الطّريق إلى الحادي عشر من سبتمبر: الجزيرة.. سرّي للغاية
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
في الذّكرى 22 لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، ما زال العالم يقول.. يجترّ القديم ويأتي بالجديد على قلّته وعلّته، ما زالت حركة الكتابة كما حركة التأليف تنشط في هذه المناسبة، كثيرها للاستثمار وقليلها للتوثيق، وأقلّ من ذلك بكثير بحوث خالصة لوجه الأمانة العلميّة أو المعلوماتيّة.
لن نجتذب الحدث من عمق عقدين فأكثر ونخضعه إلى مشارط التقييم وإعادة إنتاج الآراء حوله، بل سنتنحّى عن قلب الحدث السبتمّبري ثمّ نطوف حول حيثيّاته.
أثناء أحداث أيلول/ سبتمبر وبعد نصف عقد من انبثاقها، كانت الجزيرة زينة البيت العربي والملاذ الوحيد للبحث عن معلومة نزيهة قويّة وجريئة، حينها كان الشّارع العربي يستعذب تغطية الجزيرة لنزاع في أفريقيا الجنوبيّة أو اضطرابات في أمريكا اللاتينيّة، فكيف إذا كان زلزال غير مسبوق في نيويورك وواشنطن والأيادي عربيّة هاوية غير محترفة، وبغداد على مرمى النّار والحصار، والنّار تضطرم في الأفئدة المتناثرة من محيطها إلى خليجها، حينها اشتبكت العواطف مع التعاطف، أفئدة عربيّة شبابيّة بالأخصّ متعاطفة مع الأبرياء في مانهاتن، مستاءة من مشاهد الموت الجماعي السّريع والبطيء، لكن عواطفها الضّخمة سكنت الخرطوم وطرابلس الغرب وبغداد وفلسطين، التي يقضمها الكيان على مهله قطعة قطعة تحت حراسة الكاوبوي الأمريكي.
في تلك الأيّام فشلت كلّ وسائل الإعلام في اجتذاب المشاهد العربي من أمام شاشة الجزيرة، ولو لبرنامج ولو لخبر ولو للقطة، لا شيء يتسيّد المشهد غير الشّاشة السّاحرة وقوافل المدمنين العرب يلتهمون موادها، هناك تسلطنت الجزيرة وصعّدت من الفارق بينها وبين بقيّة المشهد الإعلامي العربي، كما صعّدت من نسقها.. أخبار، تقارير، برامج، تغطيات.. وصولا إلى ذروة الأداء الإعلامي الذي جسّده برنامج سرّي للغاية، هناك شعرنا كعرب بأنّنا شركاء مع الجزيرة، وأنّنا لم نعد صبيان حرفة لدى "BBC" أو "Fox News" أو "CNN".. لم نعد نجتر مرويات إعلام الروم، بفضل قناة الدوحة دخلنا سوق إنتاج المعلومة من بوابته الضخمة..
كانت الجزيرة تصنع الاختراقات بالجملة، تحرم العالم الغربي من رواياته الجائرة المنحازة ضدّ العرب والمسلمين، وتحرم الحاكم العربي من احتكار المشهد برمّته، وتمنح فرصة للشّعوب كي تقول وتعبّر وتتدرّب على الخروج من دهاليز الضخّ الرسمي. كانت الجزيرة هناك في معمعة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، وكان صحفيها يسري فودة يطرّز ويصنّف من فنون الإبداع الصّحفي من خلال برنامج سرّي للغاية، وخاصّة حلقة "الطّريق إلى 11 سبتمبر".
في أحداث أيلول/ سبتمبر، لم تكتفِ الجزيرة بلحن القول العربي الرسمي من قبيل شرذمة وفلول وأعداء الإنسانيّة وخوارج العصر وأياد خفيّة.. قدّمت الجزيرة باكورة من التفاصيل وقرّبت المشهد جدّا وكثيرا من المواطن العربي، ووضعته أمام مسؤوليّة التفكيك والفهم وألغت له خاصيّة التلقين الروبوتي الرسمي الذي نبتت منه الجينات الفكريّة للعرب عبر عقود.
في أحداث أيلول/ سبتمبر، لم تكتفِ الجزيرة بلحن القول العربي الرسمي من قبيل شرذمة وفلول وأعداء الإنسانيّة وخوارج العصر وأياد خفيّة.. قدّمت الجزيرة باكورة من التفاصيل وقرّبت المشهد جدّا وكثيرا من المواطن العربي، ووضعته أمام مسؤوليّة التفكيك والفهم وألغت له خاصيّة التلقين الروبوتي الرسمي الذي نبتت منه الجينات الفكريّة للعرب عبر عقود
من خلال الجزيرة وعلى وقع أحداث أيلول/ سبتمّبر تعرّفنا على مفردات تحمّلنا مسؤوليّة ترتيبها بعيدا عن وزارات الإعلام العربي، من تلك الشّاشة وفي تلك الأيّام استمعنا إلى أسماء ومسميّات من قبيل: محمّد الأمير، يونايتيد إيرلاينز، السّاحل الشّرقي لفلوريدا، عصايتين وبينهم شرطة، كعكاية منها عصاية مدلّاية، يعني إيه... الماجستير التي تمّ تصديرها بالآيتين الكريمتين "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ".
كما تعرّفنا على الرّموز الأخطر والأشهر: "قبل ثلاثة أسابيع من ساعة الصّفر يتقمّص أبو عبد الرّحمن شخصيّة شاب يبعث من أمريكا لحبيبته جيني في ألمانيا برسالة عبر إحدى غرف الدردشة على الإنترنت، لم تكن جيني هذه سوى رمزي بين الشيبة، كتب لها حبيبها بالألمانيّة يقول: سيبدأ الفصل الدراسي الأوّل بعد ثلاثة أسابيع، ليس هناك أي تغييرات، كلّ شيء يسير على ما يرام، وهناك مبشّرات جيّدة وأفكار مشجّعة، مدرستان للدراسات العليا وجامعتان، كلّ شيء يسير حسب الخطّة، لهذا الصّيف سيكون بالتأكيد حارّاً، أريد أن أتحدّث إليكِ عن بعض التفاصيل، تسعة عشر شهادة للدراسة الخاصّة، وأربعة امتحانات، سلامي للبروفيسور. إلى اللقاء".
دشّنت الجزيرة عصر إعلام الشّعوب العربيّة، لكنّهم سرعان ما أطلقوا عليها قناة العربيّة وترسانة من قنوات أخرى لا همّ لها إلّا تشويه منبر الجماهير وسحب الكلمة من الشّوارع وإعادتها إلى القصور. لقد تجرّأت الجزيرة ودشّنت إعلام الشّعوب، لكنّها ظلّت وحيدة لسنوات وتحمّلت هالة من الضّغط الرّهيب، ثمّ لاحقا تمكّنت الدعاية الرسميّة ورأس حربتها "قناة 2003" من تشويه "قناة 1996" ودخلت قوافل الغباء الشّعبي على الخطّ، وانطلت عليهم الحيلة، وبعد أن تعلّموا التفكير الإعلامي من خارج صندوق الحاكم العربي، عادوا يشوّهون الجزيرة ويساعدون العربيّة وأشباهها على إعادتهم إلى الحظيرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزيرة الإعلام 11 سبتمبر امريكا الجزيرة 11 سبتمبر الإعلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
فليك: تلقينا هزيمة محبطة للغاية قبل التوقف
أقر مدرب برشلونة، هانسي فليك، بأن فريقه تلقى هزيمة محبطة للغاية بسقوطه على أرضه للمرة الثالثة توالياً في الدوري الإسباني، وهذه المرة أمام أتلتيكو مدريد 1-2 في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، لكنه أكد أن البرسا قادر على تحسين نتائجه بعد التوقف الدولي.
قال المدرب الألماني: "لقد لعبنا أمام فريق يتمتع بالخبرة واستغل الفرص التي لاحت له. لعبنا مباراة جيدة للغاية، خاصة في الشوط الأول الذي خلقنا فيه الكثير من الفرص. هذا هو الأسلوب الذي أريد رؤية الفريق به. أنا فخور بالطريقة التي لعبنا بها، لكنني محبط للغاية من النتيجة".
وأضاف أن برشلونة خلق فرصاً اعتاد من خلالها التسجيل، ومن ناحية أخرى "ارتكب خطأين أو ثلاثة" نجح المنافس، الذي "دافع بشكل رائع"، في استغلالها.
وتابع فليك: "علينا أن نلعب بذكاء أكبر. علينا أن نتعلم من هذه الأشياء. اليوم ليس لدي ما أقوله عن الطريقة التي لعبنا بها. إنها الطريقة التي أريدها، ولكن في النهاية هذه هي كرة القدم و"الفريق الذي يسجل أكبر عدد من الأهداف يفوز. اليوم لم نتمكن من ذلك".
وأقر المدرب بأنه "كان من الخطأ" عدم الاحتفاظ بالكرة في اللعبة الأخيرة من المباراة، التي انتهت بهدف للنرويجي ألكسندر سورلوث في الدقيقة 90+6، مشيراً إلى أنه "ربما يأتي التوقف في الوقت المناسب"، ومضيفاً "إنها إحباط كبير قبل الوقف، لكننا سنعود".
وشدد: "جميعنا بحاجة لهذا التوقف، وبعدها سنظهر مدى قوتنا. سنكافح على كل الألقاب، وللفوز بكل المباريات. هذا هو هدفنا".
وتقدم البرسا أولا عن طريق بيدري جونزاليس لوبيز "بيدري"(ق90)، قبل أن يدرك "الروخيبلانكوس" التعادل (1-1) بهدف من توقيع الأرجنتيني رودريغو دي بول (ق60).
وبهذا الفوز، يعود أتلتيكو مدريد إلى العاصمة كـ"متصدر" لجدول الدروي الإسباني بإجمالي 41 نقطة، في حين تجمد رصيد برشلونة بالسقوط في آخر مباراة في العام، عند 38 في الوصافة "مؤقتاً".
ويستضيف ريال مدريد، الذي يتمركز في الترتيب الثالث بإجمالي 37 نقطة، إشبيلية، الـ12، اليوم الأحد ضمن نفس الجولة.