تحليل: ما أبرز الدعوات التي وجهتها الرياض ورفضها الحوثيون منذ مؤتمر الرياض مايو 2015م؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
هل كان الحوثيون يحاربون كل هذه السنيين من أجل الذهاب إلى الرياض وحدهم دون سائر اليمنيين؟
لماذا استجاب الحوثيون لدعوة المملكة الحضور إلى الرياض بعد ثماني سنوات من الرفض؟
ما الذي استجد من وقائع سياسية حتى يقبل الحوثيون هذه الدعوة؟
ما الملفات التي حملها الوفد الحوثي برفقة الوسيط العماني إلى الرياض؟
ما صدى الزيارة الحوثية لدى المتفائلين والمتشائمين؟
صدق أولا تصدق، الحوثيون وصلوا إلى الرياض أخيرا.
وعلى إثر هذا التطور اللافت في مسار المفاوضات السعودية الحوثية، تسود حالة من الترقب قطاع عريض من اليمنيين، بحدوث اختراق من نوع ما في جدار المفاوضات المـعقدة والدائرة منذ أبريل من العام الماضي.
ولم تكن هذه الدعوة هي الأولى، فقد طالب الرئيس السابق عبدربه منصور هادي في 23 مارس من العام 2015م بنقل الحوار بين اليمنيين إلى الرياض، لكن الحوثيين رفضوا ذلك، وبعد قرابة ثماني سنوات حرب ودمار وخراب، يذهب الحوثيون إلى الرياض وحدهم، مما يثير هذا التصرف سؤالا مشروعا: هل كان الحوثيون يحاربون كل هذه السنيين من أجل الذهاب إلى الرياض وحدهم دون سائر اليمنيين؟
> أخيرا.. الحوثيون في الرياض
وصل وفد الحوثيين على متن طائرة عمانية مساء أول أمس الخميس إلى العاصمة السعودية الرياض وحيدين دون حلفائهم الآخرين في صنعاء، بموجب دعوة سعودية، حسبما أوردته الوكالة الإخبارية السعودية "واس".
وقالت الوكالة "واس": امتداداً للمبادرة السعودية التي أعلنت في مارس 2021 م، واستكمالاً للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد آل جابر، وبمشاركة من الأشقاء في سلطنة عُمان في صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل 2023م، واستمراراً لجهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية، فقد وجهت المملكة دعوة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة لاستكمال هذه اللقاءات والنقاشات.
وفي نفس السياق قال رئيس الوفد الحوثي المفاوض محمد عبد السلام في تصريحات إعلامية "إن جولة التفاوض الحالية، تأتي في إطار النقاشات التي قاموا بها مع الوفد السعودي في لقاءات عدة في مسقط وصنعاء".
وأكد عبد السلام أن صرف مرتبات جميع الموظفين وفتح المطار والموانئ والإفراج عن الأسرى والمعتقلين كافة، أهم الملفات الإنسانية التي يجري العمل عليها، مضيفا النقاشات في الملف الإنساني مهمة أساسية في التفاوض مع الطرف السعودي والمجتمع الدولي.
وكان وفد الوساطة العماني قد وصل في وقت سابق مساء أول أمس الخميس إلى صنعاء قادما من مسقط، بصحبة رئيس وفد جماعة الحوثي المفاوض محمد عبد السلام، بعد وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العاصمة مسقط في وقت متأخر من مساء الإثنين الماضي قادما من العاصمة الهندية نيودلهي.
وبالعودة إلى الدعوات السابقة التي وجهتها المملكة العربية السعودية للحوثيين لزيارة الرياض للتشاور، فقد بدأت في مايو من العام 2015 لحضور مؤتمر تشاوري في الرياض، وفي أبريل 2016م تم التوقيع على اتفاقية ظهران الجنوب.
في أغسطس 2017 وجه الأمير خالد بن سلمان دعوة للحوثيين لمفاوضات سلام لكنهم رفضوا، وفي مارس 2021م تقدمت السعودية بمبادرة قبل أن تكرر الدعوة في إبريل 2022م.
تجددت الدعوة في 13 أبريل 2023م، وأخيرًا في يوم 15 سبتمبر 2023 حضر وفد الحوثيين إلى الرياض، تلبية لدعوة السعودية لاستكمال النقاشات حول ملف الحرب والسلام.
> ملفات الزيارة
وفقا للتصريحات الإعلامية، فإن الوفد الذي وصل إلى صنعاء يسعى إلى التباحث مع قيادات الجماعة، حول مستجدات مفاوضات إحلال السلام في اليمن، وفي المقدمة الملف الإنساني والمتمثل في صرف رواتب الموظفين، ورفع القيود بشكل كامل عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن "تيم ليندركينغ " قد أعلن في 14 أغسطس الجاري، أنه يعمل للتوصل إلى اتفاق هدنة جديدة في اليمن أكثر شمولاً، مضيفاً أن بعض القضايا التي تتم مناقشتها مثل كيفية ضمان حصول جميع موظفي القطاع العام على رواتبهم تبدو "معقدة".
وقبيل زيارة الوفد العُماني إلى صنعاء قدم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الأربعاء الماضي إحاطته لمجلس الأمن الدولي، ذكر فيها أنه مستمر في العمل على بحث الخيارات مع الطرفين حول الطرق الأمثل لتلبية حاجات جميع اليمنيين واليمنيات، بما يتضمن انتظام سداد رواتب موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد، وتحسين الخدمات وتوفر السلع الأساسية، ومنظومة مصرفية قادرة على الاضطلاع بمهامها وتيسير النشاط التجاري، مشيرا إلى أن قضية سداد الرواتب ومسألة مصادر الإيرادات، ستظل قضية محورية تحتم على الطرفين إيجاد حل متفق عليه.
وتطرق "غروندبرغ" إلى أن الحاجة ماسة لفتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حرية حركة اليمنيين واليمنيات، مؤكداً أن التوسع في الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء ضرورة ملحة لتخفيف الضغط عن المدنيين، ممن يسعون للحصول على الرعاية الصحية أو التعليم ولحماية استمرارية تشغيل شركة الخطوط الجوية اليمنية.
ويقول رئيس ما يسمى بـ "اللجنة الثورية العليا" محمد الحوثي على منصة (إكس) إن المواضيع التي ستطرح في الزيارة وسيتم مناقشتها هي الملف الإنساني المتمثل بصرف مرتبات الموظفين، وفتح المطارات والموانئ والإفراج عن الأسرى والمعتقلين كآفة، وخروج ما وصفها "القوات الأجنبية" وإعادة الإعمار وصولا الى الحل السياسي الشامل، حد تعبيره.
> صدى الزيارة
تباينت مواقف اليمنيين ما بين المتفائلين من الخروج من عنق هذه الأزمة، والمشككين بجدوى هذه الزيارة عطفا على السلوك العام للحوثيين مع الاتفاقات السابقة التي كان مصيرها الفشل.
ينظر رئيس تحرير صحيفة (عدن الغد) فتحي بن لزرق إلى هذا الحدث بنظرة متفائلة، إذ يرى أن هذه التحركات جادة ونهائية لإحلال السلام في اليمن، وهي تحركات تستوجب التفافاً سياسياً من القوى السياسية كافة، حول الرئيس رشاد العليمي للدخول في هذه التسوية السياسية بما يمكن من إنجاحها.
يقول بن لزرق: "حانت لحظة السلام ومن يريد استمرار الحرب قطعا هو لا يبحث عن مصلحة الشعب اليمني، فمصلحة الشعب هي في سلام عادل، يؤسس لحضور الدولة وعودة مؤسساتها ويصرف المرتبات ويعيد الخدمات ومعه تعود كل الحياة لكل الوطن اليمني".
يقول محمد عبدالله الكميم في منصة (إكس) ساخرا: اطمأنوا.. اطمأنوا، والله لو يوقعوا ألف اتفاق والتزام وتعهد داخل الكعبة المشرفة ما ينفذ الحوثيون منه حرفا واحدا، هم فقط يريدون الهروب من ضغوط الشارع وإظهار أنهم انتصروا في معركة خسروا فيها خسائر فادحة، بالإضافة إلى وطن ممزق ومدمر وجوع وفقر وفقدان كرامة، وفي النهاية ستعود الحرب إن آجلا أو عاجلاً، فنحن لن نتعايش معهم ولن يكون هناك سلام بيننا وبينهم ولو حضر العالم كله بيننا، حد تعبيره.
ويضيف "الكميم": المعركة معهم حياة أو موت نكون أو لا نكون، ولكن يكفي من زيارة وفد صعدة للرياض أنهم اعترفوا بوساطة السعودية، واظهروا أنهم ضحوا بنص مليون من أبناء اليمن للشارع بلا قيمة وبلا سبب ولا هدف؛ حد قوله.
وزاد "الكميم" إن صدق الحوثيون في موضوع المرتبات، فستكون من الإيرادات العامة للدولة أي من إيراداتهم أولاً وبحسب كشوفات ٢٠١٤م، وستصرف يدا بيد للموظف وهذا ما كان يرفضه الحوثيون من البداية، وبالتأكيد هو لن يصدق ولن ينفذ وسيتلكأ في التنفيذ، ثم يتهم التحالف والشرعية بعدم التنفيذ ويقول قد أسقطت الحجة، ثم يخوض حرباً جديدة وهذا ما حصل في ١٠٠ اتفاقية سبقت من ٢٠٠٤م لليوم، كان آخرها اتفاق ستوكهولم والهدنة الأخيرة التي رفض تنفيذ ما يخصه من الاتفاق ونهب مرتبات الموظفين من عوائد ميناء الحديدة.
وبدوره قال الكاتب الصحفي همدان العليي ساخرا من منطق الجماعة: اليمني إذا تواصل مع السعودية فهذه خيانة وارتزاق وعمالة ويستحق النفي أو القتل كما حدث للشهيد علي صالح، أما الحوثيون إذا تواصلوا فهي سياسة ونضج ودهاء، مضيفا أن الحكومة اليمنية المؤيدة من كل الأحزاب السياسية لا يحق لها أن تستعين بدول عربية أو تنسق معها وفق اتفاقيات وإذا فعلت فهي خائنة، وفي المقابل الحوثية مجرد عصابة طائفية ومع ذلك تحالفت مع إيران وأخذت منها أموالا وأسلحة وتدربت على يد الحشد الشعبي وحزب الله والحرس الثوري لإخضاع اليمنيين، وهذا في نظرهم بطولة ومحور مقاومة ودفاع عن الدين و "آل الزيت"؛ حد وصفه.
وأضاف "العليي"ك العناصر الحوثية تتواصل وتنسق مع أمريكا وبريطانيا بشكل دائم، لكن في المقابل يصفون الحكومة اليمنية والأحزاب السياسية بالعملاء للعدوان الأمريكي البريطاني، وتعمل مع المنظمات الدولية في الداخل والخارج، لكن اليمني لا يجب أن يعمل مع المنظمات، لأن المنظمات في هذه الحالة تعمل لصالح أمريكا وإسرائيل؛ حد تعبيره.
واختتم العليي قوله: تماما كما فعل جدهم يحيى حميد الدين حرض اليمنيين لقتال الأتراك ووصفهم بالكفار ليس حبا في اليمن أو حرصا عليها بل لأنه يريد الحكم واستعباد اليمنيين، وعندما سلم الأتراك حكم بعض المناطق اليمنية له، استعان بالأتراك الذين وصفهم بالكفار لتسيير أمور الحكم وإخضاع القبائل اليمنية.
في السياق نفسه يقول سكرتير تحرير صحيفة عكاظ عبدالله آل هتيلة في منصة (إكس): من الطبيعي جدا أن يتجه الوفد الحوثي إلى الرياض برفقة وفد الوساطة العماني للبحث عن مخرج عن الأزمات التي أدخل اليمن فيها وتورط بتدمير مكتسبات اليمن وتقويض الدولة.
يضيف "آل هتيلة": اليوم الحوثي يبحث عن إنقاذ نفسه قبل إنقاذ اليمن، بعد أن بذل جهودا مع الأشقاء العمانيين للبحث عن مخرج، الذي لم يجده إلا في الرياض التي كانت تطالب بجلوسه على طاولة التفاوض، وما اجتماع الحوثي اليوم في الرياض إلا اعتراف منه بمكانة السعودية واستجابة لدعواتها السابقة له، وما يحدث في المشهد اليمني الآن هو انتصار للتحالف والشرعية واليمن بجميع مكوناته الذي يحاول الحوثي الآن أن يكون أحدها، لافتا إلى أن هذا النجاح يحسب للدبلوماسية السعودية والعمانية في رعايتهما لتحقيق سلام شامل وعادل في اليمن.
خلاصة القول: الزيارة لن تتعدى موضوعاتها إذابة الجليد بين المملكة والحوثيين وإحداث اختراق في المفاوضات الجارية بينهما منذ عام، وليكن البداية من الهدنة الموسعة التي تشمل الملف الإنساني وملف الرواتب، ومن المبكر الحديث عن بقية الملفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية أو أي اتفاق نهائي ينهي الحرب بشكل حاسم.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الملف الإنسانی إلى الریاض فی الریاض فی الیمن
إقرأ أيضاً:
صحيفة سعودية تتوقع تعقيدات المشهد في اليمن في زمن ترامب واغتيال كبار قادة الحوثي
توقعت صحيفة سعودية بتعقيدات المشهد في اليمن في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامبـ واغتيال كبار قادة جماعة الحوثي على غرار ما حصل في حزب الله اللبناني اثر الضربات الإسرائيلية.
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" في تقرير لها إن إدارة جو بايدن الحالية واجهت انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي.
وتوقع التقرير أن تكون سياسة ترمب مغايرة، لسلفه بايدن، في الوقت الذي يترقَّب اليمنيون عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.
وذكّر أن بايدن أعلن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.
تشير الصحيفة إلى أن الأوساط السياسية الأميركية تذهب إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.
وقالت "نظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً".
تمضي الصحيفة السعودية بالقول "على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره".
وأوضحت أن ترمب يميل إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.