

وقال الغربي في تصريح خاص لـ"عربي21": "المفروض أن يتم الإعلام بالرفض عبر السفارة التونسية ببروكسل بعيدا عن الإعلام وبطريقة أكثر عقلانية وهدوء، لأن تونس ليست في حالة حرب مع الدول الأوربية، فهو الشريك الاقتصادي الأكبر، والرفض أبدا لا يكون عشية الزيارة".

وأضاف: "الرفض فيه إهانة حتى لبرلمان قيس سعيد نفسه الذي كان لا بد أن يكون له رأي؛ فالوفد برلماني بالأساس ويمثل الشعوب الأوربية (الوفد وفق محامين كان سيلتقي رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة).

وانتهى الغربي إلى القول: "المنع يكشف عدم فهم لآليات تسيير الدولة والدبلوماسية، وعدم فهم للعلاقات الدولية، وإضعاف لحلفاء قيس سعيد نفسه داخل البرلمان الأوربي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تونس المعارضة تونس المعارضة البرلمان الأوروبي سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بن عمر

إقرأ أيضاً:

حقوقيون ومعارضة يتهمون الرئيس التونسي بتوظيف القضاء لتصفية خصومه

تونس- يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد موجة متصاعدة من الاتهامات من قبل المعارضة ومنظمات حقوقية، باستخدام القضاء أداة لتصفية خصومه السياسيين، خاصة بعد صدور أحكام وصفت بالصادمة ضد عشرات المعارضين البارزين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".

وزاد غضب المعارضين والنشطاء السياسيين والحقوقيين إثر اعتقال المحامي البارز أحمد صواب أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين بتهمة "تكوين مجموعة إرهابية والتهديد بارتكاب جرائم إرهابية".

وشهدت العاصمة تونس احتجاجات عارمة، أمس الاثنين، بسبب اعتقال صواب بعد يومين من صدور الأحكام في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" والتي طالما انتقدها واعتبرها جائرة ومفبركة وبلا أي أدلة.

وجاء اعتقاله إثر إدلائه بتصريح أمام المحكمة الابتدائية، السبت الماضي، قال فيه إن "السكاكين ليست فقط على رقبة المعتقلين السياسيين وإنما على رقبة القاضي الذي يحكم في القضية" في إشارة إلى وقوعه تحت ضغط السلطة بسبب وجود ملفات ضده.

وزاد اعتقال صواب من تأجيج المشهد. وقد تم توجيه التهم ذاتها إليه، على غرار "تكوين مجموعة إرهابية" وهو ما رأى فيه محامون وسياسيون خطوة أخرى في سياق تخويف فريق الدفاع والتضييق على العمل الحقوقي. ونددت منظمات حقوقية بهذه الخطوة، معتبرة أن الأمر يدخل في باب الانتقام السياسي ويؤكد تدهور استقلالية القضاء.

إعلان

أحكام قاسية

وكانت المحكمة الابتدائية أصدرت أحكاما بالسجن تراوحت بين 13 و66 عاما، شملت قيادات سياسية بارزة من الصف الأول في المعارضة، وسط تنديد واسع بما اعتُبر "محاكمات تفتقر إلى أدنى شروط العدالة" واعتبرتها أطراف واسعة محاولة لتجريم العمل السياسي المعارض وترويع المناهضين لسياسات الرئيس.

وتستند القضية إلى تهم تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و"تكوين تنظيم إرهابي" و"التخابر مع جهات أجنبية" وهي تهم خطيرة وقاسية تمّت متابعتها بموجب فصول من "قانون مكافحة الإرهاب" والمجلة الجزائية، وسط تساؤلات عن مدى قانونية الإجراءات ومصداقية التهم الموجهة.

وتراوحت أوضاع المتهمين بين موقوفين ومطلوبين وآخرين في حالة إطلاق سراح، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو معارضتهم الشديدة للمسار السياسي الذي انتهجه الرئيس منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، والتي منحته صلاحيات مطلقة وجمّد بموجبها البرلمان، وأعاد صياغة الدستور بشكل منفرد صيف 2022.

وجرت المحاكمة -التي انطلقت في 4 أبريل/نيسان الجاري على نحو سريع واستثنائي- حيث مُنع المتهمون من الحضور في قاعة المحكمة، واعتمدت السلطات آلية "المحاكمة عن بُعد" مما دفع المساجين إلى مقاطعة المحاكمة. وهو ما اعتبره محامو الدفاع مسا مباشرا بحقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم، لا سيما مع منع العائلات من حضور الجلسات، إلى جانب إقصاء الصحفيين والمراقبين المحليين والدوليين.

الرئيس قيس سعيد (صفحة رئاسة الجمهورية) "أداة طيّعة"

وتذهب المعارضة التونسية إلى اعتبار أن القضاء في البلاد لم يعد مستقلا بل أصبح أداة طيّعة بيد السلطة التنفيذية، وتحديدا الرئيس سعيّد الذي ترى المعارضة أنه لم يكتفِ بإعادة هندسة المنظومة الدستورية والقانونية لإحكام قبضته على الدولة، بل مارس ضغطا ممنهجا على القضاة من خلال خطاباته النارية والمتكررة.

إعلان

وتقول شخصيات معارضة وحقوقية إن الرئيس، من خلال تصريحاته العلنية، قد سلب القضاة حريتهم في اتخاذ قراراتهم، وجعلهم يتحركون تحت طائلة الخوف من التبعات السياسية.

ومن أبرز ما تستشهد به المعارضة بهذا السياق، تصريحات سعيد التي قال فيها إن "من يبرّئهم فهو شريك لهم" في إشارة إلى المعارضين الموقوفين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".

ولا يعد هذا التصريح، بحسب منتقدي الرئيس، تدخلا فقط في سير القضاء بل يمثل إدانة مسبقة للمتهمين، وتهديدا مبطّنا للقضاة الذين قد يحكمون ببراءتهم.

كما جاء على لسان الرئيس -في أكثر من مناسبة- أن التاريخ "قد حكم عليهم قبل أن يحكم عليهم القضاء" وهو ما اعتبرته المعارضة دليلا على توجيه مسبق للعدالة، وتجريد المحاكمات من أي مضمون موضوعي أو محايد.

"حالة رعب"

وترى المعارضة أن هذه التصريحات لا يمكن فصلها عن سياق أوسع بدأ منذ اتخاذ سعيّد للتدابير الاستثنائية في يوليو/تموز 2021، ثم إقالته لعدد كبير من القضاة (بلغ عددهم 57 قاضيا) بزعم "تطهير القضاء" دون احترام الضمانات القانونية أو حق الدفاع، وفق المراقبين.

وتُحمّل المعارضة سعيّد ووزيرة العدل مسؤولية مباشرة عن "حالة الرعب" التي يعيشها القضاة، إذ أصبحوا يخشون اتخاذ أي قرارات قد تُغضب رأس السلطة، خشية الإعفاء أو الملاحقة أو التشهير الإعلامي.

ووفقًا لعدد من القضاة المتقاعدين والحقوقيين، فإن استقلال القضاء في تونس لم يكن مهددا كما هو عليه الآن منذ الثورة، في ظل أجواء "التخويف والتأديب السياسي" التي تخيّم على أروقة العدالة.

وفي هذا الإطار، حذّرت منظمات حقوقية دولية من "خطورة تسييس القضاء" معتبرة أن تصريحات الرئيس تقوّض ثقة الرأي العام في عدالة المحاكمات، وتؤسس لما يُشبه "عدالة انتقامية" موجّهة ضد المعارضين السياسيين، وهو ما يهدد المسار الديمقراطي برمّته، ويعيد البلاد إلى مربع الاستبداد باسم القانون.

إعلان

وقد وصف الناشط السياسي والمعارض هشام العجبوني إن صدور الأحكام ضد المساجين السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة بعد الجلسة الثالثة يوم 18 أبريل/نيسان 2025 بأنه "يوم أسود في تاريخ القضاء وتاريخ تونس" معتبرا أن العدالة قد "اغتيلت ودُقّ آخر مسمار في نعش الدولة".

وأكد العجبوني أن "الإدانة لم تكن وليدة المحاكمة، بل كانت قرارا سياسيا صدر منذ فبراير/شباط 2023 حين دعا سعيّد وزيرة العدل إلى ملاحقة من وصفهم بالإرهابيين والمجرمين" وصرّح حينها أن "التاريخ قد حكم عليهم قبل أن تفعل المحاكم، وأن من يجرؤ على تبرئتهم فهو شريك لهم".

وأضاف للجزيرة نت أن الملف "مفبرك وفارغ ولا يتضمن أي دليل قانوني" مشيرا إلى أن السلطات تعمّدت التعتيم ومنعت التداول العلني للمحاكمات، لتُجريها عن بعد وفي غياب المتهمين ومحاميهم وأمام عدسات غائبة، متابعا إنهم "يخشون أن تتحوّل المحاكمة العلنية إلى محاكمة سياسية وأخلاقية ضدهم هم لا ضد المعارضين".

"الاعتقالات لن تتوقف"

من جهته، عبّر المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر عن استيائه الشديد مما آلت إليه الأوضاع القضائية والسياسية، معتبرا أن "السلطة انتقلت من منطق (من يُبرّئهم فهو شريك لهم) إلى منطق أكثر خطورة وهو (من يُدافع عنهم فهو شريك لهم)" في إشارة إلى اعتقال المحامي صواب عضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين.

ويقول معطر للجزيرة نت إن اعتقال صواب ليس سوى حلقة في سلسلة متواصلة من التضييقات التي تطال كل من يجرؤ على الوقوف في صفّ العدالة والدفاع عن المعتقلين السياسيين، قائلاً إن "حملة الاعتقالات لن تتوقف، لأن هذه السلطة لم يعد أمامها خيار سوى الهروب إلى الأمام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

وفي تحليله لمسار محاكمة ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" أشار معطر إلى ما وصفه بـ"السرعة القياسية والمريبة" التي تم بها إصدار الأحكام، مما يعكس -حسبه- رغبة واضحة في غلق الملف بأسرع وقت ممكن وتحويل الأنظار عن قضايا اجتماعية مُلحّة، أبرزها الاحتجاجات المتواصلة في منطقة المزونة من ولاية سيدي بوزيد، عقب وفاة 3 تلاميذ سقط عليهم حائط مدرسة قديمة.

إعلان

وأوضح أن "الملف كان هشا ومفككا منذ البداية، ولا يتضمن أدلة قاطعة أو أدنى مقومات الإدانة، ولذلك كان لا بد من تمريره بسرعة لتفادي انكشاف حقيقة التوظيف السياسي".

وتوقّع معطر أن تُصدر محكمة الاستئناف أحكامها بهذا الملف قبل فصل الصيف، مؤكّدا أن إبقاء الملف دون حسم يُعدّ "دليلا صارخا على الظلم والانحراف بالسلطة القضائية التي باتت مجرّد وظيفة خاضعة ومجردة من أي درجة من الاستقلالية".

"تطهير القضاء"

في المقابل، يدافع أنصار سعيد بشدة عن مسار المحاكمات الجارية، مؤكدين أن رئيس الجمهورية لا يتدخل في شؤون القضاء، بل يعمل على تطهيره من الفساد وإعادة هيبته بعد سنوات من التسييس والانفلات، وفق تعبيرهم.

ويعتبر هؤلاء أن سعيّد رجل "نزيه" ولا مصلحة له في تصفية خصومه، بل يحرص على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وهو ما يعكسه دعمه المتواصل لاستقلال المؤسسات ورفضه لأي تسويات سياسية على حساب الدولة.

كما يرى المدافعون عن الرئيس أن الحديث عن محاكمات سياسية ليس سوى "محاولة لتبييض" صورة متهمين يواجهون تهما خطيرة، مؤكدين أنهم لم يُلاحقوا بسبب آرائهم، بل "بسبب ضلوعهم في نشاطات تمسّ بالأمن القومي" في ظل ما وصفوه بمحاولات متكررة لإرباك مؤسسات الدولة والتحريض على الفوضى، وفق رأيهم.

مقالات مشابهة

  • حقوقيون ومعارضة يتهمون الرئيس التونسي بتوظيف القضاء لتصفية خصومه
  • جيش أوروبي موحّد... هل أزفت الآزفة؟
  • قرارات هدم معلقة لبنايات عشوائية شيدها حقوقيون تُحرج عمالة الحوز وتثير تساؤلات حول مبدأ المساواة أمام القانون
  • إسرائيل تلغي تأشيرات نواب فرنسيين قبل زيارتهم للأراضي الفلسطينية
  • الداخلية السورية تعلن ضبط ذخائر وأسلحة معدة للتهريب خارج البلاد
  • تونس: الأزمات الاجتماعية والتأزيم السياسي
  • تايمز: صراع على السلطة بالكونغو يهدد أطماع ترامب في المعادن
  • كاف: 200 كشاف أوروبي تابعوا كأس إفريقيا لأقل من 17 عاماً بالمغرب
  • نشطاء أمازيغ يستنكرون تطويق مسيرة الدفاع عن الهوية والسماح لمسيرات أجندات ضد ثوابت الأمة المغربية
  • مسؤول حكومي: أعداء المغرب يعيشون في عزلة غير مسبوقة والمغاربة وملكهم مع القضية الفلسطينية