لندن- تنشغل أروقة مجلس العموم البريطاني بحالة من الاستنفار الأمني بعد اعتقال شخصين بتهمة التجسس لصالح الصين، أحدهما باحث في البرلمان البريطاني ويتعامل مع اثنين من كبار المسؤولين في حزب المحافظين.

وتمت عملية الاعتقال في مارس/آذار الماضي، قبل أن يتم إطلاق سراح المتهمَين على أن يعاد التحقيق معهما في أكتوبر/تشرين الأول القادم.

ولعل أكثر ما أثار المخاوف لدى الطبقة السياسية هو قدرة الباحث المشتبه فيه، على دخول البرلمان وربط علاقات مع وزير الأمن في الحكومة البريطانية توم توكيندهات، ورئيسة لجنة العلاقات الدولية في البرلمان أليسيا كيرنز.

ورغم نفي الصين اتهامات التجسس، ووصفها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، وخروج الباحث المتهم بالتجسس على البرلمان ببيان ينفي ما وجّه له ويؤكد أنه أمضى حياته العلمية "ينبه من خطورة سياسات الحزب الشيوعي الصيني"؛ فإن هذه الواقعة ألقت بالضوء من جديد على حرب التجسس بين بريطانيا والصين، والتي تحولت لملف يشغل الأجهزة الأمنية البريطانية وأصبحت نقطة أساسية في أي لقاء يجمع المسؤولين من لندن وبكين.

نددت الصين بما جاء في تقارير تتحدث عن توقيف شخصين في بريطانيا بتهمة التجسس لصالحها، واعتبرت الأمر مجرد افتراء ومهزلة سياسية، بينما أعرب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن استيائه من تدخل بكين في شؤون بلاده.

التفاصيل: https://t.co/mq6E95SG2J pic.twitter.com/YfC2HGlbOa

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) September 12, 2023

حرب المخابرات

لم يكن خبر اعتقال شخصين بتهم التجسس لصالح الصين، مفاجئا لمتابعي الشأن الأمني البريطاني، بعد التحذيرات العلنية التي أطلقها العام الماضي ماكالوم، مدير مكتب المخابرات البريطانية "إم آي 5" (MI5)، والذي قال في خطاب حول التحديات التي تواجه الأمن البريطاني إن الصين "تلعب معنا لعبة طويلة المدى".

وشددت تحذيرات المسؤول المخابراتي الأول في البلاد على سعي "الصين ليس فقط للتأثير على البرلمانيين من مختلف التوجهات السياسية"، بل أيضا "لتجنيد شباب في بداية مشوارهم المهني والعلمي ويحتاجون للتمويل من أجل سداد قروض دراستهم".

وحذّر رئيس المخابرات من السيناريو الذي تم الكشف عنه هذا العام، علما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحذير السياسيين من التجسس الصيني، حيث كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن تحذير أطلقته المخابرات البريطانية لحزب المحافظين لعدم ترشيح اثنين من أعضائه للانتخابات البرلمانية بسبب الاشتباه في علاقتهما مع بكين.

ولم يتوقف تحذيره عند هذا الحد، حيث كشف الحزب عن طرده عشرات الطلاب الصينيين المتهمين بمحاولة التجسس على المختبرات العلمية البريطانية، وشدد على ضرورة وضع معايير صارمة للطلاب القادمين من الصين وخصوصا الراغبين في الالتحاق بالمختبرات العلمية المتطورة.

وكشف رئيس الوزراء البريطاني أنه أيضا تلقى تقريرا من مخابراته حول شركة صينية تستثمر في مصنع بريطاني لم يكشف عن هويته، ما دفعه لاتخاذ قرار وقف استثمار هذه الشركة.

المخابرات البريطانية نصحت حزب المحافظين بعدم ترشيح اثنين من أعضائه للبرلمان بسبب الاشتباه بعلاقتهما ببكين (رويترز) هل هو استهداف للسياسيين؟

وحذر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، مما سماه محاولات الصين "التدخل للتأثير في الديمقراطية البريطانية"، ويقصد بذلك محاولات التأثير على السياسيين.

وهذه ليست المرة التي يكون فيها البرلمان مسرحا لحرب التجسس التي باتت معلنة بين بكين ولندن، فخلال العام الماضي أصدرت المخابرات البريطانية تحذيرا للسياسيين لعدم التعامل مع محامية من أصول صينية، نجحت في إقامة علاقات مع قادة الصف الأول في حزبي المحافظين والعمال.

ويتعلق الأمر بكرستين لي، التي اتهمتها المخابرات البريطانية بربط علاقات مع الحكومة الصينية ومحاولات التأثير على القرار السياسي البريطاني من خلال تقديم منح سخية لتمويل عدد من المرشحين البريطانيين خلال حملاتهم الانتخابية.

وكشفت شبكة "بي بي سي" أن المخابرات أرسلت تحذيرا لكل المسؤولين الحكوميين والعاملين في مكاتبهم بالحذر عند الحديث عن العمل في المقاهي والحانات المحيطة بمقر البرلمان، "حيث يكثر عملاء دول أجنبية يبحثون عن تجميع المعلومات والمعطيات".

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يحذر من تأثير الصين على السياسيين (رويترز) تحدٍ أم تهديد؟

ويواجه رئيس الوزراء البريطاني سوناك معضلة حقيقية وضغوطا متزايدة، من أجل تغيير وضع الصين من وصفها دولة تمثل تحديا لبلاده إلى دولة تشكل تهديدا على أمن بريطانيا، ما قد يضعها في نفس المرتبة مع روسيا.

وبينما يؤيد عدد من قادة حزب المحافظين التشدد أكثر مع الصين ووصفها بأنها تهديد للبلاد، وفي مقدمتهم وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، فإن هناك من يحذر من أن هذا التوصيف ستكون له أيضا تبعات اقتصادية وتجارية، وهو ما دفع وزيرة التجارة البريطاني كيمي بادنوش، للتحذير من الإقدام على هذه الخطوة لما لها من تأثير على العلاقات التجارية بين الطرفين.

في المقابل يدفع عدد من المسؤولين الأمنيين البريطانيين لتبني مقاربة أكثر براغماتية، وهي ما عبر عنها أليكس يونغر المدير السابق للمكتب السادس للمخابرات البريطانية، عندما اقترح وضع الصين في خانة "الدول المثيرة للقلق"، داعيا لوضع قواعد أكثر صرامة في التعامل مع المؤسسات الصينية الموجودة في بريطانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رئیس الوزراء البریطانی المخابرات البریطانیة

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء رومانيا مارسيل تشيولاكو يحصل على ثقة البرلمان في حكومته الجديدة

حصلت حكومة التحالف الجديدة في رومانيا التي يقودها رئيس الوزراء الاجتماعي الديمقراطي مارسيل تشيولاكو، على تصويت بالثقة في البرلمان اليوم /الثلاثاء/، لكنها تواجه الآن مهمة صعبة تتمثل في إخراج البلاد من أزمة شهدت صعود اليمين المتطرف.
وتمت الموافقة البرلمانية على التشكيلة الحكومية الجديدة بأغلبية 240 صوتًا مقابل 143 صوتًا معارضا.


وتشمل الحكومة المؤيدة للاتحاد الأوروبي حزب تشيولاكو الاجتماعي الديمقراطي، والحزب الليبرالي الوسطي، وحزب المجريين العرقي UDMR. وبإضافة ممثلي الأقليات، يسيطر التحالف على حوالي 54% من مقاعد البرلمان.


في المقابل، حصلت ثلاثة أحزاب يمينية متطرفة وقومية على نحو 35% من مقاعد البرلمان الجديد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 1 ديسمبر. وقد أضعفت الأزمات المتعددة، بما في ذلك جائحة كورونا وحرب روسيا في أوكرانيا، دعم الأحزاب الرئيسية. كما أثار الناخبون غضبهم بسبب الصراعات السياسية واتهامات الفساد.


سيشغل الحزب الاجتماعي الديمقراطي (PSD) ثمانية مناصب وزارية، تشمل العدل والنقل والعمل والدفاع، مع بقاء معظم وزرائه الحاليين في مناصبهم.
سيحصل الحزب الليبرالي الوسطي (PNL) على ست حقائب وزارية، تشمل الطاقة والداخلية والخارجية. كما سيحصل حزب المجريين العرقي (UDMR) على حقيبتين، بما في ذلك المالية.


وستلتزم الحكومة الجديدة بوضع جدول زمني لإجراء انتخابات رئاسية جديدة بنظام الجولتين. وقد اتفقت الأحزاب الثلاثة في التحالف على دعم مرشح رئاسي موحد لمنع فوز اليمين المتطرف. والمرشح الحالي هو كريني أنتونيسكو، الزعيم السابق للحزب الليبرالي، بحسب تقرير لمنصة البلقان الاخبارية.


وقال تشيولاكو للنواب: "أولوية الحكومة هي استعادة العدالة الاجتماعية والاقتصادية على أساس الاحترام". وأشار تشيولاكو الى أن الحكومة ستستمر طوال فترة ولايتها البالغة أربع سنوات. ومع ذلك، فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2025 قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في التحالف الحاكم وربما إلى تعديل وزاري شامل.
وأضاف: "سيكون لدينا عام اقتصادي صعب. يجب أن تكون هذه الحكومة حكومة إصلاحات واستثمار."
 

مقالات مشابهة

  • اتهامات متبادلة بين حماس وإسرائيل حول صفقة استعادة المحتجزين
  • رئيس وزراء رومانيا يحصل على ثقة البرلمان في حكومته الجديدة
  • رئيس وزراء رومانيا مارسيل تشيولاكو يحصل على ثقة البرلمان في حكومته الجديدة
  • محمد الشرقي استقبل رئيس البرلمان العربي وهنّأه بانتخابه
  • رئيس البرلمان العربي يهنئ ليبيا بمناسبة ذكرى الاستقلال
  • رئيس الوزراء يستعرض عددا من التحديات التي تواجه بعض المستثمرين وسبل حلها
  • رئيس الوزراء يؤكد ضرورة العمل على تذليل التحديات التي تواجه القطاع السياحي
  • اتهامات روسية لزيلينسكي.. من رئيس أوكرانيا إلى أسامة بن زيلينسكي
  • رئيس البرلمان يدعو إلى إيقاف الحرب على غزة
  • لماذا يشكل الحوثيون تحدياً لم تواجهه المخابرات الإسرائيلية من قبل؟.. صحيفة عبرية تجيب