الجديد برس:

قبل أكثر من 8 أعوام أعلنت السعودية عن تشكيل تحالف من عدة دول وإطلاق عملية عسكرية في اليمن، هدفها المعلن إعادة “الشرعية” والقضاء على ما أسمته “الانقلاب”. على رغم أن عملية دعائية وإعلامية أطلقت بالتوازي مع العملية العسكرية، لتبرير شن حرب على بلد جار، وأيضا لتضخيم ما يتم تحقيقه، إلا أن الحرب بدأت تسلك مسارا آخر شيئا فشيئا، وبدأت الأمور تتضح أكثر.

في البداية كان الجزء الأكبر من العمليات العسكرية جويا، وكانت الأهداف مقدرات دولة، ومدنية بحتة، من منازل، وصالات أعراس، وحدائق، ومنتجعات، ومصانع، وغير ذلك. لكن، ومع تشكيل قوات برية تحت مسى “المقاومة” التي كانت خليطا من عناصر الإصلاح والقاعدة والسلفيين، بدأت معارك برية في أكثر من جبهة. من حيث النجاحات الميدانية، لم تختلف معارك تلك التشكيلات عن العمليات الجوية التي لم تكن حتى عامل تفوق في المعارك. على إثر فشل ومراوحة العمليات البرية، بدأت معارك من الاتهامات داخل تشكيلات التحالف نفسها. من اتهام طرف باستهداف بعض الكيانات المحسوبة على طرف آخر، إلى اتهام الولايات المتحدة بالحيلولة دون التقدم باتجاه صنعاء واقتحامها، رغم أن الأخيرة كانت جزءا أساسيا من عمليات التحالف. ثم اتسعت الهوة بين ما تم تشكيله، وبدأت معارك بينية عنيفة فيما يسمى “المناطق المحررة”.

بالنسبة إلى تلك المناطق، والتي كان قد وصل إليها جزء من قوات صنعاء، فقد دخلت في أزمة مازالت قائمة وتعاني منها حتى اليوم، عنوانها العريض “غياب الدولة”. كان هذا الوضع الكارثي ينتظر المناطق الخاضعة لسلطة حكومة صنعاء لو تمكنت تلك التشكيلات من السيطرة عليها. يمكن للوضع، وأيضا للمواطنين، تحديد ما هي المناطق المحتلة فعلا والمناطق الناجية من الاحتلال. لقد كان الهدف المعلن من العملية هو السيطرة على كل المناطق الخاضعة لسلطة حكومة الإنقاذ في العاصمة صنعاء، قبل أن يتحول، وبعد ثمان سنين من الحرب، إلى محاولة لإقناع عيدروس الزبيدي بالسماح لتوليفة معين عبدالملك ورشاد العليمي بالعودة إلى عدن لإدارة مؤسسات الدولة الخارج عن الخدمة منها. قبل ذلك، كانت تلك المناطق قد تحولت إلى ساحة لعمليات الاغتيال والتصفيات البينية، وأيضا لمعارك عنيفة بين أدوات الإمارات الباحثين عن دولة مزعومة، وأدوات السعودية الباحثين عن موطئ قدم لحكومة شكلية غير معترف بها “شعبيا”، ومن دون مخالب أو أنياب.

إلى جانب كل ما حدث داخل تلك المناطق اليمنية الجنوبية، بدأت السعودية بعسكرة الشرق ضد الجنوب، في إطار صراعها على النفوذ مع دولة الإمارات. قبل أشهر، تم الإعلان من داخل العاصمة السعودية الرياض، عن تشكيل “مجلس حضرموت الوطني”، ليكون أداة للسعودية في موازاة المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات. وفق مصادر متطابقة، بدأت السعودية بتجهيز تشكيلات مسلحة كذراع عسكري لمجلس حضرموت، إلى جانب المنطقة العسكرية الأولى التي يحظى حزب الإصلاح بنفوذ كبير فيها.

مع إصرار المجلس الانتقالي الجنوبي على ضم حضرموت والمهرة إلى المحافظات الجنوبية التي يسيطر عليها، تمهيدا لقيام دولته المزعومة، قد يكون الجنوب والشرق على موعد مع معارك عنيفة قادمة، خصوصاً في ظل تغذية النزعات المناطقية وغيرها من قبل الأطراف الخارجية المتحكمة بالأدوات المحلية.

في مقابل ذلك، لم تشهد المحافظات الخاضعة لسلطة حكومة صنعاء أياً من تلك الأزمات التي شهدتها المحافظات الجنوبية، حتى عمليات التنظيمات الإرهابية انتهت فيها، رغم الحصار الجوي والبحري المفروض عليها منذ سنوات.

الآن، ومع وجود بوادر مفاوضات سلام جادة بين صنعاء والرياض، بعد أعوام من الحرب، يمكن طرح تساؤل عن الأهداف التي تحققت للسعودية، والدول المنخرطة ضمن تحالفها، من العمليات العسكرية التي انطلقت في مارس من العام 2015. هل كان تقسيم اليمن، وإدخال الجزء المحتل منه في حروب عبثية هو الهدف غير المعلن للسعودية من عمليتها العسكرية؟. مع ذلك، سيبقى ذاك الجزء أكبر عامل تهديد لأمن المملكة القومي، لأن الفوضى الممنهجة قابلة للاتساع والخروج عن السيطرة بطبيعتها.

*عرب جورنال – عبدالرزاق علي

المصدر: الجديد برس

إقرأ أيضاً:

اجلاء أكثر من 560 مهاجرا افريقيا من اليمن إلى بلدانهم خلال ديسمبر الماضي

أعلنت منظمة الهجرة الدولية، إجلاء 562 مهاجراً افريقيا عالقاً في اليمن؛ معظمهم إثيوبيين، وساعدتهم في العودة الطوعية إلى بلدانهم خلال ديسمبر الماضي.

 

وقالت المنظمة -في بيان- إنها ساعدت عودة 562 مهاجراً (530 مهاجراً أثيوبياً، و32 من جنسيات أخرى) تقطعت بهم السبل في اليمن إلى ديارهم بأمان.

 

وتأتي هذه العودة -حسب البيان- ضمن برنامج الرحلات الإنسانية الطوعية (VHR) التابع لمنظمة الهجرة في اليمن.

 

وأشارت المنظمة إلى أن هؤلاء المهاجرين عادوا إلى بلدانهم عبر رحلات جوية من عدن وصنعاء.


مقالات مشابهة

  • 30 يناير خلال 9 أعوام.. 30 شهيداً وجريحاً في جرائم حرب بغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • اجلاء أكثر من 560 مهاجرا افريقيا من اليمن إلى بلدانهم خلال ديسمبر الماضي
  • الإعلان عن أكثر المناطق تلوثًا في إسطنبول
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • 20 يناير خلال 9 أعوام.. قرابة 40 شهيداً وجريحاً في جرائم حرب بقصف غارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • حميد الأحمر: ''الظروف والجهات التي أوصلت الحوثيين إلى صنعاء وتواطئت معهم قد تغيرت ومأرب عصية عليهم''
  • الحرب مع السعودية والإمارات حتمية «ترامبية»!!
  • 28 يناير خلال 9 أعوام.. 42 شهيداً وجريحاً وتدمير للمنازل والمنشآت الخدمية والبنى التحتية في جرائم حرب لغارات العدوان على اليمن
  • ميليشيات الحوثي تستحدث مواقع عسكرية .. تشق الطرقات وتدفع بالتعزيزات العسكرية الى جنوب اليمن
  • الفلسطينيون من غزة.. رسائل شكر لـ قوات صنعاء: “بارك الله في اليمن وأهلها”